موسى وعبد من عبادنا يقول الله عز وجل فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا
القرءآن يتكلم ... فهل من آذان صاغية أم هى لاهية ( 11 )

محمد صادق في الإثنين ٢١ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

القرءآن يتكلم ... فهل من آذان صاغية أم هى لاهية ( 11 )

موسى وعبد من عبادنا  يقول الله عز وجل

فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا

فمن هو هذا العبد الذى إصطحب موسى فى رحلة تعليمية غير عادية ... " قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا "

يقول الله عز وجل عن موسى عليه السلام : " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " (سورة القصص 14

عند النظر لهاتين الآيتين نجد أن موسى يقول  " تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا " وفى نفس الوقت يقرر الله سبحانه " آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ". نستنتج أن العلم الذى حصل عليه موسى اقل من علم هذا العبد أو على الأقل مختلفا عنه .

فالسؤال الآن من هو هذا العبد ، هل هو إنسان بشر أو ملك كريم أو ولى أم نبى....؟

كى نجيب على هذا السؤال يجب علينا دراسة قصة موسى عليه السلام منذ أن وجد هذا العبد فى سورة الكهف من الآية 65 إلى الآية 82 وسوف أقوم بتحديد كلمات من القصة كما جاءت فى القرءان الكريم باللون الأحمر وهذه الكلمات هى الركيزة التى نقوم من خلالها إجراء عملية البحث فى القرءآن وفى النهاية نستنتج إن كان هذا العبد إنسان بشر أم ملك كريم .

قبل الدخول فى صلب الموضوع دعنا نستعرض بإختصار ما يقوله علماء وأئمة المسلمين فى هذا الموضوع.

نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكان الذي جرت  فيه الحوا دث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟

اختلف المفسرون في تحديد المكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة،وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى وإنما أبهم السياق القرآني المكان، كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا.

وقد اختلف العلماء في الخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا وقد نسجت الأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضية لم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها، فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عباد الله وتبقى قضية ولايته، أو نبوته وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر في قصته.

يرى كثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذا العبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق القصة يدل على نبوته.

فرأى العلماء أن الخضر نبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.

يوجد اختلاف في أنه نبي، وهناك من يقول أنه ولي. عند ذكر اسمه يُلحق المسلمون عبارة "عليه السلام".

يقول الصحابي ابن مسعود أنه المراد به في الآية:

" قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ "

غير ذلك قول ابن عباس وهو المشهور قال أن المراد به في الآية هو آصف بن برخيا. يختلف العلماء في انه ميت أم حي إلى الآن يُعتبر الخضر مقدسًا لدى العديد من الديانات مثل المسيحية، والدرزية، واليهودية.

وجعلوا له نسبا...وقيل أنه قابيل بن آدم، وقيل أنه بليا بن ملكان (كلمان) بن فالغ بن شالخ بن عامر بن أرفخشد، وقيل أنه المعمر بن مالك بن عبد اللَّه بن نصر بن الأزد، والقول الخامس هو: ابن عمائيل (مقاتل) بن النوار بن العيص بن إسحاق، والقول السّادس: أنه من سبط النبي هارون أخ النبي موسى روى عن الكلبيّ عن أبي صالح عن أبي هريرة عن ابن عباس. وقيل أنه خضرون بن عاييل بن معمر بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم، وقيل أنه الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه فلا يموت حتى ينفخ في الصور.

قال أبو الخطّاب بن دحية: لا ندري هل هو ملك أو نبي أو عبد صالح.

والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..أم مخلوق آخر...؟

بعد هذه المقدمة بدأت التدبر فى قصة موسى والعبد الصالح ( سوف نستخدم هذا الإسم للتسهيل فقط ) وكما قلت مسبقا أنى حددت بعض الكلمات باللون الأحمر كى يدور البحث حولها وإعتبرت هذه الكلمات هى مفتاح البحث والتدبر ... والآن إلى نص القصة كما جاءت فى القرءآن الكريم .

فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)  (سورة الكهف 65 - 82

تحليل وإستنتاجات:

*عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَاعبدا من عبادنا لم تذكر إلا مع العبد الصالح.

 كلمة عبدا بصفة عامة فى القرءآن: -

إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) (سورة مريم 93

 مصطلح عباد الرحمن ورد فى القرءآن مرتين: *

- بالنسبة للبشر يقول سبحانه: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا " (سورة الفرقان 63

- الملائكة عباد الرحمن:

وَجَعَلُواالْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ " (سورة الزخرف 43:19

* مِنْ عِبَادِنَا  هذا التعبير جاء فى القرءآن مصحوبا بصفة معينة تدل على أن هذا العبد من البشر:

12: إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ " يوسف 24 

37: إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ " الصافات 81

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ"37:171

امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ " التحريم 66:1 

وَعَلَّمْنَاهُ مِنْلَدُنَّا عِلْمًا  

هذه العبارة ذكرت  18 مرة، مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا  لم تأتى إلا مع العبد الصالح.

