كان النبى محمد ـ عليه السلام ـ تاجرا .

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٦ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

كان النبى محمد  ـ عليه السلام ـ  تاجرا .

جاءنى هذا السؤال ، انقله وأرد عليه :

( ارجو ان تدلنى على مصادر او مقال يوضح ماذا كان يعمل النبى بعد البعثه و ما مصدر رزقه.... شكرأ )

وأقول :

المصدر هو القرآن الكريم . :

أولا : كان عليه السلام تاجرا ، ونعطى بعض التفصيلات :

1 ـ مكة فى واد غير ذئ زرع . وبالتالى يقل فيها الانتاج الحيوانى القائم على الرعى . وجودها مدينة حول البيت الحرام جعلها الأغنى فى الجزيرة العربية حيث كانت الثمرات تأتى اليها من كل الاتجاهات ، كما قال جل وعلا (  أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) القصص   ). تمتعت قريش بالأمن بينما عانت قبائل العرب حولهم من التقاتل والغارات (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) ) العنكبوت )، وتمتعت بالرخاء حيث يؤتى اليها بحيوانات ( الهدى ) ليتم ذبحها فى موسم الحج الذى كان يستمر أربعة أشهر فى العام ( الأشهر الحُرُم  : ذو الحجة ،محرم ، صفر ،ربيع أول ).

2 ـ إستغلت قريش وضعها حول الحرم المكى ، فكانت تحترف التجارة ، تنقل تجارة اوربا  كانت تأتى الى الشام ، تنقلها قريش الى اليمن ، لتحملها سفن اليمن الى موانى الهند ، وترجع سفن اليمن من الهند ببضائع الهند الى اليمن فتنقلها قريش الى الشام لتحملها سفن أوربا الى أوربا . هى ر حلة الشتاء والصيف . على هامش هذه التجارة العالمية كانت مكة مركزا تجاريا للعرب ، لا يقتصر على سوق عكاظ ، ولكن طيلة العام ، ولكن يزدهر سوق قريش التجارى فى الأشهر الحرم حيث كان موسم الحج يستمر طيلة الشهر الحرم ، وقد حرمت قريش على من يأتى حاجا أن يحمل معه طعاما أو أن يؤدى مناسك الحج بملابسه . ألزمت الحجاج بشراء ملابس خاصة من متاجرها ، وأوجبت على من لا يفعل ذلك أن يطوف عاريا . و تحول مجتمع قريش الى مجتمع من التجار ، يساهم القرشيون برأسمال القوافل التى تشترى بضائع الشام وبضائع الهند ، وتتوزع الارباح طبقا للأسهم ، وهذا هو الايلاف المرتبط بقريش :  (لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) قريش ) .

 3 ــ محمد عليه السلام  ــ قبل وبعد أن صار نبيا ــ هو رجل من قريش ، كان مثلهم تاجرا ، يبيع ويشترى . ولقد سخر منهم القرشيون إذ كيف يكون نبيا وهو تاجر مثلهم يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق : (  وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ ) (7) الفرقان  ). أى لم يترك تجارته حين صار نبيا . وكانت قريش تتصور أن كونه نبيا سيجعله أثرى الأثرياء ، يمتلك كنوزا وجدائق وبساتين ، وجاء هذا ضمن طلبهم آيات حسية بديلا عن القرآن . نفهم هذا من سورة الاسراء : (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُه قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93))  طلبوا أن تتحول مكة الى بلد فيه زرع ورعى وضرع ، تتفجر فيه أرضهم عيونا ، وأن تكون له جنات من نخيل وأعناب تتفجر فيها الأنهار .وفى سورة الفرقان (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (8) وجاء الرد : ( انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10) َ  ) . يعنى لو شاء الله جل وعلا لجعل له بساتين وقصورا .

4 ــ كان عليه السلام صاحب مال ، لذا كان مأمورا أن يعلن أنه لا يسألهم أجرا : ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) الانعام  )  أى إن لديه إكتفاءا إقتصاديا يجعله غير محتاج اليهم ، وانه لا يتخذ من الدين حرفة كما كان ـ ولا يزال ـ عليه الكهنوت .

5 ـ وحين هاجر النبى هو والمؤمنون تركوا خلفهم اموالهم وممتلكاتهم العينية ، بيوتهم وما فيها ، ومنها أسهمهم فى قوافل الشتاء والصيف . ومع الهجرة فقد تابعتهم قريش بالهجوم الحربى عليهم فى المديمة وقت أن كانوا مأمورين بكف اليد عن الدفاع عن النفس . ثم نزل لهم الإذن بالقتال الدفاعى ،  ومن حيثياته أن قريشا أخرجتهم من ( ديارهم وأموالهم ) ، قال جل وعلا : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)  ) الحج ) . أى كانت لهم رءوس أموال وبيوت ، وكانت قريش تتاجر بها فى رحلتى الشتاء والصيف . وفى المدينة أصبح أولئك المهاجرون فقراء بعد أن تركوا أموالهم وبيوتهم فى مكة ، لذا فرض الله جل وعلا لهم نصيبا من الفىء ـ أى المال الذى يفىء الى بيت المال سلما ـ بدون حرب ، وهذا ما جاء فى قوله جل وعلا : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (8) الحشر).

