من اجل تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الاسلامية المغربية انطلاقا من ذاتنا الامازيغية
من اجل تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الاسلامية المغربية انطلاقا من ذاتنا الامازيغية

مهدي مالك في الإثنين ١٩ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

            

 

من اجل تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الاسلامية المغربية انطلاقا من ذاتنا الامازيغية

مقدمة مطولة                                             

لقد تم تشكيل هويتنا الاسلامية المغربية منذ سنة 1956 الى حدود هذه الساعة حسب حاجات السلطة و حركتها الوطنية المزعومة كما اسميها حيث ان هويتنا الاسلامية المغربية اريد لها ان تبقى متمسكة بفكر المشرق العربي الديني و السياسي  و متمسكة كذلك بتراث اهل فاس الثقافي و الفني الى قيام الساعة.

لكن هذه الهوية الاسلامية المغربية اريد لها ايضا ان تقطع اية علاقة مهما كانت  مع هوية هذه الارض الاصلية بشموليتها اي اللغة و الثقافة و العلمانية العريقة  بدليل ان جل الاعلام العمومي اليوم مازال يسمي المعمار الديني المغربي بالمعمار العربي الاندلسي و مازال يعتبر ان العروبة هي الاسلام بدون اذنى شك و مازال اعلامنا الديني اي اذاعة محمد السادس للقران الكريم و قناة السادسة يعتبر ان الامازيغية شيئا يتعارض مع الاسلام و انها جاهلية قائمة الذات كأن الامازيغية ليست هوية اسلامية مغربية على الاطلاق و كأن الامازيغ ليسوا بالمسلمين منذ هجرة سبعة رجال من قبائل ركراكة الامازيغية الى المدينة المنورة قصد لقاء الرسول الاكرم قصد اعتناق الاسلام...

ان هذه الواقعة التاريخية لم تدرس في المدرسة المغربية نهائيا او لم ترسخ في الاعلام العمومي او في خطابنا الديني الرسمي باعتبارها ستحطم ايديولوجية الظهير البربري و ستحطم خرافة مفادها ان الدولة الادريسية هي اول دولة اسلامية بالمغرب حيث تم الاخذ بهذه الواقعة التاريخية  من طرف  الاستاذ الحسين جهادي اباعمران الغني عن التعريف و تم الاخذ بها من طرف  كتاب مفاخر البربر لكاتب مجهول في العصر المريني و تم انجاز برنامج تلفزيوني حولها من طرف قناة مي1 تيفي الخاصة مؤخرا  بنوع من السطحية الكبيرة و بنوع من التردد بين التصديق و التكذيب تماشيا مع خط تحرير هذه القناة العروبي ...

لكن بالمقابل ان اظهار هذه الواقعة التاريخية في اعلامنا  العمومي في هذا السياق بالرغم من سطحية الطرح و التردد بين التصديق و التكذيب سيساهم في طرح اسئلة جديدة من قبيل هل ان الامازيغيين كانوا من صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و هل وجد الغزو الاموي الاسلام القراني في المغرب بحكم ان وقتها لم يتم تدوين السنة النبوية نهائيا حتى العصر العباسي بمعنى ان اجدادنا قد اسلموا قبل الغزو الاموي اسلاما طاهرا و خاليا من جاهلية العرب  و اكتشفوا عند ما يسمى بالفتح الاسلامي حقيقة مفادها ان بطش بني امية بهم و باعراض نساءهم هو لا يعبر عن الاسلام الحقيقي بل هو يعبر عن البعد الجاهلي بمعنى ان العروبة بتقاليدها الاجتماعية و قيمها الوحشية هي صاحبة الاسبقية في كل شيء حتى عندما تم تدوين السنة النبوية اي ان العروبة تحالفت مع الاتجاه الفقهي الذي تعكسه السلفية عبر تاريخنا الاسلام الى هذه اللحظة مع انتشار جماعات الاسلام السياسي و الجهادي في دول المغرب الكبير مما سيجعل من الصعب تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الاسلامية المغربية انطلاقا من ذاتنا الامازيغية لان التوجه العام لا يريد اظهار ان الامازيغية باعتبارها ثقافة اسلامية مغربية اصيلة بحكم ان المغرب الرسمي يتوفر على حساباته الايديولوجية مع دول الخليج العربي كما هو معلوم لدى الجميع ...

