حوار بين ليبرالى وسلفى ومعتدل

خالد منتصر في الثلاثاء ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

وصلتنى رسالة مهمة كاشفة من الصديق جراح العيون د. حاتم أيمن توفيق، يقول فيها:

فى حوار مع بعض الأطباء الشبان حول مذبحة الكنيسة فوجئت بطبيب شاب ملتح سلفى يدين الحادث بشدة ويؤكد أن هؤلاء القتلة ليسوا بمسلمين، لم أتمالك نفسى من الفرحة فى أن الكارثة ربما كانت لها بعض الجوانب الإيجابية فى تصحيح الفكر، لكنه تابع بقوله: هذا الحادث تقصير أمنى فظيع من الأجهزة الأمنية، قمت بالرد عليه تلقائياً: «بل قل يا أخى الكريم إن التقصير ليس أمنياً فقط بقدر ما هو تقصير للقائمين على أمور الدين فى وطننا العزيز طيلة مائة عام فى تصحيح مفاهيم مغلوطة عن الجهاد وقبول الآخر وتغيير ما يراه المتطرف منا منكراً بمجهود فردى بحت وبدون الالتفات لأى قوانين أو قواعد منظمة للحياة كأننا نعيش فى عصور ما قبل التاريخ»، وتابعت بقولى: تخيل يا د. فلان أن الكاتب الكبير إبراهيم عيسى عرض عدة فيديوهات فى حلقة الاثنين الماضى عن أئمة ومشايخ ونجوم للدعوة يُجمعون على أن المسيحيين كفار، فوجئت به يقول: «آه.. طبعاً كفار، ودى محتاجة كلام، لكن مفيش داعى يعنى اننا نقتلهم!!!»، سألته: والشيعة؟ رد بكل ثقة «كفار»، واليهود؟ رد تلقائياً: «كفار».. ثم سألته: والمسلم الذى ينكر كفر المسيحيين؟ فرد بمنتهى الحماسة: «كافر أيضاً لأنه ينكر كلام الله»، وأضاف تلميذى الكريم الطبيب الشاب بدون حتى أن أسأله: «ومن ينكر البخارى أيضاً كافر وعلى ضلال»، فوجئت أن طبيباً آخر كان يستمع للحديث يرد عليه منفعلاً: كيف تقول هذا الكلام يا فلان والإمام ابن تيمية يقول كذا وكذا، وفنّد هذا الطبيب (المعتدل) أفكار الطبيب السلفى، معتمداً على أفكار إمام التكفير ابن تيمية رحمه الله!!، و هذه كارثة أكبر لأنه على ما يبدو أنه بسبب التدهور الكارثى الذى نعيش فيه تحول ابن تيمية فجأة إلى صاحب منهج وسطى لدينا نحن المسلمين المعتدلين ولهذا تفهّمت لماذا يفاخر بعض (المعتدلين) منا تدليلاً على استنارتنا وسماحتنا الدينية ببعض الأمثلة التى أعتبرها شخصياً مستفزة وإقصائية، فعلى سبيل المثال هناك من يفاخر بأنه كان له صديق مسيحى فى سنة أولى حضانة، ومنا من يفخر بأنه يقول صباح الخير لجاره المسيحى... إلخ، يبدو فى الحقيقة أن داخل كل منا ابن تيمية وابن عبدالوهاب وحسن البنا «ظغنون» لا يظهر إلا وقت الشدة.. عاتبنى طبيب ثالث (وهو ليبرالى منحرف يسلم على النساء باليد) على أننى أشاهد هذا الإبراهيم عيسى الذى لا يسعى إلا لهدم دين الله وأن مشايخ السلفية الذين هاجمهم عيسى مستشهداً بفيديوهاتهم هم لا يبتغون إلا مرضاة الله ونشر الدين الصحيح، إلا أنه وافقنى على أن «فيه حاجة غلط فى الفكر الدينى المعاصر»، وتابع بقوله: «لكننا يجب أن نواجه الفكر بالفكر، وإن إصلاح الأفكار الدينية يجب أن يكون من داخل الصندوق» على حد قوله، تساءلت وأنا فى طريق عودتى إلى المنزل: وماذا فعلنا نحن المعتدلين فيمن حاول أن يصلح الفكر من داخل الصندوق؟ البحيرى سجناه.. ناعوت قمنا بنفيها خارج البلاد.. صبحى منصور أهدرنا دمه.. نجيب محفوظ قمنا بطعنه.. فرج فودة ذبحناه بل دافعنا عن قاتله فى المحكمة.. طه حسين فصلناه، و الإمام العلامة العبقرى المجدد محمد عبده دفنا أفكاره مثل النفايات النووية بعد وفاته مباشرة مع أنه كان من قلب الصندوق، يا عزيزى هؤلاء الأطباء الشباب وأنا وأنت والمجتمع كله لسنا جناة بل قل ضحية قرن كامل من التنكيس الفكرى وردم العقول أزعم أنه بدأ بعد وفاة الإمام محمد عبده مباشرة وليس فى السبعينات كما يتوهم البعض.

اجمالي القراءات 6771