هل عيسى عليه السلام سيأتى علامة لقيام الساعة
القرءآن يتكلم ... فهل من آذان صاغية أم هى لاهية (2 /12) الجزء الثانى

محمد صادق في الخميس ٢١ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

القرءآن يتكلم ... فهل من آذان صاغية أم هى لاهية (2 /12)

هل عيسى عليه السلام سيأتى علامة لقيام الساعة

مقدمة:

 لقد وصلنا إلى نتيجة فى  الجزء الأول من الحلقة 12 ، بأن الرسول يقوم مقامَه كتابُ الله ( القرءآنُ )  فهو الذي بُعث وأُرسل الرسول من أجله بشيرا ونذيرا.

واعتبار القرءان العظيم رسولا يقوم مقام الرسول نفسه بعد إنتقاله إلى الرفيق الأعلى،  وليس اعتبارَ السُنةِ المزعومة والأحاديثِ الحافلة بالمتناقضات والخرافات والكذب على الله ورسوله.

ونقرأ فى القرءآن الكريم أن مهمة إرسال محمد عليه السلام ... بشيرا ونذيرا.

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " (سورة سبأ  28*

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) (سورة فصلت 3 - 4

ونقرأ أيضا مزيدا من الدليل قوله فى سورة الطلاق:

وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً {8} فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً {9} أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّه إِلَيْكُمْ  ذِكْراً {10} رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَـهُ رِزْقاً" {11}  الطلاق .

وبما أن محمد عليه السلام خاتم النبيين، بمعنى أن لا رسول أو نبى سيأتى بعده، فإن القرءآن الكريم هو الرسول إلى يوم القيامة.

هذه نتيجة لما جاء ملخصا فى الجزء الأول وهذه ركيزة للجزء الثانى الذى بين أيدينا الآن لأهميته فى إتمام هذا البحث.

والآن مع الجزء الثانى بإذن الله تعالى...

معظم المسلمين يعتقدون برجوع عيسى إبن مريم كعلامة لقيام الساعة . فإن الله سبحانه لم يبعث بعد النبي محمد انبياء ولا رسلاً كما فعل بعد موسى ،  ولن تكون للناس بهم حاجة . ولم يقل احد من المسلمين انّ الرسول النبي محمداً سيبعثه الله من جديد .. بينما نرى كتب التراث حافلة باخبار ظهور المسيح بل نزوله من السماء مرة اخرى  متفقين في هذا مع اليهود الذين امنوا بظهور المسيح الذي سوف يتزامن ظهوره مع خلاصهم وكفّ غضب الله عنهم.

" إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " (الأَعراف 152)

 ومتفقين مع النصارى الذين يؤمنون بمجيء المسيح من جديد ليخلصهم مما هم فيه من عداوة وبغضاء أغراها الله بينهم.

" وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ "( 14/المائدة )

 فما هو السر في اتفاق اهل الكتابين على ظهور المسيح بالذات مرة ثانية ؟ وما هو السر في انّ احداً من المسلمين لم يدّع ان الرسول محمداً اوْلى بالظهور ثانيةً من المسيح ؟

الجواب : إن هذه الملاحظة هي اكبر دليل على أنّ الرسول الدائم هو الكتاب . وطالما ان الكتاب عند المسلمين لم يُبدَّل فيه شيء بضمانة الله سبحانه ، فإنه لم تكن هناك حاجة لان يرسل الله انبياءَ ولا رسلاً بعد الرسول محمد لآن القرءآن الكريم هو الرسول إلى يوم القيامة.

أقوال المفسرين وتحديد مهمة عيسى عليه السلام عند نزولة إلى ألأرض:

إعتمد المفسرين على آيتين فى القرءآن الكريم وعززوهما بأحاديث ،  فعلى أساس ذلك جاؤا بأن المسيح عيسى عليه السلام سيأتى فى آخر الزمان علامة لقيام الساعة وحينئذ سيقوم المسيح بكسر الصليب وقتل الخنزير ويحكم بالقرءآن .

