الجهوية و الحركة الامازيغية اية قراءة و اية افاق؟
الجهوية و الحركة الامازيغية اية قراءة و اية افاق؟

مهدي مالك في الأربعاء ٢٤ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 
         الجهوية و الحركة الامازيغية اية قراءة و اية افاق؟
                                                   مقدمة
اولا رمضان كريم  عليكم حيث ان هذا الشهر فرصة لتجديد الايمان بالله و رسوله الاكرم من طبيعة الحال و فرصة لتطرق الى مواضيع ذات طبيعة سياسية او ايديولوجية كما هو معروف في مقالاتي المنشورة في موقع اهل القران.
ان من المستغرب غياب اي نقاش عمومي عميق و تاريخي حول الجهوية المتقدمة باعتبارها مشروع وطني اعلن عنه من طرف الملك محمد السادس في يوم 3 يناير 2010 اثر تنصيبه للجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة كما اصطلح عليها  في خطاب الدولة الرسمي حيث ان هذه اللجنة اصدرت تقريرها الختامي حول الموضوع .
 و من بين ما جاء في هذا التقرير ان المغرب  سيقسم الى 12 جهة عوض 16 جهة حاليا مما اثار العديد من الاسئلة الكثيرة حول ماهية الاسس المعتمدة في هذا التقسيم الترابي هل هي اسس تاريخية ستساهم في انتاج التنمية الشاملة ام هي اسس اخرى ستمنع المغرب من الانتقال فعليا الى دولة الجهات كما في تاريخنا الاجتماعي ما قبل سنة 1912 حيث ان الامازيغيين كانوا يسيرون شؤونهم المحلية بانفسهم بعيدا عن المركز و سياساته التقليدية بمفهومها التاريخي و بمفهومها السياسي.
 و هناك سؤال ثاني الا و هو ماهية طبيعة هذه الجهوية من الناحية السياسية اي هل الجهة ستتوفر على كل مقومات التدبير المحلي من  برلمان و مؤسسات ذات صبغة اجتماعية او ثقافية الخ من مقومات التدبير المحلي الحقيقي كما تعرفه الدول المتقدمة كالولايات المحتدة الامريكية و المملكة الاسبانية الخ؟ .
ان موضوع الجهوية هو موضوع طويل و متعدد الراهنات على مستقبل المغرب القريب و المتوسط و البعيد لان يجب التذكير ان بلادنا عرفت منذ الاستقلال الشكلي فرض المركزية المفرطة على كل المستويات و الاصعدة بحكم ان الحركة الوطنية اصلا قامت على اساس العنصرية الواضحة حيث ان جل اعضاءها المؤسسين ينحدرون من مدن فاس الرباط سلا بمعنى ان العاقل سيقول ان الحركة الوطنية هي في نهاية المطاف حركة عنصرية خططت جيدا لما بعد الاستقلال حيث سرقت الخيرات الرمزية و الاقتصادية من خلال تحويل المغرب الى عالمان الاول نافع و الثاني غير نافع على الاطلاق كما حدث في عهد الحماية بشكل دقيق للغاية مما سيعني ان مناطق شاسعة من المغرب المستقل ظلت طيلة عقود من الزمان خارج سياسات الدولة التنموية و الاقتصادية الخ باعتبارها امازيغية لانني شرحت في كتابي الجديد على ان  مناطق واسعة من المغرب ظلت تحت خط التهميش و الاقصاء المقصود باعتبارها مازالت تحتفظ بامازيغيتها لغة و ثقافة و فنونا الخ لان في نهاية المطاف المغرب بلد امازيغي كله لكن مع سياسة التعريب الهوياتي التي استمرت عقود من الزمان جعلت العديد من المغاربة  يعتقدون ان هناك مناطق امازيغية و مناطق عربية اصيلة كما هي في دول الخليج العربي حيث يعد هذا من الاخطاء الشائعة المنتشرة الى حد الان لكن مصطلح المناطق الامازيغية يستعمل في احيانا كثيرة للتعبير عن  مدى محافظة هذه المناطق الشاسعة على امازيغيتها لغة و ثقافة و فنونا .
