ألرد على تعقيب الدكتور نهرو طنطاوى

Inactive User في الثلاثاء ٢٧ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أخى الفاضل الكاتب الكبير والباحث الإسلامى الدكتور نهرو طنطاوى
تحياتى لكم
قرأت تعقيبكم على ردنا عليكم وكان لنا عدة ملحوظات نوجزها فيما يلى
أولأ لقد قررتم أننى أعطيت لكلمة ( ملة ) عدة تعريفات وهذا ما لم يحدث ولم أتطرق له نهائيأ بل إننى قمت بإحضار مصادر الكلمات التى بها الحروف ( م ل ة ) من خلال القرآن الكريم ودون الإعتماد على أى قاموس أو مصدر خارجى وأوجزتها لكم كما يلى :
) كلمة ملة معناها دين وعقيدة ولا يمكن بحال أن يكون معناها ( الزمن الطويل الممتد ) كما كتب الدكتور نهرو طنطاوى .
(2) وكلمة يمل بضم الياء وكسر الميم معناها الإملاء أى شخص ينطق شفويأ والآخر يكتب ويسجل ما ينطق به الأول .
(3) وكلمة أملى بفتح الألف وسكون الميم وفتح اللام معناها صبر وانتظر وقد بينا كل تلك المعانى أعلاه
أى أننى لم اضع عدة تعريفات مختلفة لكلمة ( ملة ) كما ذكر الدكتور نهرو فى تعقيبه بالرغم من أن الأخ نهرو استطرد كثيرأ فى ذلك الأمر بما لاداعى له ولا طائل من ورائه , وإننى أطلب منه أن يذكر العبارة التى استوحى منها أننى وضعت (( عدة تعريفات )) لكلمة ملة كما ذكر .
ثانيأ الأخ الفاضل نهرو طنطاوى يدعو الجميع للتدليل على صدق أقواله من خلال آيات القرآن العظيم ودون الرجوع لأى مصدر آخر وهذا ما أتفق معه عليه لأن القرآن العظيم يفسر بعضه بعضأ دون الحاجة لمصدر خارجى حتى لو كانت قواميس اللغة العربية ولقد أكد سيادته على هذه الجزئية فى أكثر من مكان فى التعقيب مثل :
(وهنا أسأل الأستاذ شريف هادي: ما برهانك من كتاب الله على أنه لا يكون الرسول رسولا إلا إذا أصبح نبيا؟؟.)
ولكن فى نفس الوقت نجد الدكتور نهرو قد خرج بعيدأ عن مبدأ تفسير القرآن بالقرآن ليأتى لنا بمعان غريبة من قواميس اللغة وغيرها كقوله :
((وقبل أن أجيب الدكتور حسن أحمد عمر على سؤاليه أقول: يا أخي الفاضل أي كلمة في أي لغة في العالم بما فيها لغة قوم الرسول، لها أصل واحد أو أكثر من أصل، وذلك حسب اصطلاح قوم الرسول في أصل استخدام اللفظ نفسه، بمعنى أن أي كلمة في اللسان العربي لها أصل واحد وحيد أو أكثر، فالواجب لفهم أي كلام في اللسان العربي سواء كان كلام الله أو غيره، الرجوع لأصل الكلمة الدلالي الذي اصطلح عليه العرب في الدلالة أو الإشارة إلى الأشياء، وبدون ذلك لن نتبين أي معنى حقيقي لأي كلمة من كلام الله، أو أي كلام ورد في لسان قوم الرسول، الذين نزل كتاب الله بلسانهم، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم).
