تعقيب ثانى على مقال

سمير حسن في الثلاثاء ٢٠ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

تعقيب ثانى على مقال "كلّ شىء عنده بمقدار"

نُقل كلّ من كتاب ٱلرّبِّ ٱلمُسَلّم لرسول ٱلرّبِّ موسى وكتاب ٱللّه ٱلمنزل وحيًا على قلب رسول ٱللّه محمد إلىٰۤ ألسنٍ بشر مختلفة وبإدراك بشر يغفل عن أفعال ٱلخالق ٱلفيزيآئية فى ٱلتكوين. وقد فعل هذا ٱلنقل فعله فى تكوين مفاهيم ٱلناس عن ٱلدين ٱلذى تبينها كلمة fable فى لسان ٱلانكليز.
وكنت قد أمضيت وقتا طويلا مع كتاب ٱللّه ٱلقرءان ورأيت خطًا لكلامه يختلف عن خطِّ ٱللّغة ٱلفصحى وعن مفاهيمها ٱللاغية فى ٱلِسان وما يحمله من مفاهيم. وجاهدت لفهم قوله بعيدا عمّا قاله ٱلمفسرون وٱللاغون فى قواعد ٱلكلام. فوصلت بجهدىۤ إلى فهم قوله ٱلعربى مستندا إلى مآ أملكه بخلقى من قدرة على ٱلنظر ومن متابعة قول ٱلنظرية ٱلعلمى.
ووجدت أنّ كتاب ٱللّه "ٱلقرءان" قد بيّن أنّ كتاب ٱلرّبِّ "صحف موسى" سُلِّم لموسى مخطوطا فىۤ ألواح:
"وكتبنا لهُ فى ٱلألواح من كلِّ شىءٍٍ مَّوعِظَةً وتفصيلاً لِّكلِّ شىءٍ" 145 ٱلأعراف.
وجآء فيه عن تلك ٱلألواح:
"ومن قبلهِ كِتَـٰبُ موسَىٰۤ إمامًا ورحمةً وهَٰذا كتـٰب مُّصدِّق لِّسانًا عربيًّا" 12 ٱلأحقاف.
وهذا جعلنىٰۤ أسعى إلى ٱلعلم بلسان كتاب موسى. وبعد جهد أفلحت إلى حدٍّ يجعلنىٰۤ أصدر حكما على قوله. فجئت بماۤ أكتبه محاولا بيان ماۤ أدركته من ٱلكتابين لعلّ ٱلنقل ٱلذى لا يزال تأثيره قآئما فىٰۤ أنفس ٱلناس يزول بفعل مشاركة بعضهم فى مثل هذا ٱلجهد.
ٱلألواح ٱلمكتوبة بخطِّ ٱلرّبِّ خمسة ولِّكلٍّ مِّنها ٱسم يعلِّمه. فٱللوح ٱلأول يحمل ٱسم בְרֵאשִית برشِيث عنانًا له "عنوانًا كما فى تحريف ٱللغة". ويحمل هذا ٱلاسم دليلا عن هيئة ٱلتكوين فى بدايته وٱلتى تشبه هيئة بيضة ٱلدجاج بزلالها ٱلمآئىّ ٱللاصق بصفارها ٱلترابىّ.
ويبدأ أوَّل قولٍ فى هذا ٱللوح بذات ٱلكلمة בְרֵאשִית كما هى فى ٱلعنان. وقد جآء إدراك ٱلبشر لدليلها فى نسخة ٱللّغة بٱلقول "سفر ٱلتكوين" فى ٱلعنان وبٱلقول "فى ٱلبدء" فى بداية ٱلقول. وفى ٱلنَّسخة ٱلانكليزيَّة بكلمة Genesis فى ٱلعنان وبٱلقول in the beginning فى بداية ٱلقول. وهٰذا يبيّن أنَّ إدراك ٱلبشر يتخبّط فى دليل كلمة "בְרֵאשִית" ٱلَّتى يَظهر دليلُها فى ٱلاستعمال ٱلفطرىّ لجميع ٱلنَّاس فى بلاد ٱلشَّام. وهى ٱلكلمة ٱلَّتى تدلّ على ما يحدث فى بيضة دجاجٍ لم يكمل سلقها. فيأتى على لسان فطرة ٱلناس ٱسم "برِشت".
