السعودية على طريق إنكار السُّنّة: خطورة الوهابية على العالم تحتم القضاء عليها

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٢ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

السعودية على طريق إنكار السُّنّة: خطورة الوهابية على العالم تحتم القضاء عليها

مقدمة :

1 ـ فى تعليقات الأحبة من أهل القرآن يأس من إصلاح السعودية ، واشاركهم هذا الياس ، ولكنه لا يمنع من توجيه دعوة الاصلاح ، لتسجيل موقف ، وسيرا على سنة عظماء الاصلاح وهم الأنبياء عليهم السلام ، وهم عليهم السلام لم يمنعهم اليأس من إصلاح الملأ المستكبر من الاستمرار فى الدعوة الى الاصلاح حتى النهاية ، وهم يعرفون أن قومهم ( لا يحبون الناصحين ) .

2 ـ ليس هناك أمل فى أن تستجيب القيادة السعودية الى الاصلاح الذى ندعو اليه . ولكن لنا أملا فى يجعلنا ربنا جل وعلا شهداء على عصرنا ، ويوم الحساب نرجو أن يكون إستمرارنا فى الدعوة الاصلاحية مؤهلا لقيامنا بالشهادة على الملأ المستكبرين الظالمين .

3 ـ ومع اليأس من إصلاح المترفين المفسدين المستكبرين فلو كان هناك أمل بنسبة واحد فى المائة لحقن دم فرد واحد فهذا يكفى للكتابة ناصحا منذرا . إذن ليسمح لى الأحبة من أهل القرآن بالاستمرار فى الكتابة فى هذا الموضوع ، ففى النهاية فإن ما ينفع الناس هو الذى يمكث فى الأرض . ولعله أن يأتى فى جيل قادم من يقرأ هذا الكلام ويتأمل كيف كان هناك نظام سعودى قام وإزدهر ثم سقط واندثر ، مخلفا مئات الالوف من الضحايا ..!

4 ـ لهذا نتابع الكتابة .. لعل وعسى ..   

أولا : بين الوهابية / والنازية والشيوعية

1 ـ شهد القرن العشرين حربين عالميتين وقيام وسقوط الاتحاد السوفيتى ، وضمن تغييرات دولية شهد القرن الماضى قيام الدولة السعودية الثالثة، بل وقيادتها لمعظم دول الشرق الأوسط . ومع ان السعودية دولة مستحدثة ( السعودية ) من العالم الثالث ولا تقارن بألمانيا النازية أو الاتحاد السوفيتى فإن وهابية الدولة السعودية تجعلها أخطر من المانيا النازية والشيوعية الدولية .

2 ـ نشأة النازية الألمانية وتسيدها ألمانيا كان تعبيرا عن الأذلال الذى تعرضت له ألمانيا بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الأولى ، وتجلى هذا الإذلال فى معاهدة فرساى 1919 . إنتقاما من معاهدة فرساى قام هتلر بآلته العسكرية الضخمة بتدمير معظم أوربا وغرب الاتحاد السوفيتى ، وتجاوز ضحاياه العشرين مليونا من اليهود والروس والغجر . بسقوط هتلر أصبح من المستحيل ـ تقريبا ـ عودة النازية الألمانية ، ليس فقط لأنها أصبحت عارا يطارد الألمان ، ولكن الأساس فى أن النازية ايدلوجية محلية ومؤقتة جاءت رد فعل لإذلال معاهدة فرساى . ولقد فهم الحلفاء هذا فلم يكرروا نفس الاذلال مع ألمانيا بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية ، بل منحوها مشروع مارشال لتنهض من كبوتها ، فنهضت وإستعادت مكانة أرفع بدون النازية ، فمن المستحيل ان تعود الى النازية .  

