المقال السادس : الماء بين السماوات والأرض وفى هذه الدنيا وفى اليوم الآخر

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٨ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

المقال السادس : الماء بين السماوات والأرض وفى هذه الدنيا وفى اليوم الآخر   

 القرآن الكريم سبق العلم الحديث فى موضوع السماوات والأرض
لو تدبّر الغرب القرآن لتغير تاريخ العالم فى الرقى الحضارى والتقدم العلمى

مقدمة : تكررت الآيات القرآنية التى تتحدث عن نزول الماء من السماء ( وليس من السماوات ) أى من الغلاف الجوى . وتعرضنا لهذا من قبل . قد سبق القرآن الكيم الغرب فى كيفية انزال المطر . مكتوب مجلدات عن ( الماء ) فى العلم الحديث ، ومع ذلك ففى حديث القرآن الكريم ( الماء ) حقائق كبرى لم يدركها العلم الانسانى حتى الآن وحقائق أخرى سبقت العلم الحديث .  

أولا : حقائق قرآنية كبرى عن الماء لم يصل اليها العلم البشرى حتى الآن :

  الماء أصل الخلق والملكوت :

1 ـ عرش الرحمن هو ملكوته ، هو مخلوقاته من الأحياء والجمادات ، هو السماوات والأرض وما بينهما من كواكب ونجوم ومجرات . هو ما نعرفه وما نعرفه من المخلوقات والدواب ( التى تتحرك ) سواء من الأميبا أو من الملائكة .

(الماء ) هو أصل عرش الرحمن . قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)هود 7). علم البشر محصور فيما تدركه أجهزة البشر وحواس البشر . وهم وصلوا الى أن الماء عنصر ضرورى للحياة فيما يرونه وفيما يعرفونه ، ولكن الله جل وعلا يخبرنا أن الأمر أعظم من ذلك ، فالسماوات والأرض أصلها الماء . بالتالى ، فهناك أنواع لا نعرفها من الماء فى العوالم الأخرى التى خلقها ( رب العالمين ) .

2 ـ وليس هذا مستغربا فهناك أنواع من الماء غير الماء الذى نعرفه . فنحن نعرف الآن : ( الماء الثقيل (ويسمى أيضًا أكسيد الديوتريوم أو D2O). ) ، وهو ماء يحتوي على نظير ثقيل من الهيدروجين يسمى ديوتريوم رمزه الكيميائيD بدلاً من الهيدروجين العادي. وتبلغ كتلة ذرة الديوتريوم حوالي ضعف كتلة ذرة  الهيدروجين العادي.وقديما إكتشف جابر بن حيان ( ماء النار) ، وهو  مصطلح كان يستخدم للإشارة إلى حمض النيتريك HNO3.  ، وله قدرة على إذابة المعادن المختلفة بما فيها الفضة . ثم هناك ( الماء الملكى ) ، وهو مزيج من حمض النيتريك وحمض الهيدروكلوريك ، يذيب البلاتين والذهب . إذا كان هذا فى عالمنا المادى ، فيجب التسليم بأنواع من الماء فى العوالم الأخرى ، التى تعيش فى برازخ أخرى ، أو فيما اصبح معرفا بالأكوان الموازية . السبب بسيط ، هو أن الماء أصل الحياة .

الماء أصل الحياة

1 ـ قال جل وعلا  : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ ) الانبياء 30 ). حقيقة أن الله جل وعلا ( جعل من الماء كل شىء حى ) أتت مباشرة بعد الانفجار الذى إنبثق منه خلق السماوات والأرض ،  وإذا كان الماء هو أصل الحياة فى الأرض فهو أيضا أصل الحياة فى السماوات مع إختلاف نوعيات الماء تبعا لاختلاف أرضنا المادية عن برازخها الست وعن برازخ السماوية السبع . لا يضير هنا عجزنا عن رؤية مخلوقات السماوات من ملائكة الملأ الأعلى ، ورؤية الجن والملائكة والشياطين فى برازخ الأرض الستة . وكلها مخلوقة من ماء، أى نوعيات من الماء تناسب الكون الذى تعيش فيه . الانسان مخلوق من ( مادة ) طين مع ماء مناسب للطين ، والجن مخلوق من ( طاقة ) : نار ، وماء خلقه الله جل وعلا  من نار ، قال جل وعلا : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)  الحجر )( خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)  الرحمن  ) . وابليس مخلوق من طاقة ( نار ) ولذا إستكبر أن يسجد لآدم المخلوق من ( طين ) مادى ، أقل شأنا فى تصوره من النار ، فقال فى تعليل رفضه السجود لآدم : (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) الاعراف ) (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) ص )

