الاسلام ليس دينا ذكوريا

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٥ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

قال : الاسلام دين للعرب خاصة وليس للبشر أجمعين

قلت : هذا خطا ، فالله جل وعلا ارسل رسوله بالقرآن الكريم إنذارا للعالمين ، قال جل وعلا : (  تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1) الفرقان ) وأرسله بالقرآن رحمة للعالمين، قال جل وعلا : (  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الانبياء) وأرسله للناس كافة ، قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (28) سبأ  ) .

قال : ولكنه نزل باللغة العربية

قلت : تقصد نزل باللسان العربى

قال : نعم . نزل باللسان العربى .  

قلت : الله جل وعلا خلق الناس مختلفين فى اللون والجنس واللسان ، قال جل وعلا : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) الروم  ). ولا بد لأى رسالة سماوية أن تنطق بلسان رسولها لأنه لا يوجد لسان موحد للبشر جميعا . وكانت الرسالة الخاتمة بلسان رسولها ، يقول جل وعلا : (  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) ابرهيم ) ، ولذا كان القرآن الكريم بسان عربى مبين ، يقول جل وعلا  عن نزوله : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) الشعراء  ).

قال : ولأنه نزل بلسان العرب فقد جاء تعبيرا على ثقافة العرب الذكورية .

قلت : هذا خطأ فاحش ، فالقرآن نزل لهداية العرب وليس للموافقة على ثقافتهم ، يقول جل وعلا عن تيسير القرآن للذكر باللسان العربى : (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم   ) (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) الدخان  ). تقديس البشر والحجر كان أهم ملمح من ثقافتهم الدينية ونزل القرآن الكريم ليهدم هذه الثقافة بكل ملامحها ، ومنها ثقافتهم الذكورية .

قال : ولكن تشريعات القرآن ذكورية

قلت هذا خطأ فاحش . الثقافة الذكورية ظلم للمرأة ، ، والله جل وعلا لا يريد ظلما للناس  ، يقول جل وعلا : (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108) آل عمران ) ، ويكفى أن الاسلام مؤسس على القسط ، وكل الرسالات السماوية نزلت لكى يقوم الناس بالقسط ، يقول جل وعلا : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ   (25) الحديد  )

قال : ولكن تشريعات القرآن تخاطب الذكور دائما ، ولا تخاطب الإناث .

قلت : اللسان العربى يستخدم الاسلوب المذكر ليقصد به الجميع . وهذا هو المستعمل فى القرآن الكريم .

قال : إضرب لى مثلا .

قلت : يقول جل وعلا : (يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11)  النساء  ) قال جل وعلا ( أولادكم ) يقصد الذكور والاناث . وقال جل وعلا ( ولأبويه ) يقصد الأب والأم . وقال جل وعلا ( إخوة ) يقصد الذكور والاناث . وبالمناسبة فكلمة ( أخوة ) اصلا مؤنث ، وتطلق على الذكور والاناث ، ومنه قوله جل وعلا : (  وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) ُ (176) النساء).

ونفس الحال فى ( الوالدين ) كقوله جل وعلا : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) ، وقد تكرر الأمر بالاحسان اليهما على قدم المساواة فى سور ( الانعام 151 ، الاسراء   23 ، البقرة 83 ، النساء 36 ،) ، وهذا فى حد ذاته ينفى الاتهام بأن الاسلام دين ذكورى .

قال : ولكن الذكر يأخذ ضعف الانثى فى الميراث

قلت : هذا فى حالة الأولاد والأخوة . وهذا مقابل أن الذكر عليه شرعا أن يدفع فريضة  الصداق للأنثى فى الزواج ، وعليه أن يوفر لها السكن والنفقة . وليس على الأنثى أن تدفع مهرا كما يوجد فى بعض الشرائع . فالعدل يقتضى هذا بالنسبة لميراث البنت والابن والأخ والأخت . أما فى حالة الوالدين فهما متساويان فى الميراث . الأب لا يأخذ ضعف الأم . ثم هناك الوصية بالمعروف ، وبها يمكن تحقيق العدل بالوصية للوالدين وبعض الأقربين إذا كانوا مستحقين .