2 ـ وظهرت الشيوعية حركة إحتجاج على توحش الرأسمالية ، وأتيح لها أن تؤسس دولتها فى روسيا الزراعية ( وليست الصناعية ) بسبب ظلم آل رومانوف ، وبعد قتل الأسرة المالكة قام النظام الشيوعى الروسى بالتوسع فى آسيا ، وفى عهد ستالين لقى الملايين مصرعهم فى التوسع السوفيتى فى الشرق وأواسط آسيا . ولأنها كانت أيدلوجية تحتج على الرأسمالية الغربية ومن داخل الثقافة الغربية كان لا بد لها أن تسقط إن آجلا أو عاجلا ، بالاصلاح للرأسمالية ، وفعلا قلّمت الرأسمالية الغربية بعض أظافرها ، واصلحت من أحوال العمال ، وأخفت أنيابها الى حين ، فلم يعد هناك مبرر للإصلاح الشيوعى ، ولم يعد هناك مبرر للإستبداد الشيوعى ، وكسرت ثورة الاتصالات فى القرية الكونية الستار الحديدى فسقط الاتحاد السوفيتى بين ليلة وضحاها . وبعد أن قتل ماوتسى تونج عشرات الملايين نرى الصين الآن تنهج راسمالية خاصة ودعت بها الشيوعية الماوية .

ثانيا : الوهابية أخطر من النازية والشيوعية

1 ـ فى أواسط القرن العشرين ومع ثورات التحرر من الاستعمار الغربى والهيمنة الأمريكية اصبحت الشيوعية هى الملجأ ، واصبح الاتحاد السوفيتى هو كعبة الثوار . وكان لينين مشهورا بلحيته فاصبح الشيوعيون يقلدونه فى إطلاق لحيته . وظهر كاسترو وجيفارا بلحية مرسلة كثيفة فاصبحت موضة للثوار . بسقوط الشيوعية وإتحادها السوفيتى أصبحت الوهابية البديل الذى يقف ضد أمريكا والرأسمالية الغربية . حلق بعض الرفاق لحاهم ، وبعضهم أعاد إطلاق اللحى وأصبح وهابيا تحت شعار جديد هو ( الاسلام السياسى )   . بتحالف السعودية الوهابية مع أمريكا ظهر وهابيون معارضون يقاتلون أمريكا والغرب والنظم التابعة للغرب ومنها السعودية ومصر .

2 ـ ليس الوهابيون الحكام ( فى السعودية والنظم الحاكمة الأخرى ) فى قوة ألمانيا النازية أو الاتحاد السوفيتى ، وليس الوهابيون الثوريون ــ كالقاعدة والاخوان وداعش وما سياتى بعدها ـ فى قوة النازية والاتحاد السوفيتى . ولكن ضحايا الوهابية خلال قرون ثلاثة يتجاوز عشرة مليون نسمة . أى أقل من ضحايا النازية والشيوعية الماركسية اللينينية الستالينية والماوية . ولكن الخطورة هنا فى إستمرارية الوهابية وتمددها من عام 1745 وحتى الآن . ظهرت قبل الشيوعية والنازية واستمرت بعد زوالهما ، وأصبحت الآن تتصدر أنباؤها نشرات الأخبار فى العالم .

3 ـ  وثوار الوهابية هم الذين يتصدون الآن للقوى الكبرى فى العالم ، من روسيا الى أمريكا وكندا وأوربا. وحتى الآن يتلقى الغرب الضربات من مجاهدى الوهابية من حيث لا يدرى ومن حيث لا يعلم. نجح الغرب فى القضاء على الشيوعية بالحرب الفكرية ، لأنها جزء من الثقافة الغربية . مشكلة الغرب أن الوهابية ليست ثقافة غربية ، بل ثقافة غريبة عن الغرب لا يستطيع أن يسبر أغوارها ويستخدمها فى حرب فكرية ناجحة ضد الوهابية . لا بد من حرب فكرية اسلامية تنقذ من يريد تفجير نفسه وتنقذ من سيكونون ضحايا له . وهذا ما يقوم به اهل القرآن ، ولهذا تعادى السعودية أهل القرآن .