وبعد معرفة الأصل الدلالي للكلمة الذي اصطلح عليه قوم الرسول، بعدها يمكننا أن نتبين معاني دلالات المشتقات الأخرى للكلمة، فيما لو وجدنا لها مشتقات أخرى بصيغ صوتية أو رمزية خطية أخرى، فالأصل الدلالي الأول لأي كلمة لا يتغير بتغير الاشتقاقات الأخرى الصوتية أو الرمزية الخطية لأي كلمة، ))
وهذا ما لا أتفق معه فيه حيث أننى من المؤمنين بنظرية أن القرآن يفسر نفسه بنفسه , أى أننى عندما يصعب على ّ معنى كلمة قرآنية فإننى أبحث عنها فى القرآن العظيم حتى أجد معناها يقول تعالى :
(( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً )
ثالثأ ثم يستطرد الأخ نهرو ويبالغ فى الإعتماد على القواميس مخالفأ بذلك القاعدة الأكيدة والتى نادى بها كثيرأ بأن تفسير القرآن يأتى من القرآن وهاهو مرة أخرى يقول :
((لقد جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس ما يلي:
(إن كلمة (مل) بفتح الميم وتشديد اللام، الميم واللام أصلان صحيحان، يدل أحدهما على تقليب شيء، مثال مللت الخبزة في النار، أي قمت بتقليبها، ومنها يتململ على فراشه يتقلب عليه.
والآخر يدل على غرض من الشيء. مثال: مَلِلْتُه، أي سئمته، من الملل أي السآمة.
أما كلمة (ملي) الميم واللام والياء أصل واحد يدل على الزمن الطويل الممتد، مثال: أقام مليا، أي دهرا طويلا.
أما كلمة (ملي) إذا زيد في آخرها همزة، دلت على المساواة والكمال في الشيء، مثال: ملأت الشيء، أي ساويت قدره مثله. ومنه الملأ، أي الأشراف من الناس الذين ملئوا شرفا وعزا وحسبا.
أما كلمة (ملو) الميم واللام والحرف المعتل أصل صحيح يدل على امتداد في شيء زمان أو غيره، مثال: أمليت القيد للبعير، إذا وسعته.
ومن الباب إملاء الكتاب، وهو إمداد الكاتب بما سيخطه من مواضيع.
أما الملة فهي من أصل الميم واللام والحرف المعتل سواء الياء أو الواو، أي الشيء الممتد دهرا طويلا).
هذه المعاني جميعا ذكرها بن فارس في (معجم مقاييس اللغة) باب (الميم وما بعدها في المضاعف والمطابق) ص962، و(باب الميم واللام وما يثلثهما) ص993.
إذن، مما سبق نجد أن كلمة (مل) لها معنى مغاير لكلمة (ملي) وكلمة (ملأ) وكلمة (ملو) وكلمة (إملاء)، فإن كل منها لها أصل أو أكثر تدل عليه مغاير تماما لبقية الكلمات، إلا أن المعنى المشترك العام لجميع الكلمات هو المدة الزمنية الطويلة أو الشيء الممتد في طول.))
وهكذا يستقى الدكتور نهرو معلوماته من كتب خارجية ليطبقها على ما ورد فى كتاب الله العظيم من كلمات وآيات وألفاظ , وهذا ما لا نوافقه عليه لأننا كما أكدنا ونؤكد نفسر القرآن العظيم ونفهمه من خلا ل القرآن نفسه , وهذا المنهج هو المسلك الوحيد الآمن الذى يستطيع به المسلم حسم المعانى القرآنية دون الإعتماد على مصادر خارجية .
وللأسق فقد ظن الدكتور نهرو أنه وضع يده على الحقيقة حين اعتمد على تلك الكتب التى ألفها بشر وحاول تطبيقها على القرآن الكريم الذى يعلو على الزمان والمكان . كما نذكر أن تلك القواميس والكتب والتفسيرات قد ألفت بعد نزول القرآن الكريم وليس قبله . يقول الدكتور نهرو ( معتمدأ على تلك القواميس الخارجية ) ومعتقدأ أنه وضع يده على الحقيقة :
((فكيف خلط الدكتور حسن أحمد عمر بين الأشياء الثلاثة في الآية؟؟؟.
وكيف قال الدكتور أن الملة هي بمعنى كتب، أو بمعنى الكتاب المكتوب، أو بمعنى الكتابة، أو بمعنى الشخص الذي ينطق بالدين؟؟!!.
فهذا شيء عجيب وغريب من الدكتور عمر لم أقرأ مثله في حياتي!!!.))
