الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية: بداية الخوارج وإنهاؤهم الفتنة الكبرى الأولى بقتلهم (على )

آحمد صبحي منصور في الخميس ٢٤ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

1 ـ كان الخوارج من القوى الفعّالة فى الفتنة الكبرى ، لم يؤثروا فى إلصراع على السلطة بين أطراف قريش وصراع الأجنحة القرشية ( أمويون ـ هاشميون ـ زبيريون ) ، ولكنهم ـ فى الأغلب ـ حاربوا الجميع فى هذه الفتنة الكبرى الثانية ، من مقتل الحسين الى مقتل ابن الزبير ، ثم إستمروا فى حرب الأمويين ، واستمروا فى فسادهم فى العصر العباسى الأول . هذا عن الفتنة الكبرى الثانية .

2 ـ  أما فى الفتنة الكبرى الأولى فالغريب أن ظهور الخوارج ــ  إثر الخلاف بين اصحاب (على ) بسبب التحكيم ــ إنتهى بإغتيالهم عليا ، وإنهاء الفتنة الكبرى الأولى ، وإنفراد معاوية بالحكم . والغريب أيضا أن ( عليا ) قضى على جميع الخوارج الذين ثاروا عليه ـ قتلهم جميعا . ولكنه قضى على الأشخاص ولم يقض على الفكرة نفسها ، لذا إستمرت الفكرة وأنجبت خوارج قاتلوا عليا ثم قتلوه ، وأنجبت ( الفكرة ) آلافا مؤلفة فيما بعد قتلوا آلافا مؤلفة .

3 ـ  وهذا يؤكد  ــ لمن يهمه الأمر ــ أن مواجهة داعش وغيرها من بنات الوهابية ليس بالعسكر ، ولكن بعلاج المرض الذى أنتج داعش ، وأنتج من قبله الخوارج . وقد دفع (على بن أبى طالب ) الثمن بحياته لأنه فشل فى التعامل مع الخوارج ـ ضمن سلاسل فشل أخرى . ولا يزال الفشل نصيب كل من يتصدى لحرب ما يسمى بالارهاب بقوة الجيش واسلحة الأمن ، مع الابقاء على الفساد والظلم الذى تنبت فيه وتترعرع الحركات الارهابية من الخوارج الى حركة الزنج الى القرامطة الى الوهابية وبناتها . وسيظل الشرق الأتعس يعايش حركات الارهاب طالما يرتع فيه الاستبداد مصاحبا الفساد ، وطالما يرفض الاصلاح والعدل. وسنتوقف مع هذا فيما بعد . أمّا هنا فنتوقف مع نشأة الخوارج وحربهم وقتلهم ( عليا) بن أبى طالب .

أولا : الخلاف بين أتباع (على ) بعد التحكيم

1 ـ تقول الرواية : ( ثم رجع الناس عن صفين، فلما رجع علي خالفت ( الخوارج ) الحرورية وخرجت، كان ذلك أول ما ظهرت وأنكرت تحكيم الرجال، ورجعوا على غير الطريق الذي أقبلوا فيه، أخذوا على طريق البر، وعادوا وهم أعداء متباغضون وقد فشا فيهم التحكيم يقطعون الطريق بالتشاتم والتضارب بالسياط، يقول الخوارج ( الخارجون على (على ) : يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله، ويقول الآخرون ( الذين بقوا على الولاء لعلى ) : فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا.)

