احترسوا من مشاريع الهيمنة الغربية
احترسوا من مشاريع الهيمنة الغربية

على سالم في الخميس ١٢ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

هم جماعة من المفكرين الممتازين من مدارس فكرية مختلفة تجمعوا في نهاية العام في إحدي الفضائيات ليقدموا رؤيتهم عما حدث في العام المنصرم بالإضافة بالطبع لاحتمالات المستقبل وذلك في مواجهة جماعة من الشباب والشابات ممن يهتمون بالشأن العام الذين اتخذوا من ذلك الاختراع الجديد وهو التدوين علي الشبكة الأليكترونية نشاطا لهم وهو ذلك الفرع من النشاط الإنساني الذي لم يعرفه جيلنا. كان الجيل الجديد واضحا تماما في شرح ما يفكر فيه وإيضاح ما يتمناه ربما لأنه لم يتعلم بعد كيف يراوغ ويخفي حقيقة ما يفكر فيه أو لأنه يريد من الأصل أن يقدم نفسه في بساطة ووضوح.

أما الجيل القديم فكان أوضح ما فيه هو قدرته الفائقة علي عجن الكلمات في بعضها البعض في تهذيب شديد والخروج منها بأنواع من الكعك اللفظي ليس محشوا بأي نوع من أنواع الدسم. كان كل واحد منهم حريصا علي عدم معارضة الآخر في أية مقولة أو فكرة علي طريقة أنا أتفق مع زميلي فلان في كذا غير أني أري أن كذا ليس كذا فقط بل هو كذا كذا كذاكاتي الكذاكوني علما بأن كذا ليس هو ــ في أحيان كثيرة الكذاكاتي أو الكذاكانو بالرغم أن الكثيرين يعتقدون ذلك وهذا حقهم بالطبع. وهنا يرد عليه زميله بأن العصر الحديث لم يعد يري فروقا مهمة بين الكذا كذا وبين الكذاكاتي وأن القضية الحقيقية التي يجب الانشغال بها هي كيفية مقاومة كل مشاريع الهيمنة الغربية. وهنا يتوحد الجميع في الراي والفكرة ويتضح ــ بشكل قاطع هذه المرة ــ أن هناك غولا فظيعا علي وجه الأرض اسمه الهيمنة الغربية وان هذا الغول أنجب غيلانا صغيرة تعمل معه علي حرماننا من مستقبلنا ومن مشروعنا العربي. بالطبع لم يكن وقت الندوة وأي ندوة علي وجه الأرض كافيا لشرح مشروعنا العربي المفترض. وبالتالي لم يتسع الوقت لشرح خطتنا في مواجهة هذه الغيلان. المهم هو أن المشتركين في الندوة جميعا ليبراليهم وماركسييهم ومتطرفيهم الديني والأيديولوجي اتفقوا علي ضرورة مقاومة الهيمنة الغربية دون تقديم تعريف لها بسبب ضيق الوقت كما قلت.اقرأ الصحف استمع لأحاديث المتحدثين شاهد كل البرامج الحوارية استمع لأغاني شعبان عبد الرحيم ستجد أن الفكرة المركزية فيها جميعا هو مشروع الهيمنة الغربية علي بلادنا وحتمية مواجهته.

من الواضح أن لا أحد من مفكري هذه الأمة يقرأ صفحة الحوادث ليعرف أن رئيسا لأحدي المدن الجديدة ظل يحصل علي رشاوي ــ من واقع اعترافاته ــ من المستثمرين والمتعاملين مع المدينة منذ عام 1980 حتي الآن. لقد ركزنا أنظارنا طوال الخمسين عاما الأخيرة علي الغرب الوغد نرصد تحركاته التي يمهد بها للهيمنة علينا وبذلك أتحنا لهذا الرجل وأقرانه أن يفسد في الأرض لمدة ربع قرن.

الرجل لم يعترف تحت وطأة التعذيب بل لأن القانون يتيح له فرصة البراءة في حالة اعترافه. وهو القانون الذي لم تضعه لنا الإمبريالية العالمية. كما أن الغرب لم يعين الرجل في مكانه ولم يسحب من دائرته لمدة ربع قرن الأجهزة الرقابية القادرة علي رصد دبة النملة. لا أحد قادرا علي نسيان الغرب لدقائق ينشغل فيها بالتفكير في أن متاعبنا من صنعنا وحدنا وأن علينا أن نقوم بالتعامل معها بصدق مع النفس ومع الغير.

تحصلون من الغرب علي المنح والمعونات والماكينات والدواء وأنواع العلاج الراقية وشهادات التخصص العليا وتصيحون طول الوقت تطالبونهم بالتدخل في شئونكم لحل مشاكل الحرب والسلام ثم تصرخون بالصوت الحياني.. الحقونا .. الغرب عاوز يهيمن علينا.

وإذا سألت أحد المرعوبين من الهيمنة الغربية: لماذا يريد الغرب الهيمنة علي سيادتك؟

رد عليك: عشان ياخد البترول.

كما لو أن لدينا زبونا آخر من سكان المريخ يعرض ثمنا أعلي لبترولنا المجيد الذي نحصل علي فلوسه لنبني بها فيللا ثمن الواحدة خمسة وعشرون مليون دولار. أما أعلي درجات الهبل فهي عندما يقول قائل: يا سلام .. لو اتحد العرب وقرروا حرمان الغرب من البترول لشهر واحد؟.. سوف يركع علي الفور.

ليست المشكلة في أننا نري الغرب غولا فقط بل في أننا نعتقد في الوقت نفسه أنه غول أهبل وضعيف عاجز عن حماية نفسه سنتوقف عن إمداده بالبترول فيصرخ علي الفور: أنا آسف يابيه.. حرمت.. مش حاعملها تاني.

لنفرض أن ملكا من السماء قرر لسبب أو آخر أن يسحب دول الغرب جميعا من فوق الأرض وأن يضعها علي كوكب آخر بعيدا عنا هل ستنتهي مشاكلنا؟ علي العكس من ذلك علي الأقل سنعاني من غياب هؤلاء الذين نطالبهم بحل مشاكلنا.

أنا أعتقد أنه لو حدث ذلك فسنتقدم إليه بالتماس أن يعدل عن قراره حرصا علي مصالحنا العربية وفي الوقت نفسه ستقرأ في صحفنا كتابات تحذر وتنبه إلي أن الغرب الوغد بالرغم من ابتعاده عنا ملا يين الأميال إلا أنه يرسل أطباقه الطائرة لرصد تحركاتنا تمهيدا لتنفيذ حلمه القديم وهو الهيمنة علينا.

كل سنة وانتم طيبون وكل سنة والغرب الوغد لا يكف عن التآمر عليكم.

اجمالي القراءات 10728