* سيقوم المسيح بكسر الصليب: تعنى هذه العبارة تحطيم إدعاء التثليث .*

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) (سورة المائدة 73 - 74

سيقوم بقتل الخنزير... فما هى علاقة الخنزير بنزول عيسى عليه السلام وماذا يقدم أويؤخر قتل الخنزير ولماذا الخنزير بالذات. " إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ..." (سورة البقرة 173

المسيح فى نزوله سيحكم بالقرءآن... وهل نحن منتظرين أن يأتى المسيح ويحكم بالقرءآن ، والقرءآن نفسه هو الذى أمرنا بالإحتكام للقرءآن فالمسلم والمؤمن الحق لا ينتطر من أحد أن يقول له أحكم بالقرءآن يقول سبحانه:

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ " (سورة المائدة 48

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) (سورة المائدة 44)

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) (سورة المائدة 45)

وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) (سورة المائدة 47)

لنترك القرءأن يتكلم... نستعرض بعض الآيات من القرءآن الكريم وبعدها يكون السؤال هل عيسى عليه السلام سيعود وينزل من السماء كعلامة لقيام الساعة ؟

أولا: الآيات التى إعتمد المفسرين عليها فى تحليلهم لعودة المسيح:

1- ولَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61 الزخرف

2- وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)النساء

ثانيا : بعض الأحاديث التى إعتمد عليها  المفسرين:

وردت أحاديث شتى عن نزول عيسى - عليه السلام - إلى الأرض قبيل الساعة.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله [ ص ]: والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً , فيكسر الصليب  ويقتل الخنزير  ويضع الجزية  ويفيض المال حتى لا يقبله أحد  حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها.

وعن جابر - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله [ ص ]: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة . فينزل عيسى ابن مريم  فيقول أميرهم: تعال: صل لنا . فيقول:لا . إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله تعالى لهذه الأمة.

تضارب أقوال المفسرين:

قوله تعالى : وإنه لعلم للساعة قال الحسن وقتادة وسعيد بن جبير : يريد القرآن لأنه يدل على قرب مجيء الساعة أو به تعلم الساعة وأهوالها وأحوالها .

وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة أيضا : إنه خروج عيسى - عليه السلام - ، وذلك من أعلام الساعة  لأن الله ينزله من السماء قبيل قيام الساعة ، كما أن خروج الدجال من أعلام الساعة .

وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة ومالك بن دينار والضحاك( وإنه لعلم للساعة ) ( بفتح العين واللام ) أي : أمارة . وقد روي عن عكرمة ( وإنه للعلم ) ( بلامين ) وذلك خلاف للمصاحف .

وعن عبد الله بن مسعود . قال : لما كان ليلة أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة فبدءوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم ، ثم سألوا موسى فلم يكن عنده منها علم ، فرد الحديث إلى عيسى ابن مريم قال : قد عهد إلي فيما دون وجبتها فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله -

عز وجل - ، فذكر خروج الدجال - قال : فأنزل فأقتله . وذكر الحديث ، خرجه ابن ماجه في سننه .

 وفي صحيح مسلم فبينما هو - يعني المسيح الدجال - إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله . . . الحديث .

وذكر الثعلبي والزمخشري وغيرهما من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ينزل عيسى ابن مريم - عليه السلام - من السماء على ثنية من الأرض المقدسة يقال لها أفيق بين ممصرتين ، وشعر رأسه دهين وبيده حربة يقتل بها الدجال فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر والإمام يؤم بهم فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلا من آمن به .

آيآت من كتاب الله يجب الإنتباه إليها:

مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) (سورة الأحزاب

نفهم من هذه الآية أن محمد عليه السلام هو آخر وخاتم سلسلة النبوة، بمعنى ان لا يأتى نبيا بعده إلى يوم القيامة. والآية لم تقل خاتم المرسلين ولكن خاتم النبيين، ونحن نعلم أن كل رسول لا بد أن يكون نبيا وليس كل نبى رسول، فعلى ذلك معنى أن محمد خاتم النبيين تقول الآية ضمن هذه العبارة أن لا رسول بعد محمد عليه السلام أيضا، ليس خاتم النبيين فقط بل أيضا خاتم الرسل.

* الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " (سورة المائدة 3"   

أن الدين الذى إرتضاه الله سبحانه قد إكتمل وسماه الإسلام وبذلك تمت نعمة الله على العباد. فهل مجيئ أى رسول أو نبى يستطيع أن يتعدى حدود الله ويضيف أى شيئ على الدين بعد أن إكتمل؟

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " 115الأنعام

كلمات الله تمت صدقا وعدلا ولا يوجد من يستطيع تغير أو تعديل فكلمات الله الذى بها إكتمل الدين وتمت النعمة وتوقف الوحى وأصبح الأمر كله لله العزيز الحكيم.

