القاموس القرآنى : ( صرف ) ومشتقاتها

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٠ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

بعض الأفعال يتغير معناها بسبب حرف الجر التالى لها ، ترى هذا فى اللسان الانجليزى فى أفعال مثل ( take) و ( Keep) و(  Put) وغيرها ، وتراها فى اللسان العربى واللسان القرآنى خصوصا  ، فالفعل ( شهد على ) يعنى شهادة خصومة ، أما ( شهد ل ) فهى الشفاعة والشهادة لصالحه. ويقول جل وعلا للنبى محمد مؤنبا (وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً (105) النساء ) أى لا تكن ( محاميا ) عنهم . أما الخصومة بين خصمين فهى ( خصومة فى )، يقول جل وعلا : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ  (19) الحج  ) . والفعل ( رغب ) ومشتقاته مفهوم معناه ، ولكن يختلف معناه إذا لحقه حرف الجر ( عن ) : (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ  ) (46) مريم  ) : (رغب عن ) أى كره ، أما ( رغب الى ) فتعنى التوجه بالحب : (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) القلم  ) (  إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) التوبة ).  نفس الحال مع الفعل ( صرف ) . فالفعل ( صرف الى ) يعنى توجه نحو ، أما ( صرف عن ) فيعنى العكس ، أى (أبعد ) ، هذا بالاضافة الى معانى اخرى للفعل ( صرف ) حسب السياق . ونعطى بعض التفاصيل :

أولا : (صرف الى) : توجه نحو

1 ـي قول جل وعلا : ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) (29) الاحقاف ) يعنى وجهناهم اليك . ويقول جل وعلا ( وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ) (47) الاعراف ) يعنى توجهت ابصارهم نحو أهل النار .

2 ــ ومنه ( صرف ) بمعنى  (إنصرف ) يقول جل وعلا ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا ) التوبة 127 ) يعنى مشوا .

ثانيا : (صرف عن ) بمعنى ( ابعد ).  ويأتى فى سياقات محتلفة :

1 ـ يقول جل وعلا فى معركة (أُحُد )( وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ )(152) آل عمران ) : (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ) يعنى أبعدكم عنهم .

2 ـ الابعاد عن المعصية : يقول جل وعلا عن يوسف وإمرأة العزيز ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ) (24) يوسف ) أى لابعاد السوء والفحشاء عنه .

3 ، وقريب من ذلك (الابعاد عن ) بمعنى الانقاذ فى نفس قصة يوسف عليه السلام ، وهو يدعو ربه أن ينقذه من كيدهن :  ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) يوسف ). (صرف عنه كيدهن ) أى ينقذه من كيدهن.  

4 ـ ويأتى ( صرف عن ) بمعنى المنع من سقوط المطر ، يقول جل وعلا ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ )(43) النور ). أى يُنزل المطر على من يشاء ، ويمنعه عمّن يشاء

5 ـ ابعاد الضالين عن الهداية : يقع على الفرد إختيار الهداية أو الضلال ثم يزيده الله جل وعلا فى هدايته هدى أو فى ضلالاله ضلالا : (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً (76) مريم ) . إن كان فى قلبه مرض الضلال زاده الله جل وعلا مرضا وضلالا (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً (10)  البقرة ) وإن إهتدى زاده هدى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) محمد ). وفى إبعاد الضالين المتكبرين الرافضين للهداية ـ عن الهداية يقول جل وعلا ( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ )(146)الاعراف ).ويقول جل وعلا عمّن ينصرف عن سماع القرآن الكريم : (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127)التوبة ).هنا اسلوب المشاكلة ( إنصرفوا صرف).

6 ـ الابعاد عن عذاب جهنم : فالأكثر فى مجىء ( صرف عن ) هو سياق العذاب فى جهنم .

آلية التعذيب فيها أن يكون جسد أهل النار هو وقود جهنم : (  فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) البقرة  ) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)  آل عمران )( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) (6) التحريم ) هم حطب جهنم ( وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (15) الجن ). ولكى يتحول الحطب الى وقود لا بد من صبّ ماء النار عليه ليشتعل ،وماء النار هنا هو الحميم : ( يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) الحج ). بماء الحميم يتحول جسد الفرد من أهل النار الى مغناطيس يجذب اليه النار ، فلا يستطيع أن يكف النار عن وجهه ولا عن ظهره  مهما حاول. يقول جل وعلا : (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمْ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ (40) الأنبياء ). بهذا نفهم معنى ( الصرف عن عذاب جهنم ) أى الابعاد عنها ، وهو ما يحدث للناجين منها من أهل الجنة ، والذين هم عن النار ( مُبعدون ) يقول جل وعلا عنهم : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) الأنبياء ).