فكلمة "בְרֵאשִית" تدل على هيئة ٱلكون وقت بدء ٱنطلاق أفعال ٱلتكوين. وتدل على ٱلحدث بما يشبه تحوَّل زلال ٱلبيض إلى هيئة متماسكة بيضآء مفصولة عن ٱلصفار عند تلقِّيه أوَّل دفعةٍ مِّن ٱلحرارة. ويقرب منه ما يتصوَّره علمآء ٱلفيزيآء ٱليوم بقولهم عما جرى ٱنتفاخًا inflation أو فقاعة تكوَّنت بفعل ما يتصورون أنّه ٱنفجار أعظم Big Bang.
وما جآء من نقل لدليل هذه ٱلكلمة هو إدراك بشر لا يدرى بأساس ٱلتكوين ٱلفيزيآئىّ. فنقل ٱلقول ٱلأول بقوله فى ٱللّغة ٱلفصحى: "فى ٱلبدء خلق ٱللّه ٱلسّماوات وٱلأرض".
وبقول مثله فى لسان ٱلانكليز:
“In the beginning God created the heavens and the earth. The earth was without form and void, and darkness was upon the face of the deep; and the spirit of God was moving over the face of the waters”.

هذا ٱلإدراك لا يمكن ٱلوقوف عنده وٱلكفاية به وجعل ٱلقول ٱلَّذى كتبه ٱلرَّبُّ وسلَّمه لرسوله موسىٰ محدودًا بإدراك قاصر عن فهم ٱلتكوين ٱلفيزيآئى ولا حتى بإدراكنا ٱلَّذى يتطور عن طريق ٱلبحث وٱلنظر فى كيف بدأ ٱلخلق فٱللَّه هو ٱلخالق وفى طلبه:
"قُل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق" 20 ٱلعنكبوت.
يجعلنى لاۤ أتوقَّف عند ٱلإدراك ٱلحسّى ٱلبسيط للأشيآء وأحدُّ ٱلطَّلب به وأنآ أعلم بما بيّنه نظر علمآء فيزيآء ٱلتَّكوين بعد سيرهم ونظرهم من أنَّ ٱلكون بدأت تسويته بوسآئل ٱلفيزيآء. وهم ما زالوا يتصّورون أنَّ ٱلبدء كان بٱنفجارٍ أعظم سبّب حدوث فقاعة عظيمة فى ٱلفضآء تكاثفت بعدها وصارت كوننا ٱلَّذى ننظر فيه لنعلم كيف بدأ تكوينه. كما يتصورون أنّ ٱلانفجار ترك خلف مادة ٱلكون ٱلمنيرة مادة مظلمة أعظم منها.
وعلى ٱلرغم من بساطة هذا ٱلتصور فإنّه لا يبعد كثيرا عمّا فهمته من ٱلقول ٱلأول فى كتاب موسى مستعملا ماۤ أدركته من علم نظرىّ عن فيزيآء ٱلكوانتوم:
1 בְרֵאשׁית בּרָא אֱהימ אֵת הַשּׁמַים וְ אֵת הָאָֽרֶץ׃
(ٱلنطق لهذا ٱلقول هو: برِشيت برا اِلُهيم اِت هَشَمَيِم فَ اِت هَاَرِث).
فمآ أدركته من هذا ٱلقول أنّ ٱلماۤدَّة ٱلمنيرة הַשּׁמַים فُتقت وٱنفصلت وٱبتعدت عن ٱلماۤدَّة ٱلمظلمة הָאָֽרֶץ بفعل قوى ٱلتغلب على ٱلعطالة אֱהימ. وحدث ذلك كما يحدث بين زلال بيضة وصفارها بٱلفعل برِشيت.
فهمى هذا يستند إلى زوجية ٱلأشيآء وتشادّها (تجاذبها) ونفورها. فٱلكون جميعه هو زوج تراب ومآء فى هيئة دخان هيولى הִיּוּלִי يسبق تهيؤ ٱلماۤء وٱلتراب فىۤ ءايات وسور دخانية (ذرات فى ٱللغة) ثمّ فىۤ أجزآء وأحزاب كما يدرّجها كتاب ٱللّه. وهو ما وجدته فى قول ٱلقرءان:
"ثمَّ ٱستوىٰۤ إلى ٱلسَّمَآء وهِىَ دخان" 11 فصلت.
