حكومة عبد الاه بنكيران اعلنت الحرب المقدسة ضد الامازيغية و مكاسبها الرمزية
حكومة عبد الاه بنكيران اعلنت الحرب المقدسة ضد الامازيغية و مكاسبها الرمزية

مهدي مالك في الجمعة ١٢ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 حكومة عبد الاه بنكيران اعلنت الحرب المقدسة ضد الامازيغية و مكاسبها الرمزية

بدون اية مقدمات                                                                

لعل خطاب اجدير التاريخي بدون ادنى شك قد شكل لحظة استثنائية بالنسبة لتاريخنا المعاصر كالدولة المغربية التي ظلت منذ سنة 1956 تتميز بالاحادية على كل المستويات و الاصعدة اي العروبة و الاسلام المخزني..

لقد شكل ظهور الامازيغية على الساحة الرسمية كشرعية ثقافية صرفة لحظة جميلة في صفوف الحركة الامازيغية بشموليتها انذاك  اي في سنة 2001  حيث ان النخبة الامازيغية قد علقت امال عريضة  بعد انتقال العرش الى الملك محمد السادس و بزوغ عهد جديد من الاصلاحات و الحداثة السطحية كما اسميها و خطاب حقوق الانسان بمعنى ان النخبة الامازيغية وقتها لم تريد الادراك ان السياسة الامازيغية الجديدة لم تشكل انطلاقة حقيقية للتعامل بشكل جذري مع القضية الامازيغية سياسيا او دينيا..

 ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بالنسبة لي هو مجرد مؤسسة استشارية و أكاديمية حيث من بين مهامها الاساسية هي ادماج الامازيغية الاولي في التعليم و في الاعلام و تشجيع الجمعيات العاملة في الفلكلور الشعبي الخ دون احداث اية نهضة  مهما كانت على عدة ميادين من قبيل حقلنا الديني الرسمي و  حقلنا السياسي اي ان السياسة الامازيغية الجديدة لا تريد زعزعة ثوابت المخزن التقليدي من قبيل ايديولوجية الظهير البربري و الرواية الرسمية لتاريخ المغرب حيث ان موقفي من المعهد الملكي للثقافة الامازيغية اصبح واضح و صريح لكنني اتاسف لما سيتعرض له هذا المعهد من مصادرة املاكه وفق القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات و الثقافة المغربية الذي خرج الى النور اخيرا ............

ان رئيس حكومتنا الاسلاموية قرر اقبار المسار الطويل الذي قطعته الامازيغية طيلة 14 سنة في التعليم و في الاعلام و كذا في مجال البحث العلمي حيث علينا ان لا نتجاهل ما أنتجه المعهد الملكي للثقافة الامازيغية من الكتب القيمة في شتى حقول الثقافة و التاريخ الامازيغيان حيث قبل خطاب اجدير لا يوجد اهتمام رسمي بالامازيغية كما نعلم جمعيا..

 لكن بالمقابل هناك الحقيقة مفادها ان منذ الاستقلال الشكلي طرحت المسالة الثقافية الامازيغية دون ربطها بالدين الاسلامي  بشكل مباشر او بشكل ايديولوجي نظرا لطبيعة ذلك السياق التاريخي الذي تميز بصعود النخبة الفاسية لتولي المناصب العليا في البلاد كما يعلمه الجميع و صعود ايديولوجية الظهير البربري بشكل مهول مما منع اي حديث و لو سطحي حول الامازيغية كمسالة ثقافية انذاك و بالاحرى الحديث حول العلاقة بين  الامازيغية و الاسلام خاصة ان اغلب امازيغي المغرب هم مسلمون و ثقافتهم الامازيغية هي نفسها الثقافة الاسلامية المغربية في كل تفاصيلها الاصيلة اي ان اجدادنا الامازيغيين استقلوا عن المشرق قرون طويلة من خلال الاحتكام الى سلطة العقل الاجتهادي حيث ادركوا ان الزمان يتغير و يتجدد من ناحية الافكار و السياقات الاجتماعية و الحقوقية بحكم ان الامازيغيين كانوا مسلمين علمانيين بشهادة تاريخهم الاجتماعي بدون ادنى شك غير ان الدولة الوطنية اخذت منذ سنة 1956 تخرب الذاكرة الجماعية للامازيغيين من خلال تشويه تاريخهم ما قبل اسلامهم و ما بعد اسلامهم في المقررات الدراسية طيلة عقود من الزمان...

ثانيا  كما قلت في كتابي الجديد و في مقالاتي مرارا و تكرارا ان المغرب المستقل قد اسس حقله الديني الرسمي على العروبة و الاسلام المشرقي و ايديولوجية الظهير البربري اي ان حقلنا الديني الرسمي طيلة هذه العقود ساهم في تكوين تيارات الاسلام السياسي بشكل و باخر حيث ان هذه التيارات رفضت في عز التسعينات اي نقاش حول الامازيغية كحقوق لغوية و ثقافية على الاطلاق بالاعتبار ان اللغة العربية هي لغة القران الكريم و الدين الاسلامي اي ان الامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم لا تتوفر على اية علاقة مهما كانت بالاسلام.