انني ساعطي مثال حي على التمييز الصارخ بين العالم النافع  و العالم الغير نافع حيث في مدينة اكادير المغربية عرفت تاسيس اول مؤسسة لاستقبال الاطفال المعاقين سنة 1996 على يد سيدة فرنسية تدين بالمسيحية  حيث ان اسم هذه المؤسسة كان الوردة الرملية و لي الشرف ان كنت اول طفل انذاك يدخل الى تلك المؤسسة التاريخية بالنسبة لي .
و فعلا فان مديرة تلك المؤسسة التاريخية  قامت بتضحيات كبيرة من اجل استمرار هذا المشروع المعتمد اساسا على مساهمات الاباء حسب قدرتهم المادية و على مساهمات المحسنين لا غير بمعنى ان اكادير انذاك كان يحسب على العالم الغير نافع حتى في مجال الاعاقة حيث لو كانت تلك المؤسسة في محور الدار البيضاء الرباط فاس ستحظى بالدعم من طرف الدولة المركزية غير اننا كنا مع كامل  الاسف في منطقة مهمشة من جميع الميادين و  من بينها ميدان الاعاقة حيث نادرا كان ياتي الاعلام الوطني  لزيارة مؤسستنا وقتها و كذا ممثلي السلطة المحلية و المركزية.
 و عند اغلاق مؤسستنا في صيف سنة 1999 لاسباب مادية بالاساس اتذكر جيدا ما قالته الاستاذة شادية الدرقاوي كانت تاتي الى مؤسستنا تطوعا  حيث قالت نحن نعيش في منطقة مهمشة حيث لم افهم كلامها في ذلك الوقت بحكم صغر سني  حيث كنت ابلغ من العمر 16 سنة ....
ان هذا الكلام يعني ان الدولة انذاك كانت ترفع شعارات من قبيل لا مركزية و كانت التلفزة المغربية تبث ما يسمى بالنشرة الجهوية ..
غير ان الواقع يقول اشياء اخرى  تتعارض مع شعارات العهد السابق بشكل عظيم مثل ان مناطق شاسعة ظلت منذ سنة 1956 بدون اية تنمية كانها غير مغربية على الاطلاق لم تساهم قط في مقاومة الاستعماران الفرنسي و الاسباني  بمعنى ان الفترة الممتدة  بين سنة 1956 الى سنة 1999 عاش امازيغي المغرب اوضاع التهميش و الاقصاء الى ابعد الحدود بحكم مجموعة من الاسباب المختلفة حيث ظل امازيغي المغرب ينخرطون بحسن النية في احزابا صنعت اصلا من طرف السلطة بهويات سياسية دخيلة الى مجتمعنا بغية طمس الديمقراطية الامازيغية الاصيلة و بغية جعل المغرب بلد عربي بالمفهوم السياسي حتى اصبحت قضايا الشرق الاوسط الايديولوجية و السياسية تعتبر وطنية خالصة اكثر من قضايانا الجوهرية و اصبحت فكرة تسييس المسالة الامازيغية تعتبر دعوة للعنصرية و التطبيع مع اسرائيل  الخ من اوهام تيارات العروبة و الاسلام السياسي   .    
الجهوية في خطاب الحركة الامازيغية      
اولا ان الحركة الامازيغية ببلادنا هي حركة علمانية اصيلة داخل مجتمعنا منذ ستينات القرن الماضي حيث ان اغلب رموزها يندرون من مناطق ظلت منذ سنة 1956 بدون اية تنمية مهما كانت نوعها باعتبارها مناطق مازالت تحتفظ بامازيغيتها كلغة و كثقافة الخ .
ان خطاب الحركة الامازيغية كان لا يطرح مسالة الجهوية  على الاطلاق طيلة عقود من الزمان  الا في السنوات الاخيرة مع بداية تعامل الدولة مع الشان الامازيغي بشكل ثقافي ضيق منذ تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية سنة 2001  ..