4 ـ دخل ملايين المحمديين فى دين الوهابية أفواجا ، منهم من يعيش فى الغرب ، ويعايش  الاحباط ويعانى من ضياع الهوية فيجد فى الوهابية الملاذ ، وفى أى أزمة تصيبه يجد فى الغرب مسجدا وهابيا يستقبله ويضمد جراحه النفسية ويؤهله ليكون ارهابيا عريقا . ومنهم شباب فقير فى بلاد المحمديين . كان آباؤه الفقراء يدخلون فى الشيوعية ثورة على المترفين المفسدين ، بسقوط الشيوعية لم يعد أمام الشباب الفقير ـ الذى يعانى الاحباط ـ سوى الوهابية ليقاوم حاضرا لا أمل فى تغييره إلا بالعنف . ومنهم طموحون أثرياء ومثثقفون لم يجدوا لهم مكانا تحت الشمس ، فوجدوا الأمل فى الحكم فى قطار الوهابية القادم للحكم ، فلا بديل للمعارضة سواه .  معظم هؤلاء شباب ( من 18 الى 35 عاما )، فى عدد السكان نسبتهم الأكبر ، وفى مجال الأمن خطورتهم أيضا أكبر . لا بد من حرب فكرية اسلامية تنقذ من يريد تفجير نفسه وتنقذ من سيكونون ضحايا له . وهذا ما يقوم به اهل القرآن ، ولهذا تعادى السعودية أهل القرآن .

5 ـ فى مواجهة السلاح الغربى القادر على تدمير العالم عدة مرات إخترعت الوهابية سلاحا بشريا لا سبيل لهزيمته بأى سلاح مادى، هو ذلك (المجاهد الوهابى ) الذى يفجّر نفسه ليقتل الناس عشوائيا فى وسائل المواصلات وفى الشوارع والميادين والمسارح والمستشفيات . الوهابيون المعارضون وجدوا فى تراث دينهم السٌنى ما يشجع على تحويل الشباب الى قنابل موقوته تسير على قدمين تتفجر فى أى مكان وزمان ، فظهر وانتشرت ( العمليات الانتحارية ) يقوم بها الشباب ( المجاهد الوهابى ) معتقدا ان الحور العين تنتظره تفتح ساقيها . لا يمكن أن تهزم شخصا عزم هلى تفجير نفسه . هو قد إنتصر على غريزة حب البقاء ، فضمن أن ينتصر عليك .  بل وجدوا التبرير فى قتل مسلمين على هامش عملياتهم الانتحارية من خلال ما يعرف ب ( التتّرُّس ) أى جواز قتل المسلمين إذا كان هذا يساعد فى قتل الكافرين .  لا يمكن مواجهة هؤلاء بالسلاح المادى . لو قامت أمريكا بتجميع كل الارهابيين وقتلهم جميعا ـ مع بقاء الوهابية فإن الوهابية ستنتج أجيالا أكثر دموية وأكثر حرصا على الانتقام . لا بد من حرب فكرية اسلامية تنقذ من يريد تفجير نفسه وتنقذ من سيكونون ضحايا له . وهذا ما يقوم به اهل القرآن ، ولهذا تعادى السعودية أهل القرآن .

6 ـ سهولة التكفير وشيوعه فى الدين الوهابى . التكفير هو العملة السائدة فى الجدال الدينى ، كل دين يكفّر الدين الآخر ليحوز وحده على الحقيقة الكاملة . التكفير فى الاسلام مختلف ، هو للوعظ ثم التسليم بالحق فى الحرية الدينية للخصوم ، وإنتظار الحكم عليه وعلى الجميع يوم القيامة . أما التكفير فى الدين السنى الحنبلى الوهابى فيعنى قتل الخصم بما يعرف بحد الردة . وهو سلاح يوجهه الوهابيون للغرب وللشيعة ولغيرهم حتى داخل الدين الوهابى ، بما فى ذلك الأسرة السعودية وعلماؤها . من السهل إصدار فتوى بتكفير شخص أو جماعة وبناء عليه يكون واجبا على من يتبع هذا المفتى أن يقتل هذا الشخص أو تلك الجماعة . ومن هنا تنتشر العمليات الارهابية الانتحارية فى الغرب والشرق معا .  لا بد من حرب فكرية اسلامية تنقذ من يريد تفجير نفسه وتنقذ من سيكونون ضحايا له . وهذا ما يقوم به اهل القرآن ، ولهذا تعادى السعودية أهل القرآن .