2 ـ وفارق الخوارج عليا ، تقول الرواية عن (على ) : (  ثم مضى فلم يزل يذكر الله حتى دخل القصر. فلما دخل الكوفة لم يدخل الخوراج معه فأتوا حروراء فنزلوا بها. ) ( ولما رجع علي من صفين فارقة الخوارج وأتوا حروراء، فنزل بها منهم اثنا عشر ألفاً، ونادى مناديهم: إن أمير القتال شبث بن ربعي التميمي، وأمير الصلاة عبد الله بن الكوا اليشكري، والأمر شورى بعد الفتح، والبيعة لله، عز وجل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. ) .
3 ـ وبعث علي عبد الله بن عباس إلى الخوارج ليناقشهم ، وانتهى النقاش الى طلبهم من (على ) إعلان كفره لأنه وافق على التحكيم ، كما فعلوا هم حين إعترفوا بكفرهم حين وافقوا على التحكيم ثم تابوا . قالوا  : (  صدقت قد كنا كما ذكرت وكان ذلك كفراً منا وقد تبنا إلى الله فتب كما تبنا نبايعك وإلا فنحن مخالفون.)

4 : ظهور شعار التحكيم : وانتشر فى معسكر صيحة الخوارج ( لا حكم إلا لله ) ، تقول الرواية ( لما أراد علي أن يبعث أبا موسى للحكومة أتاه رجلان من الخوارج: زرعة ابن البرج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فقالا له: لا حكم إلا لله! فقال علي: لا حكم إلا لله. وقال حرقوص بن زهير: تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا. فقال علي: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا بيننا وبين القوم كتاباً وشرطنا شروطاً وأعطينا عليها عهوداً، وقد قال الله تعالى{وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} النحل: 91. ) فقال حرقوص: ذلك ذنب ينبغي أن تتوب عنه. فقال علي: ما هو ذنب ولكنه عجزٌ عن الرأي وقد نهيتكم. فقال زرعة: يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك. .. فخرجا من عنده يحكمان.) أى خرجا يهتفان ( لا حكم إلا الله ).

وصار هذا شعارا ودينا للخوارج . واصبح تعبيرا وقتها أن يقال ( حكّم ) و ( المُحكّمة ) ، تقول الرواية : ( وخطب علي ذات يوم، فحكمت المحكمة في جوانب المسجد، فقال علي: الله أكبر، كلمة حق أريد بها باطل! . ) (  ثم خطب علي يوماً آخر فقام رجل فقال: لا حكم إلا لله! ثم توالى عدة رجال يحكمون. فقال علي: الله أكبر، كلمة حق أريد بها باطل! أما إن لكم عندنا ثلاثاً ما صحبتمونا: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تبدأونا، وإنما فيكم أمر الله. ثم رجع إلى مكانه من الخطبة.).

5 ـ واتفق الخوارج على أن يقودهم  ( عبد الله بن وهب ) وتسللوا يريدون المدائن ، ولحق بهم خوارج من الكوفة والبصرة ، وحدثت إشتباكات بينهم وبين من بقى على الولاء ل (على ). وكتب اليهم (على ) يريدهم الرجوع فكتبوا له : (  أما بعد فإنك لم تغضب لربك وإنما غضبت لنفسك، فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك وإلا فقد نبذناك على سواء، إن الله لا يحب الخائنين.). ويأس منهم (على ) واخذ فى تجميع قواته ، وبعض أتباعه كانوا فى قلق ــ إذا سار بهم (على ) لقتال معاوية وتركو أهاليهم ــ من إحتمال هجوم الخوارج على أهاليهم . وتحققت مخاوفهم بما حدث لعبد الله بن خباب .

6 ـ تقول الرواية : ( لما أقبلت الخارجة من البصرة حتى دنت من النهروان رأى عصابةٌ منهم رجلاً يسوق بامرأة على حمار، فدعوه فانتهروه فأفزعوه وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: أفزعناك؟ قال: نعم. قالوا: لا روع عليك.. ) وناقشوه فى التحكيم وفى (على )  ولمّا لم يعجبهم رأيه قتلوه وقتلوا زوجته  : (  فقالوا: إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها، والله لنقتلنك قتلةً ما قتلناها أحداً.فأخذوه وكتفوه ثم أقبلوا به وبامرأته، وهي حبلى متم ... فأضجعوه فذبحوه، فسال دمه في الماء، وأقبلوا إلى المرأة فقالت: أنا امرأة ألا تتقون الله! فبقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طيء، وقتلوا أم سنان الصيداوية.)

