مقارنة بين موقف صحابة النبي محمد و صحابة النبي إبراهيم عليهما السلام في الموالاه لأعداء الله .
بين صحابة الرسول محمد عليه السلام و صحابة الرسول إبراهيم عليه السلام

سعيد علي في السبت ٠٨ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

 

أولا  : الله جل و علا هو فقط المستحق للتقديس و بالتالي فكل عملنا يجب أن يكون خالصا لوجه سبحانه و شهادتنا هي شهادة واحدة : لا إله إلا الله . و هو جل و علا نبدأ باسمه و نسبح بحمده و نشكره و نستغفره و هو فقط سبحانه الذي ندعوه طلبا في الإجابة و طمعا في المغفرة .

سبحانه جل و علا لا يسأل عن ما يفعل و هم يسألون .. سبحانه و تعالى إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون سبحانه جل و علا لا اعتراض لأمره أو مشيئته فإذا قال جل و علا قولا كنا له طائعين منفذين راجين رحمته طامعين في مغفرته و رضوانه فسبحانه هو الله الواحد القهار .

ثانيا : الله جل و علا يأمر خاتم النبيين بالإقتداء برسله السابقين :

إبراهيم عليه السلام هذا الفتى الباحث عن الله جل و علا  مذ كان فتى اصطفاه ربه من الناس رسولا يهدي بإذن الله إلى عباده الله و عدم الإشراك معه هذا الرسول الكريم هداه الله جل و علا و بهذا الهدي أصبح قدوة لمن جاء بعده من الرُسل بدء من لوط عليه السلام و انتهاء بمحمد عليهم جميعا السلام ، رفعه جل و علا و هو الذي يرفع من يشاء لأنه هو سبحانه الحكيم العليم ثم وهب له إسحاق و يعقوب و هداهما و قد هدى نوح عليه السلام من قبل و إسحاق و يعقوب عليهما السلام و داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس و إسماعيل و اليسع و يونس و لوط و قد فضلهم الله جل و علا على العالمين فالذي يفضل هو الله جل و علا فقط و من أبائهم و ذرياتهم و إخوانهم و هو جل و علا الذي اجتباهم و هداهم إلى الصراط المستقيم لأن ذلك هو هدى الله جل و علا الذي يهدي به من يشاء من عباده و لكن و برغم كل هذا الاصطفاء فلو أشرك أحدهم لأحبط الله عمله فقد آتاهم الكتاب و الحكم و النبوة .

كل هؤلاء الأنبياء عليهم السلام أمر الله جل و علا خاتم أنبيائه أن يقتدي بهداهم حيث يقول جل و علا : ( فبهداهم اقتده ) .

و في الصبر أمره جل و علا أن يصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل فصبر عليه السلام لتبليغ هذه الرسالة العظيمة و تحمل الأذى الكبير من محاولات اغتيال و سب و شتم و تهجير إلى أن نصره ربه جل و علا بأن أكمل الرسالة كاملة غير منقوصة فما أعظم هذا النبي الذي بعثه ربه جل و علا بالقران رحمة للعالمين .

ثالثا : صحابة النبي محمد و صحابة إبراهيم عليه السلام :

الإيمان ليس بالأشخاص مهما بلغت مكانتهم فالإيمان بما أنزل الله جل و علا مع هؤلاء الذين اصطفاء أي الإيمان بالرسالات و قد أنزل الله جل و علا خاتم رسالاته و هو القران الكريم و كما وصفه بأنه النور الذي أنزل معه و قد فصّل الدكتور أحمد حفظه الله هذه الجزئية من خلال تبيان مصطلح ( نبي من النبأ ) .

صحابة الرسول محمد عليه السلام وصفهم الله جل و علا بـ ( الذين آمنوا ) و جاء وصف دقيق في مجال الإقتداء بصحابة إبراهيم عليه السلام نقرأ في سورة الممتحنة قول الله جل و علا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) هنا النهي عن اتخاذ أعداء الله ( أولياء ) لأن هؤلاء الصحابة كانوا يسرون إليهم بالمودة و هو جل و علا العليم يعلم ما يسرون به هؤلاء الصحابة و ما يخفون و إذا لم ينته هؤلاء الصحابة من هذه المودة فقد ضل سواء السبيل يقول سبحانه إكمالا للآية  : ( وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ )  و هنا سؤال يطرح نفسه : هل انتهوا أم لم ينتهوا ؟ و بالتالي فإن من لم ينتهي منهم فقد ضل سواء السبيل .

