آه من زوجتى .!!

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٤ - مارس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

آه من زوجتى

مقدمة :

1 ـ جاءنى هذا السؤال من أحد الأحبة من أهل القرآن : ( أسأل الله ان يزيد في عمرك لاننا مازلنا في حاجة لفكرك ورؤاك الحكيمة المتدبرة بحق في كلام الله جل وعلا .بودي ان توجهني استاذي اكرمك الله جل وعلا وخصوصا عندما يعيش المتمسك بالقرأن الكريم وحده دليلا له مع زوجة تخالفه في مسيرته مع الله والكتاب الحكيم. ).

2 ـ مع الدعاء له بعون الله جل وعلا أقول :

أولا : أنواع الزواج عموما

1 ـ لا يوجد زواج سعيد دائما إلا فى الأحلام . فى الحُبّ الأفلاطونى الخيالى يتخيل الشاب محبوبة ملائكية يعطيها إسم محبوبته الأرضية وملامحها ، ولكن بصفات غير بشرية ، ويتخيل حياتهما الزوجية معا سعادة لا توصف . لا يفكر فى أن الزواج واقع مادى صادم يتدخل فيه الأهل وتحوطه مستلزمات الحياة وتكاليف مادية لا أول لها ولا آخر ، وفى كل تفصيلة تظهر مشكلة ، وقد ينتهى الزواج قبل أن يبدأ بفسخ الخطوبة ، وقد ينتهى سريعا بلا مشاكل أولاد ، وقد ينتهى بآثار جانبية مؤلمة يدفع ثمنها الأطفال ، وقد يستمر زواجا عاديا لا يخلو من السعادة ولا يخلو أيضا من أزمات ومشاكل يستطيع الزوجان حلّها  ويرتضيان اسلوبا للمعيشة المشتركة . بالارادة المشتركة للزوجين يتمكنان من العيش معا بأقل قدر ممكن من الشقاء وبأكبر قدر ممكن من السعادة . هذه الإرادة المشتركة تستلزم عدة أعوام من التفعيل الى أن تصير عادة وبمرور الزمن ينشأ بين الزوجين ما يُسمّى بالعشرة ( بكسر العين )، وهى أقوى من الحب ، إنها التعوّد على رؤية شريك الحياة بحيث تتعذر الحياة بدونه .!. والعادة أن سنوات الزواج الأولى هى التى تحدد مسيرة الزواج ، ومن يقود السفينة ، وويل لسفينة الزواج إذا قادتها زوجة تفتقر الى الحكمة . والأفضل أن يقود الزوج العاقل سفينة الزواج حريصا على إستمرارية الزواج .

2 ـ الزواج الفاشل قد يكون سببه الزوج ، وقد تكون الزوجة ، وقد يكونان معا السبب . والله جل وعلا أنزل الحل فى الخلافات الزوجية فى الحالات الثلاثة ( النساء 34 : 35 ، 128 ) وقد فصّلنا هذا فى بحث ( تشريع الطلاق بين القرآن والفقه السُّنّى ) وهو منشور هنا .

ثانيا : الشُّح ( الأنانية ) هى السبب فى فشل الزواج

1 ـ فى كل الأحوال فإن فشل الزواج ـ بل فشل أى علاقة إنسانية يكمن فى الأنانية ، أى يريد طرف من الأطراف أن يأخذ ولا يعطى ، أى أن يظلم الطرف الآخر ولا يكون عادلا معه ، ويرى أنه له حقا مكتسبا على الطرف الآخر يجب أن يؤديه له بلا مقابل . هذه الأنانية قاتلة لأى علاقة بين الناس، سواء فى الحياة الزوجية أو على مستوى الأسرة أو الصداقة أو محيط العمل والجيران. وهناك بشر كثيرون بهذه الصفة ، والعادة أنهم يعيشون منعزلين لا تستمر لهم صداقات لأنه لا يحتملهم أحد ، فالحياة أخذ وعطاء ، وليست أخذا فقط .

2 ـ صعوبة الأنانية تتعقد إذا كانت أساس التعامل بين الزوجين . من هنا جاء التعبير القرآنى البليغ عنها بوصف ( الشُّح ) ، يقول جل وعلا : ( وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128) النساء ) ، أى إن الأنفس مجبولة على الشُّح أو الأنانية ، ولكن المفلح هو الذى ينهى النفس عن الهوى فيكون من أهل الجنة (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات )، ولذا تكرر مرتين فى القرآن الكريم ما يشير الى أن الشُّح مرض فى النفس، من يتقيه ويبرأ منه يكون من المفلحين :( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر) (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (16) التغابن )

