بين متاهات الأحاديث ومتاهات الإجتهاد الحديث

فوزى فراج في السبت ٢٤ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

عندما تذهب الى المسرح لمشاهدة عرضا موسيقيا كسيمفونيه أو باليه او ما الى ذلك, وقبل ان ترفع الستاره, تسمع اصواتا موسيقيه من عازفى الاوركسترا لا معنى لها, ويقال ان كل عازف ( يضبط) ألته قبل ان يرفع الستار, وتختلط الاصوات من الآلات المختلفه فى مزيج من الأنغام ـ ان صح هذا التعبير( أنغام) ـ لا معنى لها ولا ايقاعا بها, وتتعجب كبف يمكن لهم ان يضبطوا اى شيئ وسط هذه الضجه , وقد يقع ذلك على اذنيك وقعا مؤذيا , ليس فقط لأذنيك ولكن ربما لمزاجك ايضا , ويدعو الى النرفزه والضيق والملل, وتنظر حولك فى سخط او فى نوع من القرف لترى ان كان هناك من يشاركك فى ذلك الشعور , وقد تقول فى نفسك , لعنه الله, لماذا جئت مبكرا لأسمع كل ذلك النشاز. وتحاول ان تغلق اذنيك ( ان صح هذا التعبير ايضا) عن تلك الضجه, وان تشغل عقلك بالتفكير فى شيئ اخر, داعيا الله ان يمر ذلك الوقت سريعا ـ قبل ان تفقد ما بقى فيك من حكمه وصبرـ , وان تطفأ الاضواء وان يرفع الستار.

غير انه ما ان يرفع الستار, حتى تنتظم تلك الالات لتخرج للمشاهدين من الالحان والأنغام ما يسر الأذان , ولا تسأل نفسك عن السبب, فأنت تعرفه جيدا, تعرف ان ( المايسترو) أو قائد الاوركسترا هو الذى يضبط وينظم ايقاعهم ويخضعهم لعزف ما هو مكتوب امامهم من نوتات الموسيقى دون الخروج عنه, وهذا هو الفرق بين النشاز والموسيقى.


فمتى يرفع الستار ومن هو المايسترو الذى ننتظره فى موضوع الإجتهادات الحديثة القائمه فى فهم وتفسير القرآن؟؟


الانسان المتوسط او العادى, اى ما يسمى (person Average) فى الكثير من الإحصائيات يبلغ تعداده ما يقارب من 80 - 90% من العدد الاجمالى, بينما يبلغ عدد من هم اقل من المتوسط او العادى حوالى 5 -10 % ومن هم أعلا من المتوسط او العادى 5 -10 %. وكلمة المتوسط هنا قد تعود على مستوى الذكاء والقدره على الإستيعاب, او المتوسط هنا قد تعود على الثروه وان كان تعريف او مفهوم المتوسط فى الثروة يختلف من مجتمع الى الآخر, عموما كلمه (المتوسط )هنا قد تعود على مواصفات كثيره .

وتحديد " درجات" التوسط ايضا له مواصفات اخرى , غير ان ما يهمنى من استخدام هذا التعريف اليوم هو فى تحديد درجات المعرفه التى يتمتع بها المسلم "المتوسط او العادى واحيانا يشار اليه برجل الشارع" والذى تبلغ نسبته ما يقارب من 80 - 90 % من المسلمين. اما العشرة فى المائة ممن هم دون المتوسط او ممن هم اعلا من المتوسط فلسنا فى مقام التعرض لهم الان.

 
ان عدد المسلمين حول العالم يبلغ حوالى 1300 الى 1400 مليون مسلم, والغالبيه العظمى منهم لايتحدثون العربيه ولا يفهمون منها الا اقل القليل, هذا بالطبع ان كانوا يفهمون منها شيئا على الاطلاق, ولنأخذ ذلك فى الاعتبار الآن كما يجب ان نأخذ فى الإعتبار انه بناء على ذلك فهناك مابين 1000 -1250 مليون مسلم ممن ينطبق عليهم الوصف ( متوسط او عادى) فى درجة المامهم ومعرفتهم بالدين الاسلامى.


