ثقافة فن الروايس تحت المجهر الجزء الاول
ثقافة فن الروايس تحت المجهر الجزء الاول

مهدي مالك في الأحد ٠٢ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ثقافة فن الروايس تحت المجهر الجزء الاول

                     مقدمة مطولة

 يشرفني بداية  ان اشرح دوافعي من تناول هذا الموضوع الفني بامتياز حيث اننا
 نتواجد في منطقة الجنوب المغربي الزاخرة بمؤهلاتها الطبيعية التي تستقطب اعداد مهمة من السياحة الداخلية و الخارجية التي جاءت لاستكشاف الخصوصيات الثقافية الاصيلة لهذا الوطن الغالي خصوصا في فصل الصيف مع كثرة المهرجانات الثقافية و الفنية ...

انني اريد ان اعرف بهذا الفن الاصيل عبر هذه المقالات التي كتبتها سنة 2010 في اطار عملي ككاتب عمود اسبوعي في احدى الجرائد الجهوية لمدة عام واحد بالمجان حيث كان سياق هو النقاش الوطني حول الجهوية الموسعة الذي
 اعلن عنه الملك محمد السادس في يوم 3 يناير 2010 اثر تنصيبه للجنة
 الاستشارية حول هذا المشروع الهام بالنسبة لمغرب اليوم و تقدمه نحو التنمية
 المبنية على العدل بين جهات المملكة و الاخذ بالخصوصيات المحلية لتلك الجهات
 عبر الحفاظ على التراث المغربي بتعدد روافده الثقافية الخ...

انذاك أي في سنة 2010 كنت اكتب مقالا  اسبوعيا حول ثقافة فن الروايس او مواضيع تتعلق بالشان الامازيغي حيث كان ابي يصح لي الاخطاء اللغوية و كان مجموعة من الاساتذة يرسلوا لي عبر الايميل مجموعة من المعلومات حول الروايس و حياتهم الفنية و من بين هؤلاء الاساتذة الاستاذ عصيد  و الاستاذ محمد بلوش و الاستاذ ابراهيم فاضل و بالاضافة لاستماعي لبعض البرامج الاذاعية المهتمة بهذا الموضوع حتى كتبت 21 مقالا حول ثقافة فن الروايس حيث اريد ان انشر هذه المقالات في موقع اهل القران اسهاما مني كباحث متواضع في نشر هذه الثقافة الاصيلة في العالم باعتباري اؤمن ان ثقافتنا الامازيغية بشموليتها ظلت لعقود طويلة تختزل في الفلكلور و في التخلف القروي بينما الثقافة الرسمية أي العربية الاندلسية تقدم على انها  الهوية المغربية الاصيلة منذ سنة 1956 الى حدود الان مادام لم يفعل الطابع الرسمي للامازيغية في الدستور الحالي و مادام لم يتم تغيير المقررات الدراسية الخاصة بتاريخ المغرب حسب  الرواية الرسمية .

ان فن الروايس هو فن قديم  جدا في منطقة الجنوب المغربي حيث ان الاجانب في عهد الحماية كتبوا كثيرا عن هذا الفن  لكن بعد سنة 1956 اصبح الاهتمام بالثقافة الامازيغية شيئا ممنوعا و حراما في الدين بسبب سيادة ايديولوجية الظهير البربري حتى ظهور اولى بوادر للمقاومة الامازيغية بشكلها الثقافي مع اولى الجمعيات الثقافية الامازيغية في مغرب اواخر ستينات القرن الماضي حيث انطلق امازيغي المغرب في الكتابة عن الفنون الامازيغية بصفة عامة على صفحات الجرائد الحزبية التي كانت تعادي القضية الامازيغية انذاك ..

كان من الصعب الدفاع عن الثقافة الامازيغية قبل  سنة 2001 او التنظير لها بحيث عاشت ثقافتنا الام اوضاعا خطيرة في ظل جمود السلطة تجاه مطالب الامازيغيين الثقافية منذ اواخر السبعينات حيث طرحت فكرة انشاء معهدا للدراسات الامازيغية في البرلمان المغربي لكن دون جدوى لان دعاة الثقافة الامازيغية كانوا قليلون للغاية بينما دعاة التعريب و السلفية كانوا احزاب قوية مدعومة من طرف السلطة  المخزنية وقتها مما يعني ان ثقافتنا الام كانت تعيش في الهوامش البعيدة عن اضواء المركز .