3 ــ خطورة الشُّح تتجلى أكثر فى الزواج لسببين : أنه علاقة ممتدّة يتعايش فيها الطرفان ليل نهار فى عّش الزوجية . فإذا كان أحد الأطراف أنانيا سعيدا بأنانيته فالويل للطرف الآخر إذا خضع له ، ثم لأن الفكرة السائدة أن الزواج إمتلاك . والحُب أيضا . الزوج يغير على زوجته لأنه يريد إمتلاكها وإمتلاك عواطفها ، وتمتد غيرته لتشمل ضيقه بأهلها وتبرمه من حب زوجتها لوالديها واخوتها .وتكون مشكلة إذا كانت تهتم بأبناء عمها وبقية أقاربها . والزوجة أكثر أنانية من الزوج لأنها الجانب الأضعف ، لذا تريد ( تأمين ) نفسها ومكانتها عند الزوج بإعلان ملكيتها الكاملة والتامة له ، ولا تتخلّف ( أم الزوج ) عن الركب ، فترى زوجة ابنها قد إستحوذت على ابنها . وتنشب الحروب العالمية الخالدة بين الحماة وزوجة الابن ، وقد تمتد الى الحموات الفاتنات . من هنا يكون الحل القرآنى هو الأمثل ، أن نقى أنفسنا مرض الشُّح والأنانية ، ونتذكر قول رب العزة جل وعلا : ( وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128) النساء ) . وفى أحلام اليقظة فقط يعيش الزوج سعيدا مع زوجته ويحب أهلها حُبّا جمّا وهى تحب أمّه حبا جمّا وتحب إخوته حُبّا جمّا . ويستيقظ الزوج المسكين من الحُلم على زوجته وهى تلعن حماتها لعنا ( جمّا ).!

ثالثا : نوعا الزواج الفاشل

1 ـ زواج فاشل مؤقت ينتهى سريعا بالطلاق والانفصال . يعنى أن الزوج أدرك سريعا أنه زواج فاشل وأنه لا سبيل لعلاجه ، فإختار الافلات وبأقل الخسائر حتى لا يتورّط فى إنجاب أطفال تتعقّد بهم المشكلة. قد يكتشف الزوج خيانة زوجته فيبادر بتطليقها . قد ترى الزوجة فى زوجها أنه لا يصلح لها ، وقد ترى اسبابا أخرى فتطلب الطلاق وتصمم عليه . وتفوز بحريتها قبل أن تتكبّل بأطفال منه . ثم عليها أن تواجه مستقبلها وهى ( مُطلقة ) ينظر اليها المجتمع ( الشرقى ) فى تنمّر وريبة وشكّ يجعلها وحدها مسئولة عن الطلاق ، وتحيط بها نظرات الطمع على أنها سهلة المنال . ولو تصرفت تصرفا عاديا يكون له تفسير آثم . الرجل المطلق يعفيه المجتمع الذكورى من هذا . فمن حقه ان يتزوج كيف شاء وأن يدخل فى علاقات غير مشروعة كيف شاء وأن يطلق متى شاء . هذه هى ثقافة المجتمع الذكورى ( أو شُحّ ) المجتمع الذكورى . وربما بسبب هذا تتحمل زوجات صالحات قهر أزواجهن خوفا من أن تحمل لقب ( مطلقة ) . أى تظل أسيرة لزواج فاشل دائم .!

2 ، الزواج فاشل الدائم يعيش فيه الزوجان معا وسط خلافات لا تنتهى ، قد يكون السبب هو ( شُح ) الزوج أو الزوجة، وقد تظهر أسباب مساعدة مثل ضعف الزوج وتحكم زوجته فيه ، أو العكس ،   ولكن فى كل الأحوال فهذا الزواج الفاشل يستمر فيه لعن كل زوج رفيقه الى نهاية العمر ، مع حصيلة لا بأس بها من الأمراض التى يسببها النّكد . وسبب إستمراره غالبا هو وجود أطفال بينهما يحتاجون الى الرعاية ، ثم التعود على النكد وتحمله .

رابعا : أهل القرآن والزواج

1 ـ إبتداءا: يحرم الزواج من الكافر / الكافرة أى المشرك المشركة حسب التعامل السلوكى الظاهرى . الكافر المشرك هو ما ينطبق عليه فى عصرنا وصف الارهابيين ، ممّن يقومون بأعمال ارهابية أو يدعون الى هذا ويناصرونه، يقول جل وعلا:( وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) البقرة ). يحرم من البداية نكاح ـ اى عقد الزواج بين مسلم مسالم وارهابية وبين مسلمة مسالمة وإرهابى . والارهاب يشمل من يمارسه ومن يدعو اليه ، لا فارق هنا بين دُعاة الوهابية ومعتدلى الاخوان وبين شياطين داعش والنُّصرة والقاعدة . لا فارق هنا بين مفتى السعودية والقرضاوى وبين الظواهرى وأبى بكر البغدادى. كلهم يستحلُّ قتل الأبرياء لمجرد الخلاف فى الدين وفى المذهب . كلهم إرهابيون كفرة مشركون يحرم عقد النكاح معهم .

