السمعة القاتمة للمؤمنين القرآنيـين
في سبيل إنصاف المحكم من الآيات.

يحي فوزي نشاشبي في السبت ١٥ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم  الله  الرحمن الرحيم

******* 

في  سبيل  إنصاف  المحكم  من الآيات.

 

أتصور أن كل من يتأمل سورة التوبة ويحاول تدبرها يتعرض إلى محطات عديدة تستدعيه إلى فترة توقف، وإلى مزيد من تدبر ومحاولة تعمق في المقصود ؟ بل وتستدرجه تساؤلاته شيئا فشيئا، وتسافر به بعيدا،ً ولا يقوى إلا أن ينساق وراءها دون أدنى مقاومة ! إلى أن يبلغ محطة أخرى، وقد تزاحمت في رأسه تساؤلات أخرى وتصارعت! ويجمع كل ما أوتي من شجاعة وإنصاف وعدل، وثقة، ليقرّ بأن هذا الحديث هو فعلا منزل من لدن خالق عظيم عزيز حكيم، وأنه كتاب لا ريب فيه، وأنه أحسن الحديث، وأن آياته محكمات، بينات، ومبينات، وأنه لو كان من عند غير الله لاصطدم  باختلاف كثير.

ومع ذلك، فإن هذا المتدبر سيشعر حتما بحاجة ماسة إلى ما يريح قلبه ويزيده اطمئنانا. ومن بين التساؤلات أو التوقعات، أن ما اتسم به العالم في  أي عهد مضى، ويتسم به في الوقت الراهن من اختلال غريب وتجاذب مخيف، يرجع بعضه إلى القصور الذي أصاب الأغبية الساحقة من الذين ءامنوا من أهل الكتاب، سواء: التوراتيين، أو الإنجيليـين، أو القرآنيين، قصور أصابهم في الصميم، في فهم المقاصد الصحيحة في الآيات القرآنية  التالية في سـورة التوبة؟ وهي الآيات رقم : 1+4+5+6+7+10+11+12:

( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ).التوبة الآية1.

( إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم  لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى  يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه ذلك بأنـهم  قوم  لا يعلمون كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام  فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين). التوبة الآيات: 4+5+6+7 .

( لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم  لعلهم ينتهون ). التوبة :  الآيات: 10+11+12.

01) ومن يتلو هذه الآيات بتمعن، وغيرها، ألا يستولي عليه شعور ملح مطالب بفسح المجال إلى تنسيق، وتوافق، وتبيين، وإلى إنصاف المحكم والذود عنه ونصرة  مقاصده، وإبعاد كيد المتشابه وأغراضه ؟

02) (...فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ). فما هو العمل؟ والتصرف ؟ إزاء الذين لم يعتدوا أو توقفوا  عن أي اعتداء، وإن هم لم يتوبوا ولم يقيموا الصلاة  ولم  يؤتوا الزكاة ؟؟.

فأين الحرية ؟ وما محلها ؟ وأين المقصد من: (... من شاء فليؤمن ومن شاء  فليكفر... ) ؟. سورة الكهف الآية رقم 29.

03) والآيتان التاليتان ؟ أين توظفان ؟ ( .. وإن جنحوا للسلم  فاجنح  لها وتوكل على الله إنه هو السميع  العليم وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين .) سورة الأنفال : 61+62.

وهكذا يتعرض المتدبر المبتدئ إلى نوع من دوار وتأرجح من... إلى... ، فيشد  أذنه تساؤل آخر قائلا:

- إذا كان المتصور هو أن الأغلبية الساحقة من المؤمنين القرآنيين ما زالوا - وإلى عصرنا هذا- يعانون من فقر مدقع في فهم وهضم المقاصد الحقيقية من هذه الآيات وأمثالها؟ فكيف يتسنى لهم أن ينجوا من التصرفات المناقضة  تماما  للمقاصد ؟

04) ومن جهة أخرى، ألا يكون أولئك المؤمنون من غير القرآنيين، أي من أهل الكتابين: التوراة، والإنجيل، ألا يكونون هم أيضا مصابين بفقر مدقع في فهم المقاصد الحقيقية من أحسن الحديث المنزل؟ لاسيما وهم يسمعون ويرون ويشهدون مواقف وتصرفات المؤمنين القرآنيين التي كانت وما زالت ذات لغة وأسلوب بليغ موثوق، في أنهم أهل كل ما في كلمة عنف وإرهاب وسطو وتخريب  وطغيان وغرور من معنى؟

05) وإذا كان هذا التصور وهذا الفهم واقعا فارضا نفسه، ألا تكون هذه الآيات القرآنية وغيرها في حاجة ماسة إلى مثيلاتها من تلك البينات المبينات؟  حتى يفاجأ العالم بإذن الله إلى اعتبار واحترام تلك الأمة التي هي أو المفروض أن  تكون هي ( ... خير أمة  أخرجت للناس ... ؟). سورة آل عمران – الآية110 -  

06) والرأي المتواضع أن الحكمة هي في التصدي من أهل الكفاءة،لإنصاف  المحكم من الآيات، حتى  تسود، وتتطهر النفوس والمفاهيم والإعتقادات مما  اصابها من تلوث، وحتى تتداعى الأصنام المندسة هنا وهناك، في كل الثنايا، ابتداء  مما  تحتوي عليه  دفتا  تلك المنعوتة  بالصحاح.

 

********  

اجمالي القراءات 8005