فلسفة التقدم وفلسفة التخلف ..

عمرو اسماعيل في الخميس ١٩ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

يحمل الكثير منا في العالم العربي درجة دكتوراة الفلسفة في العلوم الانسانية او الطبية او الهندسية ولكن كم منا يعرف لماذا سميت اعلي درجة علمية بهذا الاسم؟ .. انه اعتراف عالمي بقيمة الفلسفة والتفكير الحر الذي لا يعرف قيود و لا ثوابت و لا خطوط حمراء او خضراء .. اعتراف بقيمة افلاطون و ارسطو و ابن رشد .. اعتراف بقبمة جون لوك وجان جاك روسو وبرتراند راسل.

التقدم له فلسفة والتخلف له فلسفة .. ولهذا لا يمكن التقدم دون تبني فلسفة التقدم .. لا يمكن بناء حضارة دون تبني فلسفة الحضارة .. وفلسفة الحضارة التي تؤدي الي التقدم هي حرية العقل في التفكير الي اقصي مدي وفي كل شيء وحرية التعبير عن هذا الفكر دون قيود الا قيد القانون .. حرية التفكير في الدين و الحياة والعلم .. في وجود الله و ما هيته .. دراسة التاريخ بطريقة نقدية لا تعرف تقديس الاشخاص .. فلسفة لا تعرف السلف علي انهم السلف الصالح المنزه عن الخطأ رغم انهم مجرد بشر يخطئون و يصيبون .. لا توجد في فلسفة التقدم حقيقة لا تحتمل البحث والدراسة والتمحيص و لا يوجد شخص فوق النقد و لا توجد حدود لما يمكن ان يصل اليه العقل .. لا توجد حقيقة مطلقة ولكن توجد حقيقة نسبية .. وحرية التعبير عن اي فكر مسموح بها الي اقصي مدي و لا يوجد شيء يحدها الا القانون .. بمعني ان اي شخص يستطيع ان يتهمني انني عميل و حرامي و انا بالتالي من حقي ان الجأ الي القضاء لأخذ تعويض يقصم ظهر من اتهمني فأن استطاع ان يثبت اني فعلا حرامي فسأدفع انا اتعاب القضية و أضع نفسي تحت طائلة القانون .. الغير مسموح به هو التحريض علي العنف بمعني ان اي مواطن بريطاني يستطيع ان يكتب ان بلير رئيس وزراء فاشل ويطالب باستقالته او اسقاطه في الانتخابات ولكنه لا يملك ان يحرض الناس علي قتله فأن فعل يكون من حق الحكومة ان تقبض عليه وتحاكمه .

هذه هي هي فلسفة التقدم .. فماهي فلسفة التخلف .. انها فلسفة العالم العربي .. فلسفة مصادرة الفكر مثلما فعل الازهر مع كتاب الدكتورة نوال السعداوي وغيرها .. فلسفة التكفير و مصادرة العقل .. فلسفة تقديس الاشخاص و التعصب القميء للدين او المذهب او القبيلة .. فلسفة السلف الصالح و كأنهم كائنات خارقة لا تخطيء اعتبارا من سيدنا عمر بن الخطاب ومرورا بالصحابة والتابعين والائمة الاربعة عند السنة والاثني عشر عند الشيعة و شيوخ الاسلام وهم ماشاء الله كثيرون من ابن تيمية الي ابن لادن وكل من تكلم في الدين من الشيخ الشعراوي الي عمرو خالد مرورا بالقرضاوي .. فلسفة من اعتبر عبقريات العقاد هي قمة الفكر عندما كتب عن الصحابة وكأنهم ملائكة لا يجد عندهم نقيصة واحدة رغم انهم اختلفوا فيما بينهم الي حد الاقتتال و سفك الدماء .. لقد اسبغ عليهم قدسية لم يعترفوا هم بها ولذا كانوا افضل منا.

فلسفة اعتبار المرأة مخلوق من الدرجة الثانية ناقص العقل والدين .. رغم ان جسدها هو محور تفكير رجال هذه الفلسفة .. يعتبرون شعرها عورة في العلن رغم انهم في السر يدفعون الملايين للحصول علي نظرة من امرأة متمردة لم تظهر شعرها فقط بل اظهرت كل مفاتنها .. يعشقون نانسي عجرم في السر ويتبادلون الرسائل علي الموبايل متمنيين من الله ان يعجرم حريمهم ثم يلعنوها في العلن .. يصادرون فكر نوال السعداوي وكأنما المرأة خلقت لمهمات ليس من بينها استعمال عقلها .

فلسفة التخلف هي فلسفة التلقين وليس النقاش ,, فليس مسموحا لنا بالنقاش في المنزل والمسجد والمدرسة .. الاب والمدرس و أمام المسجد والمدير في العمل وحاكم الدولة هو فقط الذي يتكلم و يعظ وعلينا فقط السمع و الطاعة سواء اقتنعنا ام لم نقتنع .. الاقتناع ليس مطلوبا .. الطاعة فقط هي المطلوبة.. ولذا اصبح الرياء والنفاق هو اهم مؤهلات من يصبو الي المناصب العليا ,, وأصبح اهم مثل شعبي تعمل به شعوبنا هو اتمسكن لحد ما تتمكن.

ومن ينشرون فلسفة التخلف يستخدمون الدين حجة رغم أنه ليس في الكتاب والسنة الحقيقية دليل يفيد أنه يجب تعطيل العقول التي وهبنا الله سبحانه وتعالى إياها وفهم الكتاب والسنة بفهم غيرنا ما دام أن المرء وصل إلى درجة معقولة من الفهم .

لقد زرعنا فلم نحصد غير التخلف و الانهيار الحضاري والاقتصادي واصبح قتل طفل بريء في العاشرة من عمره وذبح مدني جاء ليعمر بلادنا جهادا في سبيل الله .. هذا هو حصاد فلسفة التخلف.

وهذا هو رأيي وعلي المتضرر اللجوء الي القضاء.

اجمالي القراءات 15501