المسالمون ــ من أى ملة أو مذهب أو دين أو من اللادينيين والملحدين ــ يجوز الزواج منهم وتزويجهم . أشد الناس كفرا بالعقيدة هم المنافقون الذين وصفهم رب العزة جل وعلا بأنهم فى الدرك الأسفل من النار ، قال رب العزة جل وعلا :(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً(145)النساء ). هذا عن حالهم يوم القيامة. وقد جاءت تفصيلات القرآن الكريم عن أحوالهم وكيفية التعامل معهم، ولكن لم يأت على الاطلاق تحريم نكاح المنافقين والمنافقات لأنهم مع كفرهم القلبى الشديد فقد كانوا مُسالمين . وعموما فإن تطبيق الشريعة الاسلامية هو حسب السلوك الظاهرى الذى بإمكان البشر الحُكم عليه ، وليس حسب الايمان القلبى الذى هو غيب ثم هو يزداد وينقص وينقص ويزداد ، ومرجعية الحُكم عليه الى رب العزة جل وعلا يوم الحساب ، أما نحن فى حياتنا الدنيا فنتعامل بالظواهر وبالاسلام السلوكى الظاهرى وهو السلام . نحن فى دين السلام ( الاسلام السلوكى ) أخوة فى الدين . وبالسلام السلوكى ـ أى عدم الاعتداء وعدم الإكراه فى الدين يتحقق ظاهريا وإجتماعيا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة . قال جل وعلا عن توبة الكافرين المعتدين عن الاعتداء وركونهم الى السلام أو الاسلام السلوكى : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) التوبة ). هم معتدون ولكن إن تابوا ورجعوا الى السلام اصبحوا إخوة فى الدين ، إقامتهم الصلاة وإيتاؤهم الزكاة تعنى المُسالمة فى دين السلام ، ثم مرجعنا الى رب العزة يوم القيامة ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون . المهم أن نعيش هذه الحياة الدنيا فى أُخوة وسلام .

فى هذا الإخاء السلمى فى الاسلام دين السلام يتزوج هذا بهذه وتتزوج هذه بهذا ، وفى نفس الوقت يحرم أن نتزوج أو نزوّج من ينتهك الاسلام الظاهرى وهو السلام . وليس هناك أحقر ولا أكفر ممّن يستخدم إسم الله جل وعلا وشرع الله جل وعلا ويقتل الأبرياء عشوائيا يهتف ( الله أكبر ) .

وعليه فإن إختلاف العقائد لا يكون سببا للمشاكل بين الزوجين المُسالمين ، لأنه يجب أن يحترم كل منهما حرية الآخر فى عقيدته وإقامة شعائره . فالمسلم الذى يقول ( لا إله إلا الله ) وزوجته تعبد المسيح أو تقدس محمدا أو (عليا ) أو الحسين ) أو حتى تقدس الشيطان لا يتدخل فى حريتها الدينية لأنها مسئولة عن هذا أمام الرحمن جل وعلا فقط يوم القيامة . وبالتالى فالزوجة التى تؤمن بالله جل وعلا وحده وترفض تقديس المسيح أو محمدا أو عليا أو الحسين لا تتدخل فى حرية زوجها الدينية إذا كان يذهب الى كنيسة أو كٌنيّس أو يحجُّ الى القبر المنسوب للنبى محمد أو القبر المنسوب لعلى أو للحسين أو السيدة زينب أو السيدة نفسية أو السيدة بمبة كشّر .!!

2 ــ يختلف الحال لو أراد طرف فرض دينه ومعتقده على الطرف الآخر . والأغلب أن يكون الزوج هو الذى يحاول هذا ، والأغلب أيضا أن تذعن الزوجة ولو ظاهريا لتتفادى المشاكل ولتستمر الحياة الزوجية ويتربى الأولاد بينها وبين زوجها . ولكن يحدث أن تكون الزوجة هى سبب المشاكل وأن تتدخل فى حرية زوجها تعادى دينه وتنغّص حياته ، تفعل هذا تمسكا منها بدينها ورفضا منها لدينه وإصرارا على أن يعتنق دينها .

