الحصانة القرآنية
لماذا لم يعتقلك الحوثيون؟

عبدالوهاب سنان النواري في الإثنين ٠٩ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة:

١- البعض يتساءل مستغربا، والبعض متشككا، والبعض حانقا، والبعض مستفهما: لماذا لم يعتقلك الحوثيون يا عبدالوهاب حتى الآن! رغم قسوة كل ما تكتبه ضدهم! ورغم أنك مؤيد للعدوان نكاية بهم! ورغم أنك تلعنهم وتسبهم، وتسفه أحلامهم، وتتطاول على مقدساتهم! ورغم أنك تحرض الناس على قتالهم والثورة عليهم!؟.

٢- هو سؤال وجيه ، ولكن يجب أن يتوجه للحوثيين وليس إلينا. ولكن وحسب استطلاعي للرأي، ستحصلون منهم على الإجابات التالية: سيقولون لكم النواري معتوه، مجنون، يريد الشهرة، ونحن لن نعطيه ذلك. كما أنه حاقد يبحث عن المشاكل وإثارة الفتنة، وإلهاءنا عن محاربة أمريكا وإسرائيل، وهذا بعيد عليه. وبيننا وبينه عيش وملح، ونحن نقدر له ذلك، وكل ما بذله من جهود في بداية ظهور المسيرة يشفع له عندنا.

٣- المهم سيجد المستغربون والمتشككون والمستفهمون، الإجابة الشافية لما في صدورهم، أما الحاقدون علينا، الحانقون على الحوثيين فسيظلون حانقين، ولن يشفي ما في صدورهم إلا زجي في غياهب الجب. وسأظل أنا أيضا حانقا على الحوثيين مثلهم، فرغبتي في أن يعتقلني الحوثيون، أكبر من رغبتهم. وطالما أن الحوثيين قد أصدروا بحقي حكم الإعدام المعنوي، وقرروا عدم اعتقالي مهما فعلت، فيا ويلهم مني.

٤- سأنقل لكم في هذا المقال أحد استطلاعات الرأي التي أجريتها مع الحوثيين، وهو عبارة عن مشادة كلامية مع بعض العناصر الحوثية، ثم نناقش أزمة الحوثيون، ومشكلتهم معي، ومشكلتي معهم.

 

أولاً- استطلاع الرأي:

١- أجريت استطلاع الرأي هذا في مجموعة (نزار الأكبر) التي يديرها الأستاذ/ جمال البحري، في واتساب، وهي مجموعة سياسية مستقلة رائعة، تضم أعضاء من مختلف التيارات الفكرية والإتجاهات السياسية، وتدار بكل حيادية واستقلالية وشفافية.

٢- إليكم ما دار فيها:

عبدالوهاب النواري: الثورة القحطانية قادمة يا أهل الرس.

محمد السوسوة: تقصد الثوره القحطيه قادمه فأنت وامثالك مثل القحطي حق القات تدوي المغص والذي يليه.

عبدالوهاب النواري: القحط قدم علينا من يوم أبسرنا صورة الدنبوع الأكبر عبدالملك الحوثي، قائد المسيرة المخضرية، والعرب القحطانيين الذين تحتقرهم وتعتبرهم قحطي وزنابيل، ستلقى منهم الجزاء العادل.

محمد السوسوة: والله ان قد فاض الكيل وان لم تحترم نفسك وتربيها لاكن انا الذي اعلمك كيف يتكلم الناس يااحقر من ان تذكر.

عبدالوهاب النواري: ماذا ستفعل يا إرهابي، ستقطع رأسي بالسيف كما كان يفعل الدوعش بيت حميد الدين مع الثوار الأحرار.

محمد السوسوة: لا تستحق قطع الرأس، لانه سيجعلك شيئا وانت لا تساوي شى.

عبدالوهاب النواري: لن تستطيع فعل شيء لانك جبان.

محمد السوسوة: تمام، اتفقنا.

عبدالوهاب النواري: الليلة سأكتب وصيتي فالإرهابي يهددني، وأنا أعرفه جيدا، لن يفعل شيء، جبان حقير. يا سوسوة لا تكون تقول شيء وأنت تعلم أنك عاجز عن تنفيذه.

محمد السوسوة: حاضر اعتذر. انا جبان. كلامك صح. وانا جبان ورحيم بالمؤمنين. كمايريد الله ولهذا اعتذرت لك يانواري.

عبدالوهاب النواري: الله يسامح. أنا أيضا أعتذر لك، وللجميع، وأرجو منكم المسامحة.

حسن الموشكي: يا شيخ جمال

شوف صاحبك قد زيد بهن

واحنا ساكتين من اجلك كم جهدنا نتحمله

قد بيدل نفسه من اجل احد يعمل به حاجه يبقي ا

له صيت

والله ما احد عارف اينه وكلامه بيبين اصله وتربيته وثقافته الهابطه.

عبدالوهاب النواري: نعم أنا أعلم جيدا أنكم لا تجرؤن على مساسي، كي لا ينتشر الفكر القرآني، لهذا يا ويلكم مني.

