مسلسل الدم بين المأمون وأهله العباسيين والبغداديين

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٢ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

1 ـ  دارت الحرب بين المأمون المقيم فى ( مرو ) بفارس والأمين المقيم فى بغداد ، أى كانت الحرب بين فارس وبغداد . وانتصر المامون ودخل جيشه بغداد ، ودافع عن بغداد العوام فيها ، وأظهروا بطولات بأسلحتهم الخشبية والبدلئية . وبعد قتل الأمين ، ظل المامون فى فارس ، ثم سافر فى رحلة طويلة حتى وصل بغداد عام 204 .

2 ــ أهل بغداد لم ينسوا ثأرهم ، خصوصا وقد شاع خضوع المأمون للفضل بن سهل ،وصار لأخيه الحسن بن سهل نفوذ كبير ، بما أغضب الأسرة العباسية فى بغداد ، وثار العلويون وتزعم جيشهم أبو السرايا وانضم اليه العرب ، وامتدت ثورته من الكوفة الى البصرة والمدائن ومكة والمدينة واليمن ، وعالج المأمون هزائم جيشه أمام العلويين بتعيين علوى وليا لعهده وسمّاه الرضى (على الرضى ) ، فزاد غضب العباسيين ولم يفلح فى كسر شوكة العلويين بهذا التعيين ، فتخلص بالسم من ولى عهده العلوى ، ولكن لم تنته مشاكل المأمون فى بغداد ، فتوالت ثوراتهم بأشكال مختلفة ، منها قطاع الطرق ، ومنها ثورة ( ابراهيم بن المهدى ) عم المأمون وبعض العباسيين ، ومنهم فقهاء رفعوا شعار الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر طريقا للتحكم فى الشارع . وجاء المأمون الى بغداد ، وأنهى كل هذه القلاقل بعد مسلسل من الدماء فى عاصمة ما يعرف بدار السلام . ونعطى بعض التفصيلات :

 ثورة الرعاع والعوام من اهل بغداد

عام 199 : ( خرج الحسن الهرش في جماعة من سفلة الناس معه خلق كثير من الأعراب ودعا إلى الرضى من آل محمد، وأتى النيل( منطقة زراعية بالعراق ) ، فجبى الأموال ونهب القرى وانتهب الأنعام وعاث في البلاد فساداً  ) ، فهزمه جيش للمأمون يقوده أزهر بن زهير بن المسيب ، فقتلوه في المحرم من هذه السنة‏.‏ 

عام 203 مع تفاقم الأوضاع حيث تداعت سلطة ابراهيم بن المهدى الذى بويع خليفة بعد أن خلع البغداديون المأمون ـ ( ظهرت الفتن والشطار والفساق ببغداد وتفاقم الحال، وصلوا يوم الجمعة ظهراً، أمَّهم المؤذنون فيها من غير خطبة، صلوا أربع ركعات، واشتد الأمر واختلف الناس فيما بينهم في إبراهيم والمأمون، ثم غلبت المأمونية عليهم‏.‏، وخلع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي.. ) وسنعرض لابراهيم بن المهدى فيما بعد .

 ثورات الفقهاء

عام 201  فى بغداد وأجوارها : ( عمّ البلاء بالعيَّارين ( قطاع الطرق ) والشطار ( اللصوص )والفُسّاق ببغداد وما حولها من القرى، كانوا يأتون الرجل يسألونه مالاً يقرضهم أو يصلهم به فيمتنع عليهم فيأخذون جميع ما في منزله، وربما تعرضوا للغلمان والنسوان، ويأتون أهل القرية فيستاقون من الأنعام والمواشي، ويأخذون ما شاؤوا من الغلمان والنسوان، ونهبوا أهل (قطربل) ولم يدعوا لهم شيئاً أصلاً‏. فانتدب لهم رجل يقال له‏:‏ خالد الدريوش، وآخر يقال له‏:‏ سهل بن سلامة..من اهل خراسان‏.والتف عليهم جماعة من العامة فكفوا شرهم وقاتلوهم، ومنعوهم من الفساد في الأرض. ) .

