افاق الاعلام السمعي البصري في اطار مشروع الجهوية المتقدمة؟

مهدي مالك في السبت ١٣ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 افاق الاعلام السمعي البصري في اطار مشروع الجهوية المتقدمة؟

مقدمة  

                                                                         سبق لي كتابة مقال حول هذا الموضوع في صيف 2012 اي مع بداية حكومة الاستاذ عبد الاه بنكران حيث قلت انذاك ان من الملاحظ  في النقاش العمومي حول قانون القطب العمومي الجديد الذي سيدخل الى حيز التنفيذ في فاتح شتنبر القادم ان هذا الاخير أي النقاش العمومي لم يلامس بشكل عميق عدة قضايا ذات اهمية قصوى في مستقبل المغرب السياسي مثل افاق الاعلام السمعي البصري في اطار مشروع الجهوية المتقدمة الذي سيرى النور ربما بعد الانتخابات الجماعية و المقررة في العام المقبل  .

و قلت وقتها في ذلك المقال ان فلسفة الجهوية المتقدمة حسب رايي المتواضع تهدف  الى القطع النهائي مع سياسات المركزية المفرطة التي أدت الى النتائج المعروفة لدى الجميع حيث لا احد يستطيع الان ان يتجاهل حالة تهميش جهات بعينها على مختلف الاصعدة و المستويات طوال اكثر من 50 من الاستقلال حيث ان الملك محمد السادس ادرك ان الجهوية المتقدمة لا مناص منها لجبر الضرر الجماعي لهذه الجهات التي عاشت في خانة النسيان التام.

ان  هذه الجهات خرجت عن صمتها و اخذت تطالب بحقوقها المشروعة في التنمية و رد الاعتبار لثقافتها المحلية و ادماجها في سياساتها الجهوية الخ..

و كما لا احد يستطيع الان ان يتجاهل وجود بعض الجهات المحظوظة و المتواجدة في محور الرباط الدار البيضاء فاس  بحكم تولي ابناءها مناصب مهمة في الدولة منذ سنة 1956 ..

اذن مشروع الجهوية المتقدمة سيجلب منافع كثيرة للجهات المغربية بشكل يضمن المساواة و الاستقلالية عن حكومة المركز كما هو الحال بالنسبة للدول الديمقراطية كالولايات المتحدة الامريكية و بلجيكا و المملكة الاسبانية الخ من هذه النماذج و كما نتوفر على تاريخ طويل من استقلال بعض الجهات عن السلطة المركزية مثل جهة الريف في عهد امير عبد الكريم الخطابي او جمهورية الريف كتاريخ لا يمكننا تجاهله اليوم في مرحلة قراءة المغرب قراءة حقيقية بعيدا عن نظرية التقسيم و التفرقة التي اعتمدت عليها دولة العهد السابق بمعنى ان الجهوية المتقدمة ستكون ورش كبير لاعادة توزيع عادل للثورة و للقيم كما قلته في ذلك المقال .

غير اننا في ماي 2017  لم نشعر بعد بنتائج هذه الجهوية المقدمة الايجابية على كافة مستويات حياتنا العامة الخ حيث ان جهة سوس ماسة طاطا حسب التقسيم الجهوي الجديد لها من مقومات هائلة تؤهلها ان تكون نموذجا للتنمية الجهوية على الصعيد الوطني فهذه الجهة تتوفر على رصيد طبيعي و ثقافي عريق في التاريخ حيث كان من المفروض على الاعلام الوطني منذ سنة 1956 الاهتمام بهذا الرصيد الغني.....

 غير ان السلطة ابان الاستقلال الشكلي كما اسميه و  سماه المرحوم عبد الكريم الخطابي اعتمدت المركزية الفاسية في كل شيء ..

انني اعتبر ان وجود مختلف وسائل الاعلام في الجهة تكتسي اهمية كبرى في التنمية المحلية و قيمة مضافة لنشر الثقافة المحلية من خلال الفن و التقاليد الخ حيث نحن في جهة سوس مثلا نتوفر على اعلام جهوي  من قبيل الجرائد مثل البلاد الجديدة و مشاهد و الانبعاث و نبض المجتمع و مجلة ادليس الخ من هذه التجارب التي حاولت ان تكون منبر لتحليل احداث الجهة السياسية و الثقافية و كذا التاريخية .

 و كما نتوفر على المواقع الاخبارية في المستوى مثل موقع هبة  سوس و موقع سوس بلوس و موقع ازول الخ من هذه التجارب الناجحة في ايصال رسالة النخبة الواعية من ابناء هذه الجهة الى العالم  .

و على المستوى الاداعي فنحن نعتز أيما الاعتزاز باقدم اذاعة جهوية في جهتنا العزيزة الا و هي اذاعة اكادير الجهوية التي اعطت الشيء الكثير لجهتنا كتاريخ و كثقافة امازيغية و كتنمية بشرية قبل  انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عام 2005 من خلال مجهودات الطاقم الاذاعي لتقريب الشان المحلي من المستمع بلغته الامازيغية و باللغة العربية كذلك .

