المركز العالمى للقرآن الكريم يشجب الجريمة الارهابية فى باريس ( 13 نوفمبر 2015 )

آحمد صبحي منصور في السبت ١٤ - نوفمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

المركز العالمى للقرآن الكريم يشجب الجريمة الارهابية فى باريس ( 13 نوفمبر 2015 )

1 ـ يعلن المركز العالمى للقرآن الكريم شجبه للعمليات الارهابية التى حدثت منذ قليل فى  باريس عاصمة التنوير والنور.

2 ــ فرنسا لها مكانة خاصة فى رحلة التنوير المصرية ، من حملة نابليون وآثارها الثقافية والعلمية ، وكتابها ( وصف مصر ) الى رحلة رفاعة الطهطاوى وكتابه ( تخليص الابريز فى تلخيص باريس ) وكتاب العلامة الفرنسى ( كلوت بيك ) :( لمحة عامة الى مصر )، وكتابات السان سيمونيين الفرنسيين عن مصر ، والتى أرست فكرة حفر قناة السويس ، وشامبليون ت 1832 ـ الذى فكّ رموز اللغة الهيروغليفية من حجر رشيد ، وجاستون ماسبيرو ت 1916 عالم الآثار المصرية ، والذى خلده المخرج شادى عبد السلام فى فيلم ( المومياء ).

3 ـ فى الارتقاء بمصر أرسل الوالى ( محمد على باشا ) البعثات للتعلم فى فرنسا ، واصبح لفرنسا مدرسة تنويرية فى مصر أسسها رفاعة رافع الطهطاوى وترجماته ، ومع الاحتلال البريطانى لمصر ظل لفرنسا ( ظلُّ ) ثقافى فى مصر برغم أنف الاحتلال البريطانى . إحتلت فرنسا تونس والجزائر والمغرب ، وأقطارا من أفريقيا وآسيا ، وتميزت بنشر ثقافتها الفرانكوفونية التنويرية التحررية ، أى هى ثقافة   ضد الاحتلال الفرنسى لأنها تأسست على مبادىء الثورة الفرنسية ، هو نفس التناقض فى حملة نابليون العسكرية وتأثيرها فى نمو الوعى الوطنى فى مصر وتأثيراتها الثقافية فيها . فرنسا كانت دولة إستعمارية من نوع خاص ، ترسل جنودها وترسل معهم ثقافتها ولغتها وحضارتها . لذا إستقلت الدول التى كانت تحتلها فرنسا وظلت الثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية حية فى تلك الدول .

4 ــ وبإستقلال الدول التى كانت تحتلها انجلترة وفرنسا وإيطاليا وقعت تحت نير إستبداد محلى عسكرى فى مصر والسودان وسوريا والعراق وليبيا وتونس والجزائر والمغرب ، وأنتج هذا الاستبداد بديلا أسوأ هو المعارضة الوهابية الارهابية التى تتمسح بالاسلام . وتعاون الخصمان ( المستبد العسكرى والمعارضة الوهابية ) على الإثم والعدوان ، وبهما معا يحلّ الدمار والخراب بالشرق الأوسط .

5 ــ وخلال هذه المحن هاجر الملايين من المستعمرات القديمة ( مصر والسودان وسوريا والعراق وليبيا وتونس والجزائر والمغرب ) الى الغرب ، وتكونت هناك جاليات عربية ، أكبرها الجاليات من  تونس والجزائر والمغرب ، وتركزت أغلبية منها فى فرنسا بسبب الانتماء الثقافى الفرانكوفونى. وحاليا يبتلع البحر المتوسط آلاف السوريين الهاربين من صراع المستبد و المعارضة الوهابية .

6 ــ  كان من الممكن أن تكون أوربا وأمريكا صدرا حنونا يستقبل الهجرات الشرق أوسطية ، لولا أن الأسرة السعودية نشرت الوهابية بين الجاليات ( المحمدية ) فى الغرب ، ووجد المُحبطون من الشباب العربى فى الوهابية طريقا للتنفيس عن الغضب . فبدأت وانتشرت الأعمال الارهابية فى أوربا وأمريكا .

7 ـ  وتتحمل أوربا وأمريكا جانبا أكبر من المسئولية ، بسبب سياستها الخارجية وتعاملها مع المستبد الشرقى ضد شعبه ، وتحالفها مع الأسرة السعودية والسماح لها بنشر وهابيتها فى الغرب مقابل البترول ، وإستثمارها الشقاق العربى لصالحها ، فتتحول الشقاقات الى نزاعات مسلحة ، يكسب منها الغرب ببيع الأسلحة ، ويدفع الثمن مئات الألوف من الضحايا .  وأثمرت سياسة الغرب عن خلق داعش ، وتركها تنمو وتتوغل وتنتشر لتساعده على إعادة رسم الخريطة الجديدة للشرق الأوسط الذى بشّرت به من قبل كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا . ولم تأبه السياسة الأمريكية فى عهد جورج بوش الابن بمن أسماهم المخرج الأمريكى العبقرى ( مايكل مور ) المستضعفين ، سواء كانوا مستضعفين فى الشرق الأوسط أو فى أمريكا نفسها  ، فالجنود الأمريكيون الفقراء يبعث بهم جورج بوش ليقتلوا العراقيين الفقراء. وفى لقطات رائعة من فيلمه (  Fahrenheit 911   ) يعرض مايكل مور للمساكن المتواضعة لعائلات الجنود الأمريكيين فى أفقر الولايات الأمريكية ، ويعرض لمساكن العراقيين ، لنرى التشابه فى الفقر ، ثم مقارنة بالاحتكارات الأمريكية الكبرى وشركاتها المتعددة الجنسيات ، والمتخالفة مع صٌنّاع القرار الأمريكى .  الرئيس إوباما أخرج أمريكا من مستنقع إفغانستان والعراق ، وترك العراق فريسة الفساد والفوضى فأتاح الفرصة لداعش . وتركها تتمدد ، وتستفيد من تمددها تركيا وايران .