 وفى رواية أخرى اكثر تفصيلا : ( ‏ تجرَّدت المطوّعة للإنكار على الفساق ببغداد، وكان رئيسهم خالد المريوش وسهل بن سلامة ‏.وكان السبب في ذلك‏:‏ أن فساق الجند والشطار أذوا الناس أذىً شديدًا وأظهروا الفسق وقطع الطريق وأخذوا النساء والغلمان علانية من الطرق ، وكانوا يجتمعون فيأتون الرجل فيأخذون ابنه فيذهبون به فلا يقدر على المنع منهم ، وكانوا يجتمعون فيأتون القرى فيأخذون ما قدروا عليه ولا سلطان يمنعهم .. وخرجوا في آخر أمرهم إلى ( قطربل ) فانتهبوها علانية ، وجاءوا بما أخذوه يبيعونه علانية ، وجاء أهلها فاستعدَوا السلطان فلم يعدِهم، وكان ذلك في آخر شعبان. فلما رأى الناس ذلك قام صُلحاء كل رَبَض ودرْب ومشى بعضهم إلى بعض وقالوا‏:‏ إنما يكون في الحرب الواحد الفاسق والفاسقان إلى العشرة فأنتم أكثر منهم وقد غلبوكم فلو اجتمعتم لمنعتم هؤلاء الفساق ‏.‏فقام رجل من ناحية طريق الأنبار يقال له‏:‏ خالد الدريوش فدعا جيرانه وأهل محلته إلى معاونته على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأجابوه ، فشد على مَنْ يليه من الفساق والشطار فمنعهم وحبسهم ورفعهم إلى السلطان، لأنه كان لا يرى أن يُغَيِّر على السلطان شيئًا. ) . أى لم يقم بالثورة على السلطة . وهذا عكس ما فعله الفقيه الآخر . تقول الرواية : ( ثم قام من بعده بيومين أو ثلاثة رجل يقال له‏:‏ سهل بن سلامة الأنصاري من أهل خُراسان ويكنى‏:‏ أبا حاتم ،  فدعا الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل بكتاب الله وسُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلّق مصحفًا في عنقه ، ثم بدأ بأهل محلته وجيرانه ، فأمرهم ونهاهم ، فقبلوا منه ، ثم دعا الناس جميعًا إلى ذلك ، وجعل لنفسه ديوانًا يثبتَ فيه اسم من أتاه يبايعه على ذلك لقتال من خالفه.  فأتاه خلق كثير فبايعوه . إلا أن خالد الدريوش خالفه فقال‏:‏ أنا لا أغير على السلطان شيئًا ولا أقاتله ‏.قال سهل‏:‏ " أنا أقاتل كل من خالف الكتاب والسنة كائنًا مَنْ كان، سلطانًا أو غير سلطان فمن بايعني على ذلك قبلته ومن خالفني قاتلته "‏. وقام سهل بذلك يوم الخميس لأربع خلون من رمضان ، وقوتل من قبل السلطان قاتله عيسى بن محمد بن أبي خالد ، فقاتل ، فضرب ضربة بالسيف ، فرجع إلى منزله . ثم اعتذر إليه عيسى . )

ثورات العباسيين على المأمون

   المنصور بن المهدى

1 ـ بسبب كراهيتهم فى الحسن بن سهل حارب اهل بغداد نائب الحسن بن سهل على بغداد ، وأخرجوه ، ‏ وراودا ( منصور بن المهدي ) على الخلافة فأبى فطلبوا منه الإمرة عليهم على أن يدعو للمأمون بالخلافة ‏.وقالوا‏:‏( لا نرضى بالمجوسي ابن المجوسي  )يعنون الحسن بن سهل - فأجابهم المنصور لذلك‏.‏ وكان هذا عام 201 . وسالت دماء كثيرة فى معارك ،

