هل مصر تحتاج أكبر مسجد أم أكبر معمل؟

خالد منتصر في الأحد ٠٨ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مشكوراً صرّح الرئيس السيسى فى الكاتدرائية بأنه سيتم بناء أكبر مسجد وكنيسة فى العاصمة الإدارية الجديدة، تصريح يُطمئن المسيحيين بأن الاهتمام بهم لن ينتهى عند حدود ترميم الكنائس فقط، هذه رسالة مهمة، لكننى كنت أنتظر الرسالة الأهم، الرسالة التى ستُنقذ المسلم الذى يُصلى فى المسجد والمسيحى الذى يُصلى فى الكنيسة، كنت أنتظر الاهتمام بإعلان أكبر مركز بحث علمى، كنت أنتظر أكبر معمل فى مصر، بل فى الشرق الأوسط، فهذا المسلم وذاك المسيحى بعد انتهاء الصلاة ومغادرة المسجد والكنيسة سيخرج كلٌّ منهما إلى الحياة والشارع، يشتبكان مع الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية، يحلمان بمستوى معيشة أفضل، كل هذا لن يتحقق إلا بالعلم، متى سيحترمنا العالم ويعمل لنا ألف حساب؟، ليس بكمّ السلاح الموجود فى مخازننا، لكن عندما نمتلك القدرة على صناعة هذا السلاح واختراع وابتكار الجديد منه، ليس بكم المآذن المرتفعة إلى عنان السماء ولا بعدد الصلبان الموضوعة فوق قباب الكنائس، إنما بعدد براءات الاختراع والأبحاث العلمية وأوراق المشاركات فى الدوريات الأجنبية الأكاديمية. المصرى من الممكن أن يُصلى فى أى مكان، سواء كان صحراء أو حتى زنزانة، لكنه لا يستطيع إجراء تجربة علمية فى أى مكان، من الممكن ومن المريح نفسياً أن نُصلى صلاة استسقاء أو نطلب من العذراء الغوث والمدد، كل هذا جميل ومريح وعظيم، لكن هناك طرقاً عملية علمية لا بد منها سيوفرها لنا أكبر معمل، بدلاً من استيرادنا أربعة أرغفة من كل خمسة يأكلها المصرى، سيجتهد الباحث فى هذا المعمل لزيادة إنتاجية القمح، سيجتهد للقضاء على الآفات الضارة التى تُفسده، سيكتشف علاج الأمراض، ويخترع آلات الهندسة، ويبدع سفن الفضاء، سيقتحم بجسارة كل مجالات العلم فى هذا المعمل الذى هو طوق النجاة لمصر، ولنتذكر أن جارتنا «اللدودة» إسرائيل، التى من المفروض أنها استخدمت الدين وتلاعبت به لمصالحها ولتبرير قيامها واغتصابها فلسطين، هذه الجارة لم تقل أو تعلن عن بناء أكبر معبد يهودى فى العالم، لم يكن سبب فخرها هو المعبد، لكنه المعهد، إنه معهد وايزمان ومعهد التخنيون، وهما أكبر مراكز البحث العلمى فى الشرق الأوسط، ومن أضخمها وأهمها فى العالم كله، تعالوا نطل إطلالة سريعة على هذين المعهدين العلميين حتى نعرف كيف تقدّمت إسرائيل. يزور معهد وايزمان كل عام أكثر من مائة ألف عالم، باعتباره من أهم المعاهد العلمية فى العالم، وإنجازات هذا المعهد الذى أنشئ عام ١٩٣٤، فى الفيزياء والكيمياء والطب والكمبيوتر، لا تنتهى، من علاج اللوكيميا حتى الكمبيوتر متناهى الصغر، مروراً بالعدسات وطرق استخراج اليورانيوم والهاى تك وأبحاث السرطان والطاقة النووية والنظائر المشعة.. إلخ، وتبلغ ميزانيته مليارى دولار، أما معهد التخنيون المستمد من كلمة تقنية، فقد أنشئ عام ١٩٢٤، أى قبل إعلان الدولة بربع قرن تقريباً، وكان ألبرت أينشتاين أول رئيس لمجلس أمنائه، وقال وقتها: «إن إسرائيل تستطيع أن تكسب معركة البقاء فقط إن نجحت فى تكوين معارف عميقة فى التقنية»، وبالفعل ظل هذا الشعار عنوان نجاح إسرائيل وتفوقها العلمى، بهذا المعهد الذى يضم مكتبة علمية من أضخم المكتبات فى العالم، أصبحت إسرائيل الأولى على العالم فى مجال علوم الكمبيوتر، كانت ميزانية «التخنيون» قبل حرب أكتوبر ٢٠ مليون دولار، وأصبحت الآن ثلاثة مليارات دولار!، أما ما تنفقه إسرائيل على البحث العلمى فقط فى هذا المعهد وغيره، فيبلغ حوالى ٥% من الناتج القومى الإجمالى، وتنفق من ناتجها المحلى الإجمالى لأغراض البحث نسبة مئوية تعادل ١٧ ضعف ما ينفقه العالم العربى، حيث تُخصص إسرائيل ٣٧% من ميزانيتها للمشاريع العلمية، وتبلغ حصة القطاع الخاص فى تمويل البحث العلمى ٥٢%.

سيادة الرئيس نحتاج أكبر «تخنيون» مصرى إلى جانب أكبر مسجد وأكبر كنيسة.

اجمالي القراءات 6792