أحدث منجزات الفقه السلفى : نكاح الطفلة وجثة الزوجة وأحكام الضراط ..!!

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٠ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أحدث منجزات الفقه السلفى : نكاح الطفلة وجثة الزوجة وأحكام الضراط

 مقدمة :

1 ـ أحدث منجزات الفقه السنى اليوم جاءت من السعودية عن أحكام الضراط   ومن الأزهر المصرى عن ممارسة الجنس مع جثة الزوجة ، وجواز نكاح الطفلة حتى لو كان عمرها يوما واحدا فقط .!!

2 ـ لن نذكر أسماء الفقهاء الرّعاع المصريين الذين يبحثون عن الشهرة بفتاوى من نوعية جواز ممارسة الجنس مع البهيمة ، وجواز إغتصاب النساء الأيزيديات ، وجواز زواج الطفلة حتى لو كان عمرها يوما واحدا . لكن سنذكر بعض تفصيلات عن رسالة ماجيستير سعودية عن أحكام الضراط . ثم نعطى تحليلنا لهذا الخبل السلفى .

أولا :  أحكام الضراط السعودى :

1 ـ فى  كلية الشريعة فى جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية فى الرياض ، نوقشت رسالة الماجيستير المقدمة من الطالب : صالح بن على بن محمد الزرقان ، واجيزت بإشراف الدكتور : بلال بن حامد بلال ، ومعه المشرف المساعد : فهد بن عبد الرحمن المشعل .

2 ـ عنوان الرسالة ( أحكام الأصوات الصادرة ـ عدا الكلام .): الشرح هو :( الضراط والفسو والطقاع ).

3 ـ فصول الرسالة : 1 ـ تعريف الضراط 2 ـ انواع الضراط ، 3 ـ حكم الاستنجاء فى الضراط ، 4 ـ حكم الضراط فى المسجد ، 5 ـ حكم الضراط فى المجلس ، 6 ـ أثر الضراط على الوضوء ـ 7  اثرسلس  الضراط على الطهارة والصلاة   ، 8 ـ  أثر الشك فى الضراط . 9 ـ حكم صلاة رجلين أمّ أحدهما الآخر وسمعا صوتا كل منهما يظنه من الآخر .

4 ـ ندخل فى تحليل هذا المرض ( الاسهال ) السلفى الفقهى

 أولا  : عرض موجز لما كتبناه من قبل :

1 ـ سبق أن كتبنا مقالا فى مصر عن ( مسجد الضرار ومسجد الضراط )، وهو منشور هنا ، وسبق أن تكلمنا فى مقال آخر عن حق المرأة المسلمة فى إمامة الصلاة ، تعرضنا فيه للفتاوى السلفية الساقطة المخجلة عن ممارسة الجنس وكيفية الطهارة من البول والغائط ، كما لو كان هذا محتاجا الى تعليم وتدريب ، وهذا هو الذى كنا ندرسه فى التعليم الأزهرى ، وقت أن كان الطلبة من الذكور فقط ، ثم ظل كما هو بعد دخول البنات فى الأزهر يتعلمن هذا الكلام الساقط المخجل ، ويعلل المدرس المسكين الذى يضطر الى شرح هذا الكلام للعذارى الخجلى بأنه ( لا حياء فى الدين ) . وفعلا فإن الدين السُّنّى السلفى لا يعرف الحياء .!

2 ـ كما تكلمنا عن هجص الامام مالك فى كتابه ( الموطأ ) ، وهو أول كتاب فى الفقه ، وهو رائد فقه السقوط فى مستنقع الاستنجاء والتوسع فى موضوعات البول والغائط .

