لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)- سورة الممتحنة (8).
هل يتصور أن يكون - عقبة - فعلها ؟

يحي فوزي نشاشبي في الأحد ٢١ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله  الرحمن الرحيم

هل  يتصور  أن  يكون  -  عقبة -  فعلها  ؟

أما عن السرد التاريخي الذي تفضلت به - مشكورة -  الأستاذة عائشية حسين، تحت عنوان :  فأراه  موفقا، ومثيرا  لتساؤلات شتى، وراسما بالخصوص ما  يتمتع به الإنسان من الطموح والسعي المفيد، البناء، ومصورا كذلك مدى ضعف الإنسان ووقوعه تحت نير شياطين الجن والإنس، والجنس.

وأما عن الملفت، فهو ذلك التعليق الذي يرى أن القرآنيين حاق بهم شراك التناقض، عندما يتخذون التاريخ وأحداثه وحوادثه كمرجع، وهم يعلمون أن رواة ذلك التاريخ هم أنفسهم رواة ما ينسب إلى عبد الله ورسوله، مما يعتبره القرآنيون افتراء محضا، لا أساس له من الصحة !؟.

وحسب رأيي المتواضع، فإن الأهم في الأمر كله، الذي لا ينبغي أن نغفل عنه، أو نقلل من جديته، وأهميته، هو:  تلكم التعليمات  الإلهية ، وما أدراك ما هي، من التعليمات التي جاءت في حديثه المنزل. ومنها على سبيل المثال، لا  الحصر ما  يلي :

01) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39 ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40 ) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41 ) .سورة  الحج.

02) ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين )- سورة  التوبة- 36 -

03) (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)- سورة الممتحنة (8).

04) (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ

تكره  الناس  حتى  يكونوا  مؤمنين ) . سورة يونس -  99 –

05)  ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴾ [الشورى: 48-

05) (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) سورة البقرة – 190 –

06)( ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) – المائدة 67.

نعم، وعندما يتم الفهم والوعي والهضم والإقتناع بدون أدنى ريب، وبكل  اطمئنان، أن الله عندما  بعث  للبشر آخر تعليماته  المتمثلة  في  القرآن العظيم، وحينهاينبغي، ويجب أن تبقى كل هذه (التعليمات) مجرد  تنبيه، وتحذير، ونصح، وتوجيه، ليس إلا، لا أقل ولا أكثر، ومحرّم عليها أن تتجاوز تلك الحدود  المرسومة.  بل لقد  حذر الله  سبحانه وتعالى من مغبة عدم وعيها  وفهمها وتحويلها إلى كابوس مخيف مسلط على البشرية بالقوة، والعنف، وملوح بظلاله  القاتمة المتوعدة  المتوحشة. ( من شاء ... ومن شاء ..

والظاهر أن الفهم الصحيح  للحديث المنزل على عبده  ورسوله ( عليه الصلاة والتسليم) هو الحرص، كل الحرص، بعرض تلك التعليمات عرضا سليما، جميلا، جذابا، عقلانيا  حضاريا.

وبالتالي :

فإن القرآنيـين هم  قرآنيون،  لأنهم  صدّقوا التعليمات الربانية، واطمأنوا إلى أنها آيات بينات، مبينات، لا تحتاج، ولا تفتقر إلى من يؤيدها أو يعززها، أو يضيف  إليها أية مصداقية، ولذلك فإن كل رواية عندما تكون مصابة بـ: (فيروس) الإفتراء، فإنها لا محالة  تتكسر وتتحطم  وتتهشم  وتتلاشى أخيرا، عندما تحاول التطاول والوقوف أمام أحسن الحديث.

