جريمة تعدد الزوجات

سامح عسكر في السبت ٢٣ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

تعدد الزوجات في القرآن للأرامل فقط ومن أجل تربية الأيتام، أي له بُعد اجتماعي في التكافل

وليست أي أرملة..بل المُعيلة فحسب

الزواج الثاني من الأبكار جريمة فقهية أحدثها المشايخ ومن أجلها حرّفوا المعنى من أجل الشهوة وإسقاط المرأة وإذلالها.

قال أحدهم: إذا كان للأرامل فما بال المطلقات؟

قلت: العلة الفقهية واضحة .."إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى"..وبالقياس تكون المطلقة (المُعيلة) كالأرملة لها نفس الحقوق، أي يجوز التعدد للمطلقات الحاضنات،غير ذلك لا يجوز حسب النص القرآني، وحد الإعالة هنا عُمرا هو بلوغ الطفل سن النكاح لقوله تعالى.." وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم "..[النساء : 6] أي أن الأرامل هنا التي يسبق أطفالهن سن الرشد، نفس الشئ للمطلقة، عدا ذلك فلا يجوز التعدد لانقضاء العلة.

اليتامى ذكروا في القرآن 12 مرة وعليهم تشديد كبير ونهي عن أذيتهم والإعراض عنهم بشكل كبير، وتشريع التعدد بزواج أمهاتهم لتحصينهم وأن يكفل المجتمع لهم نشأة طيبة في ظرفهم العسير.

ولمن يقول أن التعدد يقضي على مشكلة العنوسة ، أقول التجربة خير دليل، حدث العكس تماما فأكثر نسب عنوسة حدثت في مجتمعات يكثر فيها تعدد الزوجات، والسبب في تشريع نظام زواج قائم على (المادة) لطبيعة الزواج الثاني التي تتطلب أموالا أكبر، فارتفعت تكاليف الزواج وأصبح من الصعب على الشباب تقديم أنفسهم كأزواج جيدين.

تعدد الزوجات بالأصل هو ظلم للمرأة ولم يتم تشريعه في الإسلام إلى بحدود وشروط غاية في الصعوبة، يبدأ هذا الحد بالأرملة المعيلة وينتهي بالعدل بين الزوجات، وهذا شئ صعب جدا تحقيقه، لكن وجوده ضروري لعلاج بعض حالات التفسخ الاجتماعي الناتج عن فقدان الأب، أما كيف هو ظلم للمرأة ؟..لأنه لا يعطيها نفس الحق أن تعدد من أزواجها، فلو قيل أن السبب في معرفة الأبناء قلت: وسائل تحديد ومنع النسل الآن على قفا من يشيل، لو تم تشريع تعدد الأزواج يمكنها استخدام الوسيلة مع واحد دون الآخر، بالضبط كما يفعل الزوج بالعزل أحيانا عندما يرفض أبناء من إحدى زيجاته.

وعن تكيف المرأة مع هذا الظلم- بل ورؤيته عدل أحيانا - فهو طبيعي لأن العبد إذا ظل فترة من الزمن عبدا فقد الشعور بحريته حتى أنه يراها نوع من الكفر والشذوذ عن المجتمع، فإذا رأيت نساء الإخوان والسلفيين مثلا يدافعون عن التعدد فاعلم أنك لا تتحدث مع بشر طبيعي، هؤلاء فقدوا الشعور بحريتهم وبإنسانيتهم ، يكفي أنها مطالبة في الأحاديث أن تسجد لزوجها وأن ترضيه حتى لو ظلمها، أنت هنا لا تتحدث عن علاقة طبيعية، بل عبودية محضة نزعت من المرأة حق الاختيار.

منذ ثلاثة أعوام: هاجمت المطربة منى عبدالغني لكتابتها على صفحتها.."أن المرأة هي أعظم مكافأة للرجل"..وقلت فما هي مكافأتك، فانقلب الفيس وتويتر عليها اضطرت بعدها ب24 ساعة لحذف المنشور، هي لم تتحدث من كونها بشر طبيعي بل عن عبودية محضة فقدت فيها الإحساس بالنفس والشعور بالكرامة، وبالنسبة لها فهي تفضل العيش بعبودية أفضل من ارتكاب فعل فاحش أوهمها الشيوخ به وهو أن معارضتها لزوجها هو معارضة لله في الحقيقة طبقا لحديث من باتت وزوجها عليها غضبان لعنتها الملائكة..!

شئ مهم: أن تعدد الزوجات ليس خاص فقط بالمسلمين، بل منتشر في أفريقيا وأصحاب الديانات الروحية والأعراف القبلية، متواجد بكثرة في مجتمعات الختان، أي أن الأصل في ممارسته هو امتهان جسد المرأة واعتباره كيان ناقص بحاجة لولاية وتعديل، لكن أفريقيا شرعت في التنوير منذ فترة وبدأوا ينظروا لتلك العادات باحتقار، منها تصديهم للختان قانونيا، إنما وضعية التعدد عندهم مثلنا بالضبط، لم يجرؤ أحد على منعها بالقانون رغم اعتراض بعض مثقفيهم على ذلك..

أخيرا: الزواج سنة كونية لإعمار الأرض، وما دام الهدف نبيل تصبح كل وسائل تحقيقه نبيلة يكون فيها العدل والمساواة شرطها الرئيسي، والتعدد بشكله الحالي ظلم كبير وفاحش للمرأة بمخالفة واضحة للشريعة ، فلا يمكن إعمار أرض بزواج مبني على الظلم..سيحدث خلل تلقائي وما الخلل الذي أصاب مجتمعات المسلمين إلا نتيجة لظلم المرأة واعتبارها سلعة تباع وتُشترى.
اجمالي القراءات 16564