الاخوان المسلمون يتقربون لعبد العزيز بقتل إمام اليمن

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١١ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب : نشأة  وتطور أديان المسلمين الأرضية.  ج 2 الوهابية

الباب الرابع : الاخوان المسلمون صناعة سعودية وهابية

الفصل الثانى : الاخوان المسلمون يتقربون لعبد العزيز بقتل إمام اليمن

مقدمة : قمنا بفصل الجزء الأول من كتاب (  نشأة  وتطور أديان المسلمين الأرضية  ) ليقتصر على عصر الخلفاء من الراشدين الى العثمانيين . وتم نشره. ونبدأ بنشر فصول الجزء الثانى الذى يتوقف مع الوهابية ، نشأتها ودولتها السعودية الأولى ، ثم إنتشارها  بجهود الدولة السعودية الثالثة الراهنة ، بدءا من مصر ثم العالم . وتم تعديل ابواب وفصول هذه الجزء الثانى ، ونحن الآن فى الباب الرابع ،الفصل الثانى :

 الاخوان المسلمون يتقربون لعبد العزيز بقتل إمام اليمن.!

نتتبع خيوط الموضوع كالآتى :

أولا : علاقة الملك عبد العزيز بإمام اليمن :

1 ـ كانت منطقة عسير موضع نزاع بين الامام يحيى حميد الدين والملك عبد العزيز . نشبت بينهما الحرب عام 1934 ، وانتصر عبد العزيز وتقدم جيشه من تهامة حتى ميناء الحديدة اليمنى ، وآثر عبد العزيز عقد الصلح مع امام اليمن ، وعقد اتفاقية جدة ، وقد اعترض مستشاره فيلبى قائلا : ( هل تتاح لأحد فرصة ضم اليمن ويتركها ؟ضيعت ملك آبائك يا عبد العزيز ..!! فناداه الملك وقال له :اولا لم يملك آبائي اليمن من قبل، وما استطاع احد ان يوفر الامن في اليمن، فمن الذي يستطيع ان يحكم اليمن بزيودها وشيعتها ؟و مشاكلها؟وستري ما سيجري فيها ،ثانيا: ان حربي لم تكن لضم اليمن وانما لانهاء المطالب في عسير ونجران وجيزان وهذا ما حققناه ).

2 ـ جرت محاولة لإغتيال الملك عبد العزيز قبيل طلوع الشمس من اول ايام عيد الأضحى وهو يطوف بالكعبة فى عام 1353 هـ (مارس 1935). يقول الزركلى فى كتابه :  شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز: صفحة    :619) : ( فلما كان عند باب الكعبة ، برز رجل من فجوة  في شمالي حجر إسماعيل ، وقد سل خنجرا ، وصاح صيحات منكرة ، فيها تهديد ووعيد وسباب .وقفز منقضا على الملك ، ومن ورائه . وما كان من سعود إلا أن ألقى نفسه على أبيه ، يقيه الطعنة، ودفع المجرم بيده . وانطلقت في رأس المجرم رصاصة أردته قتيلا . وعلت صيحة  "كامن " آخر كان في فجوة ثانية من فجوات الحجر ، وانقض بخنجره يريد الملك ، فمس الخنجر أسفل الكتف اليسرى من ظهر سعود ، وجرحه . ووثب ثالث ، مقبلاً من ناحية الركن اليماني ،فلمح صاحبيه مضرجين بدمهما ، فانطلق يبغي الفرار ، وكان مقتل الأول برمية عجيبة من بندقية  حارس الملك الخاص ـ واسمه عبدالله البرقاوي ـ فقد خشي ان يطلقها مصوبة فتصيب مع المجرم غيره ، فوثب  ناكساً بندقيته ، وابهامه على الزند ، وصب الرمية صباً . وقُتل الثاني برصاصة من حارس الأمير سعود ـ واسمه خير الله ـ اما الثالث فلم ينج من رصاص الجند ، ولكن ظل فيه رمق من الحياة فاستطاع المحققون ان يعرفوا منه اسمه وهو " علي " والثلاثة من غالية اليمن . ) ، ويقول (  وكان الحج اليماني كبيراً ذلك العام ، يقارب عشرة آلاف حاج ، بينهم عبدالله بن الوزير من سادة اليمن ودهاة رجاله  . .. وتلقى الملك البرقية من الإمام يحيى ، يستنكر بها الحادث ويستفظعه ، ويبرأ إلى الله من جريرته . وتهامس الناس فيمن تعلق به التهمة في تدبير هذه المؤامرة بصنعاء ، فاتجهت إلى  "سيف الإسلام أحمد   " كبير أبناء الإمام يحيى .)  .