فٱلكلمة ٱلأولى "בְרֵאשׁית" تدلّ على حدث جرى فى ٱلطور ٱلعبرى للتكوين فتق وفصل وفرق بين هيولى ٱلمآء (ٱلمادة ٱلمنيرة) وبين هيولى ٱلتراب (ٱلمادة ٱلمظلمة). وهو ما تدلّ عليه ٱلكلمة ٱلثَّانية فىۤ أول قول "בּרָא بَرَا". إذ تبيِّن فعلاً لِّلفتق وٱلفصل وٱلفرق بين ٱلماۤدَّتين من دون قيد على فعل ٱلثور "ا". ووردت هٰذه ٱلكلمة فى ٱلقرءان وقد علا ٱلثَّور فيها واو مَّثانى "أ /بَرَأَ" (همزة فى ٱللغة). ويبيّن ٱلواو (وهو وتد) توتيد لثورة ٱلثور وحدّها وفق جدلية "رحمٰن رحيم". وبٱلوتد صارت ٱلكلمة تدلّ على توتيد ٱلفتق وٱلفصل وٱلفرق فى طور ٱلتكوين ٱلعربىّ.
ٱلاسم من ٱلفعل برأ هو بارئ للفعل وبريء للمفعول. وٱسم "ٱلبارئ" مِن أسمآء ٱللَّه ٱلحسنى:
"هُوَ ٱللَّهُ ٱلخٰلق ٱلبارئ ٱلمصّور له ٱلأسمآء ٱلحسنى" 24ٱلحشر.
فٱلبارئ يفتق ويفصل ويفرق ٱلتهمة عن متهم. وببرأة ٱلمتهم يخرج من غرفة ٱلمحكمة طليقًا. فما لصق بٱلمتهم من تهمة هو فكرة هيولية عن جرم وبتبرأته تنفتق عنه.
لقد بيِّن ٱلبلاغ ٱلعربىُّ ٱلحدثَ ٱلأوَّلَ كما جآء فى كتاب موسى:
"أَوَ لم يَرَ ٱلَّذين كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمٰوٰتِ وٱلأَرضَ كانتا رَتقًا فَفَتقنٰهُما"30 ٱلأنبيآء.
كانتا رتقًا بين هيولى ٱلمآء وهيولى ٱلتراب. وٱلفتق يبيّن مفهوم "בּרָא بَرَا" ويبيّن فاعله "אֱהימ اِلُهيم" ٱلذى جآء إدراك ٱلبشر له بٱلقول "خَلَقَ ٱللَّهُ" فى ٱللّغة ٱلفصحى وٱلقول God created فى لسان ٱلانكليز.
كلمة "اِلُهيم" لا تدلّ على ٱسم "ٱللَّه" كماۤ رأىۤ ٱلناقل. فكلمة "אֵל اِل" تدلّ على "قوَّة وقدرة منطلقتان من دون تحديد لهما". ووردت ٱلكلمة فى ٱلقرءان وتحت ٱلثور وتد يوتد قوّة وقدرة ثورته:
"لا يَرقُبُونَ فِى مُؤمِنٍ إِلًّا ولا ذِمَّةً وَأُولَـٰۤئِكَ هُمُ ٱلمُعتَدُونَ" 10 ٱلتَّوبة.
دليل "ٱلإلُّ" هو نقيض لدليل "ٱلذَّمِِّ". وفى دليل "ذمَّ" دليل ٱلأفعال (كَلَّ ووقف وتأخَّر وضَعُفَ وقَطَعَ).
ذَمَّ هو فعل يبيّن أفعال ٱلتَّراجع وٱلتَّكوير فى ٱلشىء بعد هلاك قوَّة وقدرة ٱلانطلاق فيه. أمَّا "ٱلإِلُّ" فيدلّ على قوَّة وقدرة ٱلانطلاق وبها يجرى ٱلتَّغلُّب على قوَّى ٱلسّكون وٱلعطالة.
هذا ٱلدليل لفعل ٱلذَّمّ يستعمله عامَّة بلاد ٱلشام بلسانهم ٱلفطرى. فهم يصفون ٱلشَّىء ٱلَّذى يتراجع وينكمش على نفسه بكلمة "ذَمََّ". فٱلذَّمُّ يحدث فى ٱلشىء من بعد هلاك إِلٍّ فيه.
