ما أبرز صفات البشر
هل تمثُل الملائكة في صورة بشر يعني تحولهم إلى بشر ؟

لطفية سعيد في الجمعة ٢٧ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30) الذاريات
تمثلت الملائكة للرسل في صورة بشرية في مرات عدة  ، هل يعني تحول الملائكة  تماما للطبيعة البشرية  ، وتخليهم عما حباهم ربهم من قدرات تفوق القدرات البشرية .. ما الهدف من تمثلهم في صورة بشر ؟ ولماذا لم يأكلوا مما قدمه لهم إبراهيم من طعام ؟ هل لأنه سمين وهم يخافون على قوامهم مثلا ، أم لأنهم مازالوا ملائكة  ، والتمثل كان للصورة فقط  .. ما حاجتهم للطعام  ، او الجنس بما أنهم ملائكة ولهم طبيعة مختلفة ومعشر مختلف كلية .. هذا ما نحاول مناقشته من خلال قصة إبراهيم وضيفه .آملين من المولى عز وجل التوفيق والعون.. 
أولا الآيات السابقة تقص علينا قصة  نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما جاءته الملائكة  ، حسبهم ضيوفا فقدم لهم الطعام لكنه أوجس منهم خيفة عندما رآهم لا يأكلون  وربي أعلم بما كانت على وجهه  من علامات دهشة واستغراب .. وقد كان هذا الحدث تحديدا عندما اعتزل قومه وما يعبدون من دون الله ، بعد مشهد ودرس عملي مع آلهتهم  قام به، عل القوم يعقلون أو يحدث لهم أمرا ، ولكن القوم  حاولوا  إحراقه ، كي ينصروا  آلهتهم عندما فشلوا في الرد على محاوراته التي تثبت  ضعف ووهن آلهتهم في الدفاع عن نفسها في مشهد مبدع لا يقوم به إلا من امتاز  بقوة العقل وقوة الاستبيان ،  فقد وصفه ربه بالرشد ورجاحة العقل : وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) الأنبياء )وبعد ان انجاه ربه من كيدهم بجعل النار بردا وسلام ،فقد اعتزل قومه ، وما يعبدون : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً (48)مريم ،  فكافأه ربه : فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً (49) مريم 

بعدما أصبح  وأصبحت زوجه عجوز أضف إلى ذلك أنها عقيم !!  وقد جاءته الملائكة في صورة بشرية، قد رآهم إبراهيم عليه السلام هو وزوجه، ،و قد سارع إلى أهله ليقدم لهم واجب الضيافة ، فقد حسبهم في البداية مجرد ضيوف ، ولكنه لاحظ ان إيدهم لا تصل إلى ما قدمه من عجل سمين(الذاريات ) أو حنيذ ( كما في سورة هود)   فأوجس في نفسه خيفة كجميع البشر فسارعت و طمأنته الملائكة (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) و قد سمعت امراته هذا  البشرى  فما كان منها إلا اأن جاءت مستغربة :(فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) كناية عن تعجبها واستغرابها إذ كيف تلد وهي عجوز عقيم ، بالإضافة إلى ان وزجها شيخ كبير !!!  (وفي سورة هود جاء الموقف مع ذكر اسم اسحق )  وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ ولكن كانت الرد واضحا : ) ونأتي لبيت القصيد كما يقولون وهو  : قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30) الذاريات ، عندما يقول الله فلا قول لبشر ، قد جاء في سورة هود : (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) هود ..وقد انكرت الملائكة عجب امرأة إبراهيم ، لانه أمر الله ..  ما يقول الله امرا ، لا تسري عليه القوانين البشرية  ، هذه واحدة .. الثانية :الفرق بين بشرية إبراهيم عليه السلام ، وطبيعة الملائكة بالرغم من تمثلهم في صور بشرية ،إلا انهم لم يأكلوا ، ولم تصل إيديهم للطعام !! إذن هم لم يفقدوا طبيعتهم الملائكية بتمثلهم  بصورة بشرية  ، فقط مجرد ظهور للبشر في شكل تستطيع عيونهم البشرية محدودة القدرة ، رؤيته .. ، ولكن هم لم يتحولوا تحولا بشريا كاملا .. وهوما حدث مع مريم ، وتمثل الروح جبريل لها في صورة بشرية ، فقط ليهب لها غلاما زكيا  .. كان الأمر من الله ، ولا مجال بعد قول الله لاي قول بشري رفضا أو استغرابا  عجبا  .. ما عسانا نفعل وقد نقل لنا القرآن ما حدث بعبارات واضحة من تمثله بصورة بشرية ، إلا التسليم  والتصديق !! لكنه وبالرغم من ذلك التمثل ظل محتفظا  بطبيعته الملائكية ، وقدرته التي ميزه بها رب العزة في ضخ النفس عن بعد ، ولم يتصل بمريم اتصالا بشريا كما هو متعارف عليه من طبيعة البشر ،  فهو ملاك مايزال ، كما كان من أمر الملائكة الذين  لم يأكلو مما قدم إبراهيم عليه السلام لهم من طعام .. هذا رأي خاص لا أجزم بصحته  ،  بل وجهة نظر خاصة ...فقط أشكر الجميع ..مختلفين ومتفقين على السواء.

اجمالي القراءات 23535