3 ـ وصلت برقية من جماعة الإخوان بتهنئة للملك عبد العزيز بنجاته وإستنكارا لمحاولة إغتياله . الغريب أن الاخوان إغتالوا رئيس الوزراء المصرى احمد ماهر عام 1945 . وكانت تحركاتهم فى مصر بعلم من سيدهم الملك عبد العزيز . لذا فالمنتظر أن يستعين بهم عبد العزيز فى الانتقام من يحيى إمام اليمن ، الذى ردّ جميل عبد العزيز بمحاولة إغتياله فى الحرم . هذا مفهوم من دراسة سياسة عبد العزيز ، التى تميزت بالتأنى وأن يستعمل آخرين فى تنفيذ الأعمال القذرة . وهكذا فعل بالاخوان النجديين ، إستخدم وحشيتهم فى تكوين دولته ، وصبر على معارضتهم وتطاولهم الى أن جاء الوقت المناسب ، فقضى عليهم ، وفى إنتظار هذا الوقت المناسب كان عملاؤه قد أسسوا له جماعة الاخوان المسلمين المصريين بديلا على إخوانه النجديين . لم تكن للملك عبد العزيز مطامع فى اليمن ، ولا يرد الدخول فى مشاكلها ، ولكنه لا ينسى محاولة إغتياله فى الحرم . كان منتظرا أن ينتقم من إمام اليمن .  لا ننسى هنا وجود عبد الله بن الوزير القائد اليمنى وقت محاولة الاغتيال ، ووصول تهنئة الاخوان لسيدهم عبد العزيز .

4 ـ قبل ذلك كانت للإخوان صلات ببعض رموز اليمن من عام 1929، وبالتمويل السعودى أصبح للإخوان التنظيم الدولى و من أعضائه الغامضين الجزائرى أبو الفضيل الوريتلانى . واثناء الخصومة السعودية اليمنية ظهر تحرك اخواني في اليمن إستثمر تلك العلاقات مع بعض الرموز اليمنية ، وظهر عبد الحكيم عابدين صهر حسن البنا فى اليمن ومعه أبو الفضيل الوريتلاني ، وأقاما مشروعات تجارية ، كانت ستارا لتحالفت سياسية  فجرت ثورة الميثاق في اليمن سنة 1948 بقيادة ابن الوزير، ونجحت الثورة في قتل الامام يحيى . وكادت الثورة أن تنجح لولا أن تحركت القبائل اليمنية ضد ابن الوزير فبعث يستنجد بعبد العزيز فرفض، وتخلى عنه ، فقد حقق غرضه فى قتل خصمه الامام يحيى ، فسقطت الثورة .

كسب عبد العزيز مرتين ، إنتقم من خصمه الامام يحيى، فقتله بيد آخرين ، وهو الذى حكم اليمن سبعا وأربعين عاما  ، وإكتسب محبة ابن الامام يحيى ( احمد بن يحيى ) الذى تولى مكان أبيه .

