أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ
أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ

أنيس محمد صالح في الثلاثاء ٠٣ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

وسيلتك الشرعية إلى الضلال

بسم الله الرحمن الرحيم

أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ

حينما نمارس الدين من خلال منظور يتصادم أو يغاير أو يخالف القرءان فإن علينا أن نعلم باننا نمارس ما ذمه الله في بني إسرائيل حتى قال لهم موسى: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ...ونحن لا نفترق عنهم كثيرا، ولم نعتبر لضلالاتهم.

إن للقربي إلى الله مناهج وأساليب وضعها القرءان، وإن الاختلاف عن تلك الأسس والمناهج إنما هو انحراف عن طريق الله المستقيم، وما تكون تلك السُنّة الصحيحة أبدا لتخالف أسس القربى لله الواردة بالقرءان وإلا صار الأمر انحرافا عن ذكر الله وما نزل من الحق.

فتعمد السُنّة إنشاء اختراع صيام النوافل على انه الوسيلة المثلى لرضوان الله وغفران الذنوب، إنما هو تحطيم لمعنى الاستغفار كوسيلة أنشأها القرءان لغفران الذنوب، وما يمكن تبديل الصيام بالاستغفار والتوبة ...فإن في ذلك تواري لحكم ورد بالقرءان لصالح ابتداع أحكام جديدة وردت بالسُنّة.

• فلقد صار الناس يصومون يوم عرفة ليغفر الله لهم ذنوب السنة الماضية والباقية...
• وهم يصومون يوم عاشوراء ليغفر الله لهم ذنوب السنة الماضية.
• وهم يصومون يوم النصف من شعبان ليغفر الله لهم.
• وهم يصومون يوما في سبيل الله حتى يباعد الله بين وجوههم وبين نار جهنم سبعين خريفا كما قال البخاري.

وكل ذلك الصيام وغيره إنما هو أسلوب أهل الكتاب في طلب المغفرة والقربى من الله، فهكذا ورد الأمر بالإنجيل والتوراة...بل هو عندهم صوم وليس صيام.

أما في الإسلام فإن الله حدد حدودا ونظاما للمغفرة لا يتوقف على مغفرة لسنة أو لشهر إنما رحمة الله واسعة ومغفرة لكل ذنوب السنين .......

فهو يغفر لك كل ذنوب السنين الماضية إن ندمت واستغفرت....وهو أيضا يبدل سيئاتك لحسنات إن أنت أقدمت على التوبة..

فهما مرحلتان....مرحلة الاستغفار....ومرحلة التوبة.....بلا صيام...ولكل مرحلة جائزتها المحددة بالقرءان...وتلك المرحلتان أساسهما الإخلاص في الندم والرجوع إلى الله...وليس ابتداع ملصقات من الطقوس يحدث بها إسقاط نفسي بينما يستمر المرءعلى معاصيه..

فقط هو يطلب منك الاستغفار ليغفر لك، بلا سيام ولا حرمان ....فقط بأن ترفع أكف الضراعة إلى الله مستغفرا من قلبك، وتلهج بلسانك إلى مولاك، مع عزيمة الإقلاع عن الذنب المعروف أو اللجوء العام إلى الله والندم على ما فات.......

هذا فضلا عن أنك ترانا اليوم صرنا نصوم ابتغاء الإكثار من الثواب والحسنات والمغفرة وهذا مخالف لذكر الله بالقرءان.

فلقد يدلنا ما ورد بالقرءان من وسائل الإكثار من الحسنات ...وهي ليست بالصيام...إنما بقيام الليل وبالتهجد وإعلان التوبة للحصول على رضوان الله وتكثير الثواب.

فيقول تعالى: { قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً{2} نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً{3} أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً{4} إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً{5} إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً{6}.

فناشئة الليل هو الطريق الأمثل...فهكذا ينصحك الله وينصح رسوله فلا تزعم بأنك تتبع الرسول بكتابات البشر ....لكن اعلم نهج الرسول من رب البشر...فتلك هي حقيقة سنته.

