أم على قلوب أقفالها ؟
" ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا "

نهاد حداد في الأحد ٢٢ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أرجو من القراء تقدير حيرتي أمام آية كهاته ، فهي تجعلني أفهم الفلسفة المسيحية و تجعل نظرتي إليهم 

مختلفة جدا ! كنت دائما أحترم المسيحيين ومازلت ، ولكنني أجد نفسي أقرب إليهم اليوم لأن فلسفتهم 

توجد في قرآني ! ومع ذلك لابد أن أتوقف عند تفسير القدامى لهذه الآية ! تفسير أجده غبيا حتى النخاع ، 

ولكن مع ذلك ، أنا نفسي لم أجد تفسيرا مقنعا لهذه الآية . 

يقول رب العزة :وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا 

وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين"

أنا فعلا كلما قرأت "أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا  " ، أشعر بعدم ارتياح ، لأنني لم أفهمها أبدا ! 

ولم أجب تفسيرا مقنعا لها ! لهذا فأنا أطلب من القراء التفاعل مع هذا المقال ومحاولة تقريب رأي يكون 

أكثر منطقية مما اقترحه التراث ! 

وقد وجدت نفسي مضطرة إلى سرد التفاسير التي أوردها أهم المفسرين الذين يعتمد عليهم المسلمون

 لفهم دينهم ! لا لشيء ، ولكن ليشاركني  القارئ قلقي وتوتري حيال آيات في القرآن ، مايقال حولها ليس

 مقنعا البتة ، وفي نفس الوقت ، بالرغم من عدم اقتناعي بالتفاسير فأنا لم أجد شيئا مقنعا ! وتنتابني 

مجموعة من التساؤلات لا أجد لها إجابة غير الحيرة العاجزة ! 

فإليك أيها القارئ ماجادت به قريحة المفسرين التراثيين ورجاء ، لمن لديه مقاربة أن يجود علينا بها ! 

أرجو أن يتسع صدر القارئ لقراءة ما سيلي ، وأرجو أن يفهم على أنها دعوة للتدبر والحوار ليس إلا ! فقد 

تعودنا أن نكتب مقالات نعطي فيها آراءنا وطريقتنا في التفكير ، ولكن قلما طرحنا موضوعا يمكن لتعدد 

الآزاء فيه أن يجعلنا أقل حيرة أمام تساؤلاتنا! 

يقول ابن كثير : وهذا مثل ضربه اللّه للمؤمنين، أنهم لا تضرهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين 

إليهم، كما قال تعالى: { إلا أن تتقوا منهم تقاة} قال قتادة: كان فرعون أعتى أهل الأرض وأكفرهم، فواللّه

 ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها، ليعلموا أن اللّه تعالى حكم عدل لا يؤاخذ أحداً إلا بذنبه، 

وروى ابن جرير، عن سلمان قال: كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس، فإذا انصرف عنها أظلتها الملائكة

 بأجنحتها

، وكانت ترى بيتها في الجنة، فقولها: { رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة} قال العلماء: اختارت الجار قبل الدار

، { ونجني من فرعون وعمله} أي خلصني منه فإني أبرأ إليك من عمله { ونجني من القوم الظالمين} 

ظوهذه المرأة هي آسية بنت مزاحم رضي اللّه عنها، عذَّبها فرعون فشدَّ يديها ورجليها بالأوتاد وهي صابرة، 

فرأت بيتها في الجنة فضحكت حين رأته، فقال فرعون: ألا تعجبون من جنونها! إنا نعذّبها وهي تضحك،

 فقبض اللّه روحها في الجنة رضي اللّه عنها. وقوله تعالى: { ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها}

 أي حفظته وصانته، والإحصان: هو العفاف والحرية { فنفخنا فيه من روحنا} أي بواسطة الملك وهو 

جبريل فإن اللّه بعثه إليها فتمثل لها في صورة بشر سوي، وأمره اللّه تعالى أن ينفخ فيه بفِيهِ في جيب 

درعها، فنزلت النفخة فولجت في فرجها، فكان منه الحمل بعيسى عليه السلام،

 ولهذا قال تعالى: { فنفخنا فيه من روحنا وصدَّقت بكلمات ربها وكتبه} أي بقدره وشرعه،

 { وكانت من القانتين} وفي الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم

 قال: (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، 

وخديجة بنت خويلد، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) ""أخرجه الشيخان"

{ ومريم } عطف على امرأة فرعون { ابنة عمران التي أحصنت فرجها } حفظته { فنفخنا فيه من روحنا } 

أي جبريل حيث نفخ في جيب درعها بخلق الله تعالى فعله الواصل إلى فرجها فحملت بعيسى 

{ وصدقت بكلمات ربها } شرائعه { وكتبه } المنزلة { وكانت من القانتين } من القوم المطيعين . 

