عامل الأسانسير .. قصة قصيرة

شادي طلعت في الأحد ٠٤ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

ذهب المحامي الشاب مع أستاذه الكبير إلى المحكمة المكتظة بالقضايا والمتقاضين، وإذا بهما يجدان طابور الأسانسير أو "المصعد الكهربائي"، يقف أمامه ما يزيد عن الخمسين شخص، فيلتزمان بالطابور، وتمر الدقائق وهما واقفين، حتى تجاوزت الدقائق ثلاثون دقيقة مضت، وكانا هما أقرب إثنين سيصيبهما الدور للصعود، لكن عندما هبط الأسانسير إذا بالعامل عليه، يطلب منهما الإبتعاد، لأن هناك شاب صغير سيصعد قبلهما، مع أنه لم يقف في الطابور، بيد أنه وكيل للنائب العام.  
 
ويصعد عامل الأسانسير بوكيل النائب العام، وينتظر المحامي الشاب وأستاذه الكبير، ليصيبهما الدور القادم، وينسى المحامي الكبير سوء التصرف من عامل الأسانسير، بينما يغضب المحامي الشاب ويقرر أن ينتقم منه بعد أن ينصرف المحامي الكبير، وبالفعل يذهب أولاً معنفاً للعامل أمام الجميع وينال منه بكل قوة، ويتسبب في إحراجه، ثم يتقدم بشكوى ضده لرئيس المحكمة، ويقرر بعدها إخبار المحامي الكبير بما فعله، حتى لا يكون في نفس أستاذه غضاضة من عامل الأسانسير وسوء تصرفه.
 
لكن المحامي الكبير بعدما سمع منه ما صنعه، قال له : 
لقد قررت أن تثأر لي من عامل بسيط، بيد أنني لم أشكو إليك أي غضب أو غضاضة مني تجاهه، فقد تصرفت بإندفاع ورعونة، فأنت لا تعلم ماذا صنعت بهذا المسكين، إنه عامل بسيط، يشاهد كل يوم قضاة ووكلاء للنائب العام، وضباط، وقيادات أخرى ممن تكتظ بهم المحاكم، والمسافة بين عامل الأسانسير وبين هؤلا أميال طويلة لا يمكنه تجاوزها ليصبح مثلهم، إنه يراهم أصحاب سلطة، ويرى نفسه أقل منهم، فراح يبحث لنفسه عن مصدر سلطة أيضاً، فلم يجد سوى الأسانسير الذي يعمل عليه، إلا أنك سلبت منه سلطته الوحيدة، فأصبح يرى نفسه الآن أقل الناس قيمة، أتدري الآن ماذا فعلت بالعامل البسيط.
 
إستاء المحامي الشاب مما سمعه من المحامي الكبير، وذهب في اليوم التالي ليسحب شكواه ضد العامل البسيط، ساعياً لإسترضاءه، لكنه لم يجده، فيعاود الذهاب في يوم آخر إليه، دون أن يجده، فيسأل زميله عليه، فيجيبه البقاء لله لقد توفاه الله.
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 8453