  ان الغوص في تاريخنا المغربي الاسلامي يمنحنا الفرصة الذهبية و لو باختصار شديد من اجل ترسيخ الشرعية الدينية لدى الامازيغية بشموليتها ابتداء من ترجمة القران الكريم الى اللغة الامازيغية في القرن الثاني للهجرة على يد الدولة البرغواطية و رفض امير المسلمين يوسف بن تاشفين اعدام المعتمد بن عباد في اغمات لان العرف الامازيغي لا يقر بعقوبة الاعدام على الاطلاق بينما في الخلافة القرشية في المشرق يقتل احدهم بامر من خليفة المسلمين بصفته خليفة الله في الارض .

و هناك اشارة اخرى الا و هي المراة الامازيغية بعد الاسلام تتمتع بالحرية الكاملة في السياسية و الحياة الاجتماعية و الحياة الفنية بينما في الخلافة الشرقية كانت المراة عموما تباع و تشترى في اسواق النخاسة وفق تقاليد العروبة الجاهلية لكنها اصبحت في صميم الاسلام بحكم اسبقية العروبة على الاسلام حيث لو قلنا ان الامازيغية بشموليتها هي تستحق الاسبقية على الاسلام سنتهم من اغلب تيارات الاسلام السياسي و اغلب نخبتنا الدينية الرسمية باننا دعاة الجاهلية اي الرجوع الى قبل الاسلام لكن السؤال المطروح بالنسبة لي متى سنصل الى الاعتبار ان الامازيغية هي جوهر هويتنا الاسلامية المغربية كما فعل العرب انفسهم منذ الدولة الاموية على الاقل الى الدولة السعودية الحالية بصريح العبارة...

الى صلب الموضوع                               

 ان تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الاسلامية المغربية انطلاقا من ذاتنا الامازيغية اصبح من ضرورات المرحلة وطنيا و إقليميا و دوليا بالاعتبار ان الحركة الامازيغية الان تشعر باهانة كبيرة تجاه واقع القضية الامازيغية الراهن حيث سجلت منذ تولي حزب العدالة و التنمية رئاسة الحكومة المئات من التراجعات المؤلمة في تدبير الشان الامازيغي حتى  اصبحنا نشعر اننا مازلنا نعيش قبل خطاب اجدير لسنة 2001 بكل الصراحة و الموضوعية بحكم ان القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية الحالي قد حطم كل المكاسب الرمزية التي حققتها الامازيغية في التعليم و في الاعلام الخ طيلة 14 عام من السياسة الرسمية بالرغم من نواقصها الواضحة في الشان الديني بشكل خاص.

ان اغلب الحركة الامازيغية لم تدرك بعد اهمية اعادة تاهيل حقلنا الديني  كاحد مطالب كتابي الجديد الذي مازال لم يطبع  بعد بحكم ان الدستور الحالي اعترف بكون الامازيغية هي لغة رسمية لكن بالمقابل مازالت الاغلبية العظمى من نخبتنا الدينية لا تعترف بان الامازيغية لغة و ثقافة وطنية على الاطلاق بل تعتبرها لهجة حقيرة او جاهلية قائمة الذات .

و  قلت مثلا في كتابي الجديد عندما يتحدث فقيه معين الان عن الامازيغية بنوع من الاحتقار و الدونية و التحريم فانه ينطلق من الوعي الديني الموجود اصلا عند النخبة الدينية الرسمية أي الذين يعملون تحت اشراف وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية او الموجود عند مكونات تيارات الاسلام السياسي  منذ عقود بخلفية سلفية .

ان هذا الوعي الديني يتميز باعتباره لم ينطلق نهائيا من تاريخنا قبل الاسلام و بعده في عز الحضارة الامازيغية الاسلامية من طبيعة الحال غير ان هذا الاخير قام بفصل تام منذ سنة 1956 بين الامازيغية كهوية اصيلة لهذه الارض المباركة بقيمها و بناسها الكرام و بين الاسلام كدين عالمي امن به الشعوب العجمية كالشعب التركي و الشعب الايراني و الشعب الافغاني الخ من هذه الشعوب المسلمة ذات هويات ثقافية مختلفة.