7 ـ فزع اصحاب (على ) وقالوا له : ( علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا؟ سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام.). وأرسل (على ) الى الخوارج يطلب تسليم القتلة ، فقالوا : ( كلنا قتلهم وكلنا مستحل لدمائكم ودمائهم. ) . وبعد مناوشات كلامية تحتمت الحرب بينهما .

8 ـ معركة النهروان عام 37 : تجهز الفريقان ، ونصب (على ) راية الأمان أمامهم وناداهم أبو أيوب الأنصارى : ( من جاء تحت هذه الراية فهو آمن، ومن لم يقتل ولم يستعرض، ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن وخرج من هذه الجماعة فهو آمن، لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم.) ، وانصرف جماعة من الخوارج ، منهم فروة بن نوفل الأشجعي  في خمسمائة فارس، وخرجت طائفة أخرى متفرقين فنزلوا الكوفة،) وانضم ل (على ) منهم نحو مائة. ( وكانوا أربعة آلاف، فبقي مع عبد الله بن وهب ألف وثمانمائة، فزحفوا إلى (علي )، وكان علي قد قال لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدأوكم. فتنادوا: الرواح إلى الجنة! وحملوا على الناس. ) وانتهت المعركة بقتل جميع الخوارج . ( فلم يقتل من أصحاب علي إلا سبعة.). قتلهم فى هذه المعركة ولكن ظلت الفكرة قائمة :   

9 ـ خروج ( الخرّيت بن راشد الناجى  وبنى ناجية ) على (على ) عام 38 : كانوا مع (على ) فى الجمل وصفين ، ثم خرجوا عليه بعد معركة النهروان . وبعث (على ) لهم (زياد بن خصفة البكري ) فقاتلهم ،   وارسل له (على ) مددا يقود (معقل بن قيس ) ، بينما إنضم الى ( الخريت الناجي ) كثيرون من الفرس والعرب الناقمين على دفع الخراج من أهل الأهواز فارسل (على ) مددا لمعقل بن قيس من البصرة . وجرت معركة إنهزم فيها الخريت ، وهرب الى أسياف وظل يحرض على (على ) فإتبعه آخرون من قبائل عبد القيس وسائر العرب . وفى النهاية لحق معقل بن قيس بالخريت فهزمه وقتله.   