ويقول تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }الإسراء79.

فهو قيام الليل وهو التهجد الذي يبعثك به الله مقاما تغبطك الخلائق أن وصلت إليه...وليس الصيام الذي أنشأتموه من خلال السُنّة المزورة على رسولنا الذي كان قرءانا يمشي على الأرض ...وكان خُلُقُهُ القرءان.

وموضوع آخر وهو أن طلب المال ومنع الفاقة.... لا يكون بقراءة سورة الواقعة كما تأمرك السُنن المزورة على رسولنا الكريم...إنما بكثرة الاستغفار، وما عليك إلا لتتدبر قول مولاك في قرءان لم يداخله الباطل، حيث يقول تعالى:

{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً{13} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً{14}.

فهل بعد كلام الله بالقرءان من كلام؟؟!!!....

أنصدّق السُنّة في أن سورة الواقعة تمنع الفاقة، أم نصدق القرءان في أن كثرة الاستغفار هو الوسيلة الناجعة للأموال والبنين ونماء الزرع والضرع!!!.

ولا يمكن أبدا لسورة الملك أن تكون وسيلتك للنجاة من عذاب القبر....فليس هناك ما يسمى بعذاب القبر، إنما هي وسيلة الشيطان للتخويف ولترويج فكرة عذاب القبر التي لم تأت بها شريعة الرحمن، فالله تعالى يقول:

{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42.

فهو يؤخرنا ويؤخر الظالمين جميعا ليوم القيامة...وليس هناك تعجيل لعذاب موهوم يقع بالقبور إلا بخيالات أهل السنن المدخولة زورا على رسول كان خُلُقُهُ القرءان..

وما تفعل قراءة سورة يس شيئا للموتى، وإنما هو استخدام خاطئ لكتاب الله وما نزل من القرءان، فالسُنّة تقول بأن نقرأ [يس] على موتانا، بينما لن ينفعك إلا عملك الصالح ودعاء الناس لك وبخاصة أولادك.

فذلك وما سبق ذكره عن تحديد السنة لاستخدامات بعينها لسور وآيات من كتاب الله إنما هو استخدام عجيب للقرءان، فلقد أنزل الله القرءان لنعمل بأحكامه، لا أن نتخذه وسيلة وعمل موضعي كضمادات الأطباء حين يداوون المرض والأوجاع..

وقد يتساءل سائل :
....................[وما يضيرنا إن فعلنا ما يقول به القرءان وما تأمر به السنة]............

فهذا نرد عليه بأن الواقع هو الذي يجيبك، فلقد اتخذ الناس وسيلة الصيام بدلا من قيام الليل طوال أيام العام، وبدلا عن الاستغفار، وبدلا عن التوبة.......أليس هذا حال الناس في واقعهم؟.

وتجد الصائمين للنصف من شعبان ويوم عاشوراء ويوم وقفة عرفات وغيرهم من المناسبات، وليس بقلوبهم ذرة من التوبة أو الاستغفار أو الندم على ما بدر منهم.

....ألا تقيمون مهرجانات الصيام والقيام بشهر رمضان فإذا انقضى شهر رمضان تم فض السامر وانتهى كل منا ليعود إلى معاصيه التي اعتاد عليها....

كل ذلك لأنكم فقدتم رشاد القرءان واتبعتم بدع ما أنزل الله بها من سلطان...وتصورتم أنكم على الحق المبين بتلك القصاصات الموروثة عن آبائنا الأقدمين...فهكذا قمتم باستبدال الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ....وهكذا قمتم بتحريف الدين.

عموما أنا لا أريد الإطالة عليكم اكثر من هذا لكني فقط أردت أن تكون على فقه القرءان للحصول على رضوان الرحمن، لأنه من ابتغى الهدى في غيره أضله الله.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنفض وباحث إسلامي

اجمالي القراءات 10525