ان عقد من زمان كان كافي ليتطور خطاب الحركة الامازيغية في العهد الجديد غير ان تراكمات العهد القديم كانت ثقيلة على كافة المستويات و الاصعدة مما سيعني ان الحركة الامازيغية كانت مجبرة على طرح مسالة الجهوبة من خلال مصطلحات من قبيل  الفدرالية و الحكم الذاتي الذي تم تاويله من طرف اعداء النضال الامازيغي بانه انفصال عن المغرب الخ من هذه الاكاذيب المعروفة منذ ولدت ما يسمى بالحركة الوطنية حيث ان الحركة الامازيغية لم تكن في يوم من الايام حركة للانفصال او خلق كيان امازيغي صرف لان الامازيغيين يعيشون في وطنهم المغرب منذ مئات القرون و ناضلوا  من اجل طرد الاستعماران الفرنسي و الاسباني ليجدوا انفسهم  ما بعد سنة 1956 في قفص الاتهام بانهم دعاة الجاهلية و التنصير و ليجدوا  انفسهم ما بعد سنة 1956 في الهامش بكل تفاصيله الدقيقة حيث بدات الحركة الامازيغية نضالها الطويل بقيود ثقيلة بحكم صعوبة العهد السابق..
 بطبيعة الحال ان الحركة الامازيغية تحررت  من قيود الماضي  الثقيلة و اتجهت نحو خطاب اكثر واقعية تتوخى تحقيق مطالبها الراهنة من قبيل العلمانية الاصيلة و الجهوية الحقيقية مع مقومات التدبير الحقيقي لموارد الجهة الرمزية و الطبيعية و البشرية حيث اتكرر ان الحركة الامازيغية بالحاجة الى حزب سياسي امازيغي الان اكثر من اي وقت مضى كقناعة شخصية شرحتها في كتابي الجديد مطولا لان الحكومة الحالية لم تفعل اي شيء سواء في تنزيل الدستور و في النقاش العمومي حول الجهوية المتقدمة كمشروع وطني كبير حيث لا يعقل اطلاقا ان لا يكون اي نقاش عمومي عميق حول هذا الموضوع حتى بين مكونات الحركة الامازيغية نفسها اللهم ندوة نظمها الاستاذ احمد الخنبوبي منذ شهور عديدة..
فان الجهوية المتقدمة هي ضرورة لاعادة تنمية المغرب على مختلف الاصعدة و المستويات حيث لا يعقل مثلا وجود قناة تلفزيونية جهوية وحيدة في المغرب الراهن لان هناك 16 جهة اي على الدولة تحقيق الجهوية المتقدمة اعلاميا من خلال انشاء قناة تلفزيونية جهوية في كل جهات المغرب على المدى القريب جدا لجعل المواطن يشعر باهمية هذه الجهوية على واقعه المحلي حيث كفى من سياسة النشرة الجهوية التي توقفت منذ سنوات على القناة الاولى لكن من يدري قد تعود الى الساحة الاعلامية مع تطبيق الجهوية المرتقبة و عندها ستكون الكارثة لان هذا المشروع عليه ان يكون له ثمار واضحة على الجهة .
ان الامازيغية  و الجهوية حسب اعتقادي المتواضع موضوع لا يجب ان يطرح ابدا لان الامازيغية ليست  نعرة قبائلية او نعرة جهوية بل هي هوية المغرب الاصلية لكن مع ذلك فهناك واقع مفروض على الارض يقول ان جهات عربت و جهات اخرى مازالت امازيغية  بمعنى  هناك رابطا خفيا بين الامازيغية  و الجهوية على مستوى التنمية الثقافية و التنمية التاريخية و بالتالي فان الامازيغية ظلت تختزل  في نعرات قبائلية او جهوية من اجل الاظهار ان العروبة هي الهوية الجامعة للمغرب في حين ان العرب انفسهم كانوا نعرات قبائلية قبل اسلامهم لكن بعد ظهور نور الاسلام  استعملوا هذا الدين القيم من اجل فرض نعرتهم العروبية في عهد بني امية و فرض جاهليتهم بعد اسلامهم من خلال تحقيرهم للمراة و للاجناس العجمية مثل الفرس و الاكراد و الامازيغيين
 
المهدي مالك 
اجمالي القراءات 11998