5 ـ  ثورة الميثاق اقصر الثورات عمرا ( فبراير / مارس 1948 ) ومع ذلك هزت اليمن وبلاد العرب. نقتطف منها  هذه الشذرات التى تؤكد دور الاخوان المسلمين فيها :

5 / 1 ( فشلت المحاولة الأولى لاغتيال الامام يحيى ، فاستدعى الإمام يحيى ولي عهده أحمد من تعز إلى صنعاء ليعتقل  ابن الزيروغيره من المشتبه فيهم . وبادر المتآمرون الى مقابلة ولى العهد فى تعز وعرضوا عليه ( الميثاق ) الذى ينظم طريقة الحكم ، فرفض . وكان ضمن القادة الاخوانى الفضيل الوريتلانى .

5 / 2 :تنفيذ الاغتيال : شعر الأحرار اليمنيون بأن الإمام يحيى حميد الدين في طريقه لاكتشاف شخصياتهم  ، وبالتالى سيضرب ضربته ضدهم، فقرروا اغتياله، وجاء وقت التنفيذ في يوم الثلاثاء 7 ربيع  الثاني 1367هـ الموافق 17 فبراير 1948 وقد أعد علي السنيدار و محمد الكبوس سيارة من سيارات شركة الفضيل الورتلاني التي أنشأها في اليمن، عليها خمسة أشخاص مسلحون يسوقها أحمد ريحان، واعترضت موكب الإمام يحيى عند قرية حزيز، التي تبعد عن صنعاء بعشرة كيلو مترات، فانطلقت رصاصات من مدفع رشاش استقر خمسون منها في جسد الإمام، فمات في الحال،  ومعه آخرون وطفل .

5 / 3 : حسن البنا هو الذى وضع ( الميثاق الوطني المقدس )عام 1947 . وفور إعلان الثورة قامت ( حكومة الدستور) وألفت الحكومة اليمانية الجديدة من مجلس الشورى يتألف من ستين عالما وفقيها من نخبة الأمة اليمنية . وقرر مجلس وزراء حكومة الثورة تعيين الفضيل الورتلانى (مهندس الثورة) أول مستشار عام للدولة، وطلب من الشيخ حسن البنا والفريق عزيز المصري، أن يكونا من المستشارين العموميين للحكومة، وأعلنت إذاعة صنعاء أن حسن البنا    عيّن أحد المصريين وهو مصطفى الشكعة مديرا للإذاعة اليمنية وباقى زملائه مذيعين وهم من الإخوان،  لتعمل الإذاعة أربع ساعات يومياً .وفي مصر وصفت جريدة الإخوان المسلمين في عددها يوم 21 فبراير عام 1948 الإمام الجديد عبد الله الوزير بالتقى، والعالم، والفقيه.

5 / 4 : استأجر الإخوان طائرة خاصة أقلت عبد الحكيم عابدين السكرتير العام للجماعة و أمين إسماعيل سكرتير تحرير صحيفة الإخوان و عبد الرحمن نصر مدير وكالة الأنباء العربية. وحمل الوفد معه مكبرات للصوت بهدف دعوة القبائل لتأييد الثورة.  أصبح عبد الحكيم عابدين خطيب الثورة في إذاعة صنعاء ،  وكان يساعده في الخطب ووضع برامج الإذاعة الإخوان المسلمون المصريون الذين يعملون مدرسين في صنعاء.

5 / 5 : ذهب وفد الثورة لمقابلة الملك عبد العزيز ، كان من أعضائه ابن قائد الثورة والفضيل الوريتلانى . أيقن الملك عبد العزيز حتمية فشل الثورة لأن القبائل ثارت ضدها ، ثم إنه لا يريد أن يفتضح دوره ، ورأة أن مصلحته فى تأييد  الأمير بن يحيى ، لذا تلاعب بوفد الثورة ،وماطلهم  لمنح الأمير أحمد الوقت الكافي لتعزيز قواته قبل وصول بعثة الجامعة العربية إلى اليمن ، وبالفعل توجه الوفد إلي الرياض، لمقابلة الملك عبد العزيز، وظل الوفد بالرياض حتى سقطت صنعاء في يد قوات سيف الإسلام أحمد. أى رتّب الملك عبد العزيز أموره مع أحمد بن الامام يحيى  من وراء ظهر الاخوان المسلمين .