3 ـ وسبق أن نشرنا مقالا فى جريدة ( الأهالى ) المصرية فى التسعينيات ـ ضاع مع الأسف ـ وكان فى حملة من المقالات الصحفية قمت بها فى الدفاع عن المفكر المصرى د نصر حامد أبو زيد ، ضد السلفيين والاخوان الذين اتهموه بالردة وحصلوا على حكم بالتفريق بينه وبين زوجته. المقال كان عن إنحطاط الفقه السلفى وولعه بالتفاهات وقت السقوط العام للمجتمع . إذ دارت معركة فقهية كبرى وقت مجىء الحملات الصليبية الأولى والتى أسست ممالك لها تمتد من آسيا الصغرى الى القدس. وفى عصر السقوط  هذا كان فقهاء السُنّة فى واد آخر ، يتصارعون حول ( قُلامة ظُفر المراة ) أى حين تُقلّم المرأة أظفارها وتسقط منها قلامة ظفر على الأرض ، هل إذا لمسها رجل ينقض وضوؤه أم لا . وفى نفس عصر السقوط هذا كان الامام أبوحامد الغزالى يكتب كتابه الأشهر ( إحياء علوم الدين ) يملؤه بالخرافات والأحاديث المفتراة ، ومنها حديث يزعم أن النبى كان يعلّم أصحابه ـ ليس الكتاب والحكمة ـ ولكن يعلمهم (الخراءة )،هكذا بالنّصّ.!.

4 ـ وهناك مقالات أخرى منشورة هنا عن ( الفقه السنى وتشجيع الزنا ) و ( فقه العجز ) و( فقه النكد ) ، وهناك فصل فى كتاب ( المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة السنية فى عصر السلطان قايتباى ) عن : ( جهل وحقارة الفقهاء القائمين بتطبيق الشريعة السنية فى عصر السلطان قايتباى )  .

هذا عدا فصل كامل عن الطهارة فى كتاب أثر التصوف فى الانحلال الخلقى فى مصر المملوكية، بجانب عشرات المقالات والفتاوى التى تشرح آيتى الطهارة فى سورتى النساء والمائدة ، والتى تؤكد الفجوة الهائلة بين تيسير الاسلام وتزمت الدين السلفى ، وكيف يركزالتشريع الاسلامى فى الصلاة على الخشوع أثناء الصلاة والمحافظة عليها بإلتزام التقوى والابتعاد عن الفحشاء والمنكر فيما بين أوقات الصلاة ـ بما يعنى إقامتها سلوكيا وقلبيا ، وأن كل العبادات وسائل للتقوى ، سواء الصلاة أو الصوم أو الحج . أما الدين السُّنى فهو يعتبر الصلاة والعبادات هدفا فى حد ذاتها ، وطالما يصلى أحدهم فلا عليه مهما أجرم ، لذا تكون الصلاة وسيلة للإجرام والفساد ، ولذا يتحول شهر الصوم الى شهر التفجيرات الارهابية والمجون ، وترى الفقه السلفى يبتدع تصورات خيالية وبذيئة فى الطهارة والجنس ، مع التركيز على حركات الصلاة ومظهرها مع إهمال كامل للخشوع فيها والتقوى بين فرائضها .

5 ـ هذا عرض سريع لبعض ما سبق نشره . ومن أسف أن ما نكتبه لا يصل الى الملايين ممّن يهمهم الأمر من المسلمين الباحثين عن الهداية ، وهذا بسبب التعتيم المفروض علينا من أولئك الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله جل وعلا .

ثانيا : الفرق بين علماء الاسلام ، ورعاع الفقهاء فى الدين الأرضى ـ السلفى بالذات .!

نعطى لمحات سريعة جدا :

 ( العلم ) من أسماء القرآن الكريم

1 ـ جاء كثيرا وصف القرآن بأنه (علم ) . وفى سياق الحوار مع النصارى الذين يعبدون عيسى عليه السلام أوضح الله جل وعلا أن عيسى مثله مثل آدم ، ثم قال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آل عمران:61 ). الشاهد هنا قوله جل وعلا عن القرآن الحكيم: (مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ) .

2 ـ وتكرر هذا فى قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ)الرعد:37 ).

