.
االقرآن بين المعقول واللامعقول:مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ" الملك3 , -المفال الثالث

نبيل هلال في الجمعة ٠٤ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

ن ما بلغته الحضارات القديمة , قبل الطوفان وبعده , من علوم وتقانات "تكنولوجيات" تفوق ما نعرفه اليوم في حضارة عصر الفضاء والكمبيوتر وتكنولوجيا النانو. لقد رُسِمت خرائط لكوكبنا بأكمله قبل بداية التاريخ ومنها خرائط لسطح جزيرة "جرينلاند" تظهرها خالية من الأنهار الجليدية على النحو الذي كانت عليه قبل العصر الجليدي , وكانت الأنهار والجبال المبيّنة في الخريطة غير معروفة , لكن تم تحديدها في تحقيقات البعثة الفرنسية الموفدة إلى القطب عامَيْ 1947-1949 م .لقد عرف الأوائلُ رسمَ الخرائط مثلما نعرفه الآن , وعرفوا شكل الأرض وحجمها الصحيحين , واستخدموا علم حساب المثلثات الكروية في قياساتهم الرياضية , واستخدموا طرقا تفوق الطرق الحديثة لإسقاط الخرائط الكروية على المسطحات المستوية. كان ذلك في قديم الزمان قبل التاريخ المكتوب , وليس ذلك بشيء , فسوف نرى أكثر من ذلك بعد قليل. إن كوكب الأرض بسكانه - منذ بدء الخليقة وحتى نهاية العالم- مجرد هباءة بالغة الضآلة في كون- أو أكوان- شديدة الاتساع بصورة يصعب تخيلها , وشمسنا بما يحيط بها من كواكب معتمة بالغة الصغر , تقع في قطاع غير متميز من ذراع لولبي قاتم من مجرتنا. إننا نبعد بمسافة 30 ألف سنة ضوئية عن مركز مجرتنا واسمها مجرة درب التبانة. وهذ المجرة تضم حوالي مئة مليار نجم , وعدد المجرات في الكون المرئي يبلغ حوالي (من 100 إلى 400) مليار مجرة , ذلك ما أمكننا رؤيته حتى الآن .كم ذلك مدهش! والأعجب هو" أن الكون يبدو متشابها في كل اتجاه , فأينما توجَّهَ نظرُ الفلكيين فإنهم يجدون نفس عدد المجرات , وهذه الخاصية المدهشة قد تم التأكد منها بملاحظة إشعاع الخلفية الكوني الذي نشأ في زمن أقدم بكثير من زمن تشكيل المجرات حيث يتسم هذا الإشعاع الكوني بانتظام مدهش فدرجة الحرارة هي نفسها في جميع أنحاء السماء, فهو إشعاع متماثل وكثافته لا تتغير إلا بما لا يزيد على جزء من عشرة آلاف جزء كما أوضحت الدراسات"(المرجع : أسامة علي الخضر- القرآن والكون من الانفجار العظيم إلى الانسحاق العظيم المكتبة العصرية –صيدا بيروت ) , وجاء هذا المعنى في قول الله تعالى :"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ" الملك3 , فالتفاوت هنا معناه الاختلاف ,والآية تنفي الاختلاف عن السماوات , وللتحقق من (الاختلاف) يتعين إرجاع النظر مرتين للمقارنة. انتهى المقال الثالث ويتبعه الرابع , بتصرف من كتابنا (القرآن بين المعقول واللامعقول –نبيل هلال هلال

اجمالي القراءات 10497