فان هذا الوعي الديني قد تجاهل بشكل كلي و نهائي شعب اسمه الشعب الامازيغي المسلم منذ 14 قرنا من اسهاماته الضخمة في نشر الرسالة المحمدية و ترسيخها  ..

و قلت  في كتابي الجديد مثلا منذ الاستقلال الشكلي ظل امازيغي المغرب يشعرون امام السلطة و اعلامها المخزني و امام نخبتها الدينية انهم غير مسلمين على الاطلاق او انهم مسلمين لكن بشرط ان يكونوا عربا في اللسان و في الانتماء الهوياتي.

ان مبادئ ايديولوجية  الظهير البربري هي سلفية بالاساس مع نزعة عرقية نحو العروبة حيث على امازيغي المغرب نسيان هويتهم الاصيلة بمختلف ابعادها نهائيا بدعوة انها نعرة جاهلية جاء بها الاستعمار الفرنسي للتفرقة بين المغاربة و تنصير البربر بمعنى ان منطق هذه الايديولوجية يقول اذا اراد أي امازيغي ان يكون مسلم حقيقي فعليه نسيان هويته و يلبس الطربوش الفاسي كما هو معروف لدى العامة الا ان هذا الطربوش اصلا هو تركي حيث نشاهده في المسلسلات المصرية التي تحكي عن تاريخ مصر مثل مسلسل ليالي الحلمية  بمعنى ان هذا الطربوش اصبح رمز وطني و ديني كغيره  من ملامح ثقافة المخزن التقليدي مثل الطرب الاندلسي  .

و عليه ان يكون سلفي لكن على مقاس الحركة الوطنية بغية ان لا يتقدم نهائيا و يقدس المشرق و لا شيء اخر غير المشرق هوية و تقاليد و فكر ينظر من خلاله الى ذاته نظرة الاحتقار و التكفير بينما سلفية الحركة الوطنية تعايشت مع الدولة العصرية التي تركتها فرنسا و تعايشت مع مظاهر التغريب لكنها رفضت ان تعايشت مع امازيغية المغرب.....

ان نتائج ايديولوجية  الظهير البربري على الوعي الديني الرسمي هي كثيرة حيث غايتها المقصودة هي ابادة الامازيغية بكل ابعادها و بما فيها بعدها الديني الضخم من طبيعة الحال.

بمعنى ان ايديولوجية الظهير البربري  هي تشويه حقيقي لهويتنا الاسلامية المغربية منذ سنة 1956 الى الان حيث كيف لنا ان نتقدم نحو تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الاسلامية المغربية انطلاقا من ذاتنا الامازيغية في ظل ترسيخ فكر الظهير البربري في حقلنا الديني الرسمي عقود من الزمان حتى اصبح مرجعية  لتسيير هذا الحقل الان حيث يستحيل ان نحقق تجديد مفهومنا تجاه هويتنا الدينية الوطنية    دون اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا و اسقاط شعار العروبة و الاسلام لان هذه العروبة هي جاهلية حقيقية لكنها تحالفت مع السلفية  منذ قرون حتى اصبحت تدخل ضمن مقدسات الاسلام المشرقي و تدخل ضمن ايديولوجية تيارات الاسلام السياسي حيث شاهدنا جميعا كيف يتحدث فقهاء العربية السعودية عن الإيرانيين بنوع من التحقير و التكفير حيث وصفهم بالمجوس كأن العرب هم احسن خلق الله على الاطلاق ..................

اختم هذا المقال بالقول علينا كحركة امازيغية ان نفكر في تاسيس تيار امازيغي اسلامي كاحد مقترحات كتابي الجديد حيث الى متى ستبقى تيارات الاسلام العروبي تسيطر على عقول العامة و توجهها نحو تقديس المشرق العربي و عاداته الاجتماعية و توجهها نحو تكفير عاداتنا و تقاليدنا منذ سنة 1930 الى الان كأن اسلامنا الامازيغي هو سطحي كما يقول اصحاب اللطيف عندما كانوا في بيوتهم يشربون الشاي على ايقاع اغاني الطرب الاندلسي بينما الامازيغيين كانوا في ساحة المقاومة الحقيقية ضد الاستعماران الفرنسي و الاسباني من اجل الحفاظ على  هويتهم الامازيغية الاسلامية..............  

المهدي مالك        

 

 

 

 

اجمالي القراءات 6655