بيان مفهوم مفردة "كرسي" من القراءن الكريم
"الكرسي" في التنزيل الحكيم

عونى الشخشير في الأربعاء ١٦ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

"الكرسي" في التنزيل الحكيم

--------------------------

قال تعالى:"اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا  وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴿٢٥٥﴾" (سورة البقرة)

 

ماذا يقصد الله تعالى بقوله "وسع كرسيه السماوات والأرض" من تفصيله في كتابه القراءن الكريم!!!

مفردة "كرسي" وردت مرتين, مرة في سورة البقرة أعلاه و مرة أخرى في قوله تعالى:"وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴿٣٤﴾" (سورة ص)

 

فالكرسي هي من الفعل "كرس" وتعني أداة إبقاء و إمساك الصيرورة و الإسناد و الإعماد; ففي اللغة نقول "إجْعَلْ لهذَا الحائطِ كُرْسِيّاً" ;أَي إجْعَلْ له ما يَعْمِدُه ويُمْسْكُه.

ولذلك نطلق على  الكرسي أسمه هذا لأنه يعمدنا و يمسكنا أثناء الجلوس عليه.

 

فقوله تعالى "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" قد فصلها رب العالمين في قوله تعالى;

 

قال تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٦٥﴾" (سورة الحج)

 

قال تعالى:"إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴿٤١﴾" (سورة فاطر)

 

ومما يؤكد هذا المعنى قوله في نفس الأية من سورة البقرة "وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا", أي إبقاؤهما في صيرورتهما التي قدر الله لهما إلى يوم البعث; و هذا الحفظ  للصيرورة و إمساكه من الدخول في العشوائية و  عدم الإتزان لا يشكل جلبة و إشكالية على الله بتاتا.

 فالإسم من الفعل (يئوده) هو (إدا) كما في قوله تعالى :" وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾" (سورة مريم) ; كما "أزا" من الفعل "تؤز" ; قال تعالى:"أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴿٨٣﴾" (سورة مريم(

 

فالخلاصة هي أن الله خلق السماوات و الأرض  و أشمل خلقهما في كرسيه; أي هو القادر على أن يمْسِكُ صيرورتهما من الزوال ومن الدخول في التطور العشوائي الغير ممنهج حتى تحين ساعة الهلاك و الفناء ;فالله هو الحفيظ على كل شيء.

 

قال تعالى:"فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴿٥٧﴾" (سورة هود)

 

 

و عسى أن يهدينا ربنا لأقرب من هذا رشدا و قل ربي زدني علما.

اجمالي القراءات 7525