ما هو المقصود من ذكر الآية 30 من سورة الزمر " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ"
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ

محمد صادق في الخميس ١٠ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ

مقدمة:لكى نعلم ما هو المقصود من ذكر الآية 30 من سورة الزمر "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ"  لابد من أن نبدأ بالآية 29 الذى ضرب الله فيها المثل وحتى الآية 37، هنا يأتى دور التدبر لربط الأيات مع بعضها من خلال السياق نفسه.

{ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) } (سورة الزمر 29 - 37)

والآن نتدبر سويا هذا المقطع....

{ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلًا فيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) 

رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ.................. وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ

مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ" المؤمنون91

هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًاالْحَمْدُ لِلَّهِ ... على ماذا؟ على: الإيمان بالله وحدة لا شريك له.

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ... ...هنا الهدف ليس الإتعاظ بالموت ، الموت حق وما أحد يجادل فى الموت { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " العنكبوت57 

ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ... هذا هو الهدف من ذكر"إنك ميت وإنهم ميتون"

هذه الخصومة لابد لها من طرفين يختصموا فالقسم الأول فى الخصومة هو الرسول محمد عليه السلام والقسم الثانى فى معادلة الخصومة هم ما دون الرسول .

نقف فى كلمة "تَخْتَصِمُونَ:" جاءت بتاء الخطاب لكل من الرسول وما دون الرسول مثل الكافرون المشركون الكاذبون على الله ورسوله والذين لم يؤمنو به رسولا نبيا والذين لم يصدقوا بالقرءآن وكفى والذين إتخذوامن دونه أولياء  وإفتراءات على الرسول وأكاذيب نسبوها له وهو بريئ من ذلك والذين فرقوا دينهم شيعا وأحزابا ... الخ.

ثُمَّإِنَّكُمْ.... إنك ميت+ إنهم ميتون= إنكم... لذلك جاءت كلمة تختصمون بتاء المخاطب لكل هؤلاء.

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ

{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) } (سورة الفرقان 27 - 30)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18]

وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} [النحل:116

أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ:

العبد هنا مفرد مضاف إلى مُعَرَّفة، وهي الضمير الهاء {عَبْدَهُ}، ومثل هذا يحمل على العموم، المفرد المضاف إلى معرفة، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} أليس الله بكاف عباده؟،

وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ:

قال الله عز وجل: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} سورة آل عمران:175

كما خوفوا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- من آلهتهم أن يهلكوه فقال لهم -عليه الصلاة والسلام: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} [سورة الأنعام:81-83]،

الخلاصة :

1- إنتهى المقطع بالفاصلة القرءآنية " أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ" والتى تناسب ما جاء فى المقطع ليحذر الذين أشركوا بالله والذين لم يصدقوا بمحمد والرسالة التى أوحيت إليه ....

2- الله واحد أحد لا شريك له. الموت حق. لا تقف ما ليس لك به علم . الإيمان بالرسل والرسالات والعمل بها.العمل الصالح والإبتعاد عن السيئات. لا تخشى إلا الله .

صدق الله العظيم...

اجمالي القراءات 36729