( العلماء ) و ( الذين أوتو العلم ) هى صفة العلماء فى الاسلام :

1 ـ طالما أن (  العلم ) الحقيقى بدين الله جل وعلا هو فى القرآن الكريم وما سبقه من الكتب السماوية فإن ( العلماء ) المسلمين الحقيقيين هم الذين يدرسون كتاب الله بحيث يكونون راسخين فى العلم به . وهو مجال مفتوح أمام الجميع . الأنبياء والرسل بالاصطفاء والاختيار الالهى ، أما العلم بالكتاب السماوى فهو مجال مفتوح لمن أراد وتأهب واستعد ودرس وحصّل العلم . ثم هم ليسوا معصومين من الخطأ فى الفرعيات ، وقد يختلفون فيها ، ولكنهم باصول الدين الالهى متمسكون ، خصوصا ( لا إله إلا الله ) جل وعلا ونفى تقديس البشر والحجر .

2 ـ يجمعهم أن شهادة الاسلام واحدة فى كل الرسالات السماوية وفى كل العصور وقال بها كل الرسل ، وهى ( لا إله إلا الله ) شهد بها الله جل وعلا عن ذاته القدسية وشهد بها الملائكة وشهد بها أولو العلم من الناس من الأنبياء وغيرهم ، قال جل وعلا عن شهادة الاسلام الواحدة : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) آل عمران: 18 : 19 ). ليس من ( أولى العلم ) من يجعلها شهادتين، ويقول بمقولة ( أمّة محمد ) أو ( أُمّة المسيح ) و ( أُمّة بوذا ) لأن كل أولى العلم من الأنبياء وغيرهم هم( أمّة واحدة ) لا تفريق فيها بين الرسل .

3 ـ ويجمعهم الايمان بحديث الله جل وعلا وحده فى كتابه السماوى . يقول جل وعلا عن إيمانهم بالقرآن وحده : ( وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) سبأ ) ، ويصفهم بالراسخين فى العلم الذين يؤمنون بالكتاب كله بما فيه من مُحكم ومُتشابه : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)آل عمران:  7 ). وفى مقابل الظالمين فقهاء الأديان الأرضية الذين يعلمون الحق ويجحدونه ترى آيات القرآن الكريم بينات واضحات فى قلوب العلماء المسلمين الحقيقيين  :  (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ)العنكبوت:49 ) .

4 ـ ونفهم من قوله جل وعلا : ( وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) سبأ ) وجود (الذين أوتو العلم ) فى عهد نزول القرآن الكريم ، إذ كانوا يؤمنون به فى مقابل الذين جحدوا به وهو الحق . وسورة ( سبأ ) مكية ، أى كانوا فى مكة قبل الهجرة .  وفى سورة مدنية نقرأ قوله جل وعلا فى عقد مقارنة بين علماء الاسلام والمنافقين : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)  محمد:16 ). كما نفهم وجود علماء بالاسلام الحقيقى بين أهل الكتاب ، وهم الذين سارعوا بالايمان بالقرآن لأنه مصدق لما معهم ، قال جل وعلا يحتجّ بهم على كفار العرب: ( قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)الإسراء:107 ) ( أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) الشعراء )، وكانوا موجودين فى عصر موسى ، وهم الذين نصحوا قارون ألا يغتر بأمواله ، ونصحوا المبهورين بموكب قارون القائلين: (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79)  ) القصص ) قالوا لهم : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ) القصص: 80 ).

5 ـ مما سبق نعلم أن لهم وظيفة هى قول الحق ، وعظا وشهادة فى الدنيا . وهم فى شهادتهم الدنيوية لا يخشون إلا الله جل وعلا وحده : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )(28) فاطر ) ، وبالتالى لا يخشون المستبد ، يجهرون أمامه بالحق ، لا تأخذهم فى قول الحق لومة لائم (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ )(54) المائدة ).

6 ـ هم يعلمون أن إقامة القسط هى الهدف من كل الرسالات السماوية : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحديد:25 )، لذا فهم ينصرون الله ورسله بالدعوة الى إقامة العدل . وهذه الدعوة تعنى نشر الوعى بين الناس بحقائق الاسلام ليطالبوا بحقوقهم التى إغتصبها المستبد . وهو إن رفض الرسالة السماوية فلا مفر من الحديد ذى الباس الشديد .