2 ـ وقال جل وعلا : ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ) . مصطلح ( دابة ) تعرضنا له فى باب القاموس القرآنى ، وهم يدل على الكائن الحى الذى ( يدبُّ ) أو يتحرك بإرادة مقصودة. وبالتالى فهذا وصف ينطبق على الأحياء فى العوالم الأخرى . ونقرأ بعدها: ( فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ  ) هذا وصف لما نعرف من حيوانات البر والبحر والبشر والبرمائيات . ولكن هناك أحياء لا ندرك كيفية ومدى حركتها ، لأن هذا يخرج عن أفهامنا ، لذا يقول جل وعلا فى ختام الآية الكريمة :( يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) النور 45 )

الماء القادم فى البعث : إحياء الموتى :

1 ـ قال جل وعلا  :  ( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن  كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ ) هنا إشارة عن دور الرياح فى المطر بالسحاب المعبأ ببخار الماء ، فإذا ثقلت حولته نزل ماؤه مطرا . يقول جل وعلا بعدها : ( كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )الاعراف 57 )، أى بنفس الطريقة سيتم البعث ولكن بماء آخر .

2 ـ ويتكرر هذا فى قوله جل وعلا : (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ) الزخرف 11 ). ( أنشرنا ) أى أحيينا . (بلدة ميتا )، أى أرضا عطشى بلا زرع. ( كذلك تخرجون ) أى تبعثون .  

3 ـ وقال جل وعلا :(وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) ق ) . كذلك الخروج ، اى كذلك يكون الخروج من المقابر ( البرزخية ) .!

الماء فى الآخرة

1 ـ الماء سبب فى حياتنا الدنيا ، ثم يكون سببا فى البعث يوم القيامة . وسيكون ايضا سببا فى الخلود فى الجنة أو النار . ستمتد به الحياة فى خلود النعيم فى الجنة لأصحاب الجنة . وستمتد به الحياة فى خلود العذاب لأصحاب الجحيم . وكما للماء دورة فى هذا الكوكب الأرضى الفانى يستمر بلا نقصان ، فكذلك ستكون له دورة أبدية خالدة لا تنقطع ، فى نعيم الجنة الخالد أو عذاب جهنم الأبدى . ماء خالد للنعيم وماء خالد لعذاب الجحيم .!

2 ـ يصف الله جل وعلا ماء النار بالحميم ،قال جل وعلا  : ( لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) الانعام  ) ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) يونس ) .

 ووصف رب العزة جل وعلا آلية تعذيبهم : فماء الحميم يتم صبه فوق رءوسهم فتصهرها وتنزل الى بطونهم وجلودهم فتصهرها أيضا : ( يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) الحج ) . وماء الحميم مادة حارقة وتساعد أيضا على الاشتعال ، فيؤخذون الى منبع الحميم ، فتنصب عليهم حميمها ، ثم يلقى بهم فى قعر النار ليتم سجرهم وصهرهم فيها ، يقول جل وعلا : ( إِذْ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) غافر ) ويظلون فى هذه الدائرة الجهنمية بين ماء النار والنار ، يطوفون بينهما ، قال جل وعلا : ( هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) الرحمن )

ويتفاعل هذا مع اكلهم طعام الزقوم الذى يغلى فى بطونهم ، يأكلون منه ثم يشربون عليه الحميم ، قال جل وعلا : ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) الدخان  ) ( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) الواقعة )

أى هم فى أنواع متنوعة من النار ، وإذا استغاثوا يأتيهم الغوث بماء آخر ملتهب ، أو نار سائلة تشوى وجوههم ، وهم فى كذلك لا يخرجون منها ، قال جل وعلا : ( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوابِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف 29 )

وهم فى هذا العذاب كلما نضجت جلودهم يتم إبدالها بجلود أخرى ليذوقوا العذاب ، قال جل وعلا: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)  النساء ). يبدو أن هذا الاستبدال يتم بأنهم يبتلعون الصديد الذى يخرج منهم ـ يبتلعونه رغما عنهم ، فتنبت به أجسادهم ، وبهذا يأتيهم الموت ولا يموتون ، قال جل وعلا :( وَيُسْقَىٰ مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ  يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) ابراهيم 16  : 17)

3 ـ وعن شراب أهل الجنة قال جل وعلا  : (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ  وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ ۖ ) ثم تأتى المقارنة بأهل النار : ( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) محمد 15 ). لذا ينادى أصحاب النار أصحاب الجنة يرجون ماءهم : (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِين ) الاعراف 50 )