وعلــيه :

فلعل الرد المناسب  لذلك  الرأي  المتسائل ، أو المنتقد  أهل القرآن عندما يصدقون الروايات التاريخية، ولا يصدقون رواة الأحاديث  المنسوبة  إلى  رسول الله ، لعل الرد  هو :

إن أي رد  تاريخي، وأية رواية  تاريخية، عندما تعرض على روح التعليمات الإلهية التي  تتمثل في أن الله أمر عبده  ورسوله بمهمة التبليغ، مجرد  التبليغ،  ولا شئ غير التبليغ،عليه الصلاة والتسليم ) هو الحرص ، كل الحرص، بعرض تلك التعليمات عرضا  سليما، جميلا، جذابا، عقلانيا  حضاريا.

الحدود  المرسومة.  وفي كل الأحوال،  وأن هذا  هو  بالضبط  ما  يجب على المؤمنين الحقيقيين  الصادقين أن  يتخذوه  أسوة  حسنة . (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب 33.

فعندما يكون أهل القرآن مقتنعين بما فيه الكفاية  بهذه  التعليمات ،  فإنهم  يصبحون محكوما عليهم  بترجيح  ما  يلي :

1) إما أن يكون عقبة بن نافع  جاء هو ومن معه من جيش، متجشما الصعاب  والمخاطر  من أقصى  الشرق ، وهدفه  النبيل، ونيته المخلصة، هي تبليغ  الرسالة  وإيصالها  إلى  أقصى  الغرب، لا غير،  ثم  الرجوع من حيث  أتى ، راجيا من الله ومتضرعا  له أن يتقبل مسعاد  وعمله  الصالح ، في إطار ( ولكم في رسول الله اسوة حسنة ) ، ومقتنعا أن هذا هو بالذات  وبالضبط  ما  يقصده  الله  في  تعليماته .

2) وإما أن يكون عقبة  بن نافع  جاء هو وجيشه غازيا، وفي تلك الحالة لا يمكن له أن يكون إلا معتديا على فعل ( فتح) فاتحا،  لهذه  البلاد، وليس عارضا الرسالة، بل ملوحا بها، مثلها مثل الراية السوداء التي  يرفعها ويلوح بها قرصان البحار  عندما  تقع  أعينهم على باخرة  في  عرض  البحر، وتكون مسيلة  للعابهم،  ولعل الأصح مسيلة  للعاب غرائزهم الجشعة في السطو، والنهب، والتنكيل ، بعد اعتداء سافر هو الآخر على كلمة ومعنى (غنم  غنيمة غنائم ). علما أن هذا بالضبط هو ما  يمقته الله  من خلال  تعليماته  ويحذّرنا  منه.

3) وباختصار شديد، فالمعتقد  أن  الصواب هو في عرض  كل رواية أو كل سرد تاريخي، عرض ذلك على القرآن العظيم  الذي لا يأتيه  الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

4) وهناك تساؤل أخير فرض نفسه ، ولعله يكون خطرعلى العديدين؟ وهو عندما  نصدق  بكل اطمئنان  وبدون أدنى تساؤل، وبكل ما  في كلمة  سذاجة معنى، أن النبي محمد (عليه الصلاة والتسليم ) عندما نصدق، أنه  نظم  جيشا  فانطلق  به  نحو جهة  ما،  أو  قوم  ما،  غازيا  أو فاتحا، ( لا  تهم  كثيرا الصفة أو العبارة ) المهم عندما نصدق أنه فاجأ قوما  ما  في  عقر  دارهم  بجيشه  ليفعلوا  في  الأهالي  أفاعيلهم، وليسْبـُوا  أخيرا،  وينهبوا،  ويعرضوا  الجزية  ، وما إلى ذلك .

ألا  نكون عندها،  من  حيث ندري أو لا  ندري،  أو  من حيث  التلميح  أو التصريح ، أو اتهامه (عليه الصلاة  والتسليم )  بأنه  هو  أول من  تنكر للوحي الذي  نزل عليه ؟  وللتعليمات التي تقول له. ( ما عليك  إلا البلاغ ) ( أفأنت تكره اناس حتى يكونوا مؤمنين) .

******* 

 

اجمالي القراءات 7077