اصبح المسلم ( العادى او المتوسط) اليوم بين نارين, نار التسليم والإذعان واتباع فئة من الذين اتبعوا ما يسمى بالسلف " الصالح" دون ان يحكموا عقولهم ودون ان يجرأوا على مناقشة الكثير مما يقال لهم وما يسمعونه من وعاظ المساجد وخطباء الجمعه (( مع العلم بأن خطباء ووعاظ المساجد (لا يسمحون بالمناقشه اثناء الخطبه) , كذلك من وعاظ او فقهاء التليفزيون والساتاليت الذين يقلدون اخوانهم وعاظ الأنجيل فى العالم الغربى)) , حتى وان لم يقتنعوا بما يسمعونه من احاديث تخالف كتاب الله بصفة مباشرة, وبين نار التحول منهم الى من يطلقون على انفسهم أسماء اخرى ويدعى كل منهم انهم هم على حق فى نوعيه الاسلام الذى يدعون الآخرين الى الانتماء اليه, وكنت قد كتبت مقالا منذ عدة اسابيع عن فروع الاسلام المختلفه منذ البدايه الى الآن بعنوان ( هذا هو الاسلام الذى لا ولن انتمى اليه).


فبعد ان تفتحت العقول والانظار على التناقض الواضح بين ما يردده وعاظ المساجد من عشرات ان لم تكن مئات الأحاديث التى ان لم تناقض القرآن نفسه بصفة مباشرة , فإنها تناقض روح القرآن بشكل عام, وبعد ان بدأ الوعى ينتشر بين الكثير من المسلمين عن بديل لتلك الامور المتوارثه والشاذة منها , وبعد ان اتفق الكثيرون على ان القرآن والقرآن وحده هو ما يجب الرجوع اليه فى ما يختص بالاسلام والدين والعقيده والشرع , ظهرت طائفة جديدة من ( المفسرين او المجتهدين) الذين يجتهدون فى تفسير القرآن او ما خفى منه او ما صعب منه على ( العامة او العاديين) من الذين تحولوا الى القرآن كمصدر واحد لاشريك فيه.


ولنأخذ مثلا اهل القرآن, وهم الذين عرضوا كل ما يمكن ان يعرض من تفنيد خرافات وادعاءات متبعى البخارى والحديث والأحاديث ومن هم مثله ومدى معارضتها لمعانى وروح القرآن فى اغلب الأحيان , وهذا فى حد ذاته عظيم , ثم اتفقوا على اتباع القرآن فقط, غير ان التفسيرات المتباينه والمختلفه للقرآن والتى تنشر على موقع اهل القرآن نفسه من هؤلاء قد تصيبك بالدوار ان لم يكن بالغثيان احيانا . والامثله على ذلك كثيره. واننى لا اشك مطلقا فى نوايا كل من تعرض لتفسير القرآن بطريقته ظنا منه انه قد اكتشف شيئا فريدا من نوعه لم يكتشفه من قبل انس ولا جان, فأغلبهم ان لم يكن اجمعهم , مخلصون فى دينهم ولا اعتقد مطلقا ان لهم نوايا سيئه او لهم اجنده خاصه بهم, غير انهم , كل قد تفوق فى مجال ما سواء من العلم او الأدب او التاريخ او اللغه.....الخ , ويحاول ان يخضع ما تفوق فيه الى ان يكون آلته التى يحل بها طلاسم القرآن او ما يراه كطلاسما فى القرآن.