 10 ـ وتتابعت ثورات الخوارج : تقول الرواية : ( لما قتل أهل النهروان خرج أشرس بن عوف الشيباني على ( علي ) بالدسكرة في مائتين ثم سار إلى الأنبار، فوجه إليه ( علي ) الأبرش بن حسان في ثلاثمائة فواقعه، فقتل أشرس في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين.ثم خرج هلال بن علفة من تيم الرباب ومعه أخوه مجالد فأتى ماسبذان، فوجه إليه ( علي ) معقل بن قيس الرياحي فقتله وقتل أصحابه، وهم أكثر من مائتين، وكان قتلهم في جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين.ثم خرج الأشهب بن بشر، وقيل الأشعث، وهو من بجيلة، في مائة وثمانين رجلاًن فأتى المعركة التي أصيب فيها هلال وأصحابه فصلى عليهم ودفن من قدر عليه منهم، فوجه إليهم  ( علي  ) جارية بن قدامة السعدي، وقيل حجر ابن عدي، فأقبل إليهم الأشهب، فاقتتلا بجرجرايا من أرض جوخى، فقتل الأشهب وأصحابه في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين.ثم خرج سعيد بن قفل التيمي من تيم الله بن ثعلبة في رجب بالبندنيجين ومعه مائتا رجل فأتى درزنجان، وهي من المدائن على فرسخين، فخرج إليهم سعد بن مسعود فقتلهم في رجب سنة ثمان وثلاثين ) .( ثم خرج أبو مريم السعدي التميمي فأتى شهرزور، وأكثر من معه من الموالي، وقيل لم يكن معه من العرب غير ستة نفر هو أحدهم، واجتمع معه مائتا رجل، وقيل أربعمائة، وعاد حتى نزل على خمسة فراسخ من الكوفة، فأرسل إليه ( علي  ) يدعوه إلى بيعته ودخول الكوفة، فلم يفعل وقال: ليس بيننا غير الحرب. فبعث إليه علي شريح بن هانىء في سبعمائة، فحمل الخوارج على شريح وأصحابه فانكشفوا وبقي شريح في مائتين، فانحاز إلى قرية، فتراجع إليه بعض أصحابه ودخل الباقون الكوفة، فخرج  (علي ) بنفسه وقدم بين يديه جارية بن قدامة السعدي، فدعاهم جارية إلى طاعة ( علي ) وحذرهم القتل فلم يجيبوا، ولحقهم ( علي ) أيضاً فدعاهم فأبوا عليه وعلى أصحابه، فقتلهم أصحاب ( علي ) ولم يسلم منهم غير خمسين رجلاً استأمنوا فآمنهم. وكان في الخوارج أربعون رجلاً جرحى، فأمر علي بإدخالهم الكوفة ومداواتهم حتى برأوا. وكان قتلهم في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين، وكانوا من أشجع من قائل من الخوارج، ولجرأتهم قاربوا الكوفة.).

 أخيرا :  مقتل ( علي بن أبي طالب ) ( 17 رمضان عام 40 )

1 ـ تقول الرواية : ( وكان سبب قتله أن عبد الرحمن بن ملجم المرادي والبرك بن عبد الله التميمي الصريمي، ..، وعمرو بن بكر التميمي السعدي، وهم من الخوارج، اجتمعوا ، فتذاكروا أمر الناس وعابوا عمل ولاتهم ثم ذكروا أهل النهر فترحموا عليهم، وقالوا: " ما نصنع بالبقاء بعدهم؟ فلو شرينا أنفسنا وقتلنا أئمة الضلالة وأرحنا منهم البلاد " ! . فقال ابن ملجم: " أنا أكفيكم علياً " ،  وكان من أهل مصر. وقال البرك بن عبد الله: " أنا أكفيكم معاوية ". وقال عمرو بن بكر: " أنا أكفيكم عمرو بن العاص" . .فتعاهدوا أن لا ينكص أحدهم عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه، وأخذوا سيوفهم فسمُّوها ( أى جعلوها مُسمّمة ) واتعدوا لسبع عشرة من رمضان، وقصد كل رجل منهم الجهة التي يريد؛ فأتى ابن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه بالكوفة وكتمهم أمره، ورأى يوماً أصحاباً له من تيم الرباب، وكان ( علي ) قد قتل منهم يوم النهر عدة، فتذاكروا قتلى النهر، ولقي معهم امرأة من تيم الرباب اسمها ( قطام ) . وقد قتل أبوها وأخوها يوم النهر، وكانت فائقة الجمال. فلما رآها أخذت قلبه فخطبها. فقالت: " لا أتزوجك حتى تشتفي لي ". فقال: " وما تريدين؟ " قالت:  " ثلاثة آلاف وعبداً وقينةً وقتل ( علي )".!. فقال:" أما قتل (علي ) فما أراك ذكرته وأنت تريدينني. " ، قالت:  " بلى، التمس غرته فإن أصبته شفيت نفسك ونفسي ونفعك العيش معي، وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها ". قال: " والله ما جاء بي إلا قتل ( علي )، فلك ما سألت." . قالت: " سأطلب لك من يشد ظهرك ويساعدك." . وبعثت إلى رجل من قومها اسمه ( وردان ) وكلمته، فأجابها، وأتى ابن ملجم رجلاً من أشجع اسمه شبيب بن بجرة فقال له: " هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ "  قال: " وماذا؟ " قال: " قتل علي."  قال شبيب: " ثكلتك أمك! لقد جئت شيئاً إداً! كيف تقدر على قتله؟ " قال: " أكمن له في المسجد فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا فقد شفينا أنفسنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها. " قال:  " ويحك! لو كان غير ( علي )  كان أهون، قد عرفت سابقته وفضله وبلاءه في الإسلام، وما أجدني أنشرح لقتله."  قال: " أما تعلمه قتل أهل النهر العباد الصالحين؟ " قال: " بلى " . قال:" فنقتله بمن قتل من أصحابنا ". فأجابه.)

