تكريم الحاج المهدي بن امبارك كنموذج للقصيدة الحجازية

مهدي مالك في الجمعة ٢٥ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

   تكريم الحاج المهدي بن امبارك كنموذج للقصيدة الحجازية

 

 متواضعة                                                    مقدمة                                       

 

  نحن على بعد ايام قليلة من الاحتفال بعيد الاضحى العزيز علينا كمسلمين
 باعتباره مناسبة تذكرنا بركن عظيم من اركان ديننا الا و هو الحج الى بيت الله
 مرة في عمر الانسان المسلم ادا استطاع له سبيلا و شخصيا اتمنى ان احج في السنوات
 القادمة ان شاء الله باعتباري منذ سنوات أتابع موسم الحج عبر الفضائيات السعودية الرسمية و قناة العالم الايرانية قصد معرفة الراي و الراي الاخر بحكم ان موسم الحج يعتبر مؤتمر اسلامي ضخم يجتمع فيه مسلمي العالم باختلاف هوياتهم الثقافية و الايديولوجية .....

 ان السعودية من طبيعة الحال باعتبارها تحتضن هذه الاماكن المقدسة تستغل موسم الحج على كافة الاصعدة و المستويات و خصوصا المستوى الاقتصادي و المستوى الديني من خلال نشر الوهابية على انها الاسلام الحقيقي عبر توزيع كتب الوهابية بالحجم الصغير على الحجاج الخ ...

الى صلب الموضوع                   .

 ان الحديث عن مكانة فريضة الحج في الثقافة و التراث الديني الامازيغي هو حديث قد يكون طبيعي اذا لم تكن ايديولوجية الظهير البربري موجودة اصلا حيث ان الامازيغيين احتفظوا بطابعهم الثقافي الاصيل بعد دخولهم الى الاسلام حيث ان الامازيغيين لم ينتظرون ما يسمى بالفتوحات الاسلامية على الاطلاق بل اسلموا بعد زيارة وفد منهم للرسول الاكرم في المدينة المنورة كما شرحه الاستاذ الحسين جهادي اباعمران في كتابه نموذج المقاومة المغربية في دولة برغواطة الامازيغية أي ان الاسلام الامازيغي ان صح التعبير هو حقيقية تاريخية و ثقافية لا غبار عليها لان اجدادنا استطاعوا الاستقلال عن الخلافة القرشية مبكرا و بالتالي تاسيس حضارتهم  الامازيغية الاسلامية الحقيقية لان ما يسمى بالحضارة العربية الاسلامية تخص  الاعراب في بلادهم الاصلية أي الجزيرة العربية بصريح العبارة.

ان مكانة فريضة في الثقافة و التراث الديني الامازيغي هي مكانة كبيرة خصوصا في منطقة سوس التي انتمي اليها حيث هناك تقاليد اصيلة تحتفل برجوع الحجاج الامازيغيين الى وطنهم و الى اهلهم حيث لي ذكريات متعددة السياقات مع افراد عائلتي الموقرة الذين قاموا بأداء فريضة الحج و التي تحدثت عنها في كتابي القديم صوت المعاق..

و عموما عندما يعود  الحجاج الامازيغيين الى بلادهم تجتمع عائلاتهم قصد الاحتفال بهم في اطار ما نسميه بتمغارا ن لحج أي عرس الحج حيث يتكون هذا الاحتفال من قراءة كتاب الله العزيز من طرف طلبة العلم الشرعي في الصباح ثم في المساء تقوم النساء برقصة احواش الحاملة لمعاني الترحاب و التكريم للحجاج مما يعني ان الامازيغيين قد أبدعوا  تقاليدهم الاسلامية بعيدا عن خرافات السلف الصالح. ...


 و يشرفني تكريم واحد من الروايس المتميزين بالحكمة و المعاني العميقة في الدين
 الاسلامي و هذا الرايس قد اعتزل فن الروايس منذ  سنة 1978 ليدخل الى ميدان
 التجارة  في العاصمة الاقتصادية للمغرب الدار البيضاء لكن قيمته الفنية مازالت
 حية في الذاكرة الشعبية كما يقال لان الثقافة الامازيغية ظلت تختزل لعقود طويلة في مصطلح الثقافة الشعبية بمعناه القدحي بينما يعتبر الطرب الاندلسي يمثل الاصالة المغربية و الحضارة الاسلامية بالمغرب   ....
 انني اخترتهذا الرايس  ليكون نموذج للقصيدة الحجازية كموضوع يتميز به فن الروايس
 عن غيره من الفنون المغربية الاخرى من حيث شرح مناسك الحج بشكل دقيق و شرح اذاب
 الزيارة الى مدينة رسولنا الاكرم صلى الله عليه و سلم.....

