توحيد وعمل صالح
الإسلام والأربعون حرامي

عبدالوهاب سنان النواري في السبت ١٠ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أرتسمت في مخيلتنا حكاية السندباد وعلي بابا ورحلة الكنز والأربعون حرامي، جاءت هذه الحكايات من عمق أساطير تراثنا الحضاري والثقافي.

وقد أصبحت مغارة علي بابا مثلا يضرب لكل من فتح له باب رزق سريع ورغيد، فنقول: فلان فتحت له مغارة علي بابا.

أهم عبارة في مسلسل سندباد هي العبارة السحرية: (افتح يا سمسم) ، وهي العبارة التي تمثل المفتاح السحري الذي يفتح المغارة لمن يهتف بها.

وجاء مسلسل نعمان اللطيف لتكون أغنية (افتح يا سمسم أبوابك نحن الأطفال) هي الأغنية الوحيدة تقريبا التي لم ننساها. مسلسلات رائعة كنا نتابعها بكل شغف، ولكن ما علاقة الإسلام بهذا كله؟

الإسلام أعلی وأسمی وأرفع وأعظم من هذا كله، ولكن الناس مع الإسف الشديد جعلوه كمغارة علي بابا، فلكي يدخل أي إنسان الإسلام حسب تصورهم، لا بد أن يقول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، فهذه العبارات هي التي ستفتح له الباب وبها يدخل المغارة، ليس للحصول علی الكنز، ولكن للوقوع بين يدي الأربعين حرامي.

الأربعون حرامي هنا، هم أئمة وسادة وكبراء الفرق والمذاهب والطرق والأحزاب والمليشيات الإسلامية، يدخل المسكين المغارة علی أمل الحصول علی الراحة والطمئنينة ورضوان الله تعالی، فإذا به يجد نفسه بين أيادي آثمة، كل منها تريد منه أن يرتمي في أحضانها، ولازالت تعتبره ضال وفاسق لأنه ليس منها تحديدا.

وهنا نذكر تلك الفكاهة الظريفة التي قيل أنها حدثت في صنعاء القديمة: أعتنق يهودي الإسلام، فقال له أحد الشيعة الهادوية: علی أي مذهب يا يهودي دخلت الإسلام. قال: علی مذهب الإمام الشافعي. فأجابه الشيعي ساخرا: يعني مكانك في اليهودة، فقط انتقلت من زاوية إلی زاوية أخری.

يجد ذلك المسكين سنيا يفجر نفسه في حسينية للشيعة أو في سوق شعبي مكتض بالمارة. ويجد مليشيات شيعية تعطل مصالح بلد بأكمله، ليس هذا فحسب، بل وتنهب وتبتز مقدراته وخيراته. يجد تنظيمات سرية وأحزاب سياسية كل همها الوصول للحكم بأي ثمن ومهما كانت الوسيلة. يجد جمعيات ومنظمات خيرية كل همها التسول والمتاجرة بآلام المسلمين، والمزايدة بقضايا كاذبة كقضية القدس مثلا. باختصار شديد: يجد مسلمين بلا إسلام.

فإذا ما قرر ذلك المسكين أن يجر أذيال الخيبة ويعود إلی بيته سالما غانما، قيل له: أين ستذهب أيها المرتد، أيها الفاسق أيها الزنديق، لا نجوت إن نجيت، لقد أصبح دمك حلال لنا، فإما أن تعود في ملتنا وترتمي في أحضان أحدنا، ويكون لك ما لنا وعليك ما علينا، وإما أن تكتب وصيتك، فليس دخول الحمام كالخروج منه، يا روح ماما.

قلبي يقطر دما علی ذلك المسكين، فهو لم يسلم حين دخل المغارة، ولن يسلم إن حاول الخروج منها، لأن المسكين للأسف لم يدخل الإسلام الحقيقي (الإسلام القرآني) المسكين دخل في إحدی الفرق التي تحسب نفسها علی الإسلام، والإسلام منها براء، تحسب نفسها علی الإسلام هي أشد عداء للإسلام.

الإسلام يا سدة ليس فيه كهنوت، فالذي يريد أن يعتنق الإسلام لا تلزمه أي طقوس كهنوتية، كالغسل والوضوء ولبس ثياب جديدة والوقوف أمام القسيس ليعلن إسلامه، ويعلن القسيس بدوره غفران خطاياه، ويرش عليه من الماء المقدس، ويأكل العشاء الرباني .. الخ.

الإسلام ليس فيها من تلك الطقوس شيء، هذه طقوس توجد في العقائد المنحرفة لا غير. الإسلام علاقة مباشرة بين العبد وخالقه، علاقة لا يعلم حقيقتها إلا الله جل وعلا، علاقة ليس فيها تدخل أو واسطة أو وصاية من أحد.

والإسلام ليس حكرا علی جنس أو عرق بعينة دون سائر الإجناس والأعراق، وهو ليس حكرا علی رسول بعينة دون سائر الرسل، الإسلام هو رسالة الله العاليمة التي جاء بها جميع الأنبياء والرسل، رسالة عظيمة جوهرها: لا إله إلا الله، وعمل صالح.

ختاما:

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأسأله جل وعلا أن يوفقنا ويعيننا علی عمل الصالحات

اجمالي القراءات 6319