بين الانفاق فى سبيل الله جل وعلا والميراث والوصية

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١١ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

جاءنى هذا السؤال من مؤمن فاعل للخير ، أكرمه الله جل وعلا :  

( السلام عليكم وجزاكم الله خيرا أنا أرمل وليس لدي أطفال ، ولأسباب شخصية لا أفكر في الزواج مرة ثانية. مرتبي الشهري يكفيني والحمد لله ، وعندي مبلغ من المال يعادل 800000 جنيه مصري . أتصدق على المساكين إلا أنني أشعر دائما أن ما أقدمه غير كاف. ألآن أريد أن أكتب وصية لتقسيم هذا المبلغ بعد وفاتي . فمن فضلكم ماهي طريقة التقسيم التي تقترحونها علما أن أقاربي هم كالآتي: ـ أبناءأخت شقيقة متوفات وهم فقراء ـ أخت شقيقة ميسورة ـ أبناء أخت من الاب متوفات وهم فقراء ـ دون إغفال المساكين واليتامى.... سؤال أخير هل ليس علي إثم لو قمت بتوزيع هذا المبلغ وأنا على قيد الحياة؟ )

وأقول :

 أولا :

الاجابة الخاصة للسائل أكرمه الله جل وعلا :

1 ـ هناك إنفاق فى سبيل الله جل وعلا يتبع الجهاد ، وهو الآن الإنفاق فى سبيل الدعوة الاسلامية لتصل الى الناس تنشر القيم الاسلامية العليا من السلام والعدل والرحمة والحرية الدينية و الحرية السياسية ، وتنقى عقائد المسلمين مما لحقها من أوساخ الديانات الأرضية وتهم الارهاب والتطرف والتزمت والتعصب . هذا الانفاق الذى يعنى الجهاد بالنفس والمال .

وهناك إنفاق فى سبيل الله جل وعلا بمعنى الصدقة للمستحقين .

2 ـ وطالما ظل الفرد حيا فعليه الانفاق فى سبيل الله فى هذين الوجهين ـ  قبل موته . لأنه إن لم يفعل وجاءه الموت فسيتمنى ـ وهو يترك أمواله ـ لو يُعطى فرصة ليتصدق ، ولكن دون جدوى . من هنا يعظ رب العزة المؤمنين بالانفاق فى سبيله جل وعلا قبل مجىء الموت وقبل الندم ، يقول جل وعلا : ( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون)

3 ـ  بالنسبة للوصية فهى عند إقتراب الموت ، ولاتجوز إلا للاقربين الورثة : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة  )، وهناك فارق بين ( الأقربين ) وهم الورثة وبين (  ذوى القربى ، أو أولى القربى ) أى الأقارب الذين لا يرثون . الأقربون هم الورثة ولهم الحق فى الوصية ، أما مجرد الأقارب فليسوا من الورثة وليسوا اصحاب حق فى الوصية .

4 ـ  وفى حالتك تكون الوصية للأخت الشقيقة فقط . ولها أيضا نصف التركة . 

الأقارب الآخرون واليتامى والمساكين إذا حضروا تقسيم التركة فلهم فيها حق ، يكون لهم الباقى، يقول جل وعلا :( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء  )

5 ـ  معظم المؤمنين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، والصدقة هى التى تطهرهم وتتيح لهم الغفران ، يقول جل وعلا : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) التوبة ).

6 ـ الواجب عليك المسارعة بالانفاق فى سبيل الله جل وعلا ، كى تنال مغفرة الرحمن قبل مجىء الأجل ، يقول جل وعلا : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) آل عمران ) .  

7 ـ بعدها نأتى للتفصيل والتوضيح

ثانيا :   

معنى الجهاد بالمال فى سبيل الله جل وعلا  :

1 ـ الجهاد يشمل الدعوة بالقرآن الكريم ، يقول عنه جل وعلا  : (فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (52) الفرقان  ). هذا هو الجهاد الكبير ، وهو المستمر بلا توقف . وهناك الجهاد القتالى الذى يقتصر على رد العدوان ، فالقتال فى سبيل الله جل وعلا هو دفاعى لرد الاعتداء فقط ، ويستمر طالما إستمر الاعتداء ، فإذا توقف المعتدى توقف القتال معه . يقول جل وعلا : (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة  ).   

2 ـ هذا القتال الذى فى سبيل الله يستلزم إستعدادا حربيا ،من هنا يرتبط  هذا الجهاد العسكرى فى سبيل الله جل وعلا بالانفاق فى سبيل الله جل وعلا ، يقول جل وعلا :  (  وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) الانفال ) .

3 ـ وهناك قتال فى سبيل الشيطان ، قتال يعتدى يستهدف السلب والنهب والاستعلاء والاحتلال . يقول جل وعلا : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76) النساء ).