5 / 6 : اجتمع مجلس الشورى لأول مرة في تاريخ اليمن وأدى الإمام الجديد ابن الوزير اليمين الدستورية وأقسم بالعمل على سعادة اليمن وأهلها ، أفرجت الثورة عن أكثر من ثلاثة آلاف من المعتقلين ، طلب الإمام الجديد ابن الوزير رؤية المرشد العام حسن البنا ولكن الحكومة المصرية منعت سفره ، وفي القاهرة أعلن سيف الإسلام عبد الله أنه تلقى برقية من شقيقه الأمير أحمد بن الامام يحيى يعترض فيها على نشاط الإخوان المسلمين في اليمن.

وعجز عبد الله الوزير عن تدبير المال لدفع رواتب الجيش المتأخرة وتأمين ولاء القبائل بالمنح. بينما أعلن الأمير أحمد للقبائل أن صنعاء مُباحة لهم للسلب والنهب . وبهذا ضمن وقوف القبال معه . وفشلت الثورة ، وتم إعدام قادتها. وهرب  الفضيل الوريتلاني فى سفينة ومعه سبائك من الذهب ، ورفضت السعودية استقباله فظل يهيم فى البحر ،الى أن رتب له اخوانه الحياة فى لبنان ، ومنها تنقل متنكرا بضع سنوات .

وهناك الكثير عن دور "الأخوان" في اليمن قبل الاغتيال الامام يحيى وبعده، منه ما نشرته الصحف المصرية آنذاك، ومنه ما نشر ضمن الأدبيات التي تناولت تلك المرحلة أو تاريخ الحركة. وهناك تقرير سري بعثته السفارة الأميركية في القاهرة إلى خارجيتها عن بعض الدور الذي قام به "الأخوان" ودوافعهم، واعتمد التقرير على مقابلة بين حسن البنا والسكرتير الأول في السفارة، وأيضاً على مصادر وتحليلات السفارة نفسها. وأبرز ما ذكره التقرير على شكل نقاط:

 البنا من أول من عرفوا بنبأ الاغتيال عن طريق الزبيري.

 البنا يشيد بدور الإخوان في الإنقلاب.

 درجة هذا الدور غير متضحة بسبب تكتم البنا على التفاصيل. ويمكن استنتاج حجم الدور من خلال معرفة طبيعة العلاقة بين الإخوان وبين حركة "الأحرار". فـ"الميثاق المقدس" الذي قامت عليه حكومة الانقلاب صيغ من قبل حركة "الإخوان" في مصر.< دور الورتلاني اساسي في توجيه الأحداث في صنعاء من خلال التقرير الذي كتبه عبدالقادر حمزة، مراسل صحيفة الأهرام. توجد تقارير تفيد أنه طلب من البنا القدوم إلى اليمن وأنه قام من أجل ذلك باستئجار طائرة وتوقع منه المغادرة إلى صنعاء مطلع آذار. وذكرت صحيفة الأهرام أنه سيأخذ معه مجموعة من الميكروفونات لمخاطبة القبائل اليمنية وحضها على طاعة الوزير. حركة الإخوان بدأت من خلال صحافتها شن هجومٍ متواصلٍ على الإمام يحيى خلال العام 1947.

وهناك تفاصيل فى بحوث للأستاذ عبد الوهاب سنان النوارى  منشورة فى موقع (أهل القرآن ) بعنوان (حقيقة دور الإخوان المسلمين في ثورة (1948م) اليمنية )

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=13940

ونتوقف مع أثر ثورة الميثاق على الاخوان فى مصر وفى علاقتهم بالسعودية .

اجمالي القراءات 7615