 
عندما ننظر الى لوحة تشكيلبه من لوحات بيكاسو اوسلفادور دالى, فقد يرى كل انسان شيئا مختلفا تماما عما يراه الآخر, وليس من المعقول ان نجادل ايهم فيما يراه , ولكن عندما نقرأ كلمة عربيه او آيه من القرآن , يقرأها وينطقها ويسمعها الجميع بنفس الطريقه ويراها الجميع مكتوبة بنفس الطريقه ونفس الحروف ونفس التشكليل, ثم نرى ان تفسيرها يختلف من شخص الى الآخر, وفى كثير من الاحيان لا يكون الاختلاف بسيطا يمكن التجاوز عنه, ولكنه اختلافا بينا كما الاختلاف بين الليل والنهار, فذلك ما يدعو الى التعجب والدهشه, بل واكثر من ذلك. فكل منهم يفسر القرآن على هواه وبالطريقة التى يراها , وكل منهم يحاول بكل وسيله ان يقنع من يقرأ له انه على حق وانه اكثر فهما ومعرفة بالقرآن وبلغه القرآن وبمعانى القرآن واسرار القرآن ,الا انهم يتوصلون الى اشياء اقل ما يمكن ان توصف به انها عجيبه او غريبه فلا يصدقها العقل.

 
وأود ان اوضح هنا بأننى لا اسخر من اى منهم ولا اقلل من شأن اى منهم , بل ان البعض منهم ممن اعتبرهم أصدقاء واحترم وجهات نظرهم فى الكثير من المواضيع الأخرى التى نوقشت من قبل واعتز بصداقاتهم, بل اننى اقول بوضوح ان اختلافى معهم فيما توصلوا اليه لايعنى مطلقا اننى دائما على حق وهم مخطؤون بل لربما اكون انا من هو على خطأ , غير انى فى هذه الحالات من تفسير القرآن, قد اكون غير مقتنعا تماما أومطلقا او أكون غير مقتنعا الى حد كبير او غير مقتنعا الى حد ما, بما توصلوا اليه من اجتهاد فى القرآن.


وممن اجتهدوا فى تفسير القرآن , فهناك من يقتنع تماما ان القرآن مبني على معادلات حسابيه لها علاقة مباشرة بالرقم 19 ومضاعفاته,وقد قرأت ايضا ادعاءات بأرقام اخرى لا اذكر على وجه التحديد ان كانت 12 او 23 او شيئا من هذا القبيل , اى ان القرآن يجب ان يجتاز ذلك الأختبار المستحيل كى يبرهن انه من عند الله وان الله وحده هو القادر على وضع كتاب من ذلك النوع الوحيد, كتاب لو نقص او ازداد فيه حرف واحد لأنهارت تلك المعادله الحسابيه عن اخرها, كل ذلك للتدليل على ان القرآن قد اوحى به وجاء من لدن حكيم خبير, وانه من عاشر المستحيلات ان يكون عملا من اعمال البشر. لكننى قلت اكثر من مرة ان ايمانى (انا شخصيا) وايمان مئات بل الاف الملايين من المسلمين الذين امنوا منذ ان اوحى القرآن الى الرسول (ص) لم يكن بناء على تلك المعادلات الحسابيه او غيرها, وان الله سبحانه وتعالى قد ذكر واثنى على ايمانهم فى نفس القرآن الذى يدعى البعض على انه منظومة حسابيه, أى ان ايمانهم لم يكن منقوصا او ضعيفا رغم جهلهم بل وجهل الرسول نفسه (ص) فيما يبدو بتلك المعادلات, كما قلت أيضا ان اعتبار ذلك برهانا لمن لم يؤمن اصلا بالقرآن لن يغيرمن الامر شيئا, فحسب معلوماتى لم يغير حتى الآن من ايمان هؤلاء بحيث اننا لم نراهم وقد بدأوا فى دخول الاسلام افواجا أفواجا بعد ان اعلنت ونشرت وقدمت تلك الاعجازات.