والقتال فى سبيل الشيطان يستلزم أيضا نفقة عسكرية ، كما أن نشر الدعوة الشيطانية للأديان الأرضية تستلزم أيضا مالا ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الانفال )

ثالثا :

الجهاد بالمال فى سبيل الله جل وعلا  فى بداية دولة النبى محمد عليه السلام :

1 ـ فى بداية تكوين الدولة الاسلامية كانت الهجرة  للمدينة والجهاد بالنفس والمال أساس الموالاة ، يقول جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ . ) (72) الانفال  )

2ـ المؤمنون فى عهد النبى محمد عليه السلام  كانوا درجات ، قال جل وعلا عنهم : ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96) النساء  )

3 ـ وفى البداية مع أول تشريع للقتال الدفاعى حّذّر رب العزة المؤمنين بالتهلكة إن لم ينفقوا فى سبيل الله جل وعلا ، قال جل وعلا : (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) البقرة ).

ثم بعدها هدّدهم الله جل وعلا بأن يستبدل قوما غيرهم إذا بخلوا عن الجهاد بأموالهم فى سبيل الله جل وعلا ، قال جل وعلا لهم : (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد  ) .

ذلك أن المنافقين كانوا يقولون : ( لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7)  المنافقون )

 رابعا :

الجهاد بالمال فى سبيل الله جل وعلا  فى أواخر عصر النبى محمد عليه السلام :

 1 ـ : إستمرت الدعوة الى القتال الدفاعى والانفاق فى سبيل الله جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41) التوبة ) .

2 ـ  : حرص النبى والمؤمنون الحقيقيون على الجهاد القتالى الدفاعى وعلى التبرع بأموالهم فى سبيل الله جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)  التوبة )

 3 ـ : وهناك مؤمنون فقراء ومؤمنون لهم أعذار لم يكن لديهم سوى النصيحة والاخلاص ، قال جل وعلا عنهم : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة  )

4 ـ : هذا بينما تكاسل المنافقون عن القتال الدفاعى وبخلوا رفضا للتبرع للمجهود الحربى فى سبيل الله جل وعلا ، قال عنهم جل وعلا :( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ  ) (81) التوبة )

5 ـ وبعضهم لم يكتف بهذا ، بل كان يسخر من الفقراء المؤمنين الذين يتبرعون بالمال القليل الذى يملكونه و يلمزون المؤمنين الأغنياء المتبرعين ، فقال جل وعلا عنهم : (  الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) التوبة   ).

خامسا :

الجهاد بالمال فى سبيل الله جل وعلا  فى الجهاد  فى عصرنا :  

1 ـ  هناك آيات فى الحث على الجهاد المالى فى سبيل الله جل وعلا تسرى على عصرنا ، يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13) الصف ) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات   )

2 ـ وبينما يكون القتال الدفاعى حالة إستثنائية فإن الجهاد السلمى بالقرآن الكريم فريضة مستمرة ، بالدعاة المتجردين بأنفسهم لهذا وبمن يساندهم جهادا بالمال فى سبيل الرحمن جل وعلا .

3 ـ والوهابيون بكل أطيافهم ينفقون البلايين فى الصد عن القرآن الكريم ـ سبيل الله ـ ليجعلوا دين الله ـ الاسلام ـ عوجا ، وبهم أصبح الاسلام متهما بالارهاب والتطرف والتزمت والتعصب والتخلف . وقد قالها جل وعلا فى آية تنطبق على عصر قريش كما تنطبق على عصرنا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الانفال )، نلاحظ التعبير بالمضارع فى الآية الكريمة كلها : ( يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ) ( لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) ( فَسَيُنفِقُونَهَا ) (  ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ) ( ثُمَّ يُغْلَبُونَ ) .

4 ـ وينطبق على عصرنا بالذات قول الله جل وعلا للكافرين الوهابيين المسيطرين على المسجد الحرام ظلما وعدوانا : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) التوبة )  أهل القرآن الذين هاجروا بدينهم فى سبيل اللهـ نرجو أن ينطبق عليهم قوله جل وعلا  بعدها : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22) التوبة   ).

5 ـ يقوم أهل القرآن بالدعوة الاسلامية لتصل الى الناس تنشر القيم الاسلامية العليا من السلام والعدل والرحمة والحرية الدينية و الحرية السياسية ، وتنقى عقائد المسلمين مما لحقها من أوساخ الديانات الأرضية وتهم الارهاب والتطرف والتزمت والتعصب . وهذا يعنى الجهاد بالنفس والمال.

سادسا :

الجهاد المالى هو ( إقراض ) لرب العزة جل وعلا :

  إنه معنى هائل ( أن تقرض الله جل وعلا قرضا حسنا ) . معنى بالغ التأثير فى قلب المؤمن ، والمؤمن يعى مسئوليته . وقد جاء هذا التعبير الهائل مرتبطا بالجهاد بالمال فى قول رب العزة جل وعلا :

   1 ـ (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)البقرة )

2 ـ  ( وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الحديد )

 3 ـ (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20) المزمل ). 

 ودائما : صدق الله العظيم ..!!

اجمالي القراءات 7899