و كما ان اذاعة اكادير الجهوية كانت قد تحررت نوع ما من خطاب التخلف القروي كما اسميه منذ اواسط التسعينات عبر برامج ذا صدى على الصعيد الوطني مثل برنامج تاوسنا تامزيغت الذي يقدمه الاستاذ محمد اكوناض حيث ان هذا البرنامج كان اول برنامج اذاعي يهتم بالثقافة الامازيغية على صعيد الاذاعة الامازيغية منذ تاسيسها سنة 1938 طبعا حسب علمي المتواضع لانني بدات الاستماع الى اذاعة اكادير سنة 1993 اي في عز طفولتي ...

   و هذا باختصار شديد رايي في اذاعة اكادير الجهوية الى حين كتابة مقال اخر في  فرصة قادمة.

اننا نعتز أيما الاعتزاز باذاعة راديو بلوس الخاصة التي انطلقت منذ  دجنبر 2006 كاول اذاعة خاصة في عاصمة سوس اكادير حيث انها تستحق منا فائق التقدير و الاحترام باعتبارها منبر القرب و منبر الثقافة الامازيغية بمفهومها التقليدي و العصري على حد السواء.

 و تعتبر هذه الاذاعة الجميلة مدرسة استطاعت انتاج وجوه جديدة في الساحة الفنية الامازيغية مثل الرايسة الشابة فاطمة تاشتوكت التي اصبحت نجمة في سماء فن الروايس الان  مثل الرايسة الشابة كبيرة تاباعمرانت التي تخطو على خطى الرايسة الكبيرة فاطمة تاباعمرانت الخ و هذا باختصار شديد رايي في اذاعة راديو بلوس الى حين كتابة مقال اخر في اقرب مناسبة .

و طبعا هناك اذاعة ف م سوس الخاصة تعمل مجهودات جد متواضعة حسب رايي المتواضع حيث منذ سنوات كنت استمع للفترة الصباحية التي يقدمها صحفي لا داعي لذكر اسمه باعتباره معروف على الساحة الاعلامية و السياسية  حيث انني احترمه الا ان هذا الاخير كان يقدم تنشيط سطحي و هابط بعقول الناس الى مستوى أدنى من  المعرفة و الثقافة  المسؤولية الخ من اسس التنشيط الرفيع و الاخذ  بعين الاعتبار ثقافتنا الامازيغية عوض وضعها في خانة الضحك و  خانة الدونية كانها مازالت تعيش في ثمانينات القرن الماضي .

غير انني اعترف ان هذا الصحفي المحترم يقدم الان  برنامج  وصل صوتك الخاص بمشاكل المواطنين مع الشان العام بالامازيغية و بالدارجة حيث نال اعجابي باعتباره يعري عن معانات الناس مع الادارات العمومية و مع  تاخير انجاز بعض  مشاريع التنمية البشرية و خصوصا في العالم القروي كالطرق و المستشفيات الخ.

أما على صعيد الاعلام البصري في جهتنا فالدولة المغربية قد انطلقت في سياسة تحرير قطاع السمعي البصري منذ سنة 2006 حيث ظهرت مجموعة من الاذاعات الخاصة و قناة تلفزيونية وحيدة في مدينة طنجة بخلفية مشرقية واضحة للعيان اي اعتقد ان بعض الاطراف داخل المخزن التقليدي مازالوا يخافون من تحرير الاعلام البصري لعدة اسباب تتعلق بفكر الحركة الوطنية الاحادي تجاه العديد من الامور من قبيل تاريخنا و هويتنا الاسلامية المغربية ...........

 ان جارتنا الشرقية الجزائر لها ما يقارب من 50 قناة تلفزيونية خاصة او تابعة للنظام الجزائري حيث هذا يهمني على الاطلاق لان المغرب هو بلد اكثر ديمقراطية من الجزائر الشقيقة حسب اعتقادي المتواضع .....

ان تحرير القطاع البصري اصبح رهان مطروح على الحكومة الحالية لان لا يمكن التحدث عن  تفعيل الجهوية الموسعة اعلاميا دون تاسييس القنوات التلفزيونية الجهوية  لكن الواقع يقول ان القناة الاولى ربما ستعيد بث النشرة الجهوية كتجربة كانت في فترة التسعينات لكنها لم تعطي ثمارها المنشودة بحكم المقاربة الامنية  السائدة انذاك في تعامل مع المغرب الغير النافع  كجهة الريف و جهة الاطلس المتوسط و جهة سوس و جهة الجنوب الشرقي  ...

ان من المفروض اليوم ان نرى تلفزة جهوية على كافة عواصم جهات المغرب على غرار الاذاعات الجهوية التي انطلقت منذ عقود طويلة قصد تحقيق اهداف السلطة في تلك المرحلة مثل خدمة الدولة و نشر شعاراتها الاحادية على المستوى المحلي.

 ان المغرب اليوم قد دشن الورش الدستوري و الداعي الى الجهوية بمعناها الحقيقي على كل المستويات و الاصعدة دون اية مخاوف او سيادة المركزية المفرطة التي ادت الى مشاكل كبرى لا مجال لاستحضارها في هذا المقام لكن من المؤكد الان ضرورة انطلاق هذه التلفزات الجهوية على غرار قناة العيون الجهوية التي انطلقت منذ سنة 2005  .

و كما ننتظر الجيل الثالث من تحرير قطاع السمعي البصري حيث نريد قنوات تلفزيونية خاصة تعطي الاولوية للهوية المغربية بكل مكوناتها و تعطي الاولوية لمشاكل الشان المحلي و للتاريخ المحلي  ....

المهدي مالك

 

 

     

اجمالي القراءات 7635