وهناك من يفسر القرآن بأنه كتاب للعلم ولا اعنى بذلك "المعرفه" بل العلم الحديث ( Modern Science) ,و ليس مجرد اى علم فقط, بل علم اليوم فى القرن العشرين والحادى والعشرين, ومنه على وجه المثال من قال ان أية النور ( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة......الآيه) تفسيرها بأنها وصف تفصيلى لتركيب جهاز ( الليزر) المعروف, وكأن الله سبحانه وتعالى كان قد اعطى لنا كمسلمين ليس فقط فكرة جهاز الليزر , بل وطريقة تصنيعه بدقة كاملة متكامله, غير اننا لأننا لم نتدبر القرآن ولم نستطيع ان نفهم كلام الله فيه , فقد فاتنا ذلك العلم, واستطاع غير المسلمين ان يكتشفوا ذلك الاكتشاف العظيم , رغم انه احقاقا للحق, لم يدعى اى منهم ( الذين اكتشفوه) انه حقق ذلك الاكتشاف من العلم بناء على كتابه المقدس او على اى كتاب مقدس اخر, او بالطبع بناء على القرآن. ولا ادرى, ان صح ذلك الزعم, لماذا كشف الله عز وجل لنا عن جهاز الليزر على وجه التحديد, لماذا لم تكن القنبله الذريه او الكهرباء او حتى الموصلات النصفيه ( semi conductors) خاصة وانها مصنوعة من السيليكون اى الرمال والتى توافرت فى بيئتنا العربيه, او حتى القلم الرصاص , بالطبع ان تسأل هذا السؤال, فستكون الاجابه, نحن لم نفسر بعد كل ما جاء فى القرآن, و من يدرى فكما اكتشفنا ان الليزر فى القرآن , فقد نجد كل تلك الإختراعات الأخرى يوما ما مفسرة بحذافيرها فى القرآن, وبالطبع لا تستطيع ان تجادل احدا يعتمد فى جداله على المجهول فى المستقبل كدليل على صحة وجهة نظره. غير اننى اتساءل , الم يعلم سبحانه وتعالى اننا نحن المسلمون ,لن نقوم بإختراع الليزر, فما اذن حكمته فى وضعه بهذا الشكل, وان كانت كل الاختراعات الاخرى كما يقولون ربما سنكتشفها فى القرآن ايضا يوما ما, ونحن بالطبع لم نخترعها كما يعرف الجميع, فما حكمته فى ذلك, هل لإثبات ان القران هو كتاب الله, فلمن يريد الله ان يثبت ذلك ؟؟؟, فمن امن به , قد امن به دون تلك الحجج والبراهين على مدى اربعة عشر قرنا, ومن لم يؤمن به , لن يؤمن به مهما قدمت له من الحجج والبراهين.


ثم نجد من يفسر القرآن تفسيرا ((((هو نفسه)))) يحتاج الى تفسيرات عدة لما جاء به من ( تفسير) , ويعتقد ان القواعد العامه فى اللغه العربيه التى عرفناها قد شوهها كهنة اللغه او شيئا من هذا القبيل وانه هو وحده بين مئات الملايين المتحدثون باللغة العربيه من يفهم طلاسمها والغازها ومعانيها , معذرة فلست خبيرا مثله باللغه العربيه , او باللغات الأخرى التى يستند اليها فى تفسير القرآن الذى يشير اليه فى اغلب الاحيان باللسان العربى او القول العربى, غير انه يلجأ احيانا حتى الى اللغة العبريه لتفسير اللغه العربيه او الى اللغه الانجليزيه لأثبات ان التفسير والمفهوم العربى للقرآن العربى واللسان العربى لا علاقة له باللغه العربيه التى جاءت فى القرآن, او بما كان يعنيه الله عز وجل فى كتابه الحكيم, فهل تجد صعوبه فى فهم ما قلته, وهل هناك اوضح من ذلك!!!, ومن بعض تفسيراته للكتاب والبلاغ العربى الذى هو القرآن بلغتنا نحن ( عامة الناس) , انه حلل البغاء بل انه سماه شريعة البغاء, وحلل لحم الخنزير الذى نعرفه جميعا ونسميه الخنزير , وذلك بناء على معرفته للغه العربيه والعبريه و الانجليزيه و ربما غيرها من اللغات الأخرى, فالخنزير ليس حيوان بل اى لحم ( تخنزر) اى لحم من بهيمة كبرت فى السن, كماحلل الخمر وقال انها حلال ولذيذه طعمها ,وقس على ذلك من تفسير القرآن والإجتهاد فيه ..الخ .