2 ـ وتمضى الرواية : ( فلما كان ليلة الجمعة، وهي الليلة التي واعد ابن ملجم أصحابه على قتل علي ومعاوية وعمرو، أخذ سيفه ومعه شبيب ووردان ، وجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها ( علي ) للصلاة، فلما خرج ( علي ) نادى: " أيها الناس الصلاة الصلاة ". فضربه شبيب بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب، وضربه ابن ملجم على قرنه بالسيف، وقال: " الحكم لله لا لك يا علي ولا لأصحابك! " ، وهرب وردان فدخل منزله، فأتاه رجل من أهله، فأخبره وردان بما كان، فانصرف عنه وجاء بسيفه فضرب به وردان حتى قتله، وهرب شبيب في الغلس، وصاح الناس، فلحقه رجل من حضرموت يقال له عويمر، وفي يد شبيب السيف، فأخذه وجلس عليه، فلما رأى الحضرمي الناس قد أقبلوا في طلبه وسيف شبيب في يده خشي على نفسه فتركه ونجا، وهرب شبيب في غمار الناس.)
3 ـ ( ولما ضرب ابن ملجم ( علياً ) قال: "لا يفوتنكم الرجل ". فشد الناس عليه فأخذوه، وتأخر (علي ) وقدّم جعدة بن هبيرة، وهو ابن أخته أم هانىء، يصلي بالناس الغداة، وقال ( علي ): " أحضروا الرجل عندي. " فأدخل عليه. فقال: " أي عدو الله! ألم أحسن إليك؟  "قال: " بلى ". قال: "فما حملك على هذا؟ " قال: " شحذته أربعين صباحاً وسألت الله أن يقتل به شر خلقه." ، فقال علي: " لا أراك مقتولاً به ولا أراك إلا من شر خلق الله."  ثم قال: " النفس بالنفس، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي، يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قد قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتلن إلا قاتلي، انظر يا حسن إن أنا مت من ضربتي هذه فاضربه ضربةً بضربة ولا تمثلن بالرجل.." .. هذا كله وابن ملجم مكتوف. فقالت له أم كلثوم ابنة علي:  " أي عدو الله! لا بأس على أبي، والله مخزيك! "  قال:"  فعلى من تبكين؟ والله إن سيفي اشتريته بألف، وسممته بألف، ولو كانت هذه الضربة بأهل مصر ما بقي منهم أحد" .!.
4 ـ ( فلما قُبض بعث ( الحسن  ) إلى ابن ملجم فأحضره، فقال للحسن: هل لك في خصلة؟ إني والله قد أعطيت الله عهداً أن لا أعاهد عهداً إلا وفيت به، وإني عاهدت الله عند الحطيم أن اقتل علياً ومعاوية أو أموت دونهما، فإن شئت خليت بيني وبينه فلك الله علي إن لم أقتله أو قتلته ثم بقيت أن آتيك حتى أضع يدي في يدك ". فقال له الحسن: " لا والله حتى تعاين النار.". ثم قدمه فقتله، وأخذه الناس فأدرجوه في بواري ،وأحرقوه بالنار.

اجمالي القراءات 12429