6 ـ ونستنتج أن أولئك المهاجرين القرشيين بما لهم من خبرة تجارية أثروا المدينة إقتصاديا ( لنتذكر أن المهاجرين السوريين فى مصر أنعشوا إقتصادها بخبرتهم مع تصدع الاقتصاد المصرى ) . كانت يثرب ( المدينة ) ذات زرع وضرع ، ولم يكن أهلها تجارا ، لذا أحدث المهاجرون فيها رواجا تجاريا لم تعرفه من قبل ، بحيث كانت قوافل التجارة تأتى الى المدينة ، وهذا تاريخ مسكوت عنه ، ولكن نفهم بعض ملامحه من سورة الجمعة فى تأنيب المؤمنين لأنهم كانوا إذا جاءت تجارة تركوا النبى يخطب الجمعة وأسرعوا الى لقاء القافلة ، قال جل وعلا : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) الجمعة ) . اصبحت المدينة سوقا رائجة للبيع والشراء حتى كانت تلهيهم عن صلاة الجمعة . وبهذا الرواج الاقتصادى إزداد ثراء أغنياء المدينة من الأوس والخزرج ، وكان معظم أولئك الأثرياء من المنافقين ، وقد حذّر رب العزة النبى من أن تعجبه أموالهم وأولادهم ( التوبة 55 ، 85 ) . وأولئك المنافقون الأثرياء بسبب ثرائهم الاقتصادى فقد إلتصقوا بالمدينة ولم يغادروها حرصا على مصالحهم الاقتصادية . وكان هذا ضمن اسباب أخرى ، منها حريتهم الدينية والسياسية .

7 ــ المؤمنون فى المدينة كانت لا تلهيهم تجارتهم عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة . قال جل وعلا عنهم وعن بيوت عبادتهم : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) النور ) هم مؤمنون يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، ولا تلهيهم تجارتهم عن أداء المفروض منهم . هؤلاء المؤمنون أحدثوا رواجا تجاريا ليس فقط بخبرتهم التجارية ، بل أيضا بأخلاقهم الاسلامية فى التعامل التجارى ، وكان النبى تاجرا قدوة لهم فى الأمانة والصدق . 8 ـ عمل المؤمنين التجارى فى المدينة إستلزم تشريعات ، منها ما يحرم ربا الصدقة ( البقرة  275 : 281 ) ومنها ما يبيح ربا التجارة وغيره إن كان عن تراض ( النساء 29 ) ( آل عمران  130 ) ومنها ما يحرم أن تكون العلاقات التجارية مع الكافرين المعتدين سببا فى موالاتهم ضد دولتهم الاسلامية (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة  ) ، ومنها ما كان تنظيما لتسجيل الديون (البقرة 282   ) ومنها فى الحث على تقديم الصدقات والتبرع للجهاد : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13)  الصف  ) ولم يكن المؤمنين سواء فى التبرع المالى جهادا فى سبيل الله جل وعلا ، قال جل وعلا : ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95) النساء )

9 ـ ونزلت تشريعات إجتماعية على هامش التشريعات الاقتصادية تعكس رواجا فى العلاقات الاجتماعية من تزاور ومآدب ، قال جل وعلا :  (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) النور )

10 ـ وفى كل الأحوال تحولت المدينة الى خلية عمل من التجارة الى الجهاد الى العبادة مما إستلزم تخفيفا فى قيام الليل جاء فى قوله جل وعلا : (  إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)  ) المزمل )ـ

11 ـ  فى وسط هذا كله كان عليه السلام رائدا فى السعى للرزق  ورائدا للمؤمنين فى التبرع من ماله جهادا فى سبيل الله جل وعلا : (لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)  التوبة ) ، هذا بينما كان المنافقون يبخلون ، قال جل وعلا : (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) التوبة   )

12 ـ بكونه عليه السلام  رائدا فى أخلاقه السامية بالصدق والأمانة نتصوره تاجرا ناجحا ، لذا كانت له بيوت ـ وليس بيتا واحدا ، لكل زوجة من أزواجه  بيت ، قال جل وعلا لأزواج النبى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً (34) الاحزاب ).  وكانت بيوته مفتوحة للضيوف  ، وبعضهم كان صيفا مزعجا ثقيلا متطفلا ، يستغل سماحة النبى بسماجته ، لذا نزل قوله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ  ) (53) الاحزاب ).

أخيرا : ـ هذا تدبر قرآنى نرجو أن يكون صائبا .

اجمالي القراءات 9276