الأقليات في مصر لا تمثل أي خطورة على السُـلطة ..!!
الأقليات في مصر لا تمثل أي خطورة على السُـلطة ..!!

رضا عبد الرحمن على في الثلاثاء ١٨ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

الأقليات في مصر لا تمثل أي خطورة على السُـلطة ..!!

تمهيد ..

بدأت فكرة هذا المقال تثير اهتمامي منذ عام 2006 ، حين شاهدت برنامج الحقيقة على قناة دريم 2 وسمعت أحد قيادات الأخوان يُفتى علنا أمام العالم كله بوجوب قتل البهائيين والخلاص منهم ، وذلك حين سأله المحاور / وائل الإبراشي ، و كان الدكتور/ عبدالفتاح الشيخ / رئيس جامعة الأزهر السابق مشاركا في نفس الحلقة وفشلت كل جهوده في تهدئة القيادي الاخواني لكي لا يقع في فخ إهدار دم قلة من المصريين المسالمين لأن كل جريمتهم أنهم لا يؤمنون بالتدين الوهابي الذي يؤمن به هذا القيادي الاخواني الإرهابي ، ملات الحلقة مرور الكرام ولم يحاكم ولم يحاسب هذا الإرهابي الذي كتبنا عن خطورة جماعته وفكره على مصر وعلى المصريين مما يؤكد أن مبارك كان أكبر درع واقى للأخوان وللوهابية على العموم .

مرت الأيام سريعا ووجدت نفسي رهن الاعتقال عام 2008م في زمن مبارك الأغبر بعد أسبوع واحد فقط من كتابة مقال ــ ( معنى الإرهاب ) ــ أفضح فيه هذا الإرهاب وأنسبه لأصوله الحقيقية ، واضعاحلا  متواضعا لمواجهته داخل مؤسسات التعليم الحكومية الرسمية ..

مرت الأيام وقامت ثورة  يناير 2011م وكانت تبشر بكل خير ، إلى أن سقط مبارك ظاهريا . وبدأت الجماعات  السلفية والإخوانية الوهابية تعلن صراحة عن طمعها في السلطة وحاولت بشتى الطرق سرقة  ثورة المصريين وتُلبسها ثوبا غير ثوبها الأصلي وتُجبرها ــ أي الثورة ــ أن تسير في طريق غير طريقها الذي قامت من أجله وهو تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ، دون أي شعار ديني قبيل الثورة ، وأن هذه الأسباب لا علاقة لها بالدين والعقيدة..

وبعد  الثورة حدثت عدة اعتداءات على كنائس وعلى أفراد من الأقباط بسبب وبدون سبب رغم أن الأقباط مثلهم مثل معظم المصريين الذين ثاروا على مبارك كانوا يطالبون بنفس المطالب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية ، ولم يفكروا أبدا في الاستيلاء على السلطة مثل الجماعات الوهابية ، ورغم سلميتهم لم يسلموا من أذى السلفيين الوهابيين .

وبعد وصول الاخوان للسلطة وظهور اجندتهم الحقيقية امام العالم والمصريين بتكوين دولة وهابية إرهابية فى مصر لمدة 500 سنة كما قالوا . ولكن الحمد لله أن قام الشعب عليهم بثورة وأسقطهم كما أسقط مبارك ،  وتولى الرئيس السيسي السلطة وطالب بتجديد الفكر الديني ونقده الصريح للتراث ، ومطالبته الواضحة والصريحة لمشايخ الأزهر بأن يجددوا الخطاب الديني وأن يقوموا بتنقية كتب التراث إلا أن هناك حالة غريبة وعجيبة وإصرار وتركيز من مؤسسات الدولة على تجاهل ما قاله الرئيس السيسي وجعلوا جلّ اهتمامهم إنشاء جمعيات أو مؤسسات أو حملات أو وحدات لمواجهة ومكافحة الإلحاد والملحدين ، ومواجهة البهائيين ، ومواجهة القرآنيين ، وبالطبع لا يخفى على أحد ما يقوله السلفيون والأخوان في كل مكان عن الأقباط ، ومعلوم للقاصي والداني أن فى دينهم الوهابى يُكفر الأقباط ويجعل منهم مواطنين من الدرجة الثالثة ، ومسلوبى الحقوق سواء الحق فى العبادة أو فى المشاركة فى المناصب القيادية العليا للوطن .

