الجزء الثالث ( السماوات و الأرض )
الجزء الثالث ( السماوات و الأرض )

أسامة قفيشة في الأربعاء ١٧ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الجزء الثالث ( السماوات و الأرض )

جبال السماء   

الكل منا يعلم ما هي الجبال , و ما هو المقصود بها , و لكن من خلال تدبري لكلام الله جل وعلا تبين لي بأن الجبال نوعان ,

النوع الأول هو جبال الأرض :

هي تلك الجبال الأرضية التي تعلو سطح الأرض و التي تشكل تضاريس سطحها و هي جزء منها , و الآيات التي تتحدث عنها كثيرة , و لكن هناك نوعٌ آخر من الجبال يعرف بجبال السماء و هذا ما سنتعرف علية و نتطرق له في هذا المقال .

النوع الثاني هو جبال السماء :

و هي تلك الجبال من السحابِ و الغيوم , يطلِق المولى جل وعلا عليها جبالاً , و هي موضع بحثي هذا و الآيات التي تتحدث عن تلك الجبال و تقصدها هي كثيرةٌ أيضاً , و سأحاول قدر المستطاع التطرق لها جميعاً , سائلاً المولى جل و علا الهداية و السداد و عليه الاتكال .

يقول جل وعلا ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ ) 43 النور ,

فقوله سبحانه هنا صريحٌ و واضح ( مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا ) أي جبال السماء و هي تلك الغيوم التراكمية .

و قال جل وعلا ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) 27 فاطر ,

و هنا نلاحظ أن هذه الآية تتحدث عن الماء و نزوله من السماء , و تلك الجبال السماوية هي التي تحمل تلك الذرّات , و هنا أؤكد على ذرّات الماء و ليس الماء , لأن تلك الغيوم هي مجموعات من السحب و كما نعلم بأن كل ذرة من الذرّات هي في حد ذاتها سحابة من الشحنات ,

كما يبين لنا سبحانه و تعالى أنواع تلك الغيوم ( الجبال ) و يوضح لنا صفة و شكل كل منها :

النوع الأول ( جدد بيض ) , و سمّها العليم جدد أي قطع و بين لنا بأنها بيضاء , و هذا ما نراه حقيقةً و واقعاً لتلك السحب البيضاء .

النوع الثاني ( حمر مختلف ألوانها ) , فوصفها العليم بقوله مختلف ألوانها , و هو تلك السحب التي تكتسب اللون الأحمر التي نراها بعيننا بسبب انكسار أشعة الشمس في تلك الذرات , و هذا يحدث عند شروق الشمس و عند الغروب , و قال سبحانه في وصفها مختلف ألوانها كوننا نرى هذا اللون متدرجاً بدرجات مختلفة من الأصفر إلى الأحمر .

النوع الثالث ( غرابيب سود ) , و هنا وصفها العليم بالسواد حيث أن الغربيب هو اللون الحالك القاتم المظلم , أي تدرج اللون الأسود بين حالك و قاتم و مظلم .

في هذا المقال سأذكر فيه الآيات التي تتطرق لجبال السماء مع فرزها دون التطرق لتوضيحها أو بيانها , تاركاً هذا التوضيح للمقال اللاحق بعون الله جل وعلا ,

أولاً :

الآيات التي تتحدث عن تسير الجبال بمعنى حركتها من سيرٍ و جريان , فهي تخص جبال السماء لا جبال الأرض , لأن جبال الأرض جامدة لا تتحرك فهي ثابتة و راسية و من تلك الآيات قوله جل وعلا :

( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) 88 النمل ,

 ( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ) 42 هود ,

ثانياً :

الآيات التي تتحدث عن تسير الجبال بمعنى ذهابها و تلاشيها , فهي تشمل النوعين من الجبال ( جبال الأرض و جبال السماء معاً ) و تلك الآيات هي :

( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) 47 الكهف ,

(وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) 31 الرعد ,

( وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ) 10 الطور ,

( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ) 20 النبأ ,

( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ) 3 التكوير ,

ثالثاً :

و الآيات التي تتحدث عن جبال السماء و تخصها فهي :

( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) 9 المعارج ,

( يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا ) 14 المزمل ,

( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) 5 القارعة ,

رابعاً :

الآيات التي تختص بداوود و سليمان عليهما السلام و هي :

( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ) 18 ص ,

( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) 79 الأنبياء ,

( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) 10 سبأ ,

خامساً :

الآيات التي أرجحها بشكل شخصي و أتوقع أن يكون المقصود بها جبال السماء فهي :

( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) 72 الأحزاب ,

( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ) 37 الإسراء ,

و توضيح تلك الآيات كلها سيأتي في الجزء الرابع من هذه السلسة إن شاء الله .

 

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا

سبحانك إني كنت من الظالمين 

اجمالي القراءات 7751