الضربة من داخل حركتنا الامازيغية ترجع كل شيء الى نقطة الصفر
الضربة من داخل حركتنا الامازيغية ترجع كل شيء الى نقطة الصفر

مهدي مالك في الأربعاء ١٦ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الضربة من داخل حركتنا الامازيغية ترجع كل شيء الى نقطة الصفر

مقدمة                                            

منذ اواخر ستينات القرن الماضي انطلقت الحركة الثقافية الامازيغية باهداف و توجهات عامة تتطور مع السياق التاريخي و مع السياق السياسي الوطني و الدولي بحكم اننا جزء من المجتمع الدولي لان المغرب منخرط في الامم المتحدة  و منخرط كذلك في ما يسمى بجامعة الدول العربية و  منخرط في منظمة المؤتمر الاسلامي بصفتنا عرب مسلمون لان المغرب المستقل قد قدم نفسه لمسلمي العالم باعتباره بلد عربي قح منذ الفتح الاسلامي بدون اية اشارة لوجود شعب اسمه الشعب الامازيغي المسلم على الاطلاق...

ان  هذه الاهداف و هذه التوجهات العامة  للحركة الثقافية الامازيغية طيلة هذه العقود الطويلة ترمي في نهاية المطاف الى رد الاعتبار لامازيغية المغرب على كل المستويات و الاصعدة بما فيها السياسية منها حيث بعدما استقل المغرب  عن فرنسا سنة 1956 تم تاسيس الدولة الوطنية على اساس تمجيد الدخيل المشرقي و تحقير الاصيل المغربي للغاية و تحطيم سياستنا الامازيغية عبر  خلع العرف الامازيغي و إلغاء تدريس الامازيغية في بعض المدارس ابان عهد الحماية و جعل الامازيغية ظهيرا بربريا شيطانيا في عقول اجيال من المغاربة من طبيعة الحال.

 فكان جواب الامازيغيين انذاك على وضعية هويتهم  هو العمل الثقافي الصرف بهدف نشر الوعي الاولي ببعده التنظيري  باننا شعب مختلف عن شعوب منطقة الشرق الاوسط ثقافيا و اجتماعيا و تاريخيا و ان هويتنا الثقافية الاصلية هي الامازيغية  حيث استمر هذا الوعي الاولي بامازيغية المغرب عقود من الزمان تحت حصار رهيب من طرف السلطة و اعلامها الرسمي حيث شخصيا وجدت في تلفزيوننا الرسمي سنة 2000 و التي تصادف بالنسبة لي مع مراهقتي الحساسية و مشاكلي العميقة مع ايديولوجية التخلف القروي ان هذا التلفزيون قد اتجه اتجاها واضحا نحو التعريب العرقي بمعنى الكلمة من خلال المصطلحات المستعملة من قبيل الوطن العربي و المغرب العربي و الظهير البربري و نشرة اللهجات الخ.

و في هذا السياق التاريخي اتذكر في صيف ذلك العام اي  2000 بثت قناة الجزيرة اول برنامج حول المسالة الامازيغية ببعدها الثقافي ببلادنا نتيجة طبيعية لاصداء بيان الاستاذ محمد شفيق حول امازيغية المغرب الصادر في فاتح مارس 2000 بمعنى ان الحركة الامازيغية ناضلت منذ سنة 1967 الى حدود 2001 خارج مؤسسات الدولة من اجل تغيير اولي و بدائي للمفاهيم السائدة حول الهوية المغربية عموما و الثقافة الامازيغية خصوصا حتى وصلنا ما وصلناه اليوم من الترسيم الدستوري للامازيغية سنة 2011 بفضل عمل الحركة الامازيغية داخل مؤسسات الدولة من طبيعة الحال و خارجها بغية ضمان التنزيل السليم لترسيم الامازيغية على مختلف مناحي الحياة العامة..

غير اننا نفاجئ هذه الايام بالضربة من داخل حركتنا الامازيغية و  تتمثل في تصريح خطير صرحه عميد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية لاحدى القنوات التلفزيونية ببلادنا في اطار الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان حيث قال ما حققه اركام هو شيء فريد على صعيد المغرب الكبير و على صعيد الوطن العربي كاننا عرب حقيقيين او مازلنا نعيش في اجواء الدستور القديم لسنة 1996 او ان  حركتنا الامازيغية مازالت تعيش في اجواء التسعينات بالفعل  ....

