ردود فيسبوكية
لا توجد مساواة كاملة عند من يريدون الدين

نهاد حداد في الأحد ٢٠ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

لا توجد مساواة كاملة عند من يريدون الدين 
تحت هذا العنوان ، أورد المستشار أحمد عبده ماهر استشهاداته على رفض المساواة بين المرأة والرجل ، وما زال منطق ويل للمصلين هو مايطبع تعامل المستشار مع القرآن، حيث اتخذ منه كاتالوجا لاختيار واقتطاع جمل من سياق الآيات ليستدل عما اختمر في ذهنه من رأي لا علاقة له إلا بفهمه هو . والجدير بالذكرأن بعض المتنورين يمنون علينا بتنورهم وكأننا ملزمون بالركوع لهم لأنهم توصلوا إلى نقد التراث أويحاولون كغيرهم من الناس ! 
طبعا للمستشار ما يحسب له من مشاركته في نقد التراث وانتقاد الأزهر والتضامن مع الشيخ عبد الله نصر واسلام بحيري، لكن هذا لايعني أن كلامه اصبح وحيا منزلا، بل العكس! 
فاعتماده على القرآن شطح به بعيدا عن الصواب ، حيث أنه في مورد انتقاده للمساواة على إثر ما أثارته اقتراحات السبسي في تونس للمساواة والزواج من غير المسلمين ، اتخذ موقفا معاديا للمساواة واقحم فيه القرآن بغير وجه حق . حيث قال : " لا توجد مساواة كاملة عند من يريدون الدين ". ثم أردف قائلا:" لاحظت انتصارا لمبدإ المساواة بين الرجل والمرأة لدرجة الجنوح عن تعاليم الله ، انهم يريدون مني التخلي عن تعاليم الدين لأكون من رواد التنوير بنظرهم . فلعنة الله على مفهومهم في التنوير ولعنة الله على الريادة التي يبتغونها. فإذا أردتم المساواة الكاملة غيرالمنقوصةبين الرجل والمرأة فما عليكم إلا التخلي عن دين القرآن ودين الانجيل ودين التوراة ." انتهى كلام المستشار. 
اكيد لم يخف على احد اللعن والقذف الذي ينطوي عليه كلام المستشار / الشيخ ، فكلامه هنا لايختلف نهائيا عن كلام الازهر والتكفيريين من اخراج أناس لهم رأي من دين الله لمجرد ان لهم رايا مختلفا قد يكون الاخذ به مجرد سيئة لا تخرج من الدين بل تعتبر سوء فهم او حتى تعمد سوء فهم قد يغفره رب العزة او يعاقب عليه ، حيث يبقى من المعاملات التي اكيد هي ليست بحجم الكفر ء.
والادهى ان العذر عند المستشار كان اقبح من الزلة ، حيث اورد مجموعة من الآيات اوردنا احداها في المقال السابق تحت عنوان ،ردود فيسبوكية، ونورد اليوم جملة أخرى اقتطعها اقتطاعا من سياقها لكي يستدل على عدم دينية المساواة حيث قال:" فانكحوهن بإذن أهلهن ، " فنكاح الفتاة بغير إذن وليها إنما هو تفلت عن دين الله لأن الزواج ماهو إلا تعانق بين أسرتين لا تعانقا بين ذكر وأنثى فقط . ( انتهى كلام المستشار الذي الزم مرتادي موقعه بمناداته بلقبه تحت طائلة الحذف ). 
اولا، الفتيات اللائي يجب نكاحهن بإذن أهلهن هن ملكات اليمين، وهاهي الآية مكتملة وظاهرة بائنة :" وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ۚ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25). 
ما أثار انتباهي في هذه الآية اولا هو كلام رب العزة: " الله أعلم بايمانكم بعضكم من بعض ". 
وهذا كاف بان نُسَلِٓمَ بإيمان البشر بمجرد اعترافهم بالايمان بغض النظر عن صحةايمانهم من عدمه ! وقد جاء هذا في العديد من الايات، فالايمان قلبي ولا علاقة له بالمظاهر ! 
كانت هذه ملحوظة صغيرة للتذكير بأن الفتيات المؤمنات المقصودات في الآية هن الإماء اللائي كان الزواج بهن لابد ان يتم بموافقة الاهل، لان اهل الأمة ليسوا بالضرورة الأب او الام والأخ ، بل قد يكونون مالكي هذه الأمة ! لذلك، لايمكن اتمام الزواج بالأمة دون إذن سيدها لذي قد يطالب بها في حالة كهاته . وبما أن العبودية أصلا قد ألغيت ، فان الحديث عن هذا يبقى الآن  تاريخا لا تشريعا . ولكن أبى المستشار إلا أن يأتي في استشهاداته على عدم المساواة بين المرأة والرجل في الدين كون المرأة لا تُنكح إلا بإذن أهلها. وهذا الإذن بالنسبة للحرة عرف اجتماعي وليس أمرا إلاهيا. وعدم زواجها بإذن أهلها لا يخرجها من الملة مادام الزواج حلالا بلالا وبموافقة الطرفين وكتابة الكتاب سواء كان كتابا عدليا او مدنيا . 
الدفاع عن القرآن وأخذ التوجه منه بعيد كل البعد عن اتخاذه كاتالوجا نقتطع منه الآيات عن سياقها لغرض في نفس يعقوب ، وللانتصار لرآي ترسخ لسنين طويلة من تراث عشش في لاوعي الأمة ، والذي لم يسلم منه دعاة التنوير أيضا ! 
اجمالي القراءات 8297