أعداء الله  لم يؤمنوا بالله جل و علا و لم يؤمنوا بالنور الذي أنزله مع خاتم أنبيائه عليه السلام و رفضوا الإسلام و حاولوا القضاء عليه من خلال استدراج المؤمنين للخروج من الإسلام مستقلين البعد التاريخي لهم و المكانة الاجتماعية في قريش و كل غايتهم من هذا الاستدراج هو ( الردة ) أي يردون المؤمنين عن الإسلام يقول جل و علا : (    إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) و من خلال هذا التنزيل العظيم يحذرهم الله جل و علا بلسان نبيه من مغبة تلك المودة ذلك أن من يؤمن بالله جل و علا و يتبع القران الكريم عليه أن يعمل بما جاء في هذا القران الكريم حتى و لو كان ذلك على حساب أرحامهم و أولادهم لأن الأرحام و الأولاد لن ينفعوهم يوم القيامة يقول سبحانه : ( لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .

ثم يبين الله جل و علا لهم ( لهؤلاء المؤمنين – صحابة رسول الله - ) أن يتأسوا بإبراهيم عليه السلام و صحابته و الذين لم يجعلوا من أهلهم و عشيرتهم ( أولياء ) من بعد ما تبين لهم الحق الذي جاء به إبراهيم عليه السلام فقد وقفوا وقفه صادقة مع أنفسهم و تبرأوا منهم و مما يعبدون و كفروا بهم و بما يعبدون و طبيعي جدا أن يحدث الفراق بينهم و ما يتمخض عنه هذا الفراق من عداوة و بغض و اشترطوا للعودة إليهم أن يؤمنوا كما آمن هم بالله جل و علا وحدة لا شريك له يقول سبحانه عن إبراهيم و صحابته في مثال رائع واجب الإقتداء : (  قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤاْ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) و بعد هذا الأمر فقد أصبح واضحا على صحابه رسول الله الاختيار أو ( التولي ) إما أن يكون مؤمنا بالقران الكريم و بكل ما جاء فيه خالصا لله عز و جل و بالتالي يلتزم بما جاء فيه و لا يوالي أعداء الله  أو لا فلا يوجد أنصاف الحلول هنا فالقرار قرار واحد ( إما ) أو ( إما ) و كلا له مطلق الحرية في الاختيار فليس للنبي محمد عليه السلام الحق في إجبار أي أحد أن لا يوالي من يريد لأن من يوالي أعداء الله فالله جل و علا هو الغني الحميد  لذا يقول الحق جل و علا : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )  و في لفتة رائعة و قمة في الأمل و التفاؤل لصحابه النبي عليه السلام يقول لهم : ( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) و لأن هذا الدين دين رحمة و سلام و دين حق فالله جل و علا لم ينهي صحابه رسول الله عن الذين لم يقاتلوهم و لم يخرجوهم من ديارهم أن يبروهم و يقسطوا إليهم حتى و لو كانوا غير مسلمين فالفيصل هنا هو الاعتداء لذا يقول سبحانه : (  لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) و لكن النهي كل النهي عن الذين قاتلوهم في الدين و أخرجوهم من ديارهم ظلما و عدوانا بل و ظاهروا على إخراجهم فكيف لمثل هؤلاء الأعداء أن يتم موالاتهم !! لذا فإن من يقوم من صحابه رسول الله بموالاة هؤلاء فهو من الظالمين يقول جل و علا : ( إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

هنا نرى الفارق الهائل بين صحابة إبراهيم عليه السلام الذين وقفوا وقفة صادقة مع أنفسهم و اتخذوا القرار بعدم موالاه أهلهم حبا في الله جل و علا و في دينه .

الباحث التأريخي يقرأ ما بين الآيات أحداثا ( قد ) تكون حدثت لاحقا و في سورة براءة الخبر اليقين .

 

 

 

          

 

اجمالي القراءات 10829