قال : وشهادة الرجل تساوى شهادة إمراتين

قلت : يقول جل وعلا : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) البقرة )هذا أمر تشريعى فى الشهادة الشفهية فى المعاملات الحسابية التجارية الممكن نسيانها، وهو يخضع لقاعدة تشريعية هى حفظ الحقوق ، ولو تم حفظها بدونه فلا حاجة لهذا الأمر . بمعنى لو أمكن توثيق الشهادة فتتعادل شهادة المرأة بالرجل .  

قال : هل الأنثى داخلة ضمنيا فى كل تشريعات القرآن ؟

قلت : نعم .

قال : كيف ؟

قلت :

1 ـ الأنثى كالذكر تدخل ضمن كلمة ( الناس ) مثل قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) الحج )

2 ـ الأنثى كالذكر تدخل ضمن كلمة (  بنى آدم ) مثل قوله جل وعلا : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) الاعراف )

3 ـ الأنثى كالذكر تدخل ضمن كلمة (  الانسان )  مثل قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الانفطار )

4 ــ الأنثى كالذكر تدخل ضمن كلمة ( الفرد ذكرا كان أوانثى  ) فى قوله جل وعلا: ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) مريم )

5 ـ الأنثى كالذكر تدخل ضمن كلمة (البشر  ) فى قوله جل وعلا : (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ (34) الأنبياء  )

6 ــ الأنثى كالذكر تدخل ضمن كلمة ( نفس  ) فى قوله جل وعلا عن خلق كل نفس ومآلها : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس )وعن موتها ومصيرها : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) آل عمران )وعن حسابها وتوفية عملها : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل )

قال :   الدين السُّنى يمنع المرأة من عبادات كثيرة بسبب الحيض .

قلت : الحيض  يمنع العلاقة الجنسية فقط . والحيض لا يستلزم سوى الوضوء . الحائض تصلى وتصوم وتقرأ القرآن وتمسك المصحف وتحج وتطوف وتذكر الله جل وعلا .

قال : الدين السنى يجعل المرأة ناقصة عقل ودين ؟

قلت : هل السيدة مريم ناقصة عقل ودين ؟ لقد جعل رب العزة إمرأتين مثلا أعلى للمؤمنين جميعا ( مريم وإمرأة فرعون ) وجعل إمرأتين مثلا أسوأ ، وهما زوجتا نوح ولوط . فالنساء كالرجال ، هم جميعا بشر ، فيهم المتقون وفيهم العصاة .

قال : ألا توجد أعذار للأنثى فى التشريع ؟

قلت : الشريعة الإسلامية مؤسسة على التخفيف ورفع الحرج والمشقة ، يقول جل وعلا : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (78) الحج ). وهذا هو التخفيف الذى قال عنه رب العزة جل وعلا :( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) النساء  ). وهذا التخفيف للذكر والأنثى معا .

قال : هل تعنى أنه ليس هناك إستثناء خاص بالمرأة ؟

قلت : الاستثناءات والتخفيف جاءت عامة للجميع ذكرا وانثى ، هى حالات تسرى على الجميع وليست خاصة بالمرأة .

قال : مثل ماذا ؟

قلت : فى الصلاة : التحفيف فى صلاة الخوف للجميع كما جاء فى سورة النساء (  101 : 103 )

قال : ولكن هذا فى الهجرة والمطاردة وفى القتال .. فهل تشمل تشريعاتها المرأة ؟

قلت : نعم . الأعذار فى الهجرة للمستضعفين من الرجال والنساء والولدان ، يقول جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) النساء ). ورب العزة تحدث عن تشريعات خاصة بالمهاجرات الى المدينة ممن تركن أزواجهن الكفار وهاجرن ، وذكر بيعة المؤمنات للنبى شأن الرجال: ( الممتحنة 10 : 12 )

قال : إذن وصف المهاجرين والأنصار يسرى على الذكور والاناث .

قلت : وكذا قوله جل وعلا عن السابقين والمنافقين والذين مردوا على النفاق والذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا : ( التوبة  100 ــ )

قال : هل انت متأكد من أن تشريع الجهاد والقتال يشمل المرأة أيضا ؟

قلت : الأعذار فى القتال تشمل الرجل والمرأة فى قوله جل وعلا : ( لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً (17) الفتح ) جاء هذا فى سياق القتال .

قال : وماذا عن القاعدين المُشار اليهم فى حديثه جل وعلا عن المنافقين : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ   (93)  التوبة) الخوالف يعنى العاجزين عن القتال .

قال : وماذا عن الصيام ؟

قلت : الأعذار فى المرض والسفر والتعب المرهق فى الصوم هى للجنسين ، يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)  البقرة ) .