2 ـ وننقل فقرات ( دموية ) من بعض الروايات : ( وقدم عيسى بن محمد بن أبي خالد من ألرقة من عند طاهر، في هذه الأيام، فوافق أباه على قتال الحسن بن سهل، فمضيا ومن معهما إلى قرية أبي قريش قريب واسط، ولقيهما في طريقهما عساكر الحسن، في غير موضع، فهزماهم.) (  ثم تقدم محمد إلى واسط، ووجه محمد ابنه هارون من دير العاقول إلى النيل، وبها نائب للحسن، فهزمه هارون، وتبعه إلى الكوفة.) (  وكان الفضل بن الربيع مختفياً كما تقدم إلى الآن، فلما رأى أن محمداً قد بلغ واسطاً طلب منه الأمان فأمنه، وظهر، وسار محمد إلى الحسن على تعبئة فوجه إليه الحسن قواده وجنده، فاقتتلوا قتالاً شديدأ ، فانهزم أصحاب محمد بعد العصر، وثبت محمد حتى جرح جراحات شديدة، وانهزموا هزيمة قبيحة، وقتل منهم خلق كثير، وغمنوا مالهم،  ونزل محمد بفم الصلح، وأتاهم الحسن، فاقتتلوأ، فلما جنهم الليل رحل محمد وأصحابه، فنزلوا المنازل، فأتاهم الحسن، فاقتتلوأ، فلما جنهم الليل ارتحلوأ. ) ( وقتل أبوزنبيل زهير بن المسيب من ليلته، ذبحه ذبحأ، وعلق رأسه في عسكر أبيه.) ( وبلغ الحسن بن سهل موت محمد، فسار إلى المبارك، فأقام به، وبعث في جمادى الآخرة جيشاً له، فالتقوا بأبي زنبيل بفم الصراط، فهزموه، وانحاز إلى أخيه هارون بالنيل، فتقدم جيش الحسن إليهم، فلقوهم، فاقتتلوا ساعة، وانهزم هارون وأصحابه، فأتوا المدائن، ونهب أصحاب الحسن النيل، ثلاثة أيام، وما حولها من القرى.) (   وعسكر منصور بكلواذي، بعث غسان بن عباد بن أبي الفرج إلى ناحية الكوفة، فنزل بقصر ابن هبيرة، فلم يشعر غسان إلا وقد أحاط به حميد الطوسي، فأخذه أسيرأ وقتل من أصحابه، وذلك لأربع خلون من رجب.) ( وسير منصور بن المهدي محمد بن يقطين في عسكر إلى حميد، فسار حتى أتى كوثى، فلم يشعر بشيء حتى هجم عليه حميد، وكان بالنيل، فقاتله قتالاً شديداً وانهزم ابن يقطين، وقتل من أصحابه، وأسر، وغرق بشر كثير، ونهب حميد ما حول كوثى من القرى. )

 3 ـ مسلسل الدم هذا حدث خلال عام واحد من الاضطرابات

ابراهيم بن المهدى

1 ـ وفى عام 201  جاء الخبر أن المأمون بايع لعلي الرضى بالولاية من بعده، فاختلف أهل بغداد بين مجيب مبايع وممانع، مع امتناع العباسيين بزعامة ابنا الخليفة المهدي ( إبراهيم ومنصور ) ، ثم بايعوا  فى آخر ثلاثاء من ذي الحجة (إبراهيم بن المهدي) خليفة بدلا من المأمون ، ولقبوه‏:‏ المبارك ، ومن بعده لابن أخيه إسحاق بن موسى بن المهدي.  فلما كان يوم الجمعة التالى أراد بعضهم أن يدعو فى صلاة الجمعة للمأمون ثم من بعده لإبراهيم بن المهدى فرفض عوام بغداد ، وقالوا ‏:‏ لا تدعوا إلا إلى إبراهيم فقط، تقول الرواية : ( واختلفوا واضطربوا فيما بينهم، ولم يصلوا الجمعة، وصلى الناس فرادى أربع ركعات‏.‏)

2 ـ واستقبل ابراهيم بن المهدى خلافته مع العام الجديد 202 باسترضاء الجند ، تقول الرواية (فأعطى كل رجل منهم مائتي درهم وكتب لبعضهم إلى السواد  ( الأرض الزراعية فى العراق ) بقيمة ما لهم من الحنطة،  فخرجوا في قَبْضها فلم يمرّوا بشيء إلا نهبوه وأخذوا النصيبين جميعًا‏:‏ نصيب أهل البلاد ونصيب السلطان. ) وبمساعدة أهل بغداد سيطر ابراهيم بن المهدى على الكوفة والسواد كله ( وعسكر بالمدائن ، وولّى الجانب الشرقيّ من بغداد العباس والجانب الغربيّ إسحاق بن موسى الهادي . )