السؤال الآن:

 بأى وظيفة من سيأتى بعد محمد، هل سيأتى كنبى أم كرسول؟ 

تحليل وشيئ من التدبر الأولى:

وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61)

ملحوظة:نلاحظ التشكيل لكلمة "لَعِلْمٌ " فى المصحف بكسر العين وسكون اللام ، تدل على العِلْم وإن قالوا أنه علامة للساعة فتشكيل الكلمة لا بد أن يكون " لعَلًمُ " بفتح العين واللام،  بمعنى علامة وهذا مخالف لما ورد من تشكيل الكلمة فى المصحف.

وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ، جائت هذه الجملة فى سورة الزخرف رقم 61، لو تدبرنا سورة الزحرف نجد فى معظمها وهو الموضوع الأساسى هو التعريف بمكانة القرءآن الكريم ثم الإبتعاد عن الشرك بالله ثم تأكيد حدوث الساعة والبعث، وقد بدأت السورة بالتعريف بمكانة القرءآن الذى سيأتى ذكره لاحقا خلال آيات السورة يقول سبحانه:

معظم آيات سورة الزخرف مركزة على منزلة القرءآن فى أم الكتاب والتأكيد على قيام الساعة وحقيقة البعث . ونلاحظ ذلك من بداية السورة .

وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَالَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) (الزخرف 2 - 4

المقطع الكامل من سورة الزخرف الذى جاءت فيه عبارة " وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ " من الآية 43 إلى آية 61.

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50) وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) (سورة الزخرف 43 - 61

إذا قرأنا المقطع بهذه الطريقة آية بعد آية كما جائت فى المصحف لا يمكن الحصول على النتائج المطلوبة وحين نقوم بتدبر هذا المقطع يجب علينا أن ندرسه مجزءا حسب المواضيع التى جاءت فيه لأنها ليست موضوع واحد .

تدبر وتحليل لهذا المقطع...

نلاحظ أن هذا المقطع بدأ ب  إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ   وإنتهى ب  هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ.

أجزاء المقطع حسب المواضيع:

عن منزلة القرءآن الكريم...

1فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)

عن موسى عليه السلام...

2- وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا   السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50)

عن فرعون وقومه...            

3- وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56)

عن ابن مريم عيسى عليه السلام...

4وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ(57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُون(60)

* وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فقط لبنى إسرائيل وليس للناس جميعا...

عن قول الله بعِلْمْ الساعة وعدم التكذيب بها...

5- وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)

عودة إلى قول عيسى عليه السلام...

6- وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ

(63) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) (سورة الزخرف 43 - 64

من دراسة هذا المقطع كنص متكامل نلاحظ الآتى:

1- فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ... القرءآن الكريم.

2- إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ... القرءآن الكريم.

3- وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ... " وإنه " القرءآن الكريم

4- وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ... " وإنه " القرءآن الكريم

5- هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ... القرءآن الكريم.

6- إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)مثلا لبنى إسرائيل فقط وليس للعالمين...

هذا المقطع فى سورة الزخرف يضحد منكرى البعث والتأكيد على قيام الساعة.

القرءآن الكريم عِلْم للساعة ، فلنترك القرءآن يتكلم...

* أين عِلْم الساعة؟    يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي....  

                           قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون...

                           وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ....

* متى تأتى الساعة ؟  لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ....

* شرط مجيئ الساعة ؟ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً... وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ...*

                      وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا...

وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا ، هذا عطف على جملة وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ،وهذا كلام موجه من الله تعالى إلى منكرى البعث وضمير المذكر الغائب فى قوله وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ، مراد به القرءآن ، بأن القرءآن أعلم بوقوع الساعة ويفسره ما تقدم من قوله فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ، وبينه قوله بعده  إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، ومعنى تحقيق أن القرءآن عِلْمُ للساعة، أنه جاء بخاتم الرسالات، والآن فى إنتظار مجيئ الساعة وإنتهاء العالم يوم القيامة.

السؤال ما زال قائما،هل عيسى عليه السلام سيعود وينزل من السماء كعلامة  لقيام الساعة ؟

 

فى ختام هذا البحث المتواضع اقول إنه مجهود شخصى يحمل الخطأ والصواب والله أعلم...

" رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ " (سورة البقرة 286

وصدق الله العظيم...

اجمالي القراءات 10755