ومن المجتهدين من قال ان " الأميين " فى القرآن تعنى ديانه , وأنها كانت الديانه السائده فى الجزيره العربيه قبل ان يبعث الرسول والاسلام لإصلاحها وهذا هو بعض اجتهاده فى تفسير القرآن, من يدرى فربما كان على صواب.


ومن المجتهدين فى الاسلام والقرآن من يعرف صلاة الجمعه بأنها(( ٱجتماع للخبرآء ٱلماليين ٱلممثلين لتجّار ٱلمدينة بقيادة رئيس ٱلدولة رسول ٱللَّه لبحث شئون ٱلمدينة ٱلمالية وٱلتجارية وٱلوقوف علىٰٓ أَخر ٱلتطورات وٱلتشريعات فيستمعون للرئيس وهو يقدم تقريره ويتحاورون فى ذٰلك ليخلصوٓا إلى منهاج عمل لسير أعمال ٱلمدينة ٱلتجارية وٱلمالية)) كما فسر معنى الصلاه بأنها (ٱلصّلوٰة فى ٱلقرءان هى ٱلرّصد وٱلمراقبة وٱلإحاطة بٱلشىء وٱلأمر) وبالطبع يمكن ان نتخيل مثل ذلك الإجتهاد فى تفسير القرآن وما سيصل به صاحبه عندما يطلق لنفسه العنان فى تفسير المعانى الأخرى مما جاء فى كتاب الله الحكيم.


ثم هناك من يبنى اجتهاده على معرفته بأصل اللغه العربيه ومكوناتها وعلاقة الحروف وطريقة نطقها فى الكلمه بالمعنى الذى تشير اليه الكلمه, ولست اعرف حقيقة الامر فى ذلك لأننى لست من خبراء اللغه العربيه, غير ان ما يأتى به احيانا يثير التأمل واحيانا يثير الدهشه والعجب. ولذلك فإنى اتساءل, ان كانت الامور بهذا الشكل , وان اللغه العربيه على حد تفسيره لها بذلك الشكل , فما شأن اكثر من 1000 مليون مسلم او 80% من مسلمى العالم الذين لا يفقهون من اللغه العربيه حرفا , والى اين هم ذاهبون؟


وهناك امثلة اخرى كثيرة على اجتهاد المجتهدين فى تفسير القرآن , تفسيره لنا جميعا ممن هم مثلى من الأغلبيه او من المتوسطين ( من العامه) , ولأن التكنولوجيا الحديثه قد سهلت كثيرا من توافر المعلومات وسهولة الحصول عليها, فأجدنى فى حيرة من امرى, واجد ان المسلم ( العادى) من الأغلبيه الساحقه قد يجد نفسه فى حيرة اعظم الآن عما كان عليه من قبل. الى من يجب عليه ان يستمع والى من يجب عليه ان يتبع و الى من يجب عليه ان يصدق. لقد كان يذهب الى امام المسجد وكان يستمع الى كلام ما انزل الله به من سلطان, وكان يخرج بعد صلاة الجمعه بأسئلة اكثر مما جاء اليها بها, ثم بعد ان وجد ان الكثير من الحديث لا يمكن ان يوثق به, واستقر امره ان يتبع كتاب الله الذى تعهد بحفظه والذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وجد ان امامه كل تلك ( التفسيرات والمفسرين) والتى لا يمكن ايضا لعقله ان يتقبلها, وجد نفسه حائرا, مذهولا مرتبكا مندهشا مبلبلا وقد اختلط الامر عليه, فأين يذهب؟


هل يجب ان نفرض رقابه مثلا على كل ما ينشرخاصة ان كان يتعلق بتفسير القرآن, ان وجهات النظر العامة فى المواضيع العامه تخضع لمقاييس مختلفه كما ان نتائجها ليست فى العاده ذات شأن خطير او بالغ , اما مايتعلق بالقرآن وهو الملاذ الأخير, فالنتائج قد تكون ذات طبيعه خطيرة او مهلكة فى العالمين الأول والآخر.