3 ـ كل هذا بينما ظل ( الحسن بن سهل ) والى العراق من طرف المأمون  في حدود واسط ، والمأمون ببلاد خُراسان . فلم يزل إبراهيم خليفة على بغداد وما غلب عليه من السواد والكوفة ، الى أن رحل المأمون من خراسان وأشرف  على العراق وقرب من بغداد، فضعف أمر إبراهيم بن المهدي وقصرت يده وتفرَّق الناس عنه ، وهرب ، ثم قبض عليه أعوان المأمون ، وجىء به للمأمون فعفى عنه .  

4 ـ وفى عام 202 هزم جيش لابراهيم بن المهدى جيشا لأبلى السرايا يقوده أخو أبى السرايا بالكوفة ، وانتهى أمره بالقتل ( وثب أخو أبي السرايا بالكوفة فبيض واجتمعت إليه جماعه فلقيه غَسّان بن الفرج في رجب فقتله وبعث برأسه إلى إبراهيم بن المهدي ‏.‏)

5 ـ ودخل ابراهيم بن المهدى فى حروب فى الوقت القصير الذى كان فيه خليفة ( أقل من سنتين ) . ونقتطف بعض السطور الدامية من تلك المعارك : ( ...فلما كان الليل خرج حميد إلى الحسن، وكان الحسن قد وجه حكيماً الحارثي إلى النيل، فسار إليه عيسى بن محمد، فاقتتلوأ، فانهزم حكيم، فدخل عيسى النيل، ووجه إبراهيم إلى الكوفة سعيدأن وأبا البط، لقتال العباس بن موسى ) ،  ( فلما أتاه سعيد وأبوالبط ونزلوا قرية شاهي بعث إليهم العباس ابن عمه علي بن محمد بن جعفر، وهوابن الذي بويع له بمكة، وبعث معهم جماعة منهم أخوأبي السرايأ ، فاقتتلوا ساعة، فانهزم علي بن محمد العلوي وأهل الكوفة، ونزل سعيد وأصحابه الحيرة، وكان ذلك ثاني جمادى الأولى؛ ثم تقدموأ فقاتلوا أهل الكوفة، وخرج إلى شيعة بني العباس ومواليهم، فاقتتلوا إلى الليل، وكان شعارهم: يا أبا إبراهيم، يا منصور، لا طاعة للمأمون، وعليهم السواد، وعلى أهل الكوفة الخضرة.فلما كان الغد اقتتلوأ، وكان كل فريق منهم إذا غلب على شيء أحرقه ونهبه؛ فلما رأى ذلك رؤساء أهل الكوفة خرجوا إلى سعيد فسألوه الأمان للعباس وأصحابه، فأمنهم على أ ن يخرجوا من الكوفة، فأجابوه إلى ذلك، ثم أتوا العباس فأعلموه ذلك، فقبل منهم، وتحول عن داره، فشغب أصحاب العباس بن موسى على من بقي من أصحاب سعيد، وقاتلوهم، فانهزم أصحاب سعيد إلى الخندق، ونهب أصحاب العباس دور عيسى بن موسى، وأحرقوأ، وقتلوا من ظفروا به.فأرسل العباسيون إلى سعيد، وهو بالحيرة، يخبرونه أن العباس بن موسى قد رجع عن الأمان، فركب سعيد وأصحابه، وأتوا الكوفة عتمة، فقتلوا من ظفروا به ...)
 ( وأمر إبراهيم بن المهدي عيسى بن محمد أن يسير إلى ناحية واسط على طريق النيل، وأمر ابن عائشة الهاشمي، ونعيم بن حازم أن يسرا جميعأ ، ولحق بهما سعيد، وأبوالبط، والإفريقي، وعسكروا جميعاً بالصيادة، قرب واسط، عليهم جميعاً عيسى بن محمد، فكانوا يركبون، ويأتون عسكر الحسن بواسط، فلا يخرج إليهم منهم أحد، وهم متحصنون بالمدينة.ثم إن الحسن أمر أصحابه بالخروج إليهم، فخرجوا إليهم لأربع بقين من رجب، فاقتتلوا قتالاً شديداً إلى الظهر، وانهزم عيسى وأصحابه، حتى بلغوا طرنايا والنيل، وغمنوا عسكر عيسى وما فيه.)