8 ـ الغرب ( اوربا وأمريكا ) يدفع الان الثمن . داعش اشد ضراوة من القاعدة ، وأكثر منها خبرة فى الحرب الاعلامية وإستعمال الانترنت و إستخدامه فى التجنيد . وبعد أن كانت تستقطب أنصارها ليتركوا بلادهم من أوربا وأمريكا والشيشان وأواسط آسيا لتحارب بهم فى سوريا والعراق قامت بتغيير تكتيكها بعد تدخل روسيا ، فأصبحت تركز الآن على نقل المعركة الى داخل الغرب . الرئيس أوباما أعلن أمس أنه تم ( إحتواء ) داعش . ولمع أمل بالقضاء على داعش . فكان الرد سريعا ومتتابعا فى باريس منذ عدة ساعات من كتابة هذا المقال ، والضحايا حتى وقت كتابته تتعدى المائة شخص . وسرى الفزع فى أمريكا ، وجاءت تصريحات تطمئن ، ولكن يستحيل ضمان عدم حدوث ذلك وأفظع منه فى أمريكا واوربا وروسيا . لأن تخطيط داعش لا يعتمد على تجنيد جماعات اوالتسلل الى جمعيات كما يفعل الاخوان والسلفيون والقاعدة . داعش تتسلل الى قلوب شباب مجهولين فتجندهم ، وتضرب بهم . هؤلاء الشباب يصعب التعرف عليهم ، هم من تسميهم أجهزة الأمن الأمريكية ( الذئب المنفرد ) أى الشاب المجهول الذى يقرر القيام بعملية ارهابية بنفسه . التطور الأخطر الآن أن هؤلاء الشباب المجهولين الداعشيين فى باريس قاموا بعمليات ارهابية متعددة على ستة مواقع فى نفس الوقت ، وقتلت عشوائيا الأبرياء ، وإحتجزت رهائن . وحتى كتابة هذا المقال لا يزال الوضع ملتبسا .

9 ـ قلنا كثيرا ، انه لا حلّ إلا بالاصلاح . إصلاح الشرق الأوسط الذى أصبح بركة عفنة تصدر الوباء للغرب ، وإصلاح السياسة الخارجية للغرب لتتوقف عن مساندة الاستبداد الشرقى و لتواجه المستبد الشرقى ، وتصدر أوامر بضبط  وإحضار كل مستبد بناء على تقارير منظمات حقوق الانسان المتخمة بإثباتات التعذيب والاختفاء القسرى والجرائم التى تُعتبر ضد الانسانية ، وهى عمل روتينى يمارسه المستبد الشرقى آمنا من المُلاحقة لأن أسياده فى الغرب راضون عنه. الغرب شركاء للمستبد الشرقى فى جرائمه ليس فقط بالسكوت  عنه ولكن بمعاملته على انه رئيس أو أمير أو ملك ، وهو مجرم عتيد عريق ، لا يقتل فردا بل يقتل شعبا .

10 ــ فى إصلاح الغرب أيضا لا بد من تحسين مستوى الشباب من اصول شرق أوسطية ، وإحتضانهم بدلا من تركهم ضائعين فى مستنقع البطالة والجريمة مستعدين لغواية داعش ، ومن سيأتى بعد داعش .

11 ـ نقول من سيأتى بعد داعش ، لأنه لو تم الاجهاز على داعش فستظهر منظمات أشرس منها . ولو تم تجميع كل المتطرفين جميعا وقتلهم فسيظهر أضعاف أضعاف عددهم . لأن الارهاب له ثقافة دينية تنتج جيلا بعد جيل ، وطالما بقيت هذه الثقافة الدينية ( الوهابية ) سائدة فى المساجد والتعليم والاعلام فى الغرب والشرق فلن يتوقف إنتاج ملايين المتطرفين ومئات الألوف من الارهابيين . والحل الذى لا نملُّ من تكراره هو أن يتبنى الغرب حربا فكرية سلمية تواجه الوهابية من داخل الاسلام تؤكد تناقض الوهابية مع الاسلام . وهذا هو ما نفعله ونعانى فى سبيله ، ولا يأبه بنا أحد . نقول ونكرر ونؤكد ..ولا يأبه بنا أحد ..

9 ـ اخشى أن أعيد كتابة هذا المقال مع كل عملية ارهابية قادمة .. 

اجمالي القراءات 7808