وهنا لابد أن نكون مُنصفين وشاهدين بالحق ونقول و نؤكد أن هذه الأقليات الدينية (المسيحيين ــ القرآنيين – البهائيين – الشيعة ) لا تمثل أي خطر على السلطة المصرية ولا على الشعب المصرى عموما من قريب أو بعيد  ، و على الدولة أن تعلم  وتُحدد من هو العدو الحقيقي الذي يفكر في السلطة حتى لو دمّر المجتمع كله فى سبيلها  ويبذل من أجلها الغالى والنفيس . الأقليات (الأقباط والبهائيين والقرآنيين والملحدين) جميع هؤلاء لا يفكرون في سلطة ، وبصرف النظر عن اختلافي او اتفاقي مع هذه الأقليات وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف فيما بينها ، وإنما هي شهادة وكلمة حق هذه الأقليات لا تمثل أدنى خطورة على مسيرة الدولة المصرية . باختصار شديد لا يمكن على الاطلاق أن يخرج أحد من هذه الأقليات يفكر في السلطة أو أن يقتل نفس بشرية مُسالمة من أجل الوصول للحكم أو بإرهاب وترويع وتهديد المجتمع أو أن يقوم بتفجير نفسه من أجل دخول الجنة . وعلى النقيض تماما فإن من يبحثون عن السلطة من  الإخوان والسلفيين الوهابيين  يقومون بغسل العقول لعشرات الآلاف من المغيبين وإقناعهم بأنهم لو قتلوا وذبحوا وفجّروا سيدخلون الجنة وسيجدون الحور العين في انتظارهم ، هذا هو الفارق الجوهرى بين الأقليات الدينية المسالمة وبين الوهابيين الإرهابيين فى مصر ، بل ربما فى الوطن العربى كله . وجدير بالذكر أن هذه الأقليات جميعها تدافع عن حقوق جميع المصريين  الإنسانية ، وتقبل الآخر مهما كان مختلفا معها ، وهذه الأقليات ترفض التمييز بين الناس لأي سبب . هذه الأقليات تعيش في سلمية وهدوء . و النشطاء منهم يكتفون فقط بالكتابة السلمية  للتعبير عن أفكارهم بكل سلمية ودون فرض أفكارهم على أحد من أجل إصلاح المجتمع ، بينما الجماعات الوهابية التي تبحث عن السلطة وتعيش من أجلها لا مانع عندهم من قتل عشرات أو مئات الآلاف من المصريين او العرب ، ولا مانع عندهم من حرق اوطانهم  كلها من أجل السلطة ، وهذا ليس افتراء عليهم وإنما هي حقيقة أقرّها وأعلنها قادتهم ودعاتهم ومشايخهم ورئيسهم المعزول مرسي .

إذن الأقليات في مصر من أقباط وبهائيين وقرآنيين أو ملحدين ، وأكرر سواء اتفقنا أو اختلفنا معهم أو اتفقوا أو اختلفوا فيما بينهم ، وسواء اختلفت أو اتفقت معهم الدولة هم لا يُكنّون أي ضغينة أو كره أو بغض أو حقد لشعوبهم وأوطانهم . هم جزء من الشعب ومن الدولة ولا يطعمون في جاه أو سلطان ، ولا ينشدون إلا الحرية والسلمية وكل أملهم في الحياة العيش بحرية دون تكفير ودون اضطهاد ودون اعتقال أو تهديد بقوانين سيئة السمعة ، يجب على مؤسسات الدولة مثل وزارة الأوقاف والأزهر أن ينفذوا تعليمات الرئيس حرفيا بتجديد الخطاب الديني بمواجهة الإرهاب بدلا من ضياع الوقت والجهد والمال في إنشاء حملات مواجهة الالحاد وتكفير الأقليات في مصر ، هذه الأقليات التي لا ناقة لها ولا جمل فيما يحدث في سيناء ولا تتحمل أي مسئولية عن  حمامات الدم التي تسيل على أراضي مصر او على الآراضى العربية على يد الإرهابيين ، جدير بمؤسسات الدولة أن تركز جلّ اهتمامها على محاربة هذه الجماعات وهذا الفكر ، لأنه الأخطر على مصر واوطاننا وشعوبنا بل وشعوب العالم .

الجزء الثاني من المقال عن انتاج الأقليات..

اجمالي القراءات 10996