  علما-

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " (سورة يوسف 22

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " (سورة القصص 14

لدنا  -

وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا " (سورة النساء 67

وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا "  19:13                   

كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا " (سورة طه 99

رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ "(سورة آل عمران 8

نلاحظ هنا أن مصطلح لدنا علما لم يأتى إلا مع العبد الصالح وحين ذكر فى القرءآن كلمة لدنا جاءت معها صفات أخرى مثل أجرا و حنانا و ذكرا و رحمة ...الخ.

وعلى غرار العلم الدن أو علم من الكتاب يقول سبحانه وتعالى:

قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ " (سورة النمل 40

فهذا الذى لديه علم من الكتاب ليس من البشر.

* قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) (سورة الكهف 67 - 68

إذا كان هذا العبد بشرا فلماذا موسى لا يكون قادر على أن يصبرمعه فى هذا الموقف ؟ هذا يشير مرة أخرى إلى أن هذا العبد لديه قدرات ومعارف يصعب التفاهم مع البشر، أو أنه هو مخلوق من طينة مختلفة من الوجود وأن الله جعل من الممكن لموسى التواصل معه على أساس مؤقت وذلك لأسباب محددة.

*  فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ

فى كتاب الله سبحانه وفاة وموت ... وليس قتل...!

تم تكليف العبد الصالح من قبل الله لإنهاء حياة صبي صغير. هذا العمل له أهمية كبيرة مرة أخرى على هوية هذا العبد.

قد أوضح العبد الصالح سبب قتل هذا الصبى: السبب هذا أمر مهم جدا هو أن حياة الصبي أنهيت حتى قبل أن يرتكب خطيئة تثقل كاهل والديه بالعدوان والكفر.

وهذا يعني أنه في تلك المرحلة من حياة الطفل (قبل ارتكاب الخطيئة) كان لا يزال من الأبرياء. ونحن نعلم أن قتل نفس بريئة محظور في القرآن الكريم، وبالتالي إذا قتل إنسان نفس بريئة تعتبر فى قانون الله سبحانه جريمة قتل بدون حق وهذا لا يحدث إلا مع البشر. الله ينهي حياة كل النفوس طبقا لمشيئته. و الملائكة فقط الذين تم تعيينهم لتنفيذ هذا الدور وليس البشر مع إستخدام مصطلح الوفاة وليس القتل انظر إلى قوله تعالى:

وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ " الأَنعام 61

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " النحل 28

اللهُ يَتَوَفَّىالْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى"  (سورة الزمر 42

* وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا  أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا "(سورة الكهف 80

فَخَشِينَا

هذه الكلمة تفيد أن الخشية فى المستقبل وتدل أيضا على أن الغلام لم يرتكب أى خطيئة، وبما أن الخشية فى المستقبل وهذا بعتبر جزء من الغيب الذى لا يعلمه إلا الله سبحانه ، بإستثناء جاء فى الآية الكريمة التالية:

عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) (سورة الجن 26 - 27

نستنتج من ذلك أن البشر لا يعلموا الغيب، ولله غيب نعلمه من الخبر الصادق الذى جاء وحيا فى القرءآن الكريم أو يمكن أن يُظهره على من يشاء من رسله وهؤلاء الرسل يمكن أن يكونوا بشرا أو من الملائكة وأنظر إلى قول الله تعالى:

اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76) (سورة الحج 75 - 76

* وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي

وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) (النحل 49 - 50

لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " (سورة التحريم 6

مثال عن إرسال الملائكة فى مهمة محددة لوقت معين من القرءآن:

وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) (سورة الحجر 51 - 53

رسلا من الملائكة جاؤا بمهمة معينة وفى وقت معين وبعد إنتهاء مهمتهم إختفوا من مسرح الحوادث كما جاؤا فجأة.

مثال آخر: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) (سورة مريم 16 - 19

هذا الرسول الكريم جاء فجأة لمهمة معينة فى وقت معين وإختفى بعد إنتهاء المهمة المكلف بها من قبل الله سبحانه وتعالى.

الختام:

مما سبق تبين لى أن هذا العبد الصالح هو ملك كريم آتاه الله من العلم وأظهر له عن بعض الغيب ليؤدى مهمة معينة فى وقت معين ثم اختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.

هذا هو إجتهادى الشخصى ولا ألزمه على أحد ولكن مجرد مشاركة منى وعلى كل الأحوال الله أعلم ونحن لا نعلم إلا أن نجتهد وعلى الله الأجر والثواب.

وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا  (سورة الإسراء 85

صدق الله العظيم .... والحمد لله رب العالمين.

اجمالي القراءات 12241