و بعد خطاب اجدير رفضت هذه التيارات حرف تيفيناغ لتدريس الامازيغية داخل المدرسة المغربية ابتداء من سنة 2003 فكان الحسم بيد الملك محمد السادس حيث ارسل رسالة تهنئة الى المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بمناسبة اعتماد حرف تيفيناغ كحرف رسمي لتدريس الامازيغية داخل المدرسة المغربية ..

و بعد احداث 16 ماي 2003 الارهابية طالبت حركتنا الامازيغية بالعلمانية او بمعنى اصح استرجاع علمانيتنا الاصيلة لكن هذه التيارات الفضيلة حسب اعتقاد اغلب المغاربة لعبت على الوتر الديني الحساس بالنسبة اليهم حيث اتهمت حركتنا بالالحاد و بالجاهلية كأن تاريخ العرب بعد الاسلام هو نظيف من اية جاهلية مهما كانت لكن ماذا سنسمي نظام ملك اليمين حيث حشا لله ان امر في كتابه العزيز باغتصاب النساء في ما يسمى بالفتوحات الاسلامية او اتخاذهن كجواري جميلات في قصور الخلافة القرشية كما اسميها حيث كانت مهمتهن الاساسية هي ممارسة الجنس مع الخلفاء دون عقد الزواج الشرعي على الاطلاق كما هو معلوم في تاريخنا الاسلامي حيث لا احد يستطيع انكار هذه الحقائق بجرة القلم او الهروب الى الامام ....

انني استغرب حقيقة من هؤلاء الدعاة الاسلاميين عندما يقولون و يصرحون ان الغرب هو واحة للدعارة و شرب الخمر الخ كأن تاريخ العرب بعد الاسلام لم يعرف مثل هذه المسائل نهائيا و يطالبوننا بالعودة الى عصر سلفهم الصالح حيث كان  العدل و الاخلاق الاسلامية الصحيحة اي هتك اعراض النساء و تقديس العرق العربي الخ بمعنى علينا  ان نفرق بين القران الكريم و التراث السلفي الوضعي اي وضعه الانسان بعد مرور قرنان على وفاة الرسول الاكرم حسب رايي الشخصي  ...

و هكذا فان هذه التيارات المسماة بالاسلامية ظلما و بهتانا لا تفكر الا  بمنطق السلف الصالح كما يسمى في كل شيء حيث قرر رئيس الحكومة اعلان الحرب المقدسة على الامازيغية و  مكاسبها الرمزية طيلة 14 سنة الماضية بغية اسلمة الدولة و وقف المد الامازيغي المدني و السياسي عن تحقيق مطالبه و تعزيز معركة امازيغية و اقبار الامازيغية نهائيا حيث  قلت في احدى المقالات في هذا الصيف انني اعتقد ان القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية اذا صدر في اللحظة الاخيرة من عمر هذه الحكومة سيكون حاملا لبصمات التيار الاسلامي بدون ادنى شك حيث هنا سيظهر فشل هذا المسار الذي انطلق مع خطاب 9 مارس 2011 بحكم ان اغلب التيارات الاسلامية ببلادنا تتوافق مع  المخزن التقليدي في رفض اي تقدم لامازيغي المغرب نحو استعادة قيمهم الاصيلة من قبيل الديمقراطية و العلمانية  ...

انني اعتقد ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية مهما كانت خلافاتنا معه لا يستحق ان تصادر املاكه لصالح المجلس الوطني للغات و الثقافة المشرقية عفوا المغربية بحكم اننا نعيش في عز حكومة يقودها حزب يرجع اصوله الايديولوجية و السياسية الى جماعة الاخوان المسلمين التي اسست سنة 1928 بمصر بايعاز من عائلة ال سعود حسب ما قاله الاستاذ احمد صبحي منصور في احدى كتبه المنشورة في موقع اهل القران اي ان الوهابية هي ام تيارات الاسلام السياسي و الجهادي  في عالمنا الاسلامي ...

قد اعلنت الفدرالية الوطنية للجمعيات الامازيغية عن نيتها ارسال رسالة الى الملك محمد السادس منذ يوليوز الماضي اي قبل صدور قانون تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية الكارثي بصريح العبارة حيث اعتقد ان مثل هذه الخطوات ستكون ذات اهمية قصوى في هذه الظرفية الاستثنائية بالنسبة  لقضيتنا الامازيغية بشمولتها امام هذه الحرب المقدسة من طرف الارهاب الاسلاموي ..

المهدي مالك

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 5550