الجهاد الحقيقي ... القران الكريم
صورة المجاهد في سبيل الله العالقة بذهن المسلمين مقارنة بينها و بين أنموذج الدكتور أحمد صبحي منصور .

سعيد علي في السبت ٢٦ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

جاءت رسالة الله جل و علا الخاتمة للناس و هي القران الكريم عبر الملك جبريل عليه السلام فبلغها خاتم النبيين بكل ما فيها دون ( تحرج ) و لم يتقول عليه السلام على ربه في حرف واحد لأن العقاب الذي سيناله سيكون شديد ! يقول جل و علا : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين ) هذه الرسالة الخاتمة من الله جل و علا للعالمين تستلزم أسلوبا لتوصيلها هذا الأسلوب يجب أن يكون ( بليغا ) لأن العرب اشتهرت بالبلاغة و نظم الشعر لذا كان القران الكريم بليغا و معجزا و كان على النبي عليه السلام البلاغ أي تبليغ هذه الرسالة بالبلاغ القولي الفصيح الذي يفهمه العرب تماما و يعجزهم في الرد عليه لذا نتأمل قول الحق جل و علا : ( هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا انما هو اله واحد وليذكر اولو الالباب ) و ليس محمدا رسول الله فقط عليه البلاغ بل كل الرسل عليهم السلام عليهم البلاغ يقول جل و علا : ( وقال الذين اشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل الا البلاغ المبين ) و لأنه عليه السلام ما بعثه الرؤوف الرحيم السلام يقاتل الناس ليشهدوا أنه لا إله إلا الله و ما بعثه ليؤمن من في الأرض كلهم فالإيمان هو قرار شخصي فردي يقرره من يصله هذا البلاغ و لأن مسؤولية النبي عليه السلام كانت كما كانت مسؤولية كل نبي هي بلاغ الوحي الإلهي للناس و كفى يقول الحق جل و علا : ( ما على الرسول الا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) و في فصل نهائي لقضية بلاغ النبي عليه السلام لأهل الكتاب و الأميين في قضية تبليغه عليه السلام رسالة الله تدبر قول الحق جل و علا : ( فان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين ااسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فانما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ) .
هذا باختصار دور النبي عليه السلام في توصيل رسالة الله جل و علا للناس بالبلاغ و البلاغ فقط و هذا البلاغ وصفه الله جل و علا بأنه بيان و آياته بينات و مبينات و حكيم – من الحكمة – و هو عليه السلام كان ( يبينّ ) لهم من خلال الكتاب أي أن الذي يبين هو الله جل و علا من خلال القران الكريم و آياته و النبي عليه السلام يبلغّ هذا التبيان و تدبر قول الحق جل و علا : ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ) فالذي يبين هو الله جل و علا من خلال رسالته التي يقوم ببلاغها رسوله عليه السلام و تدبر قول الحق جل و علا في مسألة الكلالة مثلا و في آخرها يقول سبحانه : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين يبين الله لكم ان تضلوا والله بكل شيء عليم ) فالذي يبين هو الله جل و علا بلسان نبيه قرانا بلاغا للناس .
