ردا على تعليقات الأحبة على المقال السابق : الدولة الاسلامية وجيرانها

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٧ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

ردا على تعليقات الأحبة على المقال السابق : الدولة الاسلامية وجيرانها

مقدمة :

إهتم بعض الأحبة بمقالنا السابق (  القتال فى سبيل الله جل وعلا قبل نزول القرآن الكريم ( عن قصة سليمان وملكة سبأ ) فتفضلوا ببعض التعليقات:

 قال (الاستاذ أسامة قفيشة ): ( هل يجوز لدولة الاسلام التي تعمل بالقسط ان تقاتل دفاعا لتخليص أي شعب آخر من ظلم حاكمه المستبد و حاشيتة الظالمه لتساند ذاك الشعب المظلوم المقهور بالحصول على حريتة و كرامته ؟ ان كان يصح لها فعل ذلك , فهل يمكن لنا فهم قصة سليمان عليه السلام مع سبأ انها كانت لتخليص ذاك الشعب من قهر و ظلم و استبداد ؟ حيث ان تلك الحاشية الحاكمه كانت تملك القوة و البأس .) .

( د عثمان محمد على ) : إستسفر  حول (لماذا هددها سليمان  بالقتال ) بالرغم من  انها لم تعتد عليه ،ولا على أملاكه و مُلكه ودولته لازال قائما ،فهى كانت فى اليمن وهو فى فلسطين... القرآن الكريم فى هذه القصة ذكر سببها وهو (الإسلام والتسليم لرب العالمين ) ،ولم يتطرق ولو بكلمة واحدة نحو إعتدائها على سُليمان ولا على مملكته.)

و( استاذ شكرى الساقى ) يرى ( ان سبأ كانت تسيطر على الطرق وربما كان هذا ظلمهم دون نفي ان يكونوا ظالمين لشعبهم بالرغم من شهادة الهدهد انهاوقومها يعبدون الشمس من دون الله ، اما بخصوص الدفاع عن شعب مقهور لا يتوفر له العتاد والعدة ضد عدوه فاظن انه على الدولة القادرة على ردع المعتدي على هذا الشعب ان تنصر المظلوم بشرط ان يكون المظلوم مستعدا للقتال الدفاعي ) ...

الاستاذة ( بنت الفرات ) ترى أن اغلب الحضارات القديمه التي مارست عباده الاوثان والنار والشمس وغيرها كانت تقوم بشكل دوري بتقديم اضاحي بشريه لهذه الالهه المزعومه لتنال مرضاتها وتتجنب غضبها قد يكون قوم بلقيس منمن قاموا بهذه الفظائع بالتضحيه بالبشر ولذلك ذكر الهدهد انهم قوم يعبدون الشمس وكان رد فعل النبي سليمان عليه السلام اما التسليم او الهجوم حمايه لحياه الناس  والله اعلم  , تتساءل لماذا توعد النبي سليمان عليه السلام  الهدهد بالقتل اوالعذاب الشديد ان لم يكن له حجة ؟ والاستاذ ( يحيى فوزى نشاشبى)  يعتقد أن مفهوم الجهاد فى سبيل الله جل وعلا يحتاج الى توضيح .

 و( د محمد شعلان ) : توقع مقالا مكملا ، وهأنذا أرد بهذا المقال. وأستجيب لتوقع د محمد شعلان، وأكتب هذا المقال :  

أولا :

فى موضوع الجهاد / القتال فى سبيل الله جل وعلا ، قلنا فى المقال السابق : ( من حق بل من واجب الذى يتعرض للإعتداء والاخراج من دياره وأبنائه أن يقاتل فهذا هو العدل والقسط  ، ويكون قتاله هذا فى سبيل الله جل وعلا : ( وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ).

وبعونه جل وعلا سنكتب مقالا تفصيليا فى الموضوع .

ثانيا :

عن علاقة الدولة الاسلامية بالدول الأخرى  :

1 ـ مصطلح ( دولة ) ليس من مصطلحات القرآن الكريم ، ولكن معنى الدولة ( شعب + أرض + نظام حكم بجيش ) مفهوم من خلال السياق القرآنى ، فى الحديث عن دولة النبى فى المدينة ،ومن خلال قصة فرعون مصر ، وغيره . ونزلت تشريعات التعامل للدولة الاسلامية مع غيرها من الدول ، وفيها الخطاب للذين آمنوا بإعتبار أنها تخاطب الشعب فى نظام حكم ديمقراطى يحكم نفسه بنفسه وفق الديمقراطية المباشرة .  

    2 ـ لا توجد حرب لمجرد الحرب ، الحرب هى وسيلة للحصول على شىء، وهى طريقة فى التعامل  ولكن بصورة عنيفة . وتتوقف الحرب المسلحة لتبدأ بعدها حرب المفاوضات حيث يُملى الأقوى شروطه على الضعيف .  الدولة الضعيفة ضعفها يغرى عدوها بغزوها والاعتداء عليها أو سلب حقوقها . وبدون الحرب تدخل الدول القوية ـ وخصوصا الجيران باختلاق نزاعات حول الحدود ـ أو غيرها ، ويكون على الدولة الضعيفة إما خيار الحرب ، وإما خيار المفاوضات . وقوة الخصوم تكون هى الحاضر الغائب فى هذه المفاوضات . قوة الردع لتلك الدولة القوية تجعل الدولة الضعيفة تتنازل عن حقوقها فى المفاوضات خشية أن تدخل حربا تنهزم فيها .  ويختلف الوضع لو كانت الدولة قوية.

 لذا لا بد للدولة الاسلامية المُسالمة أن تجمع بين القوة  وسياسة التعامل بالسلام مع الجيران ، وهذه القوة الحربية هى لردع من يريد الاعتداء ، فلا يفكر فى الاعتداء ، وبهذا يحقن دم الجانبين ، يقول جل وعلا : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (60)الانفال ) الدولة الاسلامية القوية لا تبدأ بحرب ، وهى بقوتها تؤثر السلام لو جنح عدوها للسلام ، يقول جل وعلا : (  وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) الانفال ).

3 ـ وبينما تتمسك الدولة الاسلامية بالخيار السلمى طبقا لقوله جل وعلا : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (208) البقرة ) فإن الخيار السلمى لا بد من إرتباطه بالقوة المسلحة . لأن الدعوة للسلم بدون قوة تحميه هو " هوان "، وهو ضياع للدولة الاسلامية وتشجيع على غزوها ، يقول جل وعلا ينهى عن هذا الهوان والاستسلام : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) محمد ) .

4 ـ قد يكون من عوامل النزاع وجود مؤمنين مسالمين يعيشون فى دول أخرى وهم يتعرضون فى تلك الدول الى إضطهاد، وهم ينتمون بالدين الى الدولة الاسلامية ، وهذا الانتماء هو حسب المعيار الاسلامى فى التعامل مع البشر ، أى هو الاسلام الظاهرى السلوكى ، أى هو إيثار السلام ، والحرية المطلقة فى الدين ، ورفض الظلم . ليس شرطا هنا أن يكون مؤمنا بالله جل وعلا وحده إلاها وبالقرآن وحده حديثا ـ فهذا مرجع الحكم فيه لرب العزة يوم القيامة ، وليس للبشر التدخل فيه . وهذا المعيار فى الاسلام السلوكى  ينطبق فى عصرنا على دُعاة المجتمع المدنى ودُعاة الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية ، مهما إكانت عقائدهم ومللهم وأديانهم . قد يتعرض هؤلاء الى إضطهاد ـ وهم فعلا يتعرضون الى إضطهاد  ، فما الذى يجب على الدولة الاسلامية أن تفعله حيالهم ؟  . الله جل وعلا يضع التشريع المناسب فى هذه الحالة كالآتى :

4 / 1 : على أولئك المؤمنين ـ فى تلك الدول ـ أن يهاجروا الى الدولة الاسلامية ، ليكونوا ضمن نسيجها ، ويتمتعوا بالأمن والسلام وحريتهم المطلقة فى الدين وفى العدل .

4 / 2 :  أن لم يستطيعوا الهجرة ، وظلوا تحت الاضطهاد وطلبوا النُّصرة من الدولة الاسلامية ، فعلى الدولة الاسلامية نُصرتهم بأى طريق حتى طريق الحرب المسلحة  ، إلا إذا كانت هناك معاهدة (عدم إعتداء ) موقعة بين الدولة الاسلامية وتلك الدولة ، عندها يجب تفعيل المعاهدة لتنصرهم وهو فى أماكنهم أى أن تستخدم علاقاتها بهذه المعاهدة فى حماية أولئك ( النُّشطاء )  . مفهوم أن أى معاهدة تعقدها الدولة الاسلامية لا بد أن تتفق مع القيم الاسلامية العليا ( العدل ، الحرية الدينية )، أى لا تتعارض مع تأييد حقوق الانسان والتى هى جوهر الاسلام فى التعامل مع الانسان  . يقول جل وعلا :( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) الانفال ) .

 من أسف أن ما نقوله عن ( الدولة الاسلامية ) يتفق فى الأغلب مع دول أوربا وأمريكا ، بينما ينطبق على دول ( المسلمين ) ما يقال عن الدول الكافرة المعتدية التى تظلم شعوبها وتضطهد دعاة الحرية والعدل وحقوق الانسان .

5 ـ هناك دولة مسالمة  لم تقم بالاعتداء على دولة الاسلام ، ولم تقم بإخراج المؤمنين من ديارهم ولا أموالهم ، هذه الدولة يجب أن تتعامل معها دولة لاسلام بالبر وبالقسط ، وهذا عكس الدولة الأخرى المتعدية المعتدية ، يقول جل وعلا : ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(9) الممتحنة).

6 ـ قد يحدث إقتتال بين دولتين مسلمتين ، فيجب على الدولة الاسلامية الاصلاح بينهما . فإن إعتدت دولة منهما على الأخرى أصبحت تلك الدولة باغية يجب قتالها حتى ترجع عن بغيها . يقول جل وعلا : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10 الحجرات  ).

ثالثا : فى موضوع سليمان وملكة سبأ :

1 ـ لنفهم القصة علينا أن نتفهم شخصية الملك سليمان . هو نبى كريم ، وليس معصوما من الوقوع فى الخطأ فى كلامه أو أفعاله ، وبالتالى فما يقوله ليس حقا مطلقا وليس صوابا لا يحتمل الخطأ . خصوصا وهو كان ملكا ، بل كان ملكا أوتى سيطرة ونفوذا هائلا ، يكفى قوله جل وعلا عنه فى بداية القصة :

(وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ) (17) النمل ). هذا المُلك الهائل كفيل بغواية أى شخص حتى لو كان نبيا .

2 ـ لذا يمكن أن يقول قولا حسنا مثل قوله : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) النمل ) ويمكن أن يكون قولا خاطئا لا تبرير له مثل قوله : (  مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ (20) لأعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) النمل ) ، أو مثل قوله : (أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) النمل ) . وهذه الجنود التى (لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ) هى الجنود التى سخرها له رب العزة :  (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ ) (17) النمل ). وهو فى النهاية لم ينفذ وعيده ، بل إستحضر عرشها بأحد جنوده : (  قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) النمل ). وقد جىء لسليمان بعرشها بأسرع من سرعة الضوء ( أى بتحييد الجاذبية ) . وليس هناك قتال ، بل بمجرد أن رأى سليمان عرش ملكة سبأ قال شاكرا : (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) النمل ) . وتنتهى القصة بحضور الملكة مُعزّزة مُكرّمة ، وانبهرت بوجود عرشها ثم أسلمت مع سليمان لرب العالمين جل وعلا : (قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنْ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)  النمل ).

3 ـ ما قاله سليمان ليس تشريعا ، وكل أقواله منها الجيد ومنها السىء . وهو معذور فالسلطان يُدير رءوس البشر ، حتى لو كانوا أنبياء ، خصوصا سلطان مثل سلطان سليمان .

4 ــ وإبتلاء البشر والأنبياء قد يكون بالمنحة مثل سليمان وداود ، وقد يكون بالمحنة مثل أيوب ، عليهم السلام .

5 ــ وكان إختبار سليمان بالنعمة والمنحة هائلا . إستيقظ فوجد نفسه منزوع السلطات مجردا من كل شىء ، لا يراه أحد ، بل وجد على عرشه شخصا آخر بنفس ملامحه وشكله يدير المملكة ، والناس يحسبونه سليمان . فى لحظة جرّده رب العزة من كل شىء ليتيقن أن الذى منحه كل هذا المُلك قادر على أن ينزعه منه . عندها تاب سليمان واستغفر وكفّ عن الانخداع بأُبهة السطان والصولجان. يقول جل وعلا : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ (34)  ص  ).

ودائما : صدق الله العظيم 

اجمالي القراءات 8486