ان مصطلح الوطن العربي لم اسمعه في اعلامنا الرسمي منذ سنوات علما ان هذا  الاخير مازال  يستعمل مصطلحات اخرى من قبيل العالم العربي او المغرب العربي او الظهير البربري الخ كاننا غير موجودين اصلا في شمال افريقيا كشعب مسلم مثل الاتراك او الإيرانيين او الافغان الخ من هذه الشعوب الاسلامية الغير عربية حيث انظروا الى ايران الفارسية التي اصبحت قوة اقليمية في منطقة الشرق الاوسط  بفضل اعتمادها على ثقافتها الاصلية بدون اية وصاية عروبية او سلفية و انظروا الى تركيا العلمانية بمفهومها الغربي و بثقافتها الاصلية اين وصلت في الاقتصاد و في الثقافة و في السياسة الدولية ...

و بينما نحن مازلنا غارقين في أوحال العروبة و السلفية ببعدها الرسمي منذ سنة 1956 و ببعدها الوهابي الذي دخل الينا عبر الفضائيات الوهابية من السعودية و مصر و النتيجة معروفة لدى الجميع  ..

  ان موقفي الجديد من المعهد الملكي للثقافة الامازيغية صار معروفا   منذ مارس الماضي عبر مقالاتي و عبر كتابي الجديد حيث ان تصريح عميده الموقر سيرجع عقارب الساعة الى الوراء في مسالة اصل الامازيغيين بحكم ان الراحل الحسن الثاني عندما علم بانطلاق الربيع الامازيغي بالجزائر سنة 1980 صرح للصحافة الفرنسية ان لا وجود لقضية امازيغية بالمغرب لان اصل الامازيغيين يرجع الى اليمن اي هم عرب جاؤوا الى المغرب مع الفتح الاسلامي كأن المغرب كان ارض خلاء من اية حضارة او اية ثقافة حتى جاء الفاتحين العرب لينشروا الرسالة الاسلامية بالرحمة و العدالة الخ من خرافات تاريخنا المخزني و خطابنا الديني الرسمي...

قد يستغرب انسان عادي من وجود حاجز كبير بين اركام كمؤسسة رسمية تعنى بالثقافة الامازيغية باعتبارها ثقافة اسلامية مغربية ظلت لقرون طويلة تعلم الناس فضائل الاسلام و بين الحقل الديني...

ان هذا الانسان العادي قد لا يعلم  ان الامازيغية في عقول اغلب نخبتنا الدينية هي بمثابة المؤامرة الاستعمارية او الجاهلية او اللهجات الحقيرة حيث هناك اسئلة جوهرية بالنسبة لي  هل استطاع هذا المعهد الموقر ان ينظم ندوة و لو واحدة حول موضوع الامازيغية و الاسلام طيلة  14 عام من تاسيسه و هل استطاع هذا المعهد الموقر ان ينظم دورات تكوينية لفائدة نخبتنا الدينية باهمية الثقافة الامازيغية كقيم اصيلة و كفنون اعطت الشيء الكثير للاسلام و هل استطاع هذا المعهد الموقر فتح نقاش عمومي حول العرف الامازيغي و علاقته بالاسلام  ؟؟؟؟؟

و اقول لست ضد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية كمؤسسة اعطت الشيء الكثير للثقافة الامازيغية لكنني اظن ان حان الوقت لطرح مثل هذه الاسئلة الجوهرية على طاولة النقاش العمومي اليوم في قنواتنا التلفزيونية و الاذاعية بغية ضمان التنزيل السليم لترسيم الامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم اصيلة تحارب التطرف الوهابي و تدعو الى الديمقراطية المحلية و الفصل بين الدين و السياسة العمومية كما فعل اجدادنا قرونا بعد الاسلام ....

تحرير المهدي  مالك صاحب كتاب الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا

 

 

 

 

اجمالي القراءات 7787