تأليه عمر
الشيطان وعمر بن الخطاب

عبدالوهاب سنان النواري في السبت ١٠ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

عادة تإليه وتقديس البشر لبشر مثلهم وجعلهم أنداد لله جل وعلا، عادة قديمة ومتأصلة في نفوس الناس، وهذا سببه الغلو والجهل والتعصب.

نحن العرب باعتبارنا رمز للأصالة رواد في تقديس البشر، ففي الجاهلية الأولی قدسنا: عيسی وهبل وود ومناة .. الخ، وفي الجاهلية الآخرة قدسنا محمد وعمر وعلي وحسين .. الخ.

نتناول هنا واحدة من أبرز خرافات التراث العربي بشأن الشيطان وعمر بن الخطاب.

تقول الخرافة: أنه عندما كان عمر يمشي في واد من الأودية أو شعب من الشعاب، يخاف منه الشيطان ويسلك واديا وشعبا آخر، كي لا يضربه عمر بدرته الشهيرة، أو يتنمر وسط الموجودين قائلا: دعوني أقطع رأسه.

وهنا لنا العديد من الملاحظات:

أولا: هذا الكلام يجعل من عمر بن الخطاب أعظم من رب العزة جل وعلا، فالشيطان لم يخف من الحق تبارك وتعالی، ورفض أمره بالسجود لأدم، وقال: لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون (الحجر 33) . ثم بعد كل هذا يأتي ويخاف من مستر عمر.

ثانيا: المؤمنون بهذه الخرافة يكذبون القرآن الكريم، ويكذبون رب العزة القائل عن الشيطان: إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم (الأعراف 27) . وهذه الخرافة معناها أن بإمكان عمر بن الخطاب أن يری الشيطان، ولذلك كان الشيطان يسارع بالفرار من أمام عمر.

ثالثا: هذه الخرافة فيها حيف وظلم في حق الشيطان نفسه، إذ جعلت من الشيطان خوافا وجبانا، ورغم عداوتنا مع الشيطان إلا أن الحق يقال، فالشيطان يمتلك جرئة وشجاعة تحترم وهو الذي واجه خالقه تلك المواجهة المعروفة، لذا لا يمكن أن يجبن عن مواجهة الكبتن عمر.

رابعا: هذه ليست الخرافة والكذبة الوحيدة التي تجعل من عمر بن الخطاب آلهة لها آياتها ومعجزاتها الخارقة للعادة، فهناك خرافة الجبل يا سارية، وكذبة سباقه مع الوحي، وجعل أعماله وأقواله جزء من الدين .. الخ.

أخيرا:

يمكن التسليم بأن الشيطان كان يغادر المكان الذي يتواجد فيه عمر بن الخطاب من باب أنه ماذا يمكن للشيطان أن يفعل في وجود تلميذه الذي فاقه في المكر والإجرام، وصدقت المقولة الشهيرة: رب تلميذ فاق أستاذه

اجمالي القراءات 15116