قال : وماذا عن الحج ؟

قلت : العذر وهو عدم الاستطاعة يشمل الذكر والأنثى ، يقول جل وعلا : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97)  آل عمران ).

قال : ولماذا إذن ذكر الله جل وعلا كلمتى الذكر والأنثى ؟

قلت : تُستعمل أحيانا لتأكيد المساواة بين البشر جميعا مهما إختلفوا من حيث النوع ( ذكر أو انثى ) أو من حيث اللون والأصل ، مع التأكيد فى الأفضلية هو بمعيار التقوى ، وهذا سيظهر يوم القيامة . يقول جل وعلا  ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات )

وتستعمل أحيانا فى شرح قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) البروج ). فالذين آمنوا وعملوا الصالحات هم من الذكور والاناث ، وتكرر هذا فى قوله جل وعلا : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124) النساء ) ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) النحل ) ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) غافر ).

قال : تبقى المعضلة الكبرى فى أوائل سورة المؤمنون   ، كلها عن المؤمنين وليس المؤمنات.

قلت : ماذا تقصد ؟

قال :  بالتحديد قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (7) المؤمنون ). المعنى هنا أنه حلال  للرجال الزوجات وملك اليمين . لو كان المعنى هنا يشمل النساء كما تقول لأصبح من حق المرأة أن تتمتع بملك يمينها من الرجال شأن الرجل .

قلت : أولا : لا بد من تحديد معنى زوج و ازواج .

قال : ماذا يعنى زوج أو ازواج ؟

قلت : كلمة ( زوج ) تعنى  ( الزوج الذكر ) وتعنى أيضا (الزوج الأنثى ) ، فليس فى القرآن أبدا كلمة (زوجة ) ، وقد تفيد كلمة( زوج /أزواج ) الذكر والأنثى معا .

قال : وكيف نفهم هذا بالتحديد ؟

قلت : بالقرينة فى داخل الآية

قال : أريد التوضيح بأمثلة

قلت :1 ـ ( الزوج  أو الأزواج ) قد يعنى الزوج الذكر كما فى قوله جل وعلا : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا  .. (230) البقرة )

2 ـ ( الزوج أو الأزواج )قد يعنى الزوج الزوجة الأنثى  كما فى قوله جل وعلا : ( وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20) النساء ) ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ )  (1) المجادلة ) وفى قوله جل وعلا عن حواء : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ )  (189) الاعراف ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ) (1) النساء )

3 ـ ( الزوج أو الأزواج ) قد يعنى الزوج الذكر والأنثى معا كما فى قوله جل وعلا عن الزوجين معا : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً )(72) النحل )، ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74) الفرقان ) .

قال : يعنى قوله جل وعلا : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) ) تعنى المؤمنين الرجال والنساء ؟

قلت : نعم .

قال : وما الدليل ؟

قلت : حين تُكمل الآيات تجدها صفات معروضة للتمسك بها للبشر جميعا ذكوا وإناثا ، ومن يتمسك بها فقد أفلح ، ودخل الجنة ، يقول جل وعلا فى صفات المؤمنين المفلحين ( من الذكور والاناث ) : ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)  المؤمنون  )

قال : هل هناك دليل آخر ؟

قلت : نعم . نفس التوصيف للمفلحين يوم القيامة من بنى الانسان جاء فى قوله جل وعلا : ( إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) المعارج )

قال : يعنى من حق المرأة التى تملك عبدأ أن تتمتع به ؟

قلت : من حقها أن تتزوجه زواجا شرعيا . وهو نفس حق الرجل فى أن يتزوج ملك اليمين بعد أن يدفع لها المهر كما جاء فى قوله جل وعلا : (  وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ  ) (25)  النساء ). أى يصح زواج ملك اليمين بإذن ولى أمرها ودفع مهرها، وبالتالى لوليها أن يتزوجها إذا دفع لها مهرها ، زواجا شرعيا بشهود .

قال : ولكن للرجال فى الجنة الحور العين . وليس هذا للنساء .

قلت : بدخول الجنة يتحول أهل الجنة  من رجال ونساء الى جنس موحد ، ويخلق الله جل وعلا من أعمالهم الحور العين .

قال : هذا يستلزم شرحا .

قلت : فى مقال قادم بعون الله جل وعلا . 

اجمالي القراءات 8249