3 ـ وفى حالة أهل القرآن يكون سهلا تحديد هذا ، لأن الوصول الى الهداية القرآنية تأخذ وقتا . كلنا بدأنا نتبع ما وجدنا عليه آباءنا فى تقديس البشر والحجر ، كل منا كان سنيا أو صوفيا أو صوفيا سنيا أو شيعيا أو إباضيا . كلنا بدأ ( محمديا ) يقدس محمدا والصحابة ويؤمن بأحاديث ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان ، ولا يكتفى بالقرآن الكريم حديثا ، ولا يؤمن بقول الله جل وعلا:(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً (87) النساء) (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)الاعراف) (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات ) (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ) . ثم وصلنا للهداية لأننا جاهدنا بحثا عنها فهدانا الله جل وعلا الى الايمان بحديث واحد فقط هو حديثه جل وعلا فى القرآن الكريم ، وبأنه لا تقديس لمحمد أو على أو الحسين أو أبى بكر أو عمر بن الخطاب أو حتى عمر خورشيد أو عمر الشريف .!!. لأننا جاهدنا بحثا عن الهداية فقد هدانا الله جل وعلا ، ومنه جل وعلا نطلب المزيد من الهداية، قال جل وعلا:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69 ) العنكبوت).

4 ــ يصل الفرد من أهل القرآن الى الاسلام القرآنى الحقّ وقد يكون متزوجا . قد يكون من حُسن حظه أن يقتنع شريك حياته بالاسلام الحق . وقد تكون الزوجة محايدة لا يعنيها إلا البيت والأولاد ، ولا تتدخل  فيما تراه لا يعنيها . وقد يكون الزوج مبتليا بزوجة متعصبة أنانية تريد فرض معتقدها على شريك حياتها ، وإن لم تستطع فتنغّص عليه حياته . هذا الشريك الكافر يقوم بإكراه صاحبه فى الدين تمسكا منه بأحاديث ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . هو أظلم الناس ، ينطبق عليه قول الله جل وعلا :( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) العنكبوت ) .

الأغلب أن يكون الزوج هو المتهم بإكراه زوجته فى الدين . وقد يكون هذا مستساغا فى المجتمع الذكورى . ولكنه خروج فاضح عن الاسلام دين السلام ودين الحرية المطلقة فى الدين . الغريب أن تكون الزوجة هى التى تحاول إكراه زوجها فى الدين ، وعندما تراه متمسكا بدينه تُنغّص عليه حياته ، وربما تبذل جهدها فى إفساد أولادها .

5 ــ حدث هذا من قبل فى حياة النبى محمد عليه السلام .

فى مكة أسلم بعضهم وظلت الزوجات على دين قريش ، واسلمت زوجات بينما ظل أزواجهن على دين قريش،وجاءت الهجرة موقفا للاختبار والاختيار   . هناك زوجات محايدات رافقن أزواجهن فى الهجرة الى المدينة ليس عن إيمان بل تمسكا بالحياة الزوجية . وهناك زوجات مؤمنات رافقن أزواجهن فى الهجرة الى المدينة . وهناك زوجات كافرات تمسكن بدينهنّ ورفضن مصاحبة أزواجهن فى الهجرة وبقين فى مكة . تحولت مكة والمدينة الى معسكرين متعاديين ، وواصلت قريش الهجوم على المدينة . واصبح مستحيلا جمع الشمل بين الأزواج المنفصلين فعليا بين مكة والمدينة ، فنزل حكم الله جل وعلا بالانفصال بين الزوج المؤمن المقيم فى المدينة وزوجته المنفصلة عنه المقيمة فى مكة ، وفى هذا السياق نزل قول رب العزة جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) الممتحنة ).

هنا أمر بالتفريق بين زوجين إنفصلا فعليا بسبب تمسك كل منهما بدينه ، وكل منهما فى معسكر يعادى المعسكر الآخر، وكل منهما إختار دينه على شريك حياته . تشريع الانفصال هنا هو تقنين لحالة إنفصال قائمة فعلا ، وهو حلّ لمشكلة طارئة بحيث تتزوج هذه فى بلدها ويتزوج هذا فى بلده ، ويبدأ كل منهما حياة جديدة .

6 ـ هل ينطبق قوله جل وعلا :( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) (10) الممتحنة ) على زوجة وهابية تنغّص حياة زوجها المسلم القرآنى ؟

لا أستطيع إصدار حُكم عام . فلا أعلم مدى التنغيص ، وهل تصل الى درجة الوشاية بالزوج للإضرار به ؟!  ثم إن لكل حالة خصوصيتها .

ولكن أقول ما قلته سابقا : هناك زواج فاشل مؤقت وزواج فاشل دائم . السبب فى فشل الزواج هو ( الشُّح ) او الأنانية . والأنانية هنا أفظع ، لأنها زوجة تتسلّط على حق الزوج فى حريته الدينية ، خصوصا إذا كان الزوج نفسه لا يفرض دينه عليها فكيف تفرض هى دينها عليه ؟ حقيق بها أن تكون محايدة لا شأن لها بدين زوجها ، وألّا تقترف ما يعكّر حياتهما الزوجية .

للزوج المسلم القرآنى أن يقدّر الأمر . وأن يطلب العون من الله جل وعلا . وأن يتذكّر زوجتى نوح ولوط عليهما السلام ، فهو مثل للإبتلاء يتكرّر . 

اجمالي القراءات 10007