مع أن ما اقرؤه للأخ الفاضل الدكتور نهرو هو الذى يتصف بالعجب والغرابة حيث أنه قفز لنا بمعنى غريب عن الملة التى نعلم جميعأ أنها تشمل الدبن والشريعة فإذا به بكل سهولة يقول أنها لا تحتوى على التشريعات ثم يلصق بالديانات السابقة أحكامأ ما أنزل الله بها من سلطان كقوله عن الديانة اليهودية أن عقاب الزانى فيها كان الرجم فهل هذه حقيقة ؟
سأعتبر أننى جاهل وأن هذه حقيقة , فأين الآية القرآنية التى استشف منها الأخ نهرو هذا المعنى ؟ هل أخبرنا ربنا أن اليهود يجب أن يرجموا الزناة منهم ؟ لا أعتقد فلماذا نهاجم من يقول بالرجم فى الإسلام ونعتبره متقولأ على الله ورسوله بسبب أنه لا توجد آية قرآنية تقول بالرجم .. فلماذا تريد يا أخى التحقير من شأن الديانة اليهودية ولماذا تلصق بها عقوبة الرجم علمأ بأنه لا توجد آية قرآنية تقول لك ذلك , فأنت تعتمد على الروايات والكتب الأخرى لكى تؤيد بها زعمك , يقول الدكتور نهرو فى هذا الشأن :
((* فهل تقصد من كلامك أن شرائع وأحكام كل الأنبياء والرسل موجودة في القرآن؟؟.
* فمثلا هل رجم الزاني الذي كان في شريعة موسى عليه السلام أيضا في القرآن؟؟
* وهل حرمة الطلاق الموجودة في شريعة المسيح إلا لعلة الزنا موجودة أيضا في القرآن؟ وغيرها وغيرها من الشرائع التي تختلف عن شريعتنا التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام.))
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل ذهب أخونا الفاضل الدكتور نهرو مذهبأ خطيرأ حين حاول أن يفسر الآية القرآنية التى تتحدث عن سرقة صواع ملك مصر والتى جاء فيها ( فأذن مؤذن ايتها العير إنكم لسارقون * قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم * قالو تا الله لقد علمتم ما جئنا لنفسد فى الأرض وما كنا سارقين * قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزاؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى الظالمين ) يقول الأخ نهرو مفسرا للجزء الأخير من هذه الآية الكريمة ((أيضا عقوبة السارق في شريعة إبراهيم عليه السلام، غير عقوبة السارق في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ففي شريعة إبراهيم من سرق يؤخذ بسرقته، أي يأخذه صاحب الشيء المسروق عبدا رقيقا جزاء سرقته، وقد نص القرآن على ذلك في ))
والدكتور د نهرو هنا يريد أن يقول لنا بصريح العبارة أنه فى ملة إبراهيم ( التى أمر الله نبيه محمدا بإتباعها ) كان إذا سرق إنسان شيئأ يؤخذ مقابل هذا الشىء !!!!!!!!!!!!
أليس ذلك بعجيب يا سادة أن يلصق هذا التشريع الرهيب المفزع على الدين السمح الذى أنزله الله تعالى على خليله إبراهيم وأمر حبيبه محمدأ باتباعه ؟؟
يا دكتور نهرو هذه الشريعة هى شريعة المجرمين الذين كانوا يحتلون مصر ويسيطرون عليها وهم الهكسوس وإن قولهم ( جزاؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه ) هو تكملة لقولهم ( فما جزاؤهم إن كنتم كاذبين ) أى أن السائل قرر عقوبة السارق فى نفس اللحظة ,وحيث لا يعقل ان يطلب من أهل اللص تقرير عقوبته ثم يقررون بكل سهولة أن يتركوا أخاهم عبدأ مقال مكيال الملك فأى عقل حصيف يقبل ذلك يا سيدى ؟؟ وحيث كان الغرض من ذلك هو الحصول على الشقيق الصغير ليوسف ,بأوامر مسبقة من يوسف نفسه من أجل إستحضار أهله من البدو إلى مصر ... فكيف تذهب هذا المذهب وتقول أن شريعة أبى الانبياء كان الرجل يؤخذ عبدأ مقابل أى شىء سرقه ؟ يا أخى راجع نفسك لو تكرمت بارك الله فيك .