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَرْيَم ابْنَة عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره :

 { وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا } { مَرْيَم ابْنَة عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا } يَقُول : الَّتِي مَنَعَتْ جَيْب 

دِرْعهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام , وَكُلّ مَا كَانَ فِي الدِّرْع مِنْ خَرْق أَوْ فَتْق , فَإِنَّهُ يُسَمَّى فَرْجًا , وَكَذَلِكَ كُلّ 

صَدْع وَشَقّ فِي حَائِط , أَوْ فَرْج سَقْف فَهُوَ فَرْج . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَرْيَم ابْنَة عِمْرَان 

الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَضَرَبَ اللَّه مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا } { مَرْيَم ابْنَة عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ

 فَرْجهَا } يَقُول : الَّتِي مَنَعَتْ جَيْب دِرْعهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام , وَكُلّ مَا كَانَ فِي الدِّرْع مِنْ خَرْق أَوْ فَتْق , 

فَإِنَّهُ يُسَمَّى فَرْجًا , وَكَذَلِكَ كُلّ صَدْع وَشَقّ فِي حَائِط , أَوْ فَرْج سَقْف فَهُوَ فَرْج .' وَقَوْله : { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا

 } يَقُول : فَنَفَخْنَا فِيهِ فِي جَيْب دِرْعهَا , وَذَلِكَ فَرْجهَا , مِنْ رُوحنَا مِنْ جَبْرَائِيل , وَهُوَ الرُّوح . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا

 فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26719 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ 

مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا } فَنَفَخْنَا فِي جَيْبهَا مِنْ رُوحنَا . وَقَوْله : { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا }

 يَقُول : فَنَفَخْنَا فِيهِ فِي جَيْب دِرْعهَا , وَذَلِكَ فَرْجهَا , مِنْ رُوحنَا مِنْ جَبْرَائِيل , وَهُوَ الرُّوح . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي

 ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26719 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ 

مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحنَا } فَنَفَخْنَا فِي جَيْبهَا مِنْ رُوحنَا . ' { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا } يَقُول : 

آمَنْت بِعِيسَى , وَهُوَ كَلِمَة اللَّه { وَكُتُبه } يَعْنِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } يَقُول : وَكَانَتْ مِنَ الْقَوْم 

الْمُطِيعِينَ . كَمَا : 26720 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة 

{ مِنَ الْقَانِتِينَ } مِنَ الْمُطِيعِينَ . آخِر تَفْسِير سُورَة التَّحْرِيم . { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبّهَا } يَقُول :

 آمَنْت بِعِيسَى , وَهُوَ كَلِمَة اللَّه { وَكُتُبه } يَعْنِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } يَقُول : 

وَكَانَتْ مِنَ الْقَوْم الْمُطِيعِينَ . كَمَا : 26720 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر

 , عَنْ قَتَادَة { مِنَ الْقَانِتِينَ } مِنَ الْمُطِيعِينَ . آخِر تَفْسِير سُورَة التَّحْرِيم .'

قوله تعالى { ومريم ابنة عمران} أي واذكر مريم. وقيل : هو معطوف على امرأة فرعون. والمعنى : 

وضرب الله مثلا لمريم ابنة عمران وصبرها على أذى اليهود. { التي أحصنت فرجها} أي عن الفواحش

. وقال المفسرون : إنه أراد بالفرج هنا الجيب لأنه قال { فنفخنا فيه من روحنا} وجبريل عليه السلام 

إنما نفخ في جيبها ولم ينفخ في فرجها. وهي في قراءة أبي { فنفخنا في جيبها من روحنا} . وكل خرق 

في الثوب يسمى جيبا؛ ومنه قوله تعالى { وما لها من فروج} [ق : 6]. ويحتمل أن تكون أحصنت فرجها 

ونفخ الروح في جيبها. ومعنى { فنفخنا} أرسلنا جبريل فنفخ في جيبها { من روحنا} أي روحا من أرواحنا 

وهي روح عيسى. وقد مضى في آخر سورة النساء بيانه مستوفى والحمد لله. { وصدقت بكلمات ربها} 

قراءة العامة { وصدقت} بالتشديد. وقرأ حميد والأموي { وصدقت} بالتخفيف. { بكلمات ربها} قول 

جبريل لها (إنما أنا رسول ربك) [مريم : 19] الآية. وقال مقاتل : يعني بالكلمات عيسى وأنه نبي 

وعيسى كلمة الله. وقد تقدم. وقرأ الحسن وأبو العالية { بكلمة ربها وكتابه} . وقرأ أبو عمرو وحفص 

عن عاصم { وكتبه} جمعا. وعن أبي رجاء { وكتبه} مخفف التاء. والباقون { بكتابه} على التوحيد. 

والكتاب يراد به الجنس؛ فيكون في معنى كل كتاب أنزل الله تعالى. { وكانت من القانتين} أي من المطيعين

. وقيل : من المصلين بين المغرب والعشاء. وإنما لم يقل من القانتات؛ لأنه أراد وكانت من القوم القانتين.

 ويجوز أن يرجع هذا إلى أهل بيتها؛ فإنهم كانوا مطيعين لله. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن 

النبي صلى الله عليه وسلم قال لخديجة وهي تجود بنفسها (أتكرهين ما قد نزل بك ولقد جعل الله في الكره 

خيرا فإذا قدمت على ضراتك فأقرئيهن مني السلام مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكليمة أو قال 

حكيمة بنت عمران أخت موسى بن عمران). فقالت : بالرفاء والبنين يا رسول الله. وروى قتادة عن أنس 

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (حسبك من نساء العالمين أربع مريم بنة عمران وخديجة بنت 

خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون بنت مزاحم). وقد مضى في آل عمران الكلام في هذا 

مستوفى والحمد لله.

هذا رأي التراث والمفسرين ! فما رأي القرآنيين ؟ 

شكرا مقدما لكل مجتهد سيحاول التدبر معنا لكي لاتبقى على القلوب أقفالها ! 


اجمالي القراءات 19807