الإستعاذة من الشيطان الرجيم
الإستعاذ من الشيطان الرجيم

سعيد علي في السبت ١٠ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

الإنسان مكون من ( جسد و نفس ) و الجسد مخلوق من طين و إلى الأرض سيعود قالها الشيطان الرجيم لرب العزة جل و علا : ( واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس قال ااسجد لمن خلقت طينا ) و النفس مخلوقة من مادة أخرى و تسكن في مكان آخر هو البرزخ و هي تعود إليه عندما يخلد الجسد للنوم ( الموت المؤقت ) فيتوفاها الله جل و علا حيث ترجع لمكانها – البرزخ – يقول جل و علا : ( الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجل مسمى ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ) و نسأله جل و علا أن نكون من – بكسر الميم – من يتفكرون .

هذه النفس هي التي ستأتي يوم القيامة تجادل عن نفسها و ما أروع هذا التعبير أن النفس تجادل عن نفسها يقول جل و علا : ( يوم تاتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون )إذا النفس هي التي تعمل و هي من ستأتي لتجادل عن نفسها أما الجسد فهو الإطار الذي يأتمر بأوامر النفس فيعمل بتلك الأوامر .

الشيطان يرسم على النفس بالغواية فيغويها للتفكير في عمل المعاصي و تأتي الغواية بعدة أساليب و أول أسلوب استعمله الشيطان لآدم عليه السلام هو ( الخُلد و المُلك الذي لا يبلى ) أي المكوث و نسيان الموت و حب التملك لهذه النفس لذا قال لآدم من خلال الوسوسة : ( فوسوس اليه الشيطان قال يا ادم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) تلك الوسوسه هي الوسيلة التي يحدث الشيطان فيها كل نفس بشرية من أجل إرتكاب المعصية .

و يزين للنفس البشرية تلك الأعمال حتى تقع فيها : ( واذ زين لهم الشيطان اعمالهم  ) فتتزين تلك الأعمال – المعاصي – للنفس البشرية فتصدر الأوامر لهذا الجسد و ما به من أجزاء ( اللسان ليتكلم و اليد ليبطش و القدم ليتحرك إلى فعل تلك المعاصي ) .

إذا ما الحل من أجل أن نمنع تلك الوسوسة من الولوج إلى النفس قبل أن تقتنع النفس بتلك الوساوس و تعطي الأوامر للجسد ؟

الحل هو : الإستعاذة .

هذا هو الحل هنا سندخل إلى علم آخر و هو علم النفس و حسنا فعلوا في تصنيف هذا العلم و أسموه بعلم النفس فإذا ما عالجنا النفس قبل الجسد صلُح الجسد و إذا ما أعطينا الجسد العديد من الأدوية دون علاج النفس فستظل النفس تحت تأثير الوسوسة و حينها لا تنفع أدوية الجسد !!

القران الكريم ليس كتابا طبيا !! أي ليس فيه وصفات لعلاج الأمراض التي تصيب الجسد لكن فيه شفاء لما في الصدور وهذا الشفاء الذي في القران الكريم هو للناس و فيه كذلك هدى و رحمة للمؤمنين  يقول جل و علا : ( يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) و أعتقد أن ما في الصدور هي النفس بمكوناتها ( القلب و الفؤاد و العقل ) – أتمنى من الدكتور أحمد تصحيح هذا المفهوم إن كان جانبني الصواب فيه – و من أهل القران الكرام كذلك .

و الآن نأتي للعلاج و هي الإستعاذة هنا يقول جل و علا للنبي عليه السلام : ( فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) لاحظ هنا الأمر ( فاستعذ ) هو أمر به تبدأ قرأه القران لتبعد عنك وساوسه حيث أنك بقراءتك للقران الكريم بنفس هادئة متزنة صافية خاشعة يقظة مركزة في آيات الله سيتضح لك القران و سيتضح لك قول الله جل و علا و سيتضح لك المعنى الحقيقي لآيات الله جل و علا فهي بينات و فيه آيات مبينات و فيه تفصيل كل شئ و ما فرط فيه جل و علا من شئ .

إذا الإستعاذة هي العلاج و هي الحل لكل مشاكل النفس و التي أصلها تلك الوسوسة الشيطانية يقول جل و علا : ( واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم ) لاحظ هنا أن الخطاب موجه للنبي عليه السلام و هذا دليل أن الأنبياء ينزغهم الشيطان و هو لنزغ بقية البشر أولى بطبيعة الحال و الحل هو الإستعاذة بالله السميع العليم .

و النزغ بين القوم مثلا هو ( الإفساد بينهم و حمل بعضهم على بعض ) و هو النزغ كذلك هو الإغراء لإرتكاب المعصية و التزين لها .

العلاج من النزغ هو الإستعاذة من الشيطان الرجيم لأن مصدر النزغ للنفس هو الشيطان الرجيم و الإستعاذة يجب أن تكون حقيقية قلبية تستشعر فيها قول الله ( فاستعذ ) مدركا و مطمئنا أنك بهذه الإستعاذة أنك تنفذ أمر الله و تصر على عدم المضي قدما في الإستماع و الإنصات لتلك الوسوسة لأن أسلوب الوسوسة ليس بالأمر الهين فهو يأتيك من كل مكان .

المقال هنا ليس عن الشيطان فإذا ما كتبنا عنه فنحتاج لمقالات و مقالات بل هو عن الإستعاذة من الشيطان و هي مدخل لعلم النفس ليس بالهين فالعلاج من وجه نظري يبدأ من الإستعاذة لأن هذا المخلوق هو أصل الشرور و هو الذي كما يقول الدكتور أحمد عنه : لن يقدم أستقالته .

نعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .

اجمالي القراءات 7780