بهذا ٱلفقه لدليل كلمة إلّ أرى أنّ كلمة "אֱהימ اِلُهيم" ٱسم جمع لقوى وقدرات ٱلتغلب على ٱلسكون وٱلعطالة. وهى ٱلتى نقل دليلخا ٱلبشر بكلمة "ٱللَّه" فى نسخة ٱللّغة ٱلفصحى وبكلمة God فى ٱلنسخة ٱلانكليزيَّة.
هذا ٱلأمر يجعلنىۤ أسعى للتذكير وٱلحضِّ على ٱلعودة إلى ٱلكتابين وٱلعمل على ٱستنباط لا يتوقف لقولهما بوسآئل علمية متجددة. فلا يكون مفهوم ٱلدين ٱلذى تبينه كلمة fable هو ٱلمفهوم ٱلمصيطر فىۤ أنفسنا. فٱللّه خلقنا وجعلنا خليفة له فىۤ جميع أسمآئه ٱلحسنى. وهو يصف نفسه بقوله:
"يَسئَله مَن فى ٱلسَّمٰوٰت وٱلأرض كلَّ يومٍ هو فى شَأنٍ" 29 ٱلرّحمٰن.
وقد نقل ٱلبشر هذا ٱلقول إلى ٱللغة ٱلفصحى وفق ظنونهم ومثله إلى لسان ٱلانكليز بٱلقول ٱلتالى:
Of Him seeks (its need) every creature in the heavens and on earth: every day in (new) Splendour doth He (shine)!
فى كلمة "يَسئَله" لا يوجد ثور كما هو فى خطها "يسأله". فٱلسؤال طلب يثيره صاحبه عند ٱلذى يطلب منه. فإن كان ٱلفعل "سئَل" من دون ثور كما هو فى ٱلبلاغ 29 ٱلرّحمٰن فٱلسؤال موزع (أتوماتيك) فى ٱلشىء ويبين أن ٱلسؤال يحدث من دون إرادة وإدراك صاحبه كما يحدث فى ٱلويندوز. وإذا كان فيه ثور "سأل" فٱلسؤال يرتبط بثورة ثور موتّد بوتد مفتوح ويبين أنّ ٱلسؤال يحدث بإدراك وإرادة صاحبه كما يحدث فى قلب ٱلإنسان. وعليه أعيد نقل ٱلقول ٱلعربى بماۤ أدركه إلى لسان ٱلانكليز بٱلقول:
Inquire him whom in the Samawat and ArS; every day he in magnitude.
ولكلِّ ٱمرء قوله ٱلذى يستند إلى ما يدركه ويعلم به.

أدعو جميع ٱلقادرين من أبنآء ٱلشام ٱلمهاجرين إلى ٱلعمل على نقل جديد لقول ٱلقرءان إلى ٱلألسن ٱلتى يخبرون فى قولها. وليكن ٱلنقل جزئيًّأ فلن يكون لأحدنا ٱلقدرة على نقل ٱلقول جميعه بسبب وسع ٱلعلم ٱلمحمول فيه. فهو بيان وتبيان عن كلِّ شىء من هيئته ٱلبرشتية ٱلزوجية ٱلدخانية ٱلتى فتقت وجعلت هيئات لا يعلم بهاۤ جميعهاۤ إلا مَن كان نورا للسّمٰوٰتِ وٱلأرض. فكلمة "אָרֶץ اَرِث" لا تدلّ علىۤ "أرض" وكذٰلك كلمة Earth ٱلانكليزية. فكلمة أرض عربيّة ٱلخطِّ وٱلنّطق وتدلّ على مكان فيه ٱلحيوٰة وٱلموت زوجا مكفوتًا:
"أَلَم نجعلِ ٱلأرضَ كِفاتًا/25/ أَحياۤءً وأَمواتًا/26/ " ٱلمرسلات.
كلمة "אָרֶץ اَرِث" تدلّ على ما بقى من جثمان ميِّت بعد فتق وفصل وفرق ٱلمآء عنه. ومثلها ٱلكلمة فى لسان ٱلانكليز. وهو ما تعرِّفه ٱلفيزيآء "بٱلمادة ٱلمظلمة dark matter" أو "ٱلطاقة ٱلمظلمةdark energy ".
وٱلفتق حدث بين دخان ٱلمآء ٱلمنير ودخان ٱلتُّراب ٱلمظلم يبيّنه دليل كلمة בְרֵאשׁית برشت. ومن دخان ٱلماء ٱلمنير هو ٱلكون ٱلمشاهد جميعه.

اجمالي القراءات 6858