ان تاريخ فن الروايس هو غير معروف للعامة من الباحثين امثالنا كشباب لكن توجد اشارات عديدة تفيد على ان فن الروايس قديم في المغرب حيث لقد كتب الدكتور عمر امرير كتابه سيدي حمو طالب الصادر سنة 1986 تحدث فيه عن تاريخ الشعر الامازيغي حيث يقول انذاك يسمى الشعر في الامازيغية بامارك و جمعه هو ايموريك و اضافة الى كلمة امارك و اصطلاحها على الشعر فانها في اللغة تعني الشوق و قد تطلق على معاني اخرى كالحب و الهم و الموسيقى و هناك ادلة اخرى تؤكد ان الشعر في الامازيغية يصطلح عليه بامارك و منها كون تلك الكلمة اكثر استعمالا عند الحديث عن الشعر في المصادر المكتوبة و الشفوية .

و عن نشاة الشعر الامازيغي و ازدهاره يقول الاستاذ امرير مرت قرون على وجود الشعر الامازيغي الا اننا لا نجد مرجعا يفيدنا حول نشاة الشعر الامازيغي و تطوره و الكتب التي الفت عنه ككتاب باسي الذي لم يتناول الموضوع من جانب النشاة و التطور و هذا ما دفعنا الى رصد ما  يمكن ان يدل على ازدهار هذا الشعر في بعض المراحل التاريخية و من خلال اشارات مبثوثة في مصادر مختلفة من ذلك  ما يقال عن ازدهاره و العناية به قبل دخول المغاربة في الاسلام حيث ثبت انهم كانوا ينظمون الملاحم في عهد الرومان و يسجلون فيها بطولاتهم الخ.

و يظهر ان ازدهار هذا الشعر كان مستمرا حتى بعد مجيء الاسلام اذ عثر المختار السوسي على ملحمة تصف فتح افريقية الخ .

و حتى بعد قرون من انتشار الدين الاسلامي في المغرب هناك ما يشير الى ان الشعر الامازيغي كان له دور و تاثير على النفوس و  ذكر ابن خلدون ما يفهم منه انه كان لهذا الشعر في عصره مقام الصدارة حتى في الحروب .

ان كلام الاستاذ امرير يفيد ان الامازيغيين طيلة تاريخهم حافظوا على فنونهم الاصيلة حتى بعد دخولهم في الاسلام .......

و قلت في كتابي الجديد ضمن هذا السياق التاريخي عندما وصلت الى شبابي الواعي بدات اكتشف مدى خدمة فن الروايس للدين الاسلامي و بدات اكتشف مدى تهميش  السلطة للفنون الامازيغية و اسهاماتها الضخمة في ترسيخ قيمنا الاسلامية حيث لا بد من تحديث اصل هذا الفن لان فن الروايس ليس اقل شانا من الطرب الاندلسي الذي دخل الينا منذ سقوط اخر معاقل المسلمين بالاندلس عام 1492 بينما فن الروايس فهو عريق في بلادنا لقرون غابرة حسب ما قاله الاستاذ الصافي علي مؤمن في احدى المحاضرات سنة 1991 اثر تكريم الرايس الحاج احمد امنتاك من طرف الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي حيث قال ان الموسيقى الغنائية السوسية عريقة في  التاريخ حيث لا يعرف بالضبط تاريخ بداية وجودها و الارجح ان تكون من ابتداع اجداد سكان المنطقة الاصليين و هم حسب راي الاستاذ من الامازيغيين و من افارقة جنوب الصحراء.

أي ان فن الروايس هو الابن الشرعي لهذه الارض منذ قرون طويلة بينما ان الطرب الاندلسي ليس اصيلا على الاطلاق بل دخل الى المغرب اثر سقوط الاندلس و هجرة اهلها الى مدن فاس  و سلا و الرباط الخ  حاملين معهم تراثهم المحترم دون اذنى شك لان الفن بشكل عام هو وعاء نضع فيه قيمنا مهما كانت ابعادها الانسانية و الدينية و كذا الاجتماعية ...

اذن ان فن الروايس هو ثقافة و اصالة و تاريخ طويل لم يكتب بعد حسب علمي المتواضع لاسباب ايديولوجية بالاساس لكنني ساحاول عبر هذه المقالات ابراز هذه الثقافة حسب امكانياتي و حسب مساهمات الاساتذة الباحثين في اغناء هذه المقالات من اجل اشاعة  الثقافة  الامازيغية عالميا من خلال موقع اهل القران المستنير  و المفتوح امام الجميع بشرط ان يكون مسلما متقدما و مؤمنا بالقران الكريم وحده الخ.

المهدي مالك

اجمالي القراءات 9249