وفى عام  203  ضرب إبراهيم بن المهدي قائده (عيسى بن محمد بن أبي خالد ) وحبسه ، واتهمه بالخيانة ، فقام أهل عيسى وأعوانه بتحريض أهل بغداد على خليفتهم ( ابراهيم بن المهدى )  فثاروا عليه وخلعوه وقاتلوه ، بينما انهزم جيشه الذى يحارب الحسن بن سهل ، فاختفى ابن المهدى . تقول الرواية  ( لما حضر الأضحى من سنة ثلاث ومائتين‏:‏ ركب إبراهيم في زي الخلافة فصلّى بالناس صلاة الأضحى ومضى من يومه إلى داره المعروفة فلم يزل فيها إلى آخر النهار ثم خرج منها بالليل فاستتر وانقضى أمره وكانت مدته منذ بويع له بمدينة السلام إلى أن استتر سنة وأحد عشر شهرًا وخمسة أيام ثم ظفر به المأمون فعفى عنه. )

وفى عام 210  ، قبضوا على ابرهيم بن المهدى (وهو في زي امرأة، ) وقد عرض رشوة على الحارس     (فأعطاه إبراهيم خاتم ياقوت كان في يده ، له قدر عظيم ) ، وجىء به الى المأمون ، وبعد حديث بينهما عفا عنه المأمون .   

ابن عائشة

قبلها بعام اى 209 ، بايع جماعة من القادة العسكريين سرا لابن عائشة ، وهو ( إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس )  ومن هؤلاء القواد ‏:‏ محمد بن إبراهيم الأفريقي ومالك بن شاهك . ووصل أمرهم للمأمون .‏فحبسهم،  ثم أخرجهم فى العام التالى 210 وضرب أعناقهم وأمر بصلبهم.( وكان ابن عائشة أول عباسي صُلب في الإسلام. ). ( ووجد لابن عائشة صناديق فيها كتب القواد وغيرهم إليه، فجلس ( المأمون ) في المسجد ، وأحضر الصناديق ، وقال للناس‏:‏ " أنا أعلم أن فيكم البريء الذي لا اسم له في هذه الصناديق ومنكم الغائب والمستزيد ، وإن نظرت فيها لم أصف لكم ولم تصفوا إليً . فتوبوا إلى الله".!  ثم أمر بإحراق الصناديق ‏.‏)

 أخيرا : حتى لايضيع منا طرف الخيط :

نذكركم بعنوان الكتاب : الأصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السلام ودار الحرب ).

ونذكركم :

1 ـ بأن الله جل وعلا لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ، بل خلق البشر جميعا  أخوة من أب واحد وأم واحدة ، وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ، لا لكى يتقاتلوا ، يقول جل وعلا يخاطب البشر جميعا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات )

2 ـ إن الله جل وعلا أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ، يقول جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء )

3 ـ إن الله جل وعلا أمر المؤمنين بالدخول فى السلام كافة ، فقال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) البقرة ). وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السلام .  ولكن الصحابة إتبعوا خطوات الشيطان بالفتوحات ، وجعلوها دينا ، نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا مستمرة ، لا يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم

4 ـ القتال فى الاسلام هو لرد العدوان فقط ، وهذا معنى أن يكون فى سبيل الله جل وعلا . أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ، وليس هناك توسط : إما قتال دفاعى فى سبيل الله جل وعلا ، وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ، أى فى سبيل الشيطان . يقول جل وعلا عن نوعى القتال:(الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ )(76)النساء )   

اجمالي القراءات 6361