 و هذا الرايس هو الحاج المهدي بن امبارك اطال الله في عمره ليعود ربما الى
 الميدان الفني بشكل عام....

 ان اصحاب اللطيف و تيارات الاسلام السياسي ببلادنا ظلوا يتهمون الامازيغية بشموليتها  بانها مشروع اجنبي على
 المغرب و انها ليست لها أية علاقة بالاسلام على الاطلاق بل تدعو الى التنصير و العمالة
 للاجانب..

 غير ان الواقع يقول اشياء اخرى حيث لنأخذ فن الروايس كمثال صغير لتكذيب

 شعار تنصير الامازيغيين حيث ان الباحث سيجد ان الروايس قدموا خدمات جليلة
 للاسلام كجوانب عديدة مثل الارشاد الديني و مقاومة  الاستعمار و كنشر القيم
 الاسلامية و توعية المراة المسلمة و الدفاع عن وحدتنا الترابية و الدفاع عن
 القضية الفلسطينية من المنطلق الاسلامي الصرف.

 ان الحاج المهدي بن امبارك هو من جيل الروايس الرواد مثل الحاج البنسير و الحاج
 واهروش رحمهم الله و هو وجد طريقه في هذا الميدان من خلال الاغنية التي تخاطب
 الروح و الوجدان الاسلامي و من خلال قصائده سنجد نوعا من الارتباط بين الدين و
 الطبيعة و  الدفاع عن وحدتنا الترابية في عهد المسيرة الخضراء حيث ان قصيدة الحاج المهدي بن امبارك تدخل في هذا الاطار حيث
 انها تعلم الحجاج ما سيقومون به عندما سيسافرون الى تلك الاماكن العزيزة   على
 قلوب مسلمي العالم باختلاف هوياتهم المذهبية و الثقافية و الحضارية لكنهم
 يدينون بالدين الخاتم و يقولون اشهد ان لا اله الا الله و ان محمد رسول الله بمعنى ان هذه القصيدة الحجازية هي فريدة من نوعها على صعيد الاغنية المغربية الدينية ....
 انني اتكرر ان القصائد الحجازية لدى فن الروايس تستحق منا دراسات عميقة باعتبارها مكون
 اساسي لتراث الروايس الديني  و باعتبارها وثائق تاريخية مهمة و صالحة للتوظيف
 في أي بحث جامعي او اجتماعي.

 و كما ان هذه القصائد تحمل المضمون الارشادي لمناسك الحج كالركن الخامس من
 اركان ديننا الاسلامي ...
ان هذه القصائد الحجازية لم تعطى قيمتها المستحقة من طرف وزارة الثقافة و الاتصال و وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية حيث من العار و العيب ان نعيش في عصر ترسيم الامازيغية و اغلب المغاربة يجهلون وجود هذا الكنز حيث لم اتذكر يوما ان قناة السادسة قد خصصت برنامج كامل للحديث عن هذا التراث الفني الاصيل باعتباره تراث اسلامي مغربي يستحق ان ينتشر في مختلف وسائل الاعلام العمومية منذ سنة 1956 الى الان لكن ايديولوجية الظهير البربري قامت عمليا بالفصل التام بين الامازيغية و الاسلام و بالتالي فان وزارة الاستاذ احمد التوفيق لا تعترف الا بالعروبة و الاسلام فقط و اما الامازيغية فلا تعتبرها ثقافة اسلامية على الاطلاق..

 و خلاصة القول ان الحاج المهدي بن امبارك يعتبر مدرسة فريدة في فن الروايس
 حاولت ارشاد الناس الى الفهم الحقيقي لفريضة الحج كاركان و اذاب الزيارة الى
 المدينة المنورة التي يتواجد فيها المسجد النبوي  و فيها كما يقول الحاج
 المهدي قبور المجاهدين الذين نصروا الاسلام الخ .

لكن اعلامنا البصري قد تجاهل هذا الهرم من اهرام فن الروايس اللهم مبادرة القناة الثانية عبر برنامج اسايس الذي خصص بعض حلقاته للحديث عن مسار هذا الرايس بمشاركة بعض الاساتذة من قبيل الاستاذ عصيد و الاستاذ اكوناض و الاستاذة زينة همو ...

اما القناة الامازيغية الموقرة لم اذكر شخصيا على اقل انها قامت بتكريم الحاج المهدي بن امبارك طيلة سبع سنوات من عمرها حيث انني اتساءل لماذا بكل الاحترام و التقدير ......
انني اعتقد

 ان هذا النوع من الفن يعتبر كنز من كنوز حضارتنا الاسلامية المغربية يستحق
 الاهتمام و العناية عوض التهميش و اقصاءه  من طرف قنواتنا التلفزيونية.

 

المهدي مالك                   

 

 

 

اجمالي القراءات 7878