ثانيا : حقائق قرآنية كبرى عن الماء سبقت العلم البشرى

 عن خلق الانسان

عنه جاءت آيات قرآنية سبقت العلم الغربى . قال جل وعلا :( ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ )السجدة 8 )، وقال جل وعلا:(أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ) المرسلات 20 )( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) الفرقان 54 )،

 مصدر الماء :

عن دوره فى إحياء الأرض : قال جل وعلا  : ( وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ  ) النحل 65 ). وللماء مصدران :

1 ـ الغلاف الجوى ( السماء ) قال جل وعلا  : ، (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ) النبأ 14 ) ( المعصرات ) السحب التى تعصر الماء . ( ثجاجا ) أى ماء مصبوب بتتابع , وقال جل وعلا  : ، (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68 ) أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70)) الواقعة  ) المزن اى السحاب الممطر . قال جل وعلا  : ، (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ  ) الزخرف 11 )

2 ـ باطن الأرض . وعنها قال جل وعلا :(وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) النازعات )، وعن الحجارة قال جل وعلا  : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ) البقرة 74  ) . ومن الممكن أن يغور الماء فى باطن الأرض فلا يصل اليه البشر،قال جل وعلا : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ ) الملك 30 )، وقال الرجل المؤمن لصاحبه المغرور بجنته : (فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ) الكهف 40 : 41 )

3 ـ فى طوفان نوح إلتقى ماء السماء بماء الأرض، قال جل وعلا :( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) القمر 11 : 12 ) ، وبعده عاد كل شىء الى أصله ، قال جل وعلا:( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ ) هود 43 : 44 ).

وصف الماء.

العرب عندما رأوا مدن مصر إستعملوا كلمة ( مصر ) بمعنى البلد ، ورأوا نهر الفرات ، أول نهر يرونه فوصفوا الماء العذب بالفرات، ونزل القرآن بلسان العرب،قال جل وعلا :  ( وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا  ) المرسلات 27 ). ووصف رب العزة ماء المطر بأنه طهور .قال جل وعلا  : (  وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) الفرقان 48 )، وبأنه مبارك ، قال جل وعلا : (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) ق 9 )

ماء البحار والأنهار

1 ـ مخازن الماء الظاهرة فى الكرة الأرضية تتمثل فى البحار والأنهار ، وقد سخرهما رب العزة للإنسان يبحر فيهما بسفنه ، ويأكل من أحيائهما لحما طريا ويستخرج منهما الدرر، قال جل وعلا : (  اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي  الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ  )ابراهيم 32 ) (  وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)النحل:14 )

2 ـ وعن إختلاف نوعية الماء بين البحر والنهر قال جل وعلا :(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فاطر:12 )

3 ـ ولا يمكن أن يمتزج ماء النهر بماء البحر ، قال جل وعلا :( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ (20) الرحمن )( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (53) الفرقان  )

الميزان والتقدير

1 ـ رب العزة الخالق جل وعلا خلق كل شىء بتقدير دقيق ونظام بديع ، قال جل وعلا : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) القمر)(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2) الفرقان )

2 ـ يسرى هذا على الأرض وكرويتها والنباتات الموزونة فيها ، وما ينزل الى الأرض بمقدار معلوم ، قال جل وعلا ( وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) الحجر ).

3 ـ الماء الذى ينزل من الغلاف الجوى هو بميزان وتقدير ، وبميزان دقيق  يتبخر بعضه ، ويهبط البعض الى الأرض ، قال جل وعلا : (  وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) ) المؤمنون )(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) ) الزخرف ).

4 ـ وفى النهاية فكل إنسان مقدر له ما يستهلكه فى حياته من طعام وشراب ، وما يخرج منه من بول وغائط وتنفس . ثم يموت ، فتعود جثته لتتحلل فى الأرض ، وما يخرج من جثته من عناصر طبيعية وبخار ماء محسوب أيضا . وكل ذلك فى كتاب إلاهى حفيظ . قال رب العزة جل وعلا : (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) ق ).

أخيرا :

نؤكد دائما أن القرآن الكريم ليس كتابا فى العلم أو فى القصص ، بل هو كتاب فى الهداية ، وتأتى فيه إشارات علمية فى سياق الدعوة للهداية ، لتكون آيات لقوم يعقلون . إقرأ قوله جل وعلا : : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة: 164 ) .

ودائما : صدق الله العظيم .  

اجمالي القراءات 7795