7 ـ ثم هم بجهادهم سيكونون شهداء يوم القيامة على أقوامهم . حين البعث يتعجب المجرمون يقسمون أنهم ما لبثوا غير ساعة ، فيرد عليهم العلماء المسلمون : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ) الروم:56 ). وعند العرض أمام الله الواحد القهار سيخزى الكافرين يسألهم عن آلهتهم المزعومة من ( محمد ـ المسيح ـ مريم ـ على ـ الحسسين ـ السيدة زينب ـ بوذا ـ البخارى ..الخ ) ومن الخزى هم لا ينطقون ، ويرد الذين أوتو العلم بأن الخزى والسوء على الكافرين : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ)النحل:27 ).

8 ـ هؤلاء العلماء يرفعهم الله جل وعلا درجات ، قال جل وعلا :( يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة:11 )

لعن وتحقير رعاع ( الفقهاء ) فى الأديان الأرضية :

1 ـ اللعن والتحقير هو مصير الرعاع من فقهاء الأديان الأرضية الذين يصدون عن سبيل الله جل وعلا يبغونها عوجا ، يريدون أن يطفئوا نور الله جل وعلا بأفواههم ، وقد أتم الله جل وعلا نوره بحفظ القرآن الكريم الى قيام الساعة .

2 ـ بحفظه جل وعلا القرآن الكريم لم يعد أمامهم سوى كتم آياته ، وهى آيات بيّنات بيّنها الله جل وعلا وجعلها واضحة فى كتابه المبين . عليهم الاستشهاد بالآيات البينات الواضحات ، ومجرد الاستشهاد بالآية يكفى . ولكنهم يكتمون الآيات البينات ، لذا يلعنهم الله جل وعلا ويلعنهم اللاعنون ، إلا إذا تابوا ,اصلحوا وبينوا ، عندها يتوب الله جل وعلا عليهم . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة  ) .

3 ـ هنا مجرد الكتم مستحق للّعن . فماذا إذا تعدى كتم القرآن الى تحريف معانيه بما يسمى بالتفسير والتأويل ؟ ماذا إذا تعدى الكتم الى تعطيل شرع الاسلام فى القرآن بمعنى النسخ أى الحذف والألغاء والإبطال ؟ ماذا إذا تعدى الكتم الى إفتراء أحاديث ضالة يصُدُّ بها عن القرآن الكريم ويزعم أنها فوق القرآن الكريم وتنسخ أى تلغى شريعته ؟ يفعل هذا المتاجرون بالدين ، أى الكهنوت ، وهم خصوم الرحمن ، لن يكلمهم يوم القيامة ، وقد تعجب رب العزة جل وعلا من صبرهم على النار ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) البقرة ).

4 ـ  بالنسبة لمن يتخصص فى الدين فالموقف هنا لا مجال فيه للتوسط ، إما أن يعلن الحق كاملا ،وإما أن يكتم الحق . نتصور أن شيخ الأزهر قرر إعلان الحق والتوبة ، أى عليه أن يعلن أنه كان فى ضلال وأنه لبث طيلة عمره الفائت يُضلُّ الناس . هل يستطيع هذا بعد أن عاش ردحا من الزمان لا يكتفى بكتم الحق بل يضع الحق تحت قدميه متمسكا بالباطل ؟.

5 ـ لذا فهم مستحقون للتحقير ، ضرب الله جل وعلا مثلا لهم بأسوأ مثل ، الكلب اللاهث : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) الاعراف ).

6 ـ ويتكرر فى وصفهم أنهم ( بغير علم ) وبهذا الجهل يذيعون ( لهو الحديث ) أى أحاديث البخارى وغيره ليصدوا الناس عن أصدق الحديث وهو القرآن الكريم ، وحيث يوجد ناس فمن الناس تجد هؤلاء الرعاع . قال جل وعلا : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان:6 ). وهم ينجحون فعلا فى إضلال أكثرية البشر ، وربك هو الاعلم بالمعتدين : ( وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)الأنعام:119 ). ويوم القيامة سيأتون يحملون أوزارهم وأزار الذين أضلوهم ( بغير علم ) ، قال جل وعلا : (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)النحل:25 ).