حسن الموشكي: فكر من يا مجنون

قلت ان هذا الفكر له من السبعينات لو هو فكر صح ظهر من تلك الايام.

محمد السوسوة: ارجوا ان تصفي قلبك يانواري نحن نريد لك الصلاح لاتفكر اننا نكرهك، بل نمقت الفكر الذي تحمله. لان المؤمن لايغل ولايحقد.

حسن الموشكي: يقول ما يشتي ولن نحاسبه على فكره ورئيه حتى لو بقي يهودي او ملحد بس يحترم نفسه وما يسب ويشتم الاخرين.

عبدالوهاب النواري: متفقين.

٣- إنتهت المشادة الكلامية مع هذين العنصرين الحوثيين، وهما من العناصر الجيدة، ودخل أحد العناصر الحوثية المعفنة وأدلى بدلوه، ولا داعي لنقل ذلك الإسهال الذي خرج من فمه.

 

ثانيا- أزمة الحوثيون:

١- بدأ الحوثيون مسيرتهم ومشروعهم العرقي الطائفي السياسي، الرامي إلى الوصول للسلطة والثروة والإستئثار بهما، بكذبة عظيمة هي أن مسيرتهم قرآنية، وأنهم أصحاب مشروع عالمي، هدفه وحدة ورفعة وعزة الأمة الإسلامية، من خلال التمسك بالقرآن الكريم، والسير وفق رؤية ومقاييس قرآنية. غير أن الحوثيين لم يكونوا متسقين مع أنفسهم، وكانت تصرفاتهم وأعمالهم وأدبياتهم وسياستهم متناقضة، وغير متماشية مع القرآن الكريم.

٢- كانوا يزعمون أن رؤيتهم ومقاييسهم قرآنية، وأن كتاب الله جل وعلا، هو صمام أمان الأمة، والمخرج الوحيد لما تعانيه من فرقة وضعف وشتات؛ ثم في الوقت نفسه يقدمون أكاذيب التراث الهادوي الرسي، الذي توارثوها عن آباءهم وأجدادهم، على آيات الله البينات، بحجة أن تلك الأكاذيب تتوافق مع كتاب الله تعالى.

٣- كانوا يتحدثون عن العدل والحق والمساوة بين البشر، وأنه يجب محاربة الفساد المالي والإداري والواسطة، وأنه يجب أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وفق معايير الخبرة والأهلية والكفاءة، وحسب التخصصات والمؤهلات العلمية؛ ثم يتحدثون في الوقت نفسه، وبمنطق عنصري، على أن توليهم هم دون غيرهم مقاليد السلطة، هو حق ملكي مقدس، وهبة ربانية لهم وحدهم، باعتبارهم كائنات مقدسة، ويقدمون الدنبوع الأكبر/ عبدالملك الحوثي، وهو جاهل لا يمتلك حتى الثانوية العامة، على أنه ظل الله تعالى في أرضه.

٤- كانوا في ساحات الثورة السلمية يهتفون: الشعب يريد إسقاط النظام، وهم في الحقيقة إحدى أدوات النظام، حيث كانوا ولا يزالون أداة حقيرة يستخدمها النظام لضرب خصومه السياسيين. كانوا يهتفون: سلمية سلمية، وهم يعدون كتائب الموت، ويزحفون عسكريا في كل الإتجاهات، ويزجون بفتيان وشباب المسيرة في مختلف الجبهات.

٥- كانوا يتحدثون عن عالمية الرسالة الإسلامية، وأننا أمة واحدة، وأن المسيرة القرآنية لا تعترف بالحدود المرسومة والجنسيات المختلقة، فالأرض أرض الله تعالى والعباد عباده، ثم في الوقت نفسه يرفضون المبادرات الخليجية لحل الأزمة اليمنية، بحجة أنها تدخلات خارجية في الشأن اليمني.

٦- يدينون التصريحات الخليجية والأمريكية بشأن اليمن، ويهللون فرحا بالتصريحات الإيرانية والروسية واللبنانية. يشجعون ثورة البحرين لأنها شيعية ضد نظام سني، ويدينون ثورة سوريا لأنها سنية ضد حاكم نصيري شيعي.

٧- يرفضون المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ثم يطبقون من بنودها ما يحلوا لهم؛ يرفضون انتخاب الدنبوع لأنه ليس من البطنين، ويدخلون مؤتمر الحوار الوطني لأنه سيعطيهم مشروعية، ويرفضون إخلاء الساحات، كونها معسكرات لاستقطاب وتجنيد الشباب. يقدمون مشروع الدولة المدنية العلمانية، وهم غارقون في وحل الرجعية والعسكرية والكهنوت.

٨- يعقدون المعاهدات ويسارعون إلى نقضها، يدينون الأعمال الإرهابية وهم أعظم الإرهابيين، يدينون تنظيم داعش وهم أسوء وأقذر والعن من داعش .. وقائمة التناقضات طويلة جدا، نكتفي منها بما ذكرنا.