إن فرض رقابه على ما ينشر قد يخالف طبيعة الديموقراطيه وحرية الكلمه التى ندعو لها ونقاتل من اجلها, ولكن هل هناك حدودا لحرية الكلمه؟ ان المجتمعات المتقدمه التى تقدس حريه الكلمه, لا تترك ذلك غير مقيدا وبلا حدود, فمثلا لا يستطيع احدا ان يصرخ " حريق حريق" فى اى مكان عام مغلق كدور السينما مثلا او المسارح, ان لم يكن هناك حريقا بالفعل, ولا يمكن له ان يتحجج بحريه الكلمه ان كان سيعرض الأخرين الى الخطر, فما بالك بالخطر الذى قد يتعرض له المسلم ( العادى المتوسط رجل الشارع) من جراء مثل تلك الاجتهادات التى اشرت اليها؟ ليس لدى اجابة على ذلك, لأنى من الأغلبيه العاديه المتوسطه وربما قد يعتبرنى البعض من الأقليه التى لم تصل فى علمها الى الأغلبيه العاديه المتوسطه بعد. وان كان من الواجب ان تفرض رقابة على تلك التفسيرات التى لا تخضع لأى مقاييس سوى ما يتفتق ذهن مفسرها عنها, فمن ذا الذى يوضع فى موضع المراقب وما هى مؤهلاته وما هى حدوده وما هى سلطاته. هل يجب ان تخضع كل تلك الاجتهادات والتفسيرات للمناقشه مثلا؟ وكيف تنتهى المناقشه ان اصر صاحب الاجتهاد على رأيه حتى ولو اختلف معه الجميع بدون استثناء, كما فى حاله ( شريعة البغاء مثلا).

 
اسئله كثيرة تعترينى وانا ارى مايحدث للقرآن ولا اعرف لها اجابه.


اخيرا, لماذا قال الله تعالى فى كتابه الحكيم, ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر, قالها اربعة مرات فى سورة القمر, وما معنى ذلك , هل يسر الله القرآن للذكر ام اننا لا نفهم معنى تلك الكلمات مثل ( يسر) و ( للذكر) و( مدكر) ونحتاج الى مفسر من البلاغ العربى !!!, وان كان مفهومنا لتك االآيه صحيحا, فلم نرى ما نراه من اختلافات حول معانيه , ثم الم يقل سبحانه وتعالى (افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) وهؤلاء الذين قيلت فيهم ولهم تلك الآيه لم يكونوا من ( العلماء) ولم يكونوا من (اهل الذكر) ولم يكونوا من الخاصة الذين لديهم من العلم ما ليس لدى احد اخر, بل هؤلاء كانوا من عامة القوم فالآيه التى تسبقها هى (ويقولون طاعة فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فاعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) اى ان الله يقول ان تدبر القرآن لا يعسر ولا يشق على احد حتى هؤلاء الذين هم ممن لا يطيعون الرسول من المنافقين , اى من لم يدخل الإيمان الى قلبهم, ورغم عدم دخول الإيمان الى قلوبهم , فهم يعتبرهم الله قادرين على تدبر القرآن, ام اننى ايضا على حد قول بعض المتخصصين المفسرين للغة العربيه, لا اعرف معنى ( تدبر القرآن). ولماذا اذن يحدث ما يحدث, أربما يحدث هذا لحكمة يعلمها الله وحده!!! الله وحده اعلم. اخيرا اعتذر بشده على طول المقال فليست هذه من عاداتى كما أرجو ان لا تصبح منها.

اجمالي القراءات 19432