ثالثا : حاجة المستبد الشرقى لرعاع الفقهاء  وحاجة رعاع الفقهاء الى المستبد الشرقى

1 ـ غاية ما يتمناه المستبد الشرقى أن يعيش آمنا يظل يسرق شعبه دون إزعاج . وله أجهزته العسكرية والأمنية والاعلامية والدينية الكهونتية التى تعمل فى تحقيق هذه الأمنية . وحتى يظل يسرق شعبه بلا إزعاج فلا بد من شغل الناس بقضايا فرعية . قد تقوم قواته العسكرية بحرب لا لزوم لها ( كما يجرى فى اليمن ) أو تقوم أجهزته السياسية بإفتعال خصومة لا مبرر لها ( كما يحدث مع قطر ) ، أو تقوم أجهزته الأمنية بتلفيق تُهم كاذبة لأبرياء ، وفى هذا يتخصص ويتفوق نظام العسكر المصرى ، فتجرى موجات الاعتقال لأهل القرآن ، وللناشطين فى المجتمع المدنى و حقوق الانسان بتهمة العمالة للخارج ، بل يصل الأمر الى حملات أمنية تصاحبها حملات صحفية فى قضايا ( جماعات الشذوذ ) و ( عبادة الشيطان ) و ( تبادل الزوجات ) و ( مزاعم إدعاء النبوة ) .

2 ـ الأسهل من هذا كله على المستبد ـ ولكنه الأسوأ لأنه إعتداء على الاسلام ـ هو أن تظهر فتاوى شاذّة متخصصة فى الجنس وفى الطهارة . تأتى الأوامر للكهنوت بإختراع المزيد من فقه المراحيض والنصف الأسفل . وتجد فتاوى وأجتهادات منشورة فى مصر والسعودية عن رضاعة الكبير و( ما يجوز ومالا يجوز فى نكاح العجوز ) و ( التداوى بشرب بول الابل ) و ( إستحلال الزنا بالمحارم ).. وكل فترى تظهر فتوة ( أو فسوة ) وتتصاعد حولها حملات النقاش بين مؤيد ومعترض ، ويتحقق هدف المستبد إذ إنشغل عنه الناس لبعض الوقت ، فإذا هدأ ( المولد ) جاءت فتوة ( أو فسوة ) جديدة عاد الناس الى الانشغال بها .

2 ـ بالاضافة الى ذلك يسلط المستبد كلابه الفقهية لتنهش فى عرض الدعاة للإصلاح ، تتهمهم بالخيانة وبالعمالة وبالكفر ، وتدعو المستبد لاعتقالهم وتدعو الارهابيين لاغتيالهم . وبهذا ينجو المستبد من سماع الدعوة للعدل والحرية وحقوق الانسان ، ويتفرغ للسرقة آمنا مطمئنا . وهكذا يحقق رعاع الفقه السلفى رغبة سيدهم المستبد .

2 ـ   المستبد ايضا يحقق رغبة أتباعه من رعاع الفقه السُّنّى . هم فى حضيض الجهل ، وليس لديهم موهبة سوى الرقص أمام المستبد والتزلف له ، ولا وقت لديهم لغير هذا . ثم هم فى حضيض الأخلاق ، وبهذا يتميزون ، وبهذا يُبدعون ، فيبتدعون تصورات لا تخطر على بال إنسان سوىّ ، بل و يشمئز منها الانسان السّوىّ ، وبمراجعة الفتاوى التى سبقت الاشارة اليها يتأكّد هذا . هم بما يقولون يفضحون نفسيتهم وعقليتهم . هم أوباش ، وهم الأجدر بالتعبير عن دينهم السلفى الذى لا يعرف الخجل ، والذى يحمل شعار ( لا حياء فى الدين ) .! 

اجمالي القراءات 10621