 

ثالثا- مشكلتي مع الحوثيين:

١- هي أنني تحركت في مسيرتهم على أساس أنها مسيرة قرآنية، مسيرة مستضعفين، على أساس أنها مسيرة الله جل وعلا؛ غير أن تحركات الهاشميين المريبة، وفلتات ألسنتهم، ومناسباتهم، والكثير من المواقف، أكدت لنا: أنهم أصحاب مشروع مذهبي، طائفي، عرقي، عنصري، كهنوتي، وأنها مسيرة عصبوية يديرها عتاولة المال، وتجار السلاح والمخدرات، وجنرالات الحروب.

٢- هي أنني تحركت في هذه المسيرة بجد وحب ووفاء وإخلاص، لله وفي الله؛ غير أنني لم أرى منهم إلا التكاسل والبغض والغدر والخيانة والحسد والتخوين والخذلان. مسيرة لا تثق ولا تحب ولا تفي ولا تتبنى ولا تشجع إلا أبناء الرسي، وما دون أصحاب الرس لا مكان لهم في هذه المسيرة إلا دونيا ومرحليا.

٣- هي أنني ناضلت ما يقارب العشر سنوات ضد نظام سنحان، ونزلت الساحات ضمن شباب الصمود مطالبا بإسقاط النظام الفاسد، لأجد نفسي تحت ظل هذه المسيرة جنديا مجندا لخدمة النظام، تخيلوا معي إلى أي حد بلغ الاستحمار الذي تطبع به هذه المسيرة أبناءها؛ نخرج ضد عفاش، لنجد أنفسنا وقد أصبحنا أداة من أدواته القذرة.

٤- هي أنني أتيتهم يوما من الأيام ناصحا أمينا، ومبلغا محبا صادقا: بأن مسيرتكم هذه ليست مسيرة قرآنية، بل هي مسيرة مذهبية عنصرية، وعرضت عليهم أسس ومبادئ المسيرة القرآنية الحقيقية، ورجوتهم أن يعدلوا المسار الذي يسيرون فيه، فهم يسيرون للهاوية؛ فما كان منهم إلا أن قابلوني بالتخوين والتفسيق، وإتهامي بالمرض والعمالة، وذلك جزاء الظالمين.

 

رابعا- مشكلتهم معي:

١- هي أنهم لم يجدوا في شخصي ذلك الزنبيل الذي يقدس الأسياد، ويردد ما قالوه ويقولونه كالببغاء، فقد كنت أنتقد الكثير من الأعمال والتصرفات التي يمارسونها، وأنكر الكثير من الأحاديث والعقائد التي يؤمنون بها، وأمقت عنصريتهم وأحتقرها علنا.

٢- هي أنهم فشلوا في دفعي إلى الهرب والرحيل إلى محافظة صعدة - معقل المخربين - ليتم من هناك إرسالي إلى إحدى جبهات الموت، رغم فضاعة المؤامرات التي حبكوها ضدي، في عملي الحكومي وعملي التنظيمي، والحمد لله القائل: والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور (فاطر ١٠) .

٣- هي أن نشاطي وتحركي التنظيمي، وتحركي الغير عادي، وطرحي الدعوي التنويري، بدى لهم وكأنني أدير تنظيما خاصا داخل التنظيم العام للمسيرة، وهو النشاط الذي توج بإعلان طلاقي للمسيرة، وإصداري ملزمة تلخص الفكر القرآني الخالص تحت عنوان: (أحسن الحديث) ، والتي أصبحت فيما بعد تحت عنوان: (الإسلام وواقع الأمة) ، وإطلاقي لعدة شعارات محاحية لشعاراتهم، مثل: الموت للطائفية - الموات للمذهبية - اللعنة على السلالية. الأحاديث صناعة إسرائيلية. قاطعوا الأحاديث السنية والشيعية.

٤- هي أنهم فشلوا في شراء ذمتي، فقد عرضوا العديد من الإغراءات مقابل أن أترك النهج القويم وأعود للضلال، غير أنني قابلت كل مغرياتهم بالرفض. وكما فشل ترغيبهم فشل ترهيبهم وإرهابهم عن ثنينا عن السير مع الله جل وعلا.

٥- هي أنهم لم يعودوا قادرين على تصفيتي، لأن أصابع الإتهام ستتجه نحوهم، ولم يعودوا قادرين حتى على إعتقالي أو مساسي بأي سوء، لأن ذلك سيكون سببا في اشتهار وانتشار الفكر القرآني الذي ندعوا إليه، وانتشار الفكر القرآني بالنسبة لهم هو الخطر الحقيقي الذي يخافون منه.

 

أخيراً:

الفكر القرآني سر قوتنا وثباتنا في مواجهة المليشيات الحوثية الإرهابية، وهو أيضا سبب صبرنا عليهم، فالتنظيمات السلفية الإخوانية إذا ما تمكنت من السلطة فإنها لن ترحمنا، ولن تراعي فينا إلا ولا ذمة.

اجمالي القراءات 9435