لذا فإن عباد الرحمن فى الدنيا يدعون ربهم جل وعلا أن ( يصرف عنهم ) عذاب جهنم : يقول جل وعلا (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (65 الفرقان  ). وبهذا كان دعاء النبى نفسه : ( قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) الانعام )، فالذى يُضرف عنه العذاب هو الذى يتمتع برحمة الرحيم جل وعلا.

أما المجرمون فحين يحل بهم العذاب فليس ( مصروفا عنهم ) ـ يقول جل وعلا (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ )(8)هود). وهذا هو شعورهم عندما يرون النار ، لا يجدون ( عنها مصرفا ) ، يقول جل وعلا ( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً (53) الكهف ). لايستطيعون صرفها عنهم : يقول جل وعلا (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً ) (19) الفرقان ).

وبالتالى فهى أكذوبة كبرى تلك التى زعمها بعض أهل الكتاب ، حين زعموا أن من يدخل النار فسيخرج منها بالشفاعات . وقد ردّ جل وعلا عليهم فقال : (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَاتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) البقرة ) (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (25) آل عمران ). نزل القرآن الكريم يردّ عليهم ، وبعدها بقرنين تقريبا إفترى البخارى وغيره نفس الأكاذيب ، كفرا بالقرآن الكريم . ومنشور هنا كتاب ( المسلم العاصى : هل يخرج من النار ليدخل الجنة ) . وقد سبق نشره فى مصر عام 1987 ، وكوفئنا عليه بالسجن . والمحمديون يؤمنون بالبخارى وبكل ما يقوله مهما تناقض مع القرآن الكريم . وهذه هى مشكلتنا معهم . نحن ننصر الله جل وعلا ضد البخارى وغيره ، وهم ينصرون البخارى وغيره ضد الله جل وعلا.

ثالثا : صرّف : تصريف الآيات بمعنى تبيينها وتنويعها وتفصيلها :

هم يكذبون بالقرآن الكريم الذى ( صرّف ) الله جل وعلا آياته . و(صرّف ) بتضعيف ( الراء ) يعنى التنويع والتفصيل والتبيين . ولقد ( صرّف ) الله جل وعلا  فى القرآن من كل الأمثال والقصص والعبر حتى يتذكروا ، وما يزداد المحمديون إلا نفورا . يقول جل وعلا ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (41) الاسراء )، وما يزدادون إلا كفورا ، يقول جل وعلا : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89) الاسراء )، وما يزدادون إلا جدلا واتهاما للقرآن الكريم بأن سنتهم تنسخه أى تلغيه ، وأنه ناقص يحتاج الى سنتهم لتكمله ، وأنه غامض يحتاج لتفسيرهم ، يقول جل وعلا عن جدلهم : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (54) الكهف ). والله جل وعلا (صرّف ) فى القرآن كل أنواع الوعيد لعلهم يتقون أو يتذكرون ، يقول جل وعلا ( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (113) طه ). أو لعلهم يفقهون : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الانعام ) أو لعلهم عن الغىّ يرجعون : ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنْ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) الاحقاف ).  ومع ذلك فهم يصدفون ويُعرضون عن القرآن الكريم . يقول جل وعلا (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) الانعام ) وهم لا يرضون سوى الكفر بالقرآن الكريم : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (50) الفرقان ).

المؤمنون فقط بالقرآن الكريم يجدون فيه البيان الكافى والعلم ، ويفهمون تصريف وتنويع آياته البيّنات المبينات ، يقول جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) الانعام ) هم القوم الذين يشكرون ربهم على أن هداهم الى الايمان: ( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) الاعراف ) ، بدءوا بالايمان فزادهم الله جل وعلا هدى عكس الذين يكذبون بآيات الله ويفترون عليه كذبا ، يقول جل وعلا : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت )

رابعا : ( يُصرف )  بمعنى الخداع

الساحر يخدع الناس بأن يجعلهم يركزون فى ناحية بينما تتلاعب يده فى الناحية الأخرى ، أى أنه ( يصرف ) أنظار الناس الى جهة يشغلهم بالنظر اليها والتركيز عليها ثم يفاجئهم بألاعيبه فى ناحية صرفهم عنها . هنا المشاهدون قد ( صرفت أبصارهم ) وتعرضوا الى الخداع . يأتى ( يُصرف )  بمعنى الخداع فى قوله جل وعلا  عمّن يتبع الباطل فى تأليه البشر والحجر :( فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ (32) يونس ). (فَأَنَّا تُصْرَفُونَ ) يعنى الى متى تُخدعون ؟ ويقول جل وعلا فيمن يجادل فى آيات الله فى القرآن الكريم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69 غافر ). (أَنَّى يُصْرَفُونَ ) يعنى الى متى تُخدعون ؟

أحسن الحديث :

يقول جل وعلا يخاطبنا خطابا مباشرا : ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنْ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) الزمر ).

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 11697