و كان عليه السلام ( يجاهد ) بالقران الكريم فقط تدبر قول الحق جل و علا : ( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ) و المتأمل لهذه الآية يستشف أنهم كانوا يريدون منه عليه السلام أن يرجع إليهم بالطاعة و كانت وسيلة عدم الرجوع هي بالجهاد القراني و الحجة القرانية و تأمل قول الحق جل و علا : ( قل اني نهيت ان اعبد الذين تدعون من دون الله قل لا اتبع اهواءكم قد ضللت اذا وما انا من المهتدين ) و هنا واضح حجم المعاناة التي كان يعانيها عليه السلام من خلال رفضه القاطع لـ ( عباده ما يعبدوه هم ) لذا فقد قال قولا واضحا بليغا لهم ( لا أتبع اهواءكم ) و إن إتبعت أهوائكم فإني قد ضللت و قد وجده ربه ضالا فهداه و حيث هداه و تمسك بالقران الكريم وحده فقد إستعصم به مهما كانت دعوتهم له بالعودة إلى الماضي !!
هكذا كان جهاده عليه السلام بالقران يبلغ رسالة ربه عز وجل لا يتقول عليه أبدا و لا يتحرج و تدبر قول الحق جل و علا في : ( كتاب انزل اليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به و ذكرى للمؤمنين ) لماذا لا يتحرج ؟ لأن في القران الكريم تفصيل لما كان يتحرج منه النبي !! و هذا في حد ذاته برهانا على أن هذا القران وحيا إلاهيا و ليس كما يدعي المدعون و يقول القائلون طعنا في القران الكريم و في رسولنا الكريم عليه السلام .
هذه الصورة الرائعة لشخصية مجاهدة بالقران تحمل ما تحمل من أذى و قطيعة و حصار و محاولة إغتيال و سب و شتم كل هذا تحمله النبي عليه السلام في ظرف 23 سنة فأي قلب و أي عقل و أي شخصية هذه تتحمل كل هذا الأذى و كل هذا الخوف ! إنه بإختصار شديد محمد بن عبد الله رسول الله و خاتم النبيين .
من أسف أن تختزل صورة ( المجاهد ) في عقلية المسلم بصورة مختلفة تماما !! صورة شخص يحمل سيفا أو رمحا و يمتطي فرسا أو راجلا على ساقيه !! شخصية لا تعرف للرحمة طريقا !! القتل عنده هدفا و غاية و النهب و السرقة و الاغتصاب و الظلم و الإيذاء و الاعتداء بكل صوره أسمى غايته !! شخصية دموية تحارب الآخر و تكفره و في كل هذا يغلفه بإسم الإسلام العظيم !!!! فأي جريمة هذه و أي جرم هذا و أي فظاعة هذه و أي كفر هذا !!!
جاء الدكتور أحمد – حفظه الله – و تأمل أخي القارئ هذا الفقرة بقلمه حيث كتب :
ركعت لله تعالى ساجدا مؤمنا بأنه يستحيل أن يكون هذا الكلام قاله بشر ، وأنه فعلا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأنني فعلا مقصر في حق القرآن إذ انشغلت بما لا يستحق . ومن وقتها بدأت رحلة جديدة ؛ هي الاحتكام للقرآن الكريم في كل التراث . وحتى الآن كلما قرأت في القرآن ــ وقراءته فريضة ـ اكتشفت المزيد من العلم ومن الإيمان . وبعد أن كنت سلفياً شديد البأس حاد الطبع روضت نفسي على تقبل الصبر والصفح عن الإساءة، متذكراً قوله تعالى : ( كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ 94 ) النساء".

إخواتي الأعزاء ... الجهاد يكون بالقران الكريم و علينا ترويض أنفسنا على تقبل الصبر و الصفح عن الإساءة ... يحسب للدكتور أحمد – حفظه الله – أنه نفض الشجرة و بعنف ليسقط عنها ( رؤوس الشياطين ) !! .
اكتشافات الدكتور أحمد و طريقة تدبره للقران الكريم أنشأت تيارا فكريا جديدا منهم مازال عالقا في وحل تقديس من اتخذوا الشخصيات التاريخية و التأريخ عموما دينا !! و الدكتور أحمد بنفسه يتطور فكره إلى أن وصل إلى مرحله نظفّ عقله تماما من تقديس أي بشر و أعتقد أنه أخذ الكثير من وقته ليصل إلى مرحلة فيها قولا فصلا فلا إله إلا الله و لا كتاب محفوظ مصدرا للتشريع سوى القران و كفى و يحكم على الشخصيات التأريخية كما كتب عنها واضعا تلك الأفعال في ميزان القران الكريم .
حفظكم الله جل و علا ..

 

 

اجمالي القراءات 8003