7 ـ  الأخطر: هو زعم الوهابية الانتماء الى الاسلام ، وتأسيسها على دين أرضى تؤيده الأغلبية الساحقة من ( المسلمين السنيين ) ، واصبحوا مشهورين بأنهم يمثلون الاسلام نفسه . وبالتالى فإن القضاء عليهم مستحيل مع بقاء الوهابية محمية من النقاش . ولهذا تبذل السعودية جهدها فى حماية دينها الوهابى ، ولهذا أيضا يظل أهل القرآن الخطر الأكبر على الوهابية .

ثالثا : الغرب يدرك هذا ..ولكن ..

1 ـ مؤسسات الغرب وأمريكا تدرك أن الوهابية هى منبع الخطر . ومن ربع قرن تقريبا وهم يعلمون بنشاطنا ويتابعونه . مشكلتنا ، بالنسبة لهم ـ أننا عقائديون إنتماؤنا لديننا ، بينما العمل لديهم يستلزم أن ننتمى اليهم ، وهذا نرفضه . هم يرفضون أن نتعامل معهم على أساس الندّية. نحن نحتاج مساعدتهم لتبرئة ديننا مما يفعله به الوهابيون ، وهم يحتاجوننا لحماية بلادهم . ولكن العمل الأمنى لا بد فيه من الولاء لتحصل على الثقة ، وطالما نحن ننتمى الى ديننا فلا يمكن أن يثقوا بنا . وهم فى نفس الوقت لهم علاقات متعددة ومعقدة وتحتية مع السعودية ومصر ودول الخليج ، وتحالفات ضد ايران. وتحالفهم معنا يعقّد هذه العلاقات ويضرُّ بهذه التحالفات .

2 ـ وجدوا البديل فى الحصول منا على المعلومات ، وهى متاحة مجانا فى موقعنا (أهل القرآن ) وقناتنا ( أهل القرآن ) ، وهى أيضا متاحة مجانا فى الأسئلة التى تأتى الينا ونرد عليها تطوعا .

3 ـ الفائدة الكبرى هى إستخدامنا ورقة ضغط على السعودية . يرتعب السعوديون من أن يكون لنا نفوذ يأتى على حسابها . لذا نظن ـ وبعض الظن ليس إثما ـ أنهم يضغطون عليهم بالتحالف معنا .  وظهرت ثمار هذا الضغط  فى هذا التوجه الخطير المعلن عنه بتنقية الأحاديث، والذى يعتبر نقطة فاصلة ، فلم تعد الأحاديث فى الرؤية الرسمية السعودية تحظى كلها بالتقديس ، بل اصبح الشّك يلحق ببعضها ، وهذا يتيح لأصحاب الرؤى السنية الأخرى الشّك فى البعض الآخر من الأحاديث . وطالما لحق الشك ( الرسمى ) بالأحاديث التى هى ( السُنّة ) فقد لحق الشك بالسُّنّة نفسها . فليس هناك كتب إسمه ( السّنّة ) . هى فقط كتب الأحاديث .

6 ـ ولهذا نفهم إن إقدام الملك السعودى على هذه الخطوة لم يكن سهلا ، خصوصا عندما نعرف أنه هو الذى تصدى وهو أمير للرياض الى دعوة السعوديات لقيادة السيارة ، وهو الذى واجه بحسم حركة المعارضة الوهابية التى قادها المسعرى والفقية وسلمان العودة وصفر الحوالى ، ومعه شقيقه وزير الداخلية نايف بن عبد العزيز . تمر الأيام ويأتى سلمان بهذه الخطوة حفاظا على العرش السعودى . ونتذكر السفير السعودى فى واشنطن الأمير بندر بن سلطان ، الذى كان صاحب نفوذ هائل فى الادارة الأمريكية والبيت الأبيض. كان رأس حربة ضدنا فى واشنطن . اين هو الآن ؟

7 ـ السعودية الآن فى بداية الطريق . سبق هذا تحجيم البوليس الدينى ( الهيئة الشرعية التى تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ) والسماح للمرأة هناك بقيادة السيارة ، ولجم ألسنة الشيوخ الوهابيين الصرحاء .. والبقية ستأتى .. وولكن الخطوة الكبرى هى إعلان السعودية براءتها من الوهابية .. كيف ..!!

موعدنا المقال التالى ..   

اجمالي القراءات 6991