المهدي المنتظر وعلي الزيبق

سامح عسكر في الإثنين ٠٨ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

في زمن الأمويين ظن الناس أنهم في آخر الزمان

فتعدد ظهور المهدي المنتظر بينهم لينشر العدل كما شاع الجور والظلم، ولكي يوحد الناس تحت راية الإسلام..ويكسر الصليب ويقتل الخنزير (ومش فاهم الخنزير ذنبه إيه..!)

نفس الشئ حدث مع الناس في عصور العباسيين والمماليك والعثمانيين، وأخيرا في حرب فلسطين وحادثة المسجد الحرام (جهيمان العتيبي) 1979 وحتى الآن يظهر كل فترة مهدي منتظر في مهزلة فكرية ومسرحية غاية في السخافة..

عصر العثمانيين بالذات كان المسلمون يعتقدون فيه أن نهاية تركيا تعني (نهاية الإسلام) وانتشر التعصب للأتراك..فنصروا الدولة العثمانية في كل حروبها وغزواتها، وتمسكوا بها 600 عام ، حتى اعتبر إن زمن العثمانيين كان أكثر العصور التي انتشرت فيها المهدوية..

اللي ما شافش مسلسل (علي الزيبق) يشوفه ويلاحظ إن قصة الزيبق ليست فقط مبنية على التخلص من سنقر الكلبي والمقدم دليلة وفسادهم وظلمهم، ولكن أيضا لنصرة العثمانيين ضد الصفويين اللي المؤلف صور المعركة بينهم على إنها صراع بين (الإسلام والمجوسية) وليست صراع (سياسي على الغنائم) واللي انتهت بإن الزيبق أصبح بطل شعبي أسطوري خلص العالم من ظلم الكلبي ومن خطر الزندقة في آن واحد، وامتزج الدين بالسياسة بشكل غريب، حتى وصلت مكانة الزيبق عند المصريين إلى مكانة المهدي ، وهو دا الهدف من فكرة (المخلص)

نفس الشئ كان منتشر في العراق والشام..الكل يظن أن العثمانية تعني الإسلام..يعني جنة ونار، فإذا ظهر مهدي لم يكن ضد العثمانية بل معها، وفي نطاق محلي ضيق للغاية، وهذه سطوة الحكم الديني لها مفعول السحر في النفوس، في البداية يكون صراع عادي على السلطة، حتى إذا تمكن الحكم الديني وربط الناس بين الخليفة والدين وقتها يكتسب السلطان كل صفات الإله، وأصبح الخروج عليه يماثل الكفر البواح..وهنا منشأ قصة المهدي ومخلص آخر الزمان

طبيعي لما يحكم فرد ويستبد بالسلطة يظهر معارضين يدافعون عن مصالحهم، ولأن السلطان هو نفسه إله يقوم بقتلهم بعد تكفيرهم وشيطنتهم، حدث ذلك مع اليهود فاعتقدوا بالمخلص الذي ينشر العدل بعد شيوع الظلم، نفس الشئ حدث مع المسيحيين والشيعة والسنة، بل إن الجماعات الإسلامية نفسها اعتقدت فترة من الفترات إن نهاية ظلمهم ستكون بظهور المهدي..

كل هذه المعتقدات الخاطئة تنسفها العلمانية، لأنها تفصل فورا بين السلطة والدين، وتضع الحاكم في موضعه الحقيقي، وتصل فكرة السياسة الحقيقية للناس، مجرد مصالح، فإذا استبد الحاكم توجد ألف طريقة لمقاومته ، بخلاف الحكم الديني فلا توجد غير طريقة واحدة للثورة عليه وهي (تكفيره) وقتها سيقف معه أغلب الكهنة ويدور صراع مرير خسائره عظيمة..

مع العلمانية تكون فكرة المخلص حمقاء للغاية ويضيع معها التواكل ، فقط حاول تكلم شخص أوروبي أو أمريكي أو صيني وياباني عن المخلص أو المهدي المنتظر..وقتها يتهمك (بالجنون) فهو يدرك أن التخلص من الظلم سهل في ظل العلمانية..بينما لا يتوافر ذلك في المجتمعات التي ينتشر فيها الحكم الديني، أو تتحالف فيها السلطة مع الشيوخ

اجمالي القراءات 9013