أما قول الله تعالى ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجأ ) فهو قول خالد مثل بقية آيات القرآن العظيم وهو يتحدث عن بعض الإختلافات التى كان يعاقب بها الله تعالى بعض العصاة من عباده كاليهود مثلأ حين عصوا وافتروا على الله فحرم الله عليهم اشياءأ كانت حلالأ من قبل مثل قوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ))

 ثم ارسل الله عليهم آخر أنبياء بنى إسرائيل لكى يحل لهم بعض ما كان حرم عليهم يقول تعالى

((َومُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ )) 

 ويختلف الأمر تمامأ فيما يختص بملة إبراهيم التى كانت أم الملل وبها كل ماشرع الله للإنسان ولذلك فقد أمر الله رسوله الخاتم ومن آمن معه أن يتبعوا ملة إبراهيم حنيفأ , ولم يقف الأمر هنا بل إن الله تعالى إعتبر أن من يرغب عن ملة إبراهيم سفيهأ ( إلا من سفه نفسه )
وأخيرأ يقول الدكتور نهرو عن عدم فهمه لبعض ما جاء فى ردى عليه
(أنا لم أفهم شيئا من هذا الكلام فأرجو أن يتفضل الدكتور بشرح كلامه هذا ويبين لنا الآتي:
1 – ماذا يقصد بقوله: (أن الملة واحدة وهي الأعم والأشمل، وتحتوي في داخلها على كل التعاليم الربانية والتشريعات وغيرها).
2 – هل الملة الواحدة تحوي شرائع كل الرسل؟؟ وهل الشرائع تختلف من رسول لرسول؟؟ أم شرائع كل الأنبياء والرسل واحدة؟؟ وإن كانت شرائع كل الأنبياء والرسل واحدة فما معنى قوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)؟؟.
3 – وإذا كانت الملة غير الشريعة فما هي الملة التي أمر الله جميع الأنبياء والرسل ومن بينهم محمد باتباعها؟؟.
4 – أما عن الآية التي يقول الله فيها: (لا نفرق بين أحد من رسله) يا أخي الله يقول رسله ولم يقل رسالاته، فالفرق والاختلاف في الرسالات وليس بين الرسل، فتدبر ذلك جيدا.
وقد ذكر الدكتور/ حسن عمر كلاما لا أدري ماذا يقصد من ورائه فقد قال:
(وأن جميع ما سبقها من رسالات سماوية قد احتواها المنهج القرآنى العظيم ( مهيمنأ عليه) أى أن كل ما أراد الله تعالى توصيله للبشرية من خلق وشرائع وأحكام وحكم وعبادات ونسك تم جمعه فى كتاب واحد معجز ومحفوظ من قبل الله تعالى نفسه ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) وأن القرآن العظيم تجديد لملة إبراهيم التى كانت تحمل كل ما فى القرآن وينطبق ذلك على من سبق من رسل وأنبياء ( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) ( إن هذا لفى الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ).))
وأقول للدكتور الفاضل نهرو : وماذا يفعل لك حسن عمر ؟
إننى كتبت ما اراه صحيحأ من خلال تدبرى للقرآن العظيم ولا زلت مصرأ وأؤكد أم الملة هى (( الدين وما به من شرائع )) وأن الله تعالى حين أمر حبيبه محمدأ باتباع ملة إبراهيم كان معناه إتباع ما جاء بها من معتقدات وتشريعات وأحكام ونسك وعبادات , وأنه لا تفريق بين نبى وآخر وبين دين وآخر فكلها دين الله تعالى يعبد فيها بلا شريك ويتبع منهجه السماوى وما فيه من شرائع وأحكام وعبادات ونسك , أى أننى غير متفق على تقسيم الرسالات بالطريقة التى قام بها الأخ الفاضل نهرو فى إجتهاده , وهذا إجتهادى والله وحده من وراء القصد ,
وشكرا لكم أخانا الفاضل .









اجمالي القراءات 15430