نداء الى الرئيس دونالد ترامب

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٠ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نداء الى الرئيس دونالد ترامب

كمواطن أمريكى مخلص لبلده أمريكا ، أقول :

1 ـ رفع الرئيس ترامب شعارين ( جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى : Make America great again) ( المحافظة على الأمن الأمريكى : Keep America safe) . ولا شك فى إخلاصه . ولكن بعض سياساته لا تُسهم فى تحقيق هذين الشعارين .

2 ـ الرئيس اوباما لم يجعل أمريكا عظيمة عندما إنحنى للملك السعودى عبد الله ، ولم يجعلها عظيمة عندما سمح للسعوديين بإهانته فى مطار الرياض ، ولم يجد فيه إستقبالا يليق بأمريكا . جاء الرئيس ترامب بشخصية مختلفة؛ بدا فظّا فى كلامه عن السعودية فأخافهم ، واخاف بقية المستبدين العربى . وظهر هذا فى إستقباله للملك الأردنى وولى ولى العهد السعودى . ويبدو أنه بأوامر منه بدأ حل الخلاف بين السيسى المصرى وسلمان السعودى فيما يخص جزيرتى تيران وصنافير وعودة البترول السعودى الى مصر . فى هذا يمكن القول بأن الرئيس ترامب مارس سلطته الآمرة على السيسى وسلمان . وننتظر المّضى فى هذه السياسة لتخدم السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط .

3 ـ السياسة الأمريكية ــ كما ينبغى أن تكون ـ هى أن تكون أمريكا فى الخارج قائدة فعليا للعالم الحُرّ وراعية لحقوق الشعوب ، يتطلع اليها دُعاة الحرية والديمقراطية ينتظرون إنقاذهم من تعذيب المستبدين وقهرهم . هذه السياسة الأمريكية الخارجية تُسهم فى جعل أمريكا عظيمة فعلا ، كما أنها ايضا تسهم فى المحافظة على الأمن الأمريكى فى الداخل .

4 ـ ونأخذ مثلا مما يحدث فى مصر . الرئيس ترامب إحتفل بالرئيس السيسى ومدحه على محاربته الارهاب . وجاء رد داعش سريعا وموجعا بتفجير كنيستين فى الاسكندرية وطنطا أمس الأحد وخلفا 45 قتيلا، وعشرات الجرحى ، فى التأكيد على فشل السيسى التام فى مواجهة الارهاب فى مصر ، وأن داعش تضرب متى تشاء واينما تشاء ، وأنها تأخذ الأقباط المصرييين رهائن تفجرهم فى أى وقت وبأيسر طريق .!.

5 ـ إقتراب الرئيس ترامب من السيسى قد يخدم أمريكا ومصر :    

5 / 1 : إذا أمر ترامب السيسى بإقامة إصلاح الأزهر فى مصر .  الأزهر هو بمثابة الفاتيكان فى العالم السُّنّى أغلبية المسلمين ، وهو الذى يتحكم فى الحياة الدينية للمصريين ، اكثر العالم العربى تعدادا . الأزهر من أكثر من ثلاثين عاما أصبح تابعا للسعودية ودينها الوهابى ، ومن دينها الوهابى نبتت جماعة الاخوان المسلمين وشتى تنظيماتها السرية والعلنية ، ثم القاعدة وأخيرا داعش . الأزهر الآن هو الذى ينشر ثقافة داعش الدينية ويحميها من النقاش ، ويعاقب ـ بنفوذه فى مصر ــ من ينتقد فكر داعش . وخريجو الأزهر يعملون فى المساجد الأمريكية يهددون أمريكا من الداخل بفكرهم الداعشى الجهادى . أى إن الأزهر بحالته الراهنة بدون إصلاح هو الخطر الأكبر على مصر وأمريكا . وقد حاول السيسى إصلاحا فى الأزهر ، ولكنه لم يكن جادا فيه ، بدليل سجن إثنين من القرآنيين دعاة الاصلاح الدينى فى مصر ، وبدليل جعل سلطة دستورية للأزهر لم تكن موجودة من قبل .

يستطيع الرئيس ترامب أن يأمر السيسى بتطبيق إصلاح الأزهر ليصبح الأزهر معول هدم لداعش ليحمى مصر وأمريكا والعالم ، يستطيع الرئيس ترامب أن يأمر السيسى بالافراج عن المعتقلين ووقف التعذيب ، والسماح بحرية التعبير بدون قانون إزدراء الدين لفتح المجال لمناقشة دين داعش ، بهذا يجفف منابع الارهاب .بهذا تكسب أمريكا حب المصريين .

5 / 2 : إذا أمر ترامب السيسى بإصلاح تشريعى يؤسّس تحولا ديمقراطيا حقيقيا ، يرجع فيه الجيش الى ثكناته متخصصا فى الدفاع تاركا المصريين يحكمون أنفسهم بنظام ديمقراطى ، كما إعتادوا قبل إستيلاء الجيش على السلطة عام 1952 . آن الأوان لعقد إتفاق بالخروج الآمن للسيسى وجنرالاته . فقد فشل السيسى وجنرالاته فى كل شىء . وبدون تدخل الرئيس ترامب لفرض الخروج الآمن للسيسى وجنرالاته فإن مصر مقبلة على القفز فى الظلام ، وقد تشهد ثورة جياع وفوضى ستكون فى مصلحة داعش ، وستهدد إسرائيل والمصالح الأمريكية ، وستحول البحر المتوسط الى غابة من السفن المحملة باللاجئين المصريين .   

5 / 3 : فقط الرئيس ترامب هو الذى يستطيع أن يأمر السيسى بهذا . والسيسى من مصلحته أن ينجو بحياته ويعيش ما تبقى من حياته آمنا رئيسا سابقا فى حماية أمريكا .

5 / 4 ـ إذا فعل الرئيس ترامب هذا فإنه فعلا يحمى التراب الأمريكى من ضلال الأزهر ، ويجلّى سُمعة أمريكا فى العالم وفى الشرق الأوسط راعية للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان . وهذا فى حد ذاته يساعد فى إحتواء وحصار إيران .

6 ـ إقتراب الرئيس ترامب من السيسى قد يضرُّ أمريكا ومصر إذا وافق على سياسة السيسى ومدحها . هناك حوالى 90 مليون مصرى ( فقط ) يكرهون السيسى ، ويكرهون من يؤيد السيسى . وقد تعلموا كراهية أمريكا فى المساجد وفى التعليم والاعلام . كانت سياسة مبارك تحويل الغضب الشعبى المصرى نحو أمريكا وإسرائيل بزعم أن كل النكبات التى تحدث إنما هى نتيجة لتآمر أمريكا وإسرائيل على مصر . وإستراح معظم المصريين لهذا التفسير ، واصبح مبارك بريئا طالما تتعلق المشاكل على شماعة المؤامرات الأمريكية الاسرائيلية على مصر . أى إن مبارك كان يأخذ المعونة السنوية من أمريكا ليستخدمها فى نشر الكراهية لأمريكا . وأتفق الاخوان المسلمون مع مبارك فى توجيه دفة العداء المصرى والعربى صوب أمريكا ، فأصبح العداء لأمريكا ثقافة دينية . لا يزال هذا موجودا بقوة فى عصر السيسى . الخطورة أن هذا العداء لأمريكا يؤجّج الحرب التى تشنها داعش ضد أمريكا ، والتى بها تتمكن داعش من تجنيد مسلمين أمريكيين فى تفجير أنفسهم وتفجير إخوانهم الأمريكيين .

7 ــ لا نعتقد أن الرئيس الأمريكى ترامب يريد هذا . لذا نوجه له النداء ـ بإخلاص ـ بإصلاح مصر لحماية التراب الأمريكى وللتأكيد على عظمة أمريكا ، فالعظمة الحقيقية ليست بما فعلته أمريكا فى فيتنام وأفغانستان والعراق ، بل فيما فعلته فى حماية المستضعفين فى